لماذا كان النبي(ص) لا يقوم من مجلس مع أصحابه إلا ويستغفر الله 25 مرة؟
إن أثر العمل عال جدا. فلماذا كان النبي(ص) يهتمّ بالاستغفار بهذا القدر، بينما نحن لا نهتمّ به بهذا القدر؟ فقد روي عن أَبِی عَبْدِ اللَّهِ(ع): «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ(ص) کَانَ لَا یَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ وَ إِنْ خَفَّ حَتَّى یَسْتَغْفِرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَمْساً وَ عِشْرِینَ مَرَّةً؛ کافی/ج2/ص504».
ومما لا شك فيه لم يكن في جلسات النبي(ص) شيء من الغيبة ونحوها، بل كانت كلّها ذكرا وصوابا، ولكن مجرد هذا الجلوس والتحدّث مع الناس، من شأنه أن يقلق الإنسان من هفوة أو سلوك صدر منه وأبعده عن رضا الله، ولهذا كان يستغفر الرسول(ص). هذا يحكي عن مدى أهمية عمل الإنسان، بحيث حتى ولو صدرت منه خطأة صغيرة جدا، يحتاج إلى استغفار بهذا الكمّ.
إن سمحنا للإسلام وفسحنا له المجال، سوف يترك أثره حتى في تصاميم وألوان أزيائنا وبيوتنا ومدننا.
نحن إن سمحنا لإسلامنا العزيز وفسحنا له المجال، سوف يترك أثره حتى في تصاميم وألوان أزيائنا. وإن سمحنا له بالتدخل سوف يحدد هندسة بيوتنا أيضا. كما سوف يترك أثره الجميل في هندسة مدننا وأزقتنا وسوف يقدم لنا منهجا سلوكيا شاملا وكاملا.
إنما السلوك الدائم ولا المؤقت هو الذي يتحول إلى أسلوب الحياة!
إن لسلوكنا تأثيرا كبيرا في الحياة. ولكن ليس مجرد السلوك هو الذي يحدد أسلوب الحياة، بل إنما ذاك السلوك الذي يمارس بشكل دائم، هو الذي يتحول إلى أسلوب الحياة. فعندما ننظر إلى الروايات، نجد أن أثر السلوك والعمل المستمر أكثر مما كان مؤقتا مقطعيا، حتى ولو كان ذاك العمل المؤقت أفضل وأكبر. فقد قال أمير المؤمنين(ع): «قَلِیلٌ مَدُومٌ عَلَیْهِ خَیْرٌ مِنْ کَثِیرٍ مَمْلُولٍ مِنْه؛ نهج البلاغه/الحکمة 444».
إن أثر السلوك المستمر على الإنسان كثير جدا، ولو كان عملا قليلا
اعملوا بعمل جيد بدوام واستمرار، فحتى لو كان هذا العمل صغيرا في ظاهره، سوف ترون كم له من أثر كبير على أنفسكم. فإنكم لو تقرأون زيارة مفصلة للحسين في يوم واحد، لا يبلغ أثرها الحسن إلى ما لو تقولون: «السلام عليك يا أبا عبد الله» مرة واحدة ولكن بدوام في كل يوم، فإنكم لو داومتم على هذا العمل الصغير سوف يترك أثرا أكبر وأعمق من عمل مفصل لمرة واحدة.
إن للسلوك الدائم تأثيرا كبيرا على الإنسان ومن هذا المنطلق تجد الإسلام يهتمّ كثيرا بأسلوب الحياة ولهذا نجده يعيننا على تصميم أسلوب لحياتنا. فبالإضافة إلى جميع الأعمال والبرامج التي وضعها كبرنامج في الحياة، أدرج بعض العبادات المحورية والرئيسة كالصلاة والصوم في برنامج حياتنا حيث إنها بمثابة خيط السبحة تنظم وتنسق باقي أعمالنا وسلوكنا في الحياة في منظومة واحدة.
طوبى لأولئك الذين ينطوي أسلوب حياتهم على برنامج دائم ومستمر باسم «ذكر مصيبة الحسين(ع)»
طوبى لأولئك الذين ينطوي أسلوب حياتهم على برنامج دائم ومستمر باسم «ذكر مصيبة الحسين(ع)»، فيذكرون مصيبته ويبكون عليه دائما. والله يعلم كم لذكر مصائب الحسين(ع) من تأثير عميق على روح الإنسان وازدياد نوره ومعنويته. حيث إن أهل المعرفة والمعنى حتى وإن كانوا بدرجة قليلة في رتبتهم يستطيعون أن يشخصوا أهل ذكر مصائب الحسين بأول نظرة ولقاء.
كم هو جميل فيما إذا أضاف الإنسان هذا الأسلوب في حياته، وراح يتردد على أهل البيت(ع) ولا سيما أبا عبد الله الحسين(ع) بشكل دائم.
إن دعاء كميل كان هدية أمير المؤمنين(ع) لكميل بسبب كثرة معاشرته لأمير المؤمنين(ع)/ فلنقرر في هذا الشهر أن نذكر الحسين(ع) يوميا
إن شهر رمضان المبارك له ارتباط كبير بأمير المؤمنين(ع). ذات يوم سأل كميل أمير المؤمنين (ع) أن يعلمه دعاء الخضر (وهو نفس الدعاء المشهور بدعاء كميل اليوم) فقال له أمير المؤمنين(ع): «اجْلِسْ یَا کُمَیْلُ إِذَا حَفِظْتَ هَذَا الدُّعَاءَ فَادْعُ بِهِ کُلَّ لَیْلَةِ جُمُعَةٍ أَوْ فِی الشَّهْرِ مَرَّةً أَوْ فِی السَّنَةِ مَرَّةً أَوْ فِی عُمُرِکَ مَرَّةً تُکْفَ وَ تُنْصَرَ وَ تُرْزَقَ وَ لَنْ تُعْدَمَ الْمَغْفِرَةَ؛ إقبال الأعمال/2/706» وقال له أمير المؤمنين(ع): «یَا کُمَیْلُ أَوْجَبَ لَکَ طُولُ الصُّحْبَةِ لَنَا أَنْ نَجُودَ لَکَ بِمَا سَأَلْتَ ثُمَّ قَالَ اکْتُب...؛ إقبال الأعمال/2/706)».
فإذا أكثرنا من الصحبة مع أهل البيت(ع)، سوف يرون من واجبهم أن يلطفوا بنا ويسددونا.
كم هو جميل أن نقرر أن نتوجه في جميع أيام هذا الشهر إلى الحسين(ع) ونقول: «صلى الله عليك يا أبا عبد الله(ع)». فلنسأل الإمام الحسين(ع) أن يغير أسلوب حياتنا في شهر رمضان كما قد غيره في محرم. فإن كان محرّم وأيام عزاء الحسين(ع) لا تزيد عن عشرة أيام لبعض الناس، فلنحاول أن نذكر الحسين في جميع أيام شهر رمضان.