كيف نضبط مفهوم النسق بحيث لا يكون دالاً على كل شيء , وما دل على كل شيء فهو لا يدل على شيء , وألاحظ أنك , أستاذنا الكريم , تستخدم المفهوم بشكل مرن وربما , من وجهة نظري , غير مضبوط بدقة .؟
لعلك تتكرم علي بأن تنظر في الفصل الثاني من كتابي ( النقد الثقافي ) وهو الفصل المعنون : النظرية والمنهج ، وفيه شرحت مفهوم ( النسق ) وشروطه ومستلزماته من الجملة الثقافية والدلالة النسقية والتورية الثقافية والمجاز الكلي ، وهي كلها مفاهيم تتكامل في حزمة نظرية واصطلاحية متلازمة ، وبعض من يقولون قولك ويسألون مثل سؤالك لم يقفوا على حدود المصطلح كما ألزمت به نفسي ومنهجيتي كأمر مشروح ومفصل في ذلك الكتاب ، ويجنحون إلى النظر في المصطلح ككلمة عامة ، وهنا يقع الخلط ولك أن تتصور لو أن شخصا راح يردد كلمة ( النظم ) ويقول إنها كلمة مرنة تعني كل شيء ولذا فإنها لا تعني شيئا ، ويتجاهل البعد النظري والمصطلحي لما قاله الجرجاني ولما طوره لهذا المفهوم بعد أن ورثه عن الباقلاني ، نحن بحاجة إلى التعامل مع المصطلحات حسب شروطها عند صاحبها الذي وضعها كقيد عليه ، ولا يستقيم أن نقف عند مدركنا اللغوي العمومي ثم إطلاق الأحكام جزافا بعد ذلك ، فنوهم أنفسنا أو نخدعها بالقول بأن هذا يعني كل شيء وحينئذ فإنه لا يعني شيئا ، وبالنسبة لي هذا قول مجاني أشعر معه أن بيني وبين قائل هذا الكلام مسافة غير قابلة للعبور ، لأنه يقول لي صراحة إنه لم يقرأ كتابي ( النقد الثقافي ) ولو قرأه لناقشني فيما ذهبت إليه حول المعنى الاصطلاحي للكلمة بدلا من الاستهتار بالحكم ، وصدقني لقد كنت خائفا من هذا الذي تفعله معي الآن ، وكنت فكرت أن أضع كلمة جديدة تبعدني عن اللبس ، وهممت أن أستخدم كلمة ( الناسوق ) كي أتمكن من منحها المعنى الذي أريد ، دون أن يلتبس المعنى بما يتواتر لدى الناس من معاني عمومية تظل تنسحب على مرادي دوما حتى ليقول قائلهم إن النسق يعني كل شيء وما هو كذلك فهو لا يعني شيئا ، لقد صار ما خفت منه ، وهاهم يقولون القول ويظنون أنهم قد نحروا نحرهم وربما أطربتهم رنة الكلمات وانساقوا وراء بلاغة الوهم ، وويل لذاك الذي تعب وعصر رأسه ليعطي المصطلح حقه من المناقشة والتدقيق ، ولكنهم ـ عفا الله عنهم ـ تركوا ما قيل وراحوا إلى حفلة الطرب البلاغي : ما يعني كل شيء فهو لا يعني شيئا ـ هذه بلاغة الوهم ، لأننا لو انسقنا وراء هذا الوهم لبطلت اللغة وبطل الاصطلاح ورحم الله ابن جني الذي لو سمع هذا القول لضحك أو لنقل لبكى على مصير عقول أمته . يا أخي كل كلمات الدنيا تعني كل شيء ، لأنها في الأصل لا تعني شيئا ، والخليل قد قال من قبل بالمهمل مقابل المستعمل ، والكلمة قبل استخدامها لا هي حقيقة ولا هي مجاز ، كما قال الأصوليون ، ونحن نأخذ معاني الأشياء بناء على شروطها الدلالية ،ومن شرط المصطلح أن نعطيه حقه الدلالي من مصدره ، والمصدر هنا هو صاحب المقولة ، كما ترى في معنى كلمة النظم عند الجرجاني ومن قبله الباقلاني ، بينما هي في المعنى العام تعني أشياء أخرى ، بالله عليك لا تسمح لتعبير واهم بأن يسيطر على ذهنك ، ولنتفق أنا وأنت على ضحكة مشتركة أمام هذه العبارة : ما يعني كل شيء فهو لا يعني شيئا ، لنضحك ، ثم لنفكر بعدها كم نحن ساذجون إذ نخدع أنفسنا بشيء كهذا .
(ابن قتيبة) _الذي قال عنه ابن تيمية هو خطيب أهل السنة _ عده بعض الدارسين أول (ناقد بنيوي).. فما تعليقك؟
لا شك أن الفكر البشري كله كان يتحرك بناء على تصور من نوع ما للبنية ، ومنذ أرسطو وفكرة النواة المؤسسة للقول قائمة ، ولهذا أمثلة كبيرة عندنا ، من أبرزها الخليل بن أحمد وتصوره لمفهوم الإيقاع ، ونظريته في الدوائر الخمس ، وهو أهم هنا من ابن قتيبة ، وعلى أية حال فإن سلسلة نسب البنيوية طويلة جدا وكونية جدا ، وإن كنا نقول إن الجاذبية موجودة قبل نيوتن فإننا سنقول مع هذا إن نيوتن هو صاحب النظرية وهو الذي بها غير مسار الفكر الفيزيائي ، وكذا الحال مع البنيوية فإنها صنيعة القرن العشرين ، وابنة الألسنية التي خطها دي سوسير ، وما هجس به الأسبقون ـ أي أسبقين ـ لم يفتح المدرسة وإن كان دار حولها ، وكما أن نيوتن لم يصنع الجاذبية ولكنه صنع التصور وأسس الرؤية فإن البنيوية قد صارت رؤية ومادة لتفسير النصوص وفهم الحادثة الاجتماعية واللغوية ، وهذا أمر لم يصل إليه ابن قتيبة ، ولو أنك ذكرت الخليل ومفاهيميته للبينة الإيقاعية لكان ذلك أقرب للتصور .
