الشاة الشجاع
وُلدتُ شاة ً جميلا ً في إستطبل ما. فرحتْ بي امي وابي كثيرا وشعرا بالسعادة العارمة. فمعمعت النعاجُ جميعا ً وإحتفلت بالمولود الجديد. وفرحتُ ولم أعرف معنى الفرح غير أني كنت اُقلد بقية النعاج.
رضعتني امي لبن روحها حتى كبرتُ. فكم قفزت منتشياً بلبن امي وحنينها وكم أسعدتني هيبة ابي فرفعتُ رأسي شامخاً اُناطح اترابي بل وفوق ذلك تحديت الغيوم والسماء ايضا. كنتُ قد إعتقدتُ حقاً أنني سعيدٌ لا أعوز شيئا ً للبهجة والهناء.
لم تدم سعادتي حتى عرفتُ أننا مجموعة من غنمٍ يملكنا راع ٍ يقوم برعايتنا لمنافع يستدرها منا. فهو يقدم لنا الأمن والحشيش ونحن نقدم له اللبن والصوف واللحم..ومنه الأمر والنهي ومنا السمع والطاعة لانه هو انسان ونحن نسمى غنما او حيوانات ومن الطبيعي ان الانسان تراتبيا هو اعلى منا نحن الحيوانات...
عرفت هذه الحقائق حدسياً وظننت ان ابي وامي وبقية القطيع يعرفونها بشكل بديهي فناقشتهم لكن وجدتهم غير عارفين لهذه المسلمات او يعرفونها بشكل طفيف ولا يجيزون لأنفسهم أن يعرفوا أكثر او يعبروا عما يعرفوا خشية الراعي الذي قد يكيل لهم عذابا وبيلا...
كان الراعي مقدساً. والمقدس طبعا هو ذو هيبة ومكانة رفيعة. وهو يملك سلطة تمنحه القوة وتخوله استعمالها ضد كل من تسول له نفسه الكافرة بطلب المعرفة او تطبيقها عمليا. فهذه امور تخص الراعي الرب ولا تخص اي شاة في القطيع..
مرتْ أيامٌ عديدة وأنا اُفاتح اغنام القطيع دون جدوى بهدف ايصال ما عرفت من حقائق مريرة من حياتنا نحن القطيع..لكن كلما اصررت على بلوغ هدفي كلما لحتْ الاغنام على رفضي واستهجاني انا ومعلوماتي بكل جزم وقاطعية بل قال القطيع : أنه راض من حياته وراعيه لا بل مؤمن بكذا وضع ولا يريد الخلاص منه بتاتا ويحسب الخارج على الراعي خارجا على ملة القطيع وبالتالي فهو كافر ملحد يستوجب الويل و الثبور...
ولما لم تفدني كل محاولاتي لخلاص ابناء بجدتي من عبودية الراعي الذي يستغلهم ابشع استغلال ويسومهم سوء العذاب على ادنى قصور وخطأ في اداء الواجبات الشاتية...لما وصلتُ الى يأس ٍمخيب تركت القطيع هائماً على وجهي اقطع الفلوات غير آبه بالذئاب لا بل مرجحاً الذئاب على تلك العبودية والعذاب...
منذ فراري وأنا أجول الصحارى والسهول حراً متنعما ً معروفا ً مهيوباً لِما قمت به من تمرد شجاع على ذلك الذل المقيت. تحررت ولكن اخوتي من ابناء القطيع الشاتي بقوا قيد الاسر في زريبة الراعي معتبرينه رباً معبودا مقدسا لا حياة لهم دونه...فوا حسرتي على غنم يقضون حياتهم في خدمة الراعي...واحسرتا...وا...
ع ع الأهواز2013