الحكاية الثانية والعشرون
في تأكيده (ع) على خدمة الأب المسن
ذكر العالم العامل والفاضل الكامل قدوة الصلحاء السيد محمد الموسوي الرضوي النجفي المعروف بالهندي وكان من العلماء المتقين يؤم الجماعة في حرم أمير المؤمنين (ع) عن العالم الثقة الشيخ باقر بن الشيخ هادي الكاظمي المجاور بالنجف الأشرف عن رجل صادق اللهجة كان حلاقاً وله أب كبير مسن وهو لا يقصر في خدمته حتى أنه يحمل له الإبريق إلى الخلاء ويقف ينتظره حتى يخرج فيأخذه منه ولا يفارق خدمته إلا ليلة الأربعاء فإنه يمض إلى مسجد السهلة ثم ترك الرواح إلى المسجد فسألته عن سبب ذلك فقال:
خرجت أربعين أربعاء فلما كانت الأخيرة لم يتيسر لي أن أخرج إلى أن قرب المغرب فمشيت وحدي صار الليل وبقيت أمشي حتى بقي ثلث الطريق وكانت الليلة مقمرة فرأيت أعرابياً على فرس قد قصدني فقلت في نفسي هذا سيسلبني ثيابي فلما انتهى إلي كلمني بلسان البدو من العرب وسألني عن مقصدي فقلت مسجد السهلة فقال معك شئ من المأكول؟ فقلت: لا فقال أدخل يدك في جيبك فقلت ليس فيه شئ فكرر على القول بزجر حتى أدخلت يدي في جيبي فوجدت فيه زبيباً كنت اشتريته لطفل عندي ونسيته فبقي في جيبي.
ثم قال لي الأعرابي: (أوصيك بالعود) ثلاث مرات والعود في لسانهم اسم للأب المسن ثم غاب عن بصري فعلمت أنه المهدي (ع) وأنه لا يرضى بمفارقتي لأبي حتى في ليلة الأربعاء فلم أعد.