قلت في إحدى محاضراتك العامة ( أحسن الله عزاءكم في النقد الأدبي ..ومبارك عليكم النقد الثقافي ) .. فمتى ستقول لنا أحسن الله عزاءكم في النقد الثقافي ..؟
للعلوم وللنظريات أعمار وتواريخ نسب مثل البشر ، وكل مسخر لما خلق له ، وإذا تشبعت أية نظرية بحيث لم تعد قادرة على إعطاء تفسير جديد لظاهرة ما ـ وهذا هو شرط النظرية ـ فإنها بهذا تموت ، ولقد صار هذا للبلاغة العربية ، فأنت لن تقول شيئا لو استخرجت لي قوائم بالجناس والتورية والاستعارات في نص ما ، وستكون نكتة حقيقية لو فعلت ، أي أن البلاغة بلغت حد التشبع ، وكما قال أمين خولي : إنها نضجت حتى احترقت ، وكل نظرية تبلغ هذا المبلغ تموت ، وهذا حاصل في العلوم الفيزيائية ، وهو كذلك عندنا في العلوم الإنسانية اللهم إلا عند ( النايمين على أودانهم ) ، وما أكثرهم ، وسيكون للنقد الثقافي ما كان لغيره ، فهو ليس بدعا في العمل البشري .
في كتابك الثقافة التلفزيونية ذهبت إلى إقصاء الجملة البلاغية والتقليدية لصالح الجملة البصرية .. لماذا دائما تبشر بموت العلوم ولا تبشر بحياتها..!؟
الموت هو أمر نكتشفه ولا نصنعه ، والموت سر عظيم نعرفه لوقوعه وليس لأي شيء آخر ، والعلم إذا تشبع وعجز عن أداء دور متجدد فإنه يموت ، وهل تراني سأقول بحياة شيء ميت ، أو لا تتفق معي أن القائلين ببقاء الأموات والطالبين للعيش معهم هم الواهمون النائمون ، وأنا لست منهم ،ولا أحسبك ـ إن شاء الله ـ منهم ، وماذا يهمك من علم ميت ولماذا لا تشغل نفسك بالحي ، أولا يقول المثل : الحي يحييك والميت يزيدك غبنا ....!!!
في بحوثك العلمية تبدأ بالنتيجة قبل المقدمة ..!! وتتوسل إلى إقناعنا بقدرتك على التحليل والاستنباط ما قولك..؟
لا أستطيع التعليق على قول جميل كهذا ، شكرا لك على هذه المجاملة الكريمة . ولكنني فحسب أقول لك إنني لا أعرف أنني كذلك .
إلى متى سيظل الأدباء العرب عالة على مناهج النقد الغربية؟؟
ومتى سنرى منهجا نقديا عربيا أصيلا متصلا بحضارة العربي المسلم ومراعيا لأدبياته وتراثه؟؟
صدقني أنني أكره هذه الأسئلة وتعطيني إحساسا بالمجانية فالفكر أولا إنساني وليس قوميا ولا عرقيا ، والتاريخ كله يثبت أن من يقول بهذه العقد لا يتقدم أبدا ، ولم نعهد في سيرة أي مفكر عظيم أن توقف عند مثل هذه الترهات ، وأنا قد نزعت كل الأقنعة فيما يتعلق بعلاقتي مع الفكر ، وكل الفكر عندي هو نعمة عظمى تستحق منا الشكر والتنعم بها ، ونحن أمة بنينا تاريخنا على العالمية والحكمة هي ضالتنا ، أو يأتيني بعد ذلك من يطلب مني البحث عن تأشيرة للنظرية وعن كفيل وعن جنسية ولون ولغة ومعتقد ، هذا وهم ، وبدلا من أن تشغل نفسك بهذه الأوهام اذهب واصنع نظرية فعالة وستجد كل العالم يجري وراء مخترعك العظيم ، هذا إن كان فيه فتح حقيقي يغير مسار الفكر البشري ، وفيما عدا ذلك فعليك أن تفتح عينيك للأنوار وتفرح بالنور ، والعلم كله نور ومثله مثل الشمس لا وطن لها ولا جنسية ، وسقراط عندي مثل ابن تيمية ، وأتعلم من كل منهما حسب المجال والتخصص .
كيف يرى د. عبدالله الغذامي مستقبل الشعر الفصيح في ظل مبالغة اهتمام وسائل الإعلام بالشعر العامي؟
الزمن هذا ليس زمن الشعر عموما ، حتى في بريطانيا وأمريكا ، لقد تحولت الثقافة البشرية باتجاه ثقافة الصورة وثقافة السرد ، ولا يفيد التباكي هنا ، ولكنني أقول إنني شخصيا في صف الفصحى كقضية وكهوية ، وهي قضيتي الأولى في هذا المجال ، وفي المقابل فإنني جاهل بالشعر العامي ، ولا أفقه فيه ، ومن طبعي أنني أنفر منه ، ولكنني لا أجادل الناس في حقوقهم بالتمتع بما يريدون ، أما إن وصلت المسألة إلى حد تبني الشعر النبطي وجعله صورة ثقافية للبلد ، فهذا هو الضرر الحقيقي لصورتنا من جهة ولدورنا الحضاري من جهة ثانية ، فنحن بلد الحرمين الشريفين ، وهذا يقتضي أن نكون بلد اللغة الفصحى بالضرورة ، وأي مساس بهذه الصورة هو نقيض لحقيقة وجودنا وحقيقة دورنا التاريخي والحضاري ، وأرجو أن يكون في هذا إيضاح كاف بأنني لا أحرم الناس حقهم في التمتع بذائقتهم كيفما يشاؤون ، ولكن التمثيل الرسمي لثقافة البلد وصورتها لا يمكن أن يكون إلا عبر الفصحى بكل شروطها .
