نسبة البدو مقابل الريف قليلة جداً، خاصة بعد إغلاق الحدود بين الدولتين ايران والعراق في زمن البهلويين. قبل هذه المرحلة نشاهد تغلغل البدو من دولة الى أخرى عبر الشريط الحدودي الممتد من البستان في شمال الاقليم الى المحمرة في جنوبهِ. وكما يحدثنا التاريخ فقد كان لهذا التغلل البدوي بين البلدين وخاصة من العراق الى إيران أثرٌ كبيرٌ في مجريات التاريخ في الأهواز. ويتمثل اثر البدو في الأهواز في تأسيس دولتين محليتين هما المشعشيون في القرن العاشر القمري وبني كعب في القرن الثاني عشر.
إن البداوة في الأهواز ضحلة لكن القيم البدوية تحيا قوية في نفوس الاهوازيين.إن الأهوازي كسائر إخوته العرب يعيب الحضر والمعدان و العجم ويعتبرهم أقل شأناً منهُ. واذا لاحظتْ العربيً ألاهوازي، أياً كان إنتماءه الثقافي، لسوف يرقي بنفسهِ الى قيم البداوة و لو سئلت عن السبب في إفضليته ودونية الآخر ليبقى دون سبب وجيه. أنه لا يعرف تبريرات لقيمهِ الخلقية غير أنه يؤكد لك أنه اصيلٌ والآخرون بلا إصالة لأنهم إمتهنوا مهناً غير لائقة او أنهم لا يتسمون بالكرم او الشجاعة.
لقد صار الريفي هو البدويَ القديم. لكن وكما سبق إن قلنا هذا التغيير معظمه شكليٌ غير جوهري. وربما كان أكثر سلباً وضرراً في نفس العربي الاهوازي لأنه اوقعه في ازدواجية وشرخ بين القديم والجديد بين قيم الصحراء وقيم المزرعة. وكل هذا قسريٌ لا حيلة للمرء فيه.
إن التمسك بقيم ٍ سامية في ظروف معيشية متدنية عسيرة تؤلم النفس البشرية وتكون مزيداً للآلام والعذابات في الحياة. فقيم كالكرم والشجاعة للإنسان الفقير الضعيف ليست الا حملا ًفوق حمل او داءاً فوق داء. کذلك اعراف من مثل الثأر والنهوة والفصلية و..تزيد الحياة عسراً فوق عسر. كلما سهلت المبادئ وصارت اكثر انفتاحاً ومسالمة مع الانسان وظروفه كلما قلتْ معضلات المرء ومشكلاته النفسية والمعيشیة.
ع ع الأهواز2013