TODAY - March 21, 2011
قنصلية بلادهم في طرابلس لا تستجيب لاستغاثاتهم
العراقيون العالقون في ليبيا يناشدون حكومتهم إجلائهم على عجل
وجهت أكثر من ألف عائلة عراقية عالقة في مدن ليبية مختلفة نداءات استغاثة للحكومة العراقية باتخاذ خطوة فورية فعلية بإجلائهم من ليبيا مع ضمان إكمال ابناءهم لدراستهم في الاختصاصات التي كانوا يدرسونها في الجامعات الليبية خشية من ضياع مستقبلهم في حال العودة للعراق.
بغداد_ايلاف
مع ازدياد التوتر الأمني في ليبيا وتصاعد الهجمات المسلحة التي يشنها العقيد معمر القذافي ضد أبناء شعبه الذي يطالبه بالتنحي فان مصير اكثر من الف عائلة عراقية مقيمة بمدن مختلفة في ليبيا يبقى مجهولا.
وجدد هؤلاء العراقيون في طرابلس والجفرة وهون وبنغازي وسرت وغيرها نداءات الاستغاثة التي وجهوها الى الحكومة العراقية ومجلس النواب لإعادتهم للوطن وتامين حياتهم بعد العودة عن طريق اتخاذ خطوة واضحة وناجعة لضمان سلامتهم.
مناشدات للإجلاء
وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة النقل العراقية قبل أكثر من أسبوعين عن إرسال طائرة عراقية الى ليبيا لإعادة العراقيين المقيمين هناك إلى وطنهم إلام الا ان مئات من العائلات العراقية العالقة في ليبيا أطلقت مناشدات بعد تقطع السبل بهم لعدم قدرتهم مغادرة المدن والمناطق المتواجدين فيها خوفا من التعرض للقتل ولتعذر التنقل بيسر وسهولة بين المدن الليبية إضافة لعدم وجود مواصلات للتنقل بها.
ويعاني العراقيون المقيمون في ليبيا من العديد من المشاكل اهمها عدم قدرتهم على العودة الى وطنهم إضافة لغموض مصيرهم في حال تمكنوا من العودة فعليا الى العراق ناهيك عن الرقابة الصارمة التي تفرضها السلطات الحكومية التابعة للقذافي على وسائل الاتصال.
رقابة على الانترنت والنقال
ومنذ اندلاع الثورة الشعبية في ليبيا لجأت السلطات الحكومية هناك الى اتخاذ تدابير مقيدة مشددة على وسائل الاتصال خصوصا الانترنت والاتصالات الخلوية.
ولا يستطيع العراقيون المقيمون في ليبيا من التواصل مع ذويهم في العراق كما في السابق حيث أصبحوا يلجأون الى اختصار الحديث والتركيز على ان كل شيء بخير في ليبيا وان الله سينصر القذافي على شعبه.
وقال احمد عبيد مدرس متقاعد لـ(إيلاف) انه دأب على التواصل عبر الانترنت وبشكل يومي تقريبا مع ابنه وعائلته المقيمة في ليبيا منذ اكثر من 9 اعوام تقريبا حيث اعتادا على الحديث في كل شيء حول السياسة الحياة في ليبيا نظام الحكم والناس والخ من أحاديث خاصة إلا أن تلك الأحاديث تغيرت جملة وتفصيلا بعد الثورة الشعبية الليبية حيث اصبح الكلام بينهم مختصرا فقط على الاطمئنان على سلامة العائلة في ليبيا.
ولفت عبيد الى ان ابنه طلب منه عبر الموبايل ان لا يتحدث باي سوء عن القذافي او ما يفعله بشعبه اليوم لان الانترنت يخضع للمراقبة وان تفوه أحدا ما بكلام ضد السلطة فان مصيره قد يصبح مجهولا لهذا فان الأب وعائلته يعمدون الى مدح القذافي عبر أحادثيهم على الانترنت خوفا من اتهامهم بالخيانة او التعرض لنظام الحكم في ليبيا.
ويناشد اهالي العراقيين المقيمين في ليبيا الحكومة العراقية متمثلة برئيس الحكومة نوري الملاكي ومجلس النواب بإرسال طائرات عراقية لإجلاء الرعايا العراقيين من ليبيا أسوة بما فعلته حكومات دول العالم التي وضعت الاولوية لسلامة رعاياها وإجلائهم من ليبيا.
وتقول سلمى (ام محمد) معلمة عادت للعراق من اجل إكمال معاملات إعادة تعيينها بغية إعادة عائلتها للعراق" عشت في ليبيا لمدة 10 أعوام وعدت للوطن قبل 7 أشهر بقصد ترويج معاملة إعادة تعييني كمعلمة في العراق وهي خطوة أولى نحو إعادة عائلتي المكونة من ولدي وزوجي اللذين بقيا في ليبيا.