لم يكتب سقراط حرفاً واحدا ، ولكنه - بلسانه - هز العقول لتكتب ..هل ترى أن محاضراتك كانت أكثر تأثيراً وأكبر وقعاً على النفوس وأجلب لردات الفعل من كتبك ؟
حقيقة أنا أحب المحاضرات والمحاورات واللقاءات المباشرة ، وأجد نفسي فيها ، وأحب الجمهور الذي يسأل ويحاور ، وكما قال الجاحظ فخير العلم ما حوضر به ، ولكنني مع هذا أعرف أن الذي يبقى هو ما يكتب ويدون ، ومثالك عن سقراط مثال جيد فسقراط بقي لأن أفلاطون دون لنا سيرته وأفكاره ومحاوراته ، وهناك من قال إننا نقرأ أفلاطون وليس سقراط ، والحق أننا نقرأ سقراط بعيون أفلاطون ،ولو حصل أن تلاميذ آخرين لنفس الفيلسوف سجلوا حواراته لرأينا اختلافا كبيرا حتى لنكون أمام شخوص متعددين باسم واحد لأن المرء ينقل ما يستجيب لهواه ويختار ما تهتز له نفسه ، ويترك لذلك شيئا كثيرا .
أخلاق الوالي عمر بن عبدالعزيز غيّرت أخلاق الشاعر جرير بن عطية ..
وأخلاق الشاعر ابن هرمة بدّلت سلوك أبي جعفر المنصور ..
هل ترى في المؤسسة الشعرية الحديثة بوادر تمكّنها من تغيير أخلاق الولاة ؟؟
الشعراء في التاريخ كله كانوا في إثر الولاة ومنذ اخترع النابغة والأعشي فن التكسب بالمدح والشعر هو كذلك أي أنه جزء من المؤسسة , ولكنك تجد بعض الشعر المعارض ، وفي زمننا الحديث كان أمل دنقل ( لا تصالح ) ومن قبله السياب ( أنشودة المطر ) وسأقول بمحمود درويش وأراه شاعرا إنسانيا بالمستوى العالمي للكلمة ، وستقول أنت عن أحمد مطر ، وسأقول لك نعم . وسيقول آخرون بأسماء أخرى لم أنسها ولكنني لم أذكرها لأنني سأضطر معها لأن أردد كلمة ـ ولكن ـ كثيرا ، ولذا تجنبت أسماء تتبادر عادة لذهن الناس هنا ، وهي عندي أسماء تعارض لتكون أكثر سلطوية من المؤسسة ، وعلى العموم فأنا لا أرى أن الشعر يستطيع التغيير ، والتغيير عمل جماعي يحدث بسبب حوافز كثيرة وإذا قامت الحوافز والظرف التاريخي المناسب فإن أشخاصا يظهرون مع هذه الموجة وقد يكونون خطباء أو صحفيين أو شعراء أو موتى كأن يستشهد طفل أو امرأة فيحفز هذا موجة كانت تنتظر التحفيز ، أي أن كيمياء التغيير هي طبخة معقدة يحدث كثيرا أن لا نعرفها إلا بعد حدوثها ، ثم يأتيك أغبياء التحليل الصحفي فينسبون الحدث لسبب محدد وكأنهم كانوا حقا يعرفون الأسباب ، هذه لعبة النسق ـ هو النسق نفسه الذي سخر منه صاحب السؤال الأول !
إذا كنت تقليديا في تعاملك مع الانترنت ..! كما تقول .. فما هي الحداثة التي أقضيت مضاجع الناس بها..؟ ولماذا تعيب على التقليديين تمسكهم بما هو أزكى وأنقى من مجرد آلة أو كتاب ..؟!
أصدقك القول بأنني لا أملك جوابا على سؤالك هذا . وأظنني لم أفهم السؤال ولو كنت رأيتك مواجهة لكنت استفسرت منك مرة ومرات إلى أن أصل إلى تصور مشترك لمقصدك وحينها سأجيب ، وأنا أرى أن الإجابة على أي سؤال واجب أخلاقي لا يجوز النكوص عنه ، ولكنني ـ والله ـ لم أستوعب المقصد من سؤالك ولذا فإنني عاجز فعلا عن الإجابة . وأنا على أية حال لا يمكن أبدا أن أعيب ما هو أزكى وأنقى ، غير أن بي عيبا واحدا وهو أنني لا أفهم المغيبات .
يقول أحمد العرفج : ( الغذامي ناقد فيه جاهلية، بل هو بدوي متطرف في طرح آرائه والدليل تجريده للروائي يوسف المحيميد من الرواية، أو يلغي مفكراً وروائياً بقامة تركي الحمد. وهنا لا أجد تفسيراً لهذه الممارسة إلا أنها نتاج إقليمية ضيقة، يعاني منها الغذامي، فهو قروي في فكره وبدوي في طرحه)
إذا كان كلام الرجل صحيحاً فهل يعقل أن ينزلق الناقد -أي ناقد- إلى جاهلية (النسق المضمر) على حد تسميتك في عصر ما بعد الحداثة؟
وإذا كان كلام هذا العرفج مغلوطاً فما هي المآخذ الفنية -باختصار- على المحيميد والحمد؟
ألا أدعوك إلى ما هو أجمل من ذلك ، سأدعوك إلى فنجان قهوة وجلسة سواليف ، هل تحب أن أقول لك قصة واحدة فقط ...؟ لقد اقترح ناقدان عربيان مهمان أحدهما من المغرب والآخر من الشام أن يحرر خطاب رسمي إلى أحد من يظن نفسه روائيا يطلبان منه ترك الكتابة ، وذلك لشدة غيظهما من رداءة نصوصه ، وكانا يريدان أن يكون ذلك بقرار ومحضر من لجنة علمية مهمة جدا ، ولكن القوم بعد التداول اكتفوا بحذف اسم ذلك الشخص ونسيان الموضوع . لقد بلغت رداءة هؤلاء هذا الحد وأكثر ... ألم أقل لك إن فنجان قهوة وجلسة سواليف أجدى وأنفع .
إلى أي مدى وصلت في رحلتك الطويلة نحو التنوير؟! فقد قال لي من يعرفك جيداً من أيام المعهد العلمي بعنيزة: انتظروا الغذامي مطوعا ولو بعد حين!
وهل يمكن القول وخصوصاً بعد لقائك الأخير في "الوطن" -الذي رفعت فيه راية الصفح مع التيار الإسلامي- أن إرهاصات المطوع مابعد الحداثي قد بدأت بالظهور؟!
