بسم الله الرحمن الرحيممنقول
عظم الله اجوركم اخوتي بمصاب امير المؤمنين عليه السلام الرجل الذي وصفه امامنا الحسن عليه السلام بقوله " قَد فارَقَكُم رَجُلٌ ... لم يَسبِقهُ الأوَّلونَ و لايُدرِكُهُ الآخِرونَ " (1)
واردت اليوم ان ان اذكر بعض ماروي عن الائمة عليهم السلام في حادثة المقتل فعن الإمام الباقر عليه السلام :إنَّ عَلِيَّ بن أبي طالِبٍ عليه السلام خَرَجَ يُوقِظُ النّاسَ لِصَلاةِ الصُّبحِ ، فَضَرَبَهُ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ مُلجَمٍ بِالسَّيفِ عَلى اُمِّ رَأسِهِ ، فَوَقَعَ عَلى رُكبَتَيهِ وأخَذَهُ فَالتَزَمَهُ حَتّى أخَذَهُ النّاسُ وحُمِلَ عَلِيٌّ حَتّى أفاقَ ، ثُمَّ قالَ لِلحَسَنِ وَالحُسَينِ عليهماالسلام : اِحبِسوا هذَا الأَسيرَ وأطعِموهُ وَاسقوهُ وأحسِنوا إسارَهُ ، فَإِن عِشتُ فَأَنَا أولى بِما صُنِعَ بي ؛ إن شِئتُ استَقَدتُ وإن شِئتُ عَفَوتُ وإن شِئتُ صالَحتُ ، وإن مُتُّ فَذلِكَ إلَيكُم ، فَإِن بَدا لَكُم أن تَقتُلوهُ فَلا تُمَثِّلوا بِهِ . (2)
فانظروا الى هذا القلب الكبير الذي يعطف حتى على قاتله فتراه يتفقد طعامه ومنامه فيروي صاحب الطبقات وغيره " لَمّا اُتِيَ بِابنِ مُلجَمٍ أسيرا عِندَهُ ـ ) : إنَّهُ أسيرٌ ؛ فَأَحسِنوا نُزُلَهُ ، وأكرِموا مَثواهُ ؛ فَإِن بَقيتُ قَتَلتُ أو عَفَوتُ ، وإن مُتُّ فَاقتُلوهُ قَتلَتي «وَلَا تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (3)
ويقول صاحب الفتوح " كانَ عَلِيٌّ عليه السلام يَفتَقِدُهُ ويَقولُ لِمَن في مَنزِلِهِ : أرسَلتُم إلى أسيرِكُم طَعاما ؟ "
بل اكثر من ذلك فتراه يتوقف عن شرب البن ويرسله الى قاتله ويوصيهم بان يطعموه من نفس طعامهم فيروي صاحب البحار عن لوط بن يحيى عن أشياخه " :اُغمِيَ عَلَيهِ ساعَةً طَويلَةً وأفاقَ ـ وكَذلِكَ كانَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله يُغمى عَلَيهِ ساعَةً طَويلَةً ويُفيقُ اُخرى ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه و آله كانَ مَسموما ـ فَلَمّا أفاقَ ناولَهُ الحَسَنُ عليه السلام قَعباً ۱ مِن لَبَنٍ ، فَشَرِبَ مِنهُ قَليلاً ثُمَّ نَحّاهُ عَن فيهِ وقالَ : اِحمِلوهُ إلى أسيرِكُم ، ثُمَّ قالَ لِلحَسَنِ عليه السلام : بِحَقّي عَلَيكَ يا بُنَيَّ إلّا ما طَيَّبتُم مَطعَمَهُ ومَشرَبَهُ ، وَارفُقوا بِهِ إلى حينِ مَوتي ، وتُطعِمُهُ مِمّا تَأكُلُ وتَسقيهِ مِمّا تَشرَبُ حَتّى تَكونَ أكرَمَ مِنهُ ، فَعِندَ ذلِكَ حَمَلوا إلَيهِ اللَّبَنَ وأخبَروهُ بِما قالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام في حَقِّهِ .(4)
هذا من جهة امير المؤمنين عليه السلام وتعالوا الى اللعين ابن ملجم لعنه الله فنرى كيف قابل احسان امير المؤمنين عليه السلام فحتى مؤرخي اهل السنة يثبتون هذه الحقيقة وهي ان امير المؤمنين عليه السلام كان يحسن الى هذا اللعين فيقول الطبري : " عن إسماعيل بن راشد :قالَ عَلِيٌّ : عَلَيَّ بِالرَّجُلِ [ابنِ مُلجَمٍ] ، فَاُدخِلَ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : أي عَدُوَّ اللّه ِ ، أ لَم اُحسِن إلَيكَ ؟ ! قالَ : بَلى ، قالَ : فَما حَمَلَكَ عَلى هذا ؟ قالَ : شَحَذتُهُ أربَعينَ صَباحا ، وسَألتُ اللّه َ أن يَقتُلَ بِهِ شَرَّ خَلقِهِ ، فَقالَ عليه السلام : لا أراكَ إلّا مَقتولاً بِهِ ، ولا أراكَ إلّا مِن شَرِّ خَلقِهِ " (5)
- خصائص الائمه: ص80 .
- قرب الإسناد : ص ۱4۳ ح 515 عن أبي البختري عن الإمام الصادق عليه السلام .
- الطبقات الكبرى : ج ۳ ص 35 .
- بحار الأنوار : ج 4۲ ص ۲۸۹ .
- تاريخ الطبري : ج 5 ص ۱45 .