وتواصل " ابني الكبير محمد طالب في السنة الاولى في كلية الطب بجامعة سرت اما ابني عمر فهو طالب في السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية في مدينة الجفرة ومنذ ان بدات احداث ليبيا وانا أعاني من انهيار نفسي وعصبي لقلة حيلتي وعدم قدرتي على إعادة عائلتي خصوصا وان الخوف يتأكلني في كل لحظة خشية من قتلهما على ايدي هذه الجهة او تلك.
ولفتت أم محمد إلى ان ولدها محمد مازال عالقا في مدينة سرت ولا يستطيع العودة الى عائلته في الجفرة بسبب تردي الوضع وقالت "ابني محمد مازال عالقا في مدينة سرت ولا يستطيع العودة الى مدينة الجفرة حيث بقية العائلة وعلى الرغم من ان غالبية الطلبة والأجانب قد تمكنوا من إيجاد طريقة وعادوا لأوطانهم إلا ان الطلبة العراقيين لم يتمكنوا من مغادرة المدينة لخوفهم من القتل او الاعتداءات خصوصا وان الوضع خارج السيطرة في الكثير".
جفاء وتعالي مسؤولي القنصلية العراقية في طرابلس
ويشكو العراقيون بشدة من القنصلية العراقية في ليبيا وموظفيها وتعاملهم غير الانساني مع العراقيين المقيمين في ليبيا وإغلاق أبواب القنصلية بوجوههم وعدم مد يد المساعدة لهم خصوصا مع اشتداد القصف العسكري الحكومي ضد المدنيين الليبيين في بنغازي واستهداف المواطنين في المدن الليبية الأخرى.
ولفتت ام مجد (مدرسة) أنها عادت قبل 3 أشهر للعراق لترتيب أوضاع العودة تمهيدا لإعادة عائلتها من ليبيا بعد ازدياد التضييق على العراقيين هناك وعدم منحهم الإقامة. وقالت" ايقيت أولادي الخمسة في ليبيا لينهوا سنتهم الجامعية الاولى في الطب والهندسة حيث خططت لنقلهم عند انتهاء الفصل الدراسي الى العراق لكني مصدومة الان لانقطاع السبل بنا فنحن لا نستطيع إعادة أولادنا وعائلاتنا خصوصا وان القنصلية العراقية في ليبيا تتعامل بجفاء وتعالي بالغ مع العراقيين".
واضافت ام مجد انها اتصلت بابنها طالب السنة الاولى في كلية الطب بجامعة سرت وألحت عليه ليتصل بالقنصلية العراقية في ليبيا لترتيب إعادتهم للعراق.
وبعد محاولات ابنها المضنية لتامين اتصال مع القنصلية تمكن في اليوم الثالث من التحدث مع احد الموظفين الذي رد عليه بجفاء قائلا انه من المؤمل قدوم طائرة في الأيام القادمة لطرابلس وعلى العراقيين ترتيب أمورهم بأنفسهم لتامين وصولهم للمطار.
وحاول الطالب مجد ان يشرح للموظف ان بعض الطلاب حاولوا فعلا مغادرة الجامعة في مدينة سرت الا انهم تعرضوا لإطلاق رصاص من مجهولين وان بعضهم أصيب بجروح خطيرة لكن الموظف أحجم عن الإصغاء وقطع الاتصال وأغلق هاتف القنصلية تاركا مجد وزملائه بمواجهة المجهول.
من جانبه أكد جواد الماشطة (أستاذ جامعي متقاعد) تعالي ولا أبالية موظفي القنصلية العراقية بشؤون رعاياها في ليبيا وقال "ابنتي طبيبة في منطقة الجفرة ولم اعد استطيع التواصل معها منذ اندلاع التصادمات الدامية بين قوات القذافي والشعب.
وأضاف"أخبرتني ابنتي أنها اتصلت بالقنصلية العراقية طلبا للمساعدة في إعادتها وعائلتها وبقية العائلات العراقية في الجفرة للعراق وترتيب تفاصيل نقلهم وتامين وصولهم للقنصلية او المطار خصوصا وإنهم لا يستطيعون مغادرة منطقتهم بسبب الفراغ الأمني والخوف من التعرض للقتل والمضايقة لكن القنصلية أبلغتهم بعدم مسؤوليتها عن نقل تامين وصول العراقيين للمطار وعدم السعي لترتيب الأوراق الرسمية المتعلقة بنقلهم من ليبيا إلى العراق.
واختتم الماشطة بالتساؤل" غالبية العراقيين عالقين ألان في ليبيا فلا القنصلية تتدخل لدى السلطات الليبية للمساعدة ولتامين نقل الرعايا العراقيين وجمعهم في القنصلية تمهيدا لإعادتهم للعراق ولا تسعى لانجاز الوثائق والمستمسكات الرسمية المترتبة عند عودتهم للعراق للالتحاق بالجامعات او المهن التي كانوا يمارسونها في ليبيا.