سأذكر لك قصة من المعهد العلمي وقد كنا في عنيزة نمر بمرحلة منافسة نجدها من زملائنا في الثانوية حيث كانوا يتباهون علينا بمعرفتهم بالإنجليزية والرياضيات والفيزياء ويقولون إنهم سيكونون أطباء وطيارين ومخترعين ، وكنا نرد عليهم بالأشعار ونباريهم بكتب التراث ، ومرة كنا نمر في الشارع بعدد منهم وكنا نتأبط كتبنا فإذا بنا نسمعهم يقولون : لا تتعبوا أنفسكم بالقراءة ... فسوف تتخرجون نوابا ....!!!!
يقصدون بذلك أننا لن نجد عملا بعد تخرجنا سوى أن نكون في سلك المطاوعة ، وكانت كلمة النواب في ذلك الوقت تعني أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
يبدو لي من سؤالك أنك قد سمعت بقصتنا تلك . وسأعطيك قصة أخرى سمعتها من الأستاذ عبد العزيز السالم يقول فيها إن الممثل المصري المشهور توفيق الدقن سأله صحفي مرة قائلا : لو لم تكن ممثلا كبيرا ما ذا كنت تتمنى فقال : كنت أتمنى أن أكون إمام جامع . ولأكون صادقا معك لقد أحببت توفيق الدقن واحترمته بمزيد من الحب والاحترام ، وكنت من قبل أحبه كممثل ثم أحببته على صدقه وطهارة ضميره . ولك أن تضعني بين هاتين القصتين كيف شئت ، ولكنني أقول لك بصدق إن أمنيتي العميقة والحقيقية والخاصة جدا لا يعلم بها إلا الله ولم أبح بها لأحد قط ، ولن أبوح بها أبدا وأتركها بين يدي ربي وهو أعلم بما في نفسي .
لاحظت على د : عبدالله الغذامي أثناء ذلك اللقاء الذي جمعه مع جريدة الوطن السعودية العديد من التوجهات وأهمها أنه يقبل التنازل عن بعض الأفكار ( التي يصفها بالتجدد ) مقابل الصلح أو التوافق مع الجماعات الإسلامية ..
سؤالي هو : هل ذلك التنازل هو عن قناعة التوافق أو التعايش والبعد عن الصدام , أم هو عن قناعة بأن بعض الأفكار تحتاج لإعادة صياغة من حيث الشكل ولكنها بنفس المضمون ..؟
الأفكار ليست حجارة وأنا أقول عن فكري إنني أعرضه ولا أفرضه ، ولو بقيت حارسا ليليا لأفكاري لتحولت إلى ناطور ولم أعد مفكرا حرا كما أدعي ، الأفكار أيها العزيز صور ذهنية لما نتصوره من معاني لهذا الوجود العظيم وكلما تمعنا بمزيد من التمعن رأينا ما لم نره من قبل ومن لا يتمعن لا يتغير ومن لا يتغير يبقي في حجر أمه يرضع وينتظر من يطرد الذباب عن عينيه ، ولست كذلك والحمد لله . أما يدي فأنا لم أقبضهما قط عن أحد مهما كان هذا الأحد ، وتخصيص الإسلاميين في تلك المقابلة جاء من السؤال ولم يكن مني ، وكان السؤال أصلا هو : هل أنت ضد الإسلاميين ...؟ فقلت لا ...أنا لست ضد أحد ولكنهم هم من يقف ضدي ، فقال : هل تمد لهم يدك ، فكان جوابي : نعم . ويدي ستظل ممدودة للجميع ـ إن شاء الله ـ ولن أقبضها إلا عن خطأ بشري يصدر عن النقص البشري المعهود فينا كبشر ناقص وخطاء ، ولكنني فكريا وعقليا أؤمن بحق الحرية الفكرية المطلقة وبلا شروط لي وللآخرين وكنت أقول وما زلت إنني استفدت من خصومي فوائد كثيرة من أبرزها تسويق كتبي وإشاعة أفكاري ، وهذه حقيقة واقعية ، وأقول أيضا شيئا آخر أراه مهما وعمليا وهو أنني أختار خصومي مثلما أختار أصدقائي ، وأعتني بشدة بمن أراه يستحق مخاصمتي ويليق بي أن أختصم معه ، ولست ممن يفرط في كرامته ويتخاصم مع أي من كان .
س : ما سر العبارة الشهيرة التي وضعتها على زجاج نافذة مكتبك في جامعة الملك سعود؟
العبارة التي على مكتبي في الجامعة هي : ( إذا سمعت الرجل يقول:ما ترك الأول للآخر شيئا فاعلم أنه لن يفلح ) ، وهي من أقوال الجاحظ ، وقد وضعتها على زجاج مكتبي المطل على الممر بحيث يراها كل من يمر على مكتبي ويراها بجانب اسمي ، وهي عندي تمثل سيرتي الذاتية وبطاقة تقديم لي إلى الناس ، وذلك أنني أؤمن بالاختلاف ونمو الأفكار ولا أريد من طلابي أن يكونوا مجرد تلاميذ لي يستجيبون وينصاعون لسلطتي الفكرية عليهم ، بل أريد منهم محاورتي والتحرر من سلطتي وتنمية عقولهم الخاصة ورؤاهم المستقلة والمتأصلة بجهدهم لا بنقلهم وحفظهم . هذا هو الدرس الأمثل والأدوم الذي أعلمه لطلابي وأضعه شعارا على مكتبي كهوية ثقافية وكمنهج علمي . ولا يصح أبدا أن يراني طلابي في قاعة الفصل أخالف من سلفني من النقاد وأفند آراءهم ثم أدعي بعد ذلك أنني الأصح ، هذا عيب أخلاقي وعلمي ، ولذا أقول لطلابي عارضوني مثلما ترونني أعارض الآخرين وقاوموا سلطتي عليكم بمناقشة أفكاري وتفنيدها إن استطعتم وأدفعهم إلى تجريب ذلك في قاعة الدرس ، وأنا أقول لك هذا القول وهناك شهود بأعداد لا تحصى من الطلاب الذين سمعوا ذلك وخبروه وعرفوه عني , وأرجو أنهم سيتمثلون هذه التجربة مع أنفسهم حينما يقتضي أمرهم ذلك .
