«عين الدخلة» المغربية نقطة جذب لمحبي الطبيعة والمشي
يرتادونها في الربيع بحثا عن «أجواء البادية»
تقع منطقة «عين الدخلة» بين الرباط والدار البيضاء، وهي نقطة جذب سياحية يقبل عليها بعض السياح الذين يبحثون عن الخضرة والجبل والمناطق غير الملوثة، بيد أنها تعتبر من أكثر المناطق استقطابا للسياحة الداخلية، خاصة لأصحاب الدخل المحدود خلال فصل الربيع. تصنف «عين الدخلة» على اعتبارها من أهم المتنزهات الطبيعية في إقليم بن سليمان (شرق الدار البيضاء) وتبعد عن مدينة «بن سليمان» بنحو 15 كيلومترا، وخلال فصل الربيع يتوافد عليها، وخاصة في نهاية الأسبوع، عدد كبير من الزوار من المدن المجاورة، خاصة من الدار البيضاء، حيث يصل عدد الزوار إلى ما يقارب عشرين ألف نسمة أغلبهم من المدن المجاورة. ولعل من اللافت في هذه المنطقة أنها تجتذب السياح والمغاربة الشباب الذين يأتون إليها في رحلات شبابية، حيث يمضون نهارا كاملا، ويعيشون فيها «حياة البادية» يأكلون أكلات سكانها يرقصون ويغنون ويلهون طوال اليوم. وكثير من هؤلاء الشباب يصلون من البلدات والقرى المجاورة لمدينة «بن سليمان» مشيا على الأقدام أو على دراجات أو عربات مجرورة بالدواب. على طول الطريق المؤدي إلى المتنزه تصطف نساء القرى المجاورة في خيام تقليدية صغيرة يعملن في بيع منتجاتهن التي غالبا ما تكون منتجات غذائية لها علاقة بفصل الربيع مثل اللبن (لبنة) والحليب والزبدة والبيض والنعناع والزعتر وأنواع لا تحصى من الأعشاب التي تستخدم مع الشاي وغيره من الأطباق المغربية، ويقبل عليها أصحاب المدينة بكثرة لندرتها في المدن وكذا لجودتها وطراوتها التي تجذب الزائر عبر رائحتها القوية والمنعشة، إضافة إلى ذلك، يعرض نساء المنطقة أنواعا من الخبز المعد بالطرق التقليدية ومختلف الفطائر المغربية (المسمن والبغرير والمخامر) و«سيكوك» وهو من أهم الوجبات في فصل الربيع، يتكون من طحين القمح الخشن، المعد بطريقة خاصة ويمزج باللبن والقليل من الملح ويؤكل باردا. وليست النساء فقط من يستفدن من السياح والزوار لبيع منتجاتهن، بل الأطفال كذلك لهم دورهم في المتنزه يصطفون في الوادي المؤدي للمتنزه والذي يتوجب عبوره للوصول إلى الضفة الأخرى ويعرضون خدماتهم عبر نقل الزوار بالدواب مقابل بضعة دراهم، يحددها الزائر حسب إمكانياته، حيث يرفض الأطفال تحديد ثمن معين ويتركون ذلك لأريحية الزائر، أما الأطفال الزائرون فغالبا ما يقطعون الوادي سباحة أو يسبحون في البرك المجاورة والمسالك.
وبمجرد عبور الوادي الذي لا يتعدى بضعة أمتار تبدأ مرحلة التجول والاكتشاف التي يفضلها الشباب بالتسابق للصعود إلى «غار العين» في قمة أحد الجبال بالمتنزه، وما إن يصلوا إليه حتى تسمع صرخاتهم منتشين ببلوغ قمة الجبل ثم يتأملون أزيد من ألفي هكتار وهي المساحة التقديرية للمتنزه، ويفضل آخرون ممارسة بعض الرياضات الجماعية أو الفردية مثل تسلق الجبال والعدو. ولا يقتصر الترفيه والتسلية على التنزه في الطبيعة وإنما يأخذ منحى آخر مع المجموعات الشبابية التي غالبا ما تأتي في رحلات منظمة من المدن، حيث يختلطون بأبناء المنطقة ويبدعون في الغناء والرقص تجتمع حولهم حلقات من الزوار على إيقاعات وأغان شعبية محلية على طريقة «عبيدات الرمي» وهي مجموعات رجالية لها خصائصها وإيقاعاتها المميزة في الغناء والرقص والتي تعطي طابعا خاصا لفنها وسط الطبيعة عندما تمتزج أصواتهم وإيقاعاتهم بصدى جبال «عين الدخلة».
النساء مع أسرهن يفضلن بدلا من إعداد ساندويتشات سريعة، طبخ أطباق مغربية تقليدية على الرغم من صعوبة إعدادها في الهواء الطلق. وفي الغالب يحضرن معهن معدات الطبخ اللازمة لإعداد أطباق الكسكسي و«الطاجين» و«الرفيسة» وكل من يمر إلى جانب الأسرة هو ضيف توجه له الدعوة، حيث تحرص الأسر على أن يجتمع أكبر عدد من الضيوف على مائدة الطعام، وفي العصر وقبل مغيب الشمس تتحلق الأسر على أكواب الشاي المعد على الفحم، حيث يقدم مع الفطائر، إلى جانب بعض الأطباق التقليدية والمنتجات الطبيعية التي يقتني منها الزوار كميات كبيرة بسبب عدم توفرها في المدن وحتى إن توفرت لا تكون بنفس الطراوة والجودة. المتنزه كذلك هو قبلة للطلبة والباحثين، حيث تعتبر المنطقة ذات تاريخ وتراث، وسبق أن توجه للمتنزه مجموعة طلبة وباحثين مغاربة وأجانب استقررن بالمنطقة لأزيد من أسبوعين، رصدوا خلالها عدة هياكل عظمية بشرية ورصدوا عتادا قديما أيضا. وتعرف المنطقة لدى طلبة الجيولوجيا وعلم الحياة والأرض، حيث تعتبر مغارة «صخرة الشلح» و«كهف البارود» في الطرف الثاني من الوادي التابع لإقليم الصخيرات من المناطق السياحة التاريخية.
ا
لخضرة والجبل في منطقة «عين الدخلة»
عملية عبور الوادي بالحمير
زوار في مخيم مؤقت خلال عطلة نهاية الأسبوع