مناشدات لوزير التعليم العالي
وبالإضافة لتقطع السبل بالعراقيين المقيمين في ليبيا وعدم قدرتهم على العودة للوطن بسبب عدم بذل الحكومة العراقية لأية جهود سواء كانت دبلوماسية او سياسية لإعادة رعاياها فان العراقيين العالقين في ليبيا يواجهون مشكلة أخرى لا تقل خطورة عن فقدانهم لحياتهم تتعلق بمستقبل أولادهم الدارسين في الجامعات الليبية حيث يخشى الطلبة العراقيون المقيمون في ليبيا في حال تمكنوا من العودة من ضياع مصيرهم ومستقبلهم في العراق لعدم معرفتهم ان كانوا سيتمكنون إكمال دراستهم بنفس الاختصاصات التي افنوا حياتهم بدراستها.
وتقول ام هاني" يرعبني التفكير بمستقبل ولدي ان عادوا الى العراق حيث ان ابني طالب بالسنة الثانية من كلية الهندسة وابنتي طالبة في السنة الأخيرة الثانوية التمهيدية لدراسة الطب واخشي عند عودتهم للعراق من ان تعيدهم وزارة التعليم العالي للدراسة في موقع ادني في معهد ما او أكاديمية. وتابعت" الدراسة في ليبيا مختلفة عنها في العراق إذ يعتمدون نظام السيمنستر حيث اكمل ابني دراسته الثانوية في اختصاص الهندسة وحصل على معدل اهله لدخول كلية الهندسة وكذا الحال بابنتي التي تدرس الان السنة الأخيرة في الثانوية بالتخصص الطبي املا في دخول كلية الطب بعد قرابة 3 اشهر.
ولفتت ام هاني الى ان المسئولين عن التعليم في الحكومة العراقية يبدو وكانهم غير مكترثين نهائيا بمستقبل ابنائنا وبناتنا ومستقبلهم المهني ففي الوقت الذي رتبت الدول الأخرى أمور طلابها الذين كانوا يدرسون في ليبيا في بلدانهم الام وأمنت لهم إكمال دراستهم بالاختصاصات ذاتها فان المسئولين العراقيين في وزارة التعليم لم يظهروا ادنى اهتمام بهذا الجانب اذ لم يصدر أي تصريح من أي مسؤول صغيرا كان او كبيرا لطمأنة الطلبة العراقيين في ليبيا و إشعارهم ان الحكومة العراقية تذلل المعوقات وتؤمن لهم مستقبلهم الذي تغربوا وذاقوا الويل من اجل تأمينه.
واختتمت"أناشد وزير التعليم العالي في الحكومة العراقية ان يصدر تصريحا رسميا فوريا يضمن لكل الطلبة العراقيين الذين سيعودون للعراق بإكمال دراستهم في الاختصاصات والكليات التي كانوا يدرسون فيها في ليبيا ولن نسامحه او نسامح أي مسئول عراقي يساهم في طمس مستقبل أولادنا خصوصا وأننا تغربنا وتجرعنا المر لأجل أولادنا وبناتنا وضمان مستقبل كريم لهم.
ومن جانبه قال صفاء سلمان (ماجستير علوم حياة) " بعد ايام قليلة من عودتي للعراق اندلعت الأوضاع الدامية في ليبيا الأمر الذي يشعرني بالعجز عن مساعدة عائلتي حيث بقيت زوجتي وأولادي الخمسة في ليبيا.
وأضاف"طوال الفترة الماضية حاولت طرق أبواب وزارة التعليم العالي في العراق من اجل معرفة مصير أولادي الذي يدرسون في الجامعات الليبية عند عودتهم للعراق لكن المشكلة الرئيسة التي أواجهها ويواجهها العراقيين الذين يراجعون الوزارة بهذا الشأن ان موقف المسئولين غريبا جدا فهم يظهرون الصمت وعدم المبالاة وحتى الان لم نجد إجابة شفافة وصريحة عن مصير أولادنا ومستقبلهم الدراسي.
واختتم سلمان حديثه بالتعبير عن حيرة العراقيين المقيمين في ليبيا وقلقهم وتردهم حيال العودة او البقاء في ليبيا وتعريض حياتهم للموت في لحظة قائلا " الغموض والتشاؤم يسود مصير أولادنا ومستقبلهم فبين الخوف على حياتهم وعدم ضمان الإبقاء على حياتهم من عدمه بسبب القصف الجوي والتوتر الأمني والصراع الدموي في ليبيا وبين العودة الى العراق حيث المستقبل يكاد يكون معدوما فلا تسهيلات تم تقديمها ولا تطمينات حكومية رسمية بخصوص إكمال أولادنا لدراستهم بالاختصاصات التي يدرسونها الان في ليبيا وضمان مستقبلهم وحياتهم الذي عملنا بكد ومشقة من اجل تأمين الحصول عليه وأفنيننا أعمارنا في سبيل تحقيقه لهم.
وقال سلمان" حياة أولادنا وبناتنا العالقون في ليبيا بذمة مجلس النواب والحكومة العراقية ووزارة التعليم العالي ولن يكلفهم شيئا ان أعادوا أولادنا وضمنوا لهم إكمال دراستهم بالاختصاصات نفسها وعلى الحكومة والمجلس ان يؤديا واجبهما تجاه المواطنين العراقيين ولن نسامحهم ان حدث شيئا مسئا لاسامح الله.