ربما في فترة كنت أنت الطائر الذي يغرد وحيداً وجميع ( سمهم ما شئت أعداء مخالفين ناقدين ) يمتلكون المنابر الشعبية عبر المحاضرات والندوات و خلافها يفندون ويوجهون اتهاماتهم لك مدركين أن مستميعك هم نخبة ( قليلة ) من الأدباء والناشطين والإعلاميين الذين لا يمتلكون القدرة على مجابهتهم بحجم شراسة نقدهم نظراً لقلة المنابر وتقييدهم أنفسهم بالمحافظة على ( مراكزهم ومكانتهم ) الرسمية وغير الرسمية وتحجيم صوتك من جانب آخر من قبلهم , ولكن اليوم أصبح الحوار بعدما كان من المحرمات مطلبا للجميع , وثورة المعلومات الحديثة تتيح للصوت القوي أن يجد له مكانه المناسب , وبدأ الحراك على أشده ( مناظرات , تفنيد ونقد , دفاع ورؤية , قراءات متأنية , حوار ذو زخم قوي وواسع )
هل تعتقد أن مخرجات هذا الحراك ستؤدي إلى تغيير في القناعات أم زيادة في التعنت لدى جميع الأطراف؟
الحقيقة أننا لا بد أن نكون صادقين مع أنفسنا ومع الناس ونتجنب مخادعة الذات فنتوهم أن ما نسميه بالحوار سوف يحل مشاكل البشرية ، هذا أمر لن يحدث ولم يحدث قط من قبل ، ولنضع أربعة أسس لهذا التصور هي :
أ ـ التعبير عن الرأي حق بشري يجب أن نكافح من أجله لكي نحصل عليه على مستوى شخوصنا ، وفي المقابل يجب أن نسلم به للآخرين فيما لو كنا نحن من يملك حق القرار . هذه حقيقة ثقافية أزلية وستظل كذلك .
ب ـ سنكون رومانسيين بشكل ساذج جدا لو تصورنا أن ممارسة الناس لحقها في التعبير سيكفي لحل مشاكل البشر . وأقول هذا مستندا إلى التاريخ والواقع ، إذ إن البشر يملكون قدرات خارقة على اختراع طرق لا تحصى للتحايل لفرض سلطانهم بالقوة العسكرية حينا وبالقوة الفكرية ( الأيديولوجية ) حينا آخر ، والمسألة هي في تبديل ساحة الصراع من البندقية إلى اللغة ، والغلبة ستكون للأكثر قدرة إما في السلاح أو في المحاجة ، والخطر هنا أن المنطق الفكري إذا انتصر ثقافيا فإنه يجنح بعد ذلك إلى الرغبة الحيوانية الأولى وهي فرض غلبته بالسلاح بعد أن تغريه قدراته الفكرية وتعزز عنده الحس بالتفوق .
ج ـ هذه معركة أزلية أسميها بالنسقية ـ حسب مبادئ النقد الثقافي ـ . وهي ما يمكن توقعه دائما . وعدم الأخذ بهذا سيجرنا إلى التوهم .
د ـ هذا الكلام لا يعني التقنيط ولا يعني أنه لا سبيل إلى حل صراعات العالم ، ولكنه كلام يجب أن نقوله لتحفيز قوى الخير فمن جهة عليها أن تعمل أكثر ومن جهة أخرى عليها أن تتوقع الأسوأ ، وهذا قانون عسكري واستراتيجي معروف ، ومن لا يأخذ به يقع في مآزق غير محسوبة . وسيظل الحوار مطلبا بشريا جوهريا ومن دونه تكون الحضارة ـ أية حضارة ـ ناقصة وعقيمة ، ولكننا يجب أن نفهم بالضبط ما يمكننا توقعه وما هو في حدود الوهم .
هل (الحداثة) مجرّد مذهب أدبي .. أم رؤية ومنهج شامل لكل مناحي الحياة : فكرًا ، ومعتقدًا ، وسلوكاً . ثم على أيّ مرتكزٍ من مرتكزات (الحداثة) اعتمدتَ حين (تهجّمتَ) على المناهج التعليمية في كلمتك أمام الملك عبد الله ، واتهمتها بأنها تخرّج متطرفين ؟ هل هذا هو الجانب (الأيديولوجي) من الحداثة ؟ لأنّك لم تحدّد (بالضبط) مواطن الخلل في تلك المناهج ؟
لعلك تتذكر معي أن كلمتي أمام ولي العهد كانت تركز على نقطة واحدة رئيسة وهي أن مناهجنا المدرسية هي لجميع فئات الشعب ، وهو شعب متنوع كما تعرف ، وكان في تلك المناهج قضايا تمس بعض المكونات الاجتماعية فتصف تصرفات لهم بأنها بدعة وكفر ، وهذا حق ورأي لا مشاحة فيه على مستوى الرأي والفتوى ، والمشكلة عندي ليس في أن يقول أحد عن أحد آخر إنه مبتدع ، ولكن المشكلة حينما تجبر شخصا على أن يقول عن نفسه إنه هو تحديدا وإن أهله وفئته مبتدعون وكفار ، وترغمه على قول ذلك وكتابته في ورقة الامتحان مثلا . هذا هو ما كنت أحذر منه لأنه مصدر فتنة كبرى ومصدر تفرقة بين أبناء الوطن ، ولا يصح أن تصل بنا الحال إلى هذا ، وأظل أقول إنني أعرف أننا لن نمنع أحدا من قول رأيه كيفما يراه ، ولكننا لن نقبل أن يكون الرأي قانونا قسريا يجبر عليه حتى من هم مادة لهذا الرأي بحيث أجبر الطفل في المدرسة على أن يقول إن أهله كفرة ، وتصور لو أن أحد أطفالنا أجبر في مدرسة دانماركية مثلا على أن يذاكر مادة تقول بكفر أهله أو تمس خصوصياته ، فما يكون شعوره وشعور أهله أمام هذا الفرض القسري في تجريم الذات .
