الاسود العربية
في زمن ليس ببعيد لمّا كنا نصول ونجول ونغزوا بلادا ونستعمر اُخرى بالغلبة مرة واُخرى بالمكر والخداع...وصلنا بلاداً واسعة و شاسعة فيها من الثروات ما لا يوجد في بلاد اُخرى...الأرض كانت مغرية، فطوقناها بالرجال والحديد..وعندما مشطنا وتفحصنا وضع المنطقة وجدنا سكانها اُسودٌ تسرح وتمرح ولا تأبى أحداً وفي نفس الوقت لا تكره ولا تخاصم لا تطمع ولا تحرص إنهم اُسودٌ أحرار لا توجدُ فيهم من نقاط ضعفنا كحب الدنيا و التهالك من أجلها او كراهية الآخرين وإستعبادهم...إن الارض كانت مأسدة، فكان علينا أن نتعايش مع الأسود ومما هو واضحٌ أن الاسود لا ترضى بالانسان عشيراً. لكننا كنا بحاجة إلى أرضهم، فكما قلنا آنفاً أنها مغريةٌ لأنها ملأى بالخيراتِ...بناءاً على هذا بدأنا بترويض الاسود بهدف جعلها قابلة للمعايشةِ. تقدمتْ زمرة منا تـُـوصفُ بالبسالة والجَلد نحو الاسود ليرهبوها فيخفّ بأسُها قليلاً لنقوم بباقي الخطواتِ للترويض. لكن فوجأنا بزئير الاسود الذي كان رداً صريحاً وتحدياً قوياً لطلقات الرصاص التي مرت على رؤوسها حمماً من نار...ظهرتْ إمارات الحيرة على وجوهنا جلية تبعثُ على الخوفِ. لكن لم نيأسْ وفكرنا لإيجاد حلولٍ تمكننا من ترويض الاسود في عقر دارها. من بين الحلول المطروحة من قبل افراد جماعتنا بدا فكرٌ مستحسنٌ فبدأنا بتنفيذهِ وهو رأينا أن نضع المواد المهدئة المخدرة في فرائس الاسود فتقعُ صرعى وشبه ميتة بعد تناول أكلها..وبالفعل أجرينا الخطة و وقعت اسودٌ أكلت المادة المخدرة، فجلبنها مقيدةً إلى أقفاص خاصة لها، لكن بعدما إستفاقت من غيبوبتها أقامت الدنيا ولم تقعدها ومهما حاولنا أن نرهبها او نقلل من شجاعتها فلم نستطع وفي نهاية الامر فتحنا ابواب الاقفاص وتركناها لشأنها...مرة ثانية فشلت مساعينا في ترويض الاسود كذلك الثالثة والرابعة...وبقينا معها في مناوشات مستمرة مستميتة لا تجلب لنا نفعاً ولاننا نحن المسيطرون والاقوياء وبطبيعة الحال نفوق الاسود عددا وعدة...لم نستطع أن ننال منها سوى أننا كنا نخدعها في مكانٍ او نرغمها غير اخلاقياً في مكان آخر فنكسب مقداراً ضئيلاً في حربنا الباردة معها...ذات يوم كان قد مرّ حكيم آتٍ من بلادٍ بعيدة موصوفٍ بالعلم والدهاء فقالنا في مابيننا هذه خير فرصة لنتعلم كيف نروض الاسود فالنسئل الحكيم...وسألنا الحكيم فقال: لابد من رؤية تلك الاسود فذهب مع نفرٍ منا ليرى الاسود، إقترب منها وتأمل فيها كثيراً ثم قال: إنها اُسودٌ عربية، والاسود العربية لا تروض!مذاك ونحن قنطنا من ترويض الاسود وصرنا نعاملها بإحترام لانها اسود عربية لا تروضُ اصلا...
ع ع الأهواز2013