وعظتني نفسي فعلمتني ألإصغاء إلى الأصوت التي لا تولدها الألسنة ولا تضج بها الحناجر ،
وقبل أن تعظني نفسي كنت كليل المسامع مريضها ، لا أعي سوى الجلبة والصياح ، أما الآن فقد صرت أتوجس بالسكينة فأسمع أجواقها منشدة أغاني الدهور ، مرتلة تسابيح الفضاء ، معلنة أسرار الغيب ..
***************
إن النفس الحزينة تجد راحة بانضمامها إلى نفس أخرى تماثلها بالشعور وتشاركها بالإحساس
مثلما يستأنس الغريب بالغريب في أرض بعيدة عن وطنها..... فالقلوب التي تدنيها أوجاع الكآبة بعضها عن بعض لا تفرقها بهجة الأفراح وبهرجتها... فرابطة الحزن أقوى في النفوس من روابط الغبطة والسرور.... والحب الذي تغسله العيون بدموعها يظل طاهراً وجميلاً وخالداً.
***************
ما أجهل الناس الذين يتوهمون أن المحبة تتولد بالمعاشرة الطويلة والمرافقة المسمرة.... إن المحبة الحقيقية هي ابنة التفاهم الروحي و إن لم يتم هذا التفاهم بلحظة واحدة لا يتم بعام ولا بجيل كامل.
***************
النور الحقيقي هو ذاك الذي ينبثق من داخل الإنسان ويبين سرائر النفس للنفس ويجعلها فرحة بالحياة مترنمة باسم الروح ....أما الحقيقة فهي كالنجوم لا تبدو إلا من وراء ظلمة الليل.... الحقيقة هي مثل جميع الأشياء الجميلة في هذا العالم لا تظهر مفاعيلها المستحبة إلا لمن يشعر بتأثيرات الباطل القاسية....الحقيقة هي تلك العاطفة الخفية التي تعلمنا أن نفرح بأيامنا وتجعلنا نتمنى ذلك الفرح نفسه لجميع الناس.
***************
من وراء جدران الحاضر سمعت تسابيح الإنسانية .. سمعت أصوات الأجراس تهز دقائق الأثير معلنة بدء الصلاة في معبد الجمالٍ أجراس سبكتها القوة من معدن المشاعر و رفعتها فوق هيكلها المقدس ، القلب البشري ..
منقول