كانت تلك نقطتي ، وأظن المسألة الآن قد حسمت وجرى إبعاد تلك النصوص المثيرة للإشكال . ومرة أخرى أقول إنني مع الرأي الاجتهادي مهما كان هذا الرأي وهذا حق لا مراء فيه ، ولكنني أقول فقط إن المناهج الدراسية عامة للجميع وعلى الجميع ، ويجب أن لا تفرد أحدا بحكم يضرب في أعماق وجوده . ونحن في وطن واحد ولا يسعنا إلا أن نأخذ بالمشتركات بيننا حفاظا على الحقوق من جهة وحفاظا على الأمن العام من جهة أخرى ولا يصح أن نتجاهل هذه الحقائق .
الحداثة والمجتمع السعودي كتاب من إصدارات نادي الرياض الأدبي كتبه على الشدوي .. وبمباركة من البازعي ..! هناك من يقول إن المقصود من تأليف هذا الكتاب الغذامي ليس إلا ..؟ إلى أي مدى شعرت بهذا الإحساس وما تقييمك له ولخلفياته ..؟
لا علم لي بأمر كهذا ، ولكنني لا أستغرب من أخينا البازعي أي شيء ، ويكفي أنه وصفني بالخيانة الوطنية ، ويكفي أنه في النادي حارب النساء وتعرضت اللجنة النسائية إلى اضطهاد مبرمج منه ، حتى صار يقدم لهن الطعام البائت بينما يأكل هو وضيوفه طعام خمس نجوم ، ثم يخرج في الصحافة ليسخر منهن ويلاحقهن بغليظ القول . فهل تراني سأستغرب منه شيئا بعد ذلك ...!!!
سعد البازعي .. أصبح في خندق والغذامي في خندق آخر ..! وكل ما يعرفه الناس سبب الخصومة بين المثقفين الاثنين عبارات غامضة لا تقدم ولا تؤخر في تفسير التنافر الثقافي بينمها مع أن القارئ للرجلين يكاد يقول أنهما وجهان لعملة واحدة .. أو يغترفان من ذات المعين ..؟
بكل صراحة ماذا بينك وبين البازعي .. وهل ستمد يدك إليه كما ممدتها إلى الإسلاميين..؟
لقد قلت رأيي بالبازعي في كتابي ( حكاية الحداثة ) تحت عنوان : الخيانة الوطنية ، ص 245 ولم يستجد شيء بعد ذلك .
.. كثير من الأسئلة التي وردت تسأل وبإلحاح عن الفجوة في علاقتك بأدونيس واتهامك له بأنه حداثي رجعي ووصفه لك بأنك إمام مسجد ..! بعيدا عن التهمة والتهمة المضادة .. حدث هذه الجماهير التي تعتبرك مصدر من مصادر الحقيقة عن سبب هذا اللغط بكل حيادية ممكنة ..!
موضوع أدونيس كله يأتي من أنني أخذته هو ونزار قباني ومن قبلهما أبو تمام والمتنبي كنماذج تطبيقية لنظرية النسق المضمر في النقد الثقافي ، وما وصلت إليه هو أنهم نماذج نسقية / رجعية ، ولقد سلمت من ثلاثة منهم ولو كانوا أحياء لسلقوني بألسنة حداد ، ولكنت بدلا عن كافور عند المتنبي ولا أدري ما سيفعل بي أبو تمام ، ولك أن تتصور تصريحات نزار قباني عني لو علم برأيي فيه ، أما أدونيس فقد أخذ حقه بيده وصار يسدد لكماته نحوي مرة تلو أخرى ، وهنا سأسأل : ماذا لو أنني قلت إن أدونيس هو المثل الأعلى للنقد الثقافي ...!!!؟؟
كلنا طبعا نعرف الجواب ، وهو أن أدونيس سيخرج على الملأ ليقول إن الغذامي أعظم ناقد عربي وأنه هو رائد النقد الثقافي وما بعد الحداثة ، ووووو .
لم يحصل لي شرف المديح الأدونيسي ولم يحصل لي شرف الهجاء من أبي تمام والمتنبي ولم أحصل على لكمة نزارية ولكنني حصلت على نصيبي من الهجائيات الأدونيسية , على أن رأيي مفصل في كتاب النقد الثقافي وفي كتاب الثقافة التفزيونية وفي كتاب تأنيث القصيدة ، وفي كل منها فصل كامل عن أدونيس ،وهي كلها موجودة في موقعي على النت : www.alghathami.com
الرجعية .. أصبحت تهمة غريبة تصف بها خصومك فأدونيس والبازعي رجعيان .. وهي ذات التهمة التي يصفك بها خصومك من غلاة الحداثيين فأنت عندهم رجعي وتقليدي وإمام مسجد ..! هل يعقل أن يتحول رجوع الإنسان إلى ثقافته الأصليه وتراثية مسبة ينتقص بها ..؟أليس هذا نوع من تدليس المصطلح والتلبيس على الناس..؟
في وصفي لأدونيس بالرجعية هناك معنى بحثي وعلمي مفصل له أسبابه المنهجية ولعلك تجود علي بالنظر في الفصل السابع من كتابي النقد الثقافي وهو على موقعي على النت ـ كما هو موضح في الجواب السابق ـ أما البازعي فالمسألة أبسط من هذا بكثير وأطلب منك فقط أن تقول لي رأيك برجل يقدم الطعام البائت للنساء ويأكل هو فاخر الطعام ويصر على تصوير ذلك عبر التلفزيون لإغاظة السيدات في اللجنة النسائية ، ماذا تقول عن رجل كهذا ، ويكفيك أنه وصفني بالخيانة الوطنية ، أما أدونيس كما قلت لك فالمسألة معرفية ومنهجية وذات مستوى علمي من النوع القوي والحساس جدا في كشف الأنساق الثقافية .
س : من أقوالك المأثورة : (إن خير من يدافع عن المرأة هي المرأة نفسها) .. لكن ألا ترى أن كتابك المرأة واللغة كان دفاعا مستميتا عن المرأة في ضوء الفكر النسوي الذي يدعو إلى أن تعيد المرأة كتابة اللغة والتاريخ باعتبارها متحيزة ضدها ولا بد من ثورة عليها ..!
