من أهل الدار
اجبروا الخواطر
تاريخ التسجيل: October-2012
الجنس: أنثى
المشاركات: 15,991 المواضيع: 2,267
صوتيات:
90
سوالف عراقية:
0
معنى الطعام في قوله: (وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ )
ما حكم أكل اللحوم في البلاد الأجنبية عملاً بالآية الشريفة: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ ﴾؟
الجواب:
المراد من الطعام في الآية الشريفة هو الحبوب وشبهه كما أفادت ذلك الروايات الشريفة الواردة عن أهل البيت (ع) والمتصدية لتفسيره معنى الآية المباركة.
فمن هذه الروايات معتبرة قتيبة الاعشى قال: سأل رجل أبا عبدالله (ع) وأنا عنده فقال له: الغنم يرسل فيها اليهودي والنصراني فتعرض فيها العارضه فيُذبح أنأكل ذبيحته؟ فقال (ع) لا تُدخل ثمنها مالك ولا تأكلها، فإنَّما هو الاسم ولا يُؤمَن عليه إلا مُسلِم فقال له الرجل: قال الله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾ فقال أبو عبدالله (ع): (كان أبي يقول: انَّما هي الحبوب وأشباهها) (1).
ومعنى قوله (ع) (فانَّما هو الاسم ولا يُؤمَن عليه إلا مُسلِم) هو انَّ الذبيحة يُعتبر في تذكيتها ذِكْرُ اسم الله بمقتضى قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ﴾ ولا يُؤمَن على ذكر اسم الله تعالى إلا مُسلِم.
ثم انَّ الرواية صريحة في انَّ المراد من الطعام في الآية الشريفة انَّما هو الحبوب وأمثاله، فلا يشمل اللحوم التي يقوم بتذكيتها أهل الكتاب. أو تؤخذ من أيديهم دون العلم بكيفية تذكيتها.
ومنها: ما ورد بسندٍ معتبر عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله (ع) في قول الله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ﴾ فقال (ع): العدس والحمص وغير ذلك (2).
ومنها: ما روي عن أبي الجارود قال سألتُ أبا جعفر الباقر (ع) عن قول الله عزَّ وجلَّ ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ﴾ قال (ع): الحبوب والبقول(3).
ورواياتٌ أخرى عديدة قريبةٌ من هذا المضمون، وعليه فلا يمكن الاستدلال بالآية الشريفة على جواز الأكل من ذبائح أهل الكتاب بعد انْ أفاد أهل البيت (ع) انَّ المراد من الطعام في الآية الشريفة غير شامل للذبائح بل هو مختص بمثل الحبوب، وأهل البيت (ع) أعلم الناس بمعاني آيات الله جلَّ وعلا.
هذا مضافًا إلى ما أفاده العديد من اللغويين فقد ذكر الخليل بن أحمد الفراهيدي (انَّ الغالب في كلام العرب انَّ الطعام هو البُرُّ خاصة) (4).
وأفاد الزبيدي في تاج العروس: انَّ الطعام إذا أطلقه أهل الحجاز عنوا به البر خاصة وبه فُسِّر حديث أبي سعيد في صدقة الفطر (صاعًا من طعام) أي صاعًا من بُر (5).
وأفاد أحمد بن فارس في كتابه معجم مقايس اللغة: انَّ بعض أهل اللغة يقول: الطعام هو البُرُّ خاصة) (6).
وفي لسان العرب لابن منظور (وأهل الحجاز إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عنوا به البُرُّ خاصة...وقال الخليل: العالي في كلام العرب انَّ الطعام هو البر خاصة..) (7).
والظاهر انَّ مراده من قوله: (إذا اطلقوا اللفظ بالطعام) انَّ لفظ الطعام إلى لم يكن مضافًا إلى شيءٍ ولم يكتنف بقرينة لفظيَّة أو مقاميَّة فإن مرادهم يكون من لفظ الطعام هو البر خاصة.
وبهذا الذي نلقناه عن بعض اللغويين يتأيد ما ورد عن أهل البيت (ع) من تفسير الطعام في الآية الشريفة بالبر وشبهه. فلا يكون شاملاً لذبائح أهل الكتاب.
على انَّه لو سلَّمنا بأنَّ لفظ الطعام يشمل بحسب وضعه اللغوي اللحوم إلا انَّ ذلك لا يقتضي إرادته كلما استُعمل لفظ الطعام، فقد يستعمل اللفظ العام ويُراد منه الخاص، غايته انَّه لا يصار إلى استظهار إرادة الخاص إلا مع قيام الدليل المعتبر، وحيث قام الدليل في المقام على إرادة الخاص من لفظ الطعام فحينئذٍ يتعيَّن اعتماده، إذ انَّه بعد قيام الدليل القطعي على عصمة أهل البيت (ع) فيما يُبينونه من مرادات آيات الكتاب، وبعد قيام الدليل القطعي على حجيَّة ما يثبت صدوره عنهم بدليلٍ معتبر، وبعد انْ ثبَت بالدليل المعتبر انَّهم فسَّروا الطعام في الآية الشريفة بالحبوب وأشباهها، فالنتيجة هي انَّ ذلك هو مراد القرآن من لفظ الطعام في الآية الشريفة، فلا يصح التمسُّك بها لإثبات حليَّة ذبائح أهل الكتاب.
1- وسائل الشيعة: ج24/48 باب 26 من أبواب الذبائح.
2- وسائل الشيعة: ج4/205 باب 51 أبواب الذبائح.
3- وسائل الشيعة: ج24/204 باب 51 من أبواب الذبائح ج3.
4- كتاب العين: ج2/25.
5- تاج العروس: ج17/437.
6- معجم مقاييس اللغة: ج3/410.
7- لسان العرب: ج12/364.
منقول