فلماذا لم تترك المرأة تكتب عن نفسها .. بعيدا عن التحريض والتهييج والضرب على المشاعر الذي تنتقده أنت كثيرا ..؟!
ما فعلته في كتاب المرأة واللغة هو أنني قرأت لغة النساء وحللت الخطاب المؤنث في كتابات المرأة ، واعتمدت في مستخلصاتي على نصوص نسائية وهي قراءة نقدية وثقافية للغة كما استخدمتها المرأة وكما عبرت بها ، وأنا هنا عين نقدية تسجل ما تراه وتحلل دلالاته . ولذا فإن المتحدث الحقيقي في الكتاب هو الصوت النسوي وأنا فتحت لها مجال البوح وتركتها تقول وأنا أحلل الظاهرة اللغوية واستخلص منها الدلالات . هذه هي دعواي ، ولعلي قد بلغت منها أقصى ما هو ممكن بحثيا ومنهجيا .
في لقاء ساخن أخير معك قلت أنه لا يوجد ليبرالية في السعودية ..؟ هل هو عدم وجود أم هو وجود مشوه ..؟ وكيف تقيم حملتهم الصحفية ضد الشثري مؤخرا والتي نتج عنها إقالة الشيخ من منصبه ..؟ هل هي الليبرالية التي تريدها أم المشوهه التي تنتقدها فعلت ذلك ..؟
إذا تحدثنا عن الليبرالية فيجب أن نعرف أننا نتحدث عن فلسفة تقوم على أصول جوهرية هي الديموقراطية كنهج سياسي والرأسمالية كنهج اقتصادي وتلتزم معهما بحقين ثابتين هما حرية الرأي وحرية التعبير ، هذا هو الأساس ، وهناك في العالم بشر لا تحصى تقول بهذا وتتغنى به ، وهم ما نسميهم بجمهور الليبرالية أو أتباعها ، وعندنا من هؤلاء نفر غير قليل ، ولكن الصفة العلمية تأتي على من هو مفكر وأستاذ في الحقل يكون له منهج ومدرسة فكرية تتأسس على هذه الفلسفة فتجد له كتبا وتجد له فكرا وتجده صاحب رأي معرفي وفلسفي يخصه ويشار إليه فيه ، ويراه أهل المعرفة مرجعا في ذلك ، وهذا النموذج الأخير ليس لدينا فيه اسم يمكن التعويل عليه ، ولو قست ذلك على الحداثة لقلت لك إن عندنا آلافا ممن أسميهم بجمهور الحداثة وعامتها ، يملؤون الصحف ويكتبون المقالات ويناطحون الخصوم ، ولو اكتفينا بهم لقلت لك إنه لا يوجد حداثيون عندنا ، ولكنني أقول إن عندنا حداثيين من زمن العواد ـ الموجة الأولى ـ إلى زمن الموجة الثانية من المؤسسين للإبداع الشعري إلى زمن الموجة الثالثة ، زمن النظرية النقدية ، وفي ذلك معرفة فلسفية وريادات فكرية وتاريخ في الإنجاز والإنتاج ، له ما له وعليه ما عليه ، ويمكن القياس عليه والجدل حوله ،وهو تراث مشهود ومختصم حوله فكريا واجتماعيا ، ولست أرى ما يقابل ذلك ليبراليا سوى بضعة شخوص يقولون إنهم يكتبون مقالات صحفية مثلها مثل آلاف غيرها في الصحف العربية من المحيط إلى الخليج تقوم على مبدأ التعليق على ما حدث ، وكلهم على مستوى رجل مثل توماس فريدمان ، ومرجعيتهم هي في تصفحهم اليومي للصحف الأمريكية ، وهذه مرجعية صحفية وليست فلسفية ولا فكرية ، وهم عندي صحفيون يأخذون أنفسهم بشرط الكتابة الصحفية والمتابعة اليومية ، مما يعنى أنهم يوميون وليسوا فكريين ، وكم عندنا من العبث بوصف بعضهم بالمفكر وهو رجل غلبان لا يملك من الفكر أكثر من جملة صحفية أو وصفه بالليبرالي ، وكنت رأيت واحدا منهم في الكويت يقدم ورقة بحثية يصف بها الليبرالية بأنها احتساء الخمرة والمضاربة بعد ذلك ، وكان هذا يوما مشهودا في ندوة هناك وكانت فضيحة كبرى لهذا الذي يقولون عنه عندنا بأنه مفكر وليبرالي وروائي ـ كمان ـ
وفيما يتعلق بالشيخ الشثري فالذي أراه أنه قد قال رأيه ، وكنت تمنيت حينها لو جرت مناقشة مفهوم الاختلاط فقهيا وصرحت بذلك لوكالة أنباء الشعر في قطر ، ثم سعدت حينما رأيت الشيخ العيسى يطرح رأيه الفقهي في هذه المسألة ، والأمر عندي هو حوار فقهي يجب فتح مجاله ليرى الناس وجهات النظر المختلفة وليعرفوا أن هذا أمر خلافي وليس جوهرا شرعيا ، وكان يجب أن يمضي الأمر في هذه الحدود ، وكل ما هو خلافي فهو خياري و كل مأجور فيما يرى ومن حق المجتمع والأفراد أن يتنوعوا في تصرفاتهم مثلما يتنوعون في آرائهم ، وخذ مسألة الحجاب مثلا وفيه آراء فقهية عديدة ومتنوعة وكل منها مدعوم بالبراهين ، فلماذا قسر الناس على رأي فقهي واحد مع أن المسألة خلافية أي خيارية ....! ومستندي هنا هو الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ الذي أثبت ذلك ، وبشرح واف وواضح .
ذكرت في لقاء سابق أن منطلقاتك في فهم الحداثة تختلف عن منطلقات النصراني يوسف الخال والعلوي أدونيس ..! وعرفت الحداثة بأنها تجديد واع .. ومازلت مصرا على هذا التعريف ..!!
العجيب في الأمر أن مناورتك هذه زادتك غموضا فلا هي أرضت الإسلاميين ولا أرضت الحداثيين ومازلت متهما عند كلا الطرفين ..!
والسؤال ماهي علاقة رؤيتك الواعية للحداثة بمنطلقاتك الإسلامية ..؟ وعلاقتها من جهة أخرى بالرؤية العلمانية ..؟ وأظن أن الوضوح والصراحة سيريحك ويريح قراءك في مثل هذا الحوار ..؟
أنا متأكد أنك لا تقصد شيئا سلبيا باستخدامك لكلمة ( مناورة ) ولا أظن خلقك ـ إن شاء الله ـ سيسمح لك بأن تسيء لأخيك إلى هذا الحد ، وأنا لا أناور ولا أغمغم ، بل أقول ما عندي في وضح من النهار ومن اللغة ، ثم إن نقلك عني فيما يخص أدونيس والخال ليس صحيحا ، ولديك لبس واضح ، هذا أولا ، أما ثانيا فإنني قد شرحت مرادي في كتاب حكاية الحداثة ، وسأعطيك جوابا مختصرا هنا عن مفهوم التجديد الواعي ، خذ مهاتير محمد في ماليزيا ، هذا الذي نقل بلده من بلد المطاط الخام إلى واحدة من نمور آسيا ، هذا نموذج على التجديد الواعي ، وليس هناك مشكلة في فهم أحد منا معنى التجديد ، أما صيغة الواعي فهي تقوم على التصور الاستراتيجي للواقع مع الإدراك للمتغيرات ، وبين هذا وهذا يتحرك الفكر لصياغة تصور كلي يسير بمنهجية نحو تحقيق الطموحات ، وهذا ما فعله مهاتير محمد حيث نظر في واقع بلده ونظر في المتغيرات الكونية واستقرأ مجالات الفرص فطرق باب التغيير بوعي ومعرفة حتى أدرك مراده .
جرى هذا سياسيا حيث صارت ماليزيا ديموقراطية بأحزاب ونقابات وانتخابات وبرلمان ، وجرى اقتصاديا حيث أخذ بالليبرالية الاقتصادية ، وجرى ذلك علميا حيث تحركت الجامعات باتجاه البحث التكنولوجي ، فصار لهم ما صار .
هذا تجديد واع ، وهذا مثال عليه وهذا هو تعريفي للحداثة ، وإن كنا نحن معشر العرب سنأخذ بالنموذج الحداثي بمعنى التجديد الواعي فإن عندنا نموذجا ماثلا وناجحا ، أما إن تعثرت خطانا نحو هذا فإننا سنظل ندور حول مشكل واحد وهو التخاصم حول تعريف الحداثة .
.. بعد تأليف الحداثة في ميزان الإسلام تلقيت اتصالا من الوزير القصيبي يحذرك من عواقب الكتاب ..!!
- بسبب هذه العبارة وغيرها من وقائع وردت في كتابك حكاية الحداثة يصر بعضهم على أن الحركة الحداثية والعلمانية في السعودية ليست مجرد أفكار بل هي مؤسسة تنظيمية لها رموزها وأهدافها وخططها ولقاءات مستمرة بين هذه الرموز للمتابعة والاستمرار ..!!
بشفافية الغذامي إلى أي مدى يصدق هذا الزعم وماهي أدلة تصديقه أو أدلة سقوطه في نظرك ومن واقع تجربتك ؟
لعلك قد رأيت مقالتي في جريدة الرياض ( خبايا الحداثة ) وهي مبنية على أربع مقولات هي :
أ ـ الحداثة حداثات لا حداثة واحدة .
ب ـ الحداثة ليست تنظيما
ج ـ الحداثة ليست خطرا
د ـ لقد جرى تجاوز الحداثة ثقافيا وتكنولوجيا ، والعالم ـ كل العالم ـ يمر الآن بمرحلة ما بعد الحداثة .
ولقد فصلت القول في مقالتي تلك ـ الرياض 17 / 11 / 1430 الموافق 5 / 11 / 2009 ـ الخميس .
قلت في حوار سابق أنك أخذت عن ابن عثيمين رحمه الله الفقه وأصول الدين ..إلخ
فلماذا لم يكن تأثير ابن عثيمين عليك أكثر من المعارف النظرية ليمتد إلى إسلامية المنهج والطرح وإيجاد الحلول من منظور إسلامي لا منظور غربي أو توفيقي بين النموذجين ..؟
أنا إنسان مجتهد بناء على مفهوم المفكر الحر المستقل ، وأقدم أفكاري بناء على أساس جوهري وهو أنني : أعرضها ولا أفرضها ، والخيار المطلق هو لجمهرة المستقبلين ، ولا أسمح لنفسي أبدا أن أجنح إلى تصنيف كلامي بدعوى أنه هو رأي الإسلام ، كما لا أفهم دعوى أي أحد بأن كلامي مخالف للإسلام ، ولو مضينا في هذه الحلقة لانتهينا إلى سوء فهم مشترك ، ولذا فإن ما أستطيع الأخذ والقول فيه هو أن يأتيني أحد باقتباس موثق من كتبي ويحاورني في أمر وجاهته أو يكشف لي خطأه وهذا هو الباب الوحيد الذي يجعل المحاورة ممكنة .
صراع الأجنحة في نسيج الثقافة السعودية إن صحت التسمية يتزايد منذ فترة خاصة بعد أحداث 11 سمبتمبر ...
بصفتك من أفضل من يقرأ الأنساق الثقافية جيدا إلى أي مدى تلعب السياسة دورها في تأجيج هذه الصراعات وإخمادها ..؟
ومن المستفيد الأول والأخير منها ..؟ هل أصبح المثقفون أبواقا في يد الساسة ودمى تتحرك وفق المعايير المطلوبة ..!؟
من المهم عندنا أن تظهر الأجنحة ـ كما سميتها ـ بأبرز وجوهها ، والخطر دائما في الكمون ، إما الكمون القسري نتيجة قمع وإسكات ، أو الكمون الاختياري نتيجة تستر ورغبة في السرية ، وكلاهما خطر جسيم ، أما إن تكشفت الأوراق ودارت دوائر الكلام والنقاش والقول المضاد والمعارض وبدا ذلك قويا وواضحا فإننا حينها سنكون أقرب إلى ما هو طبيعي ثقافيا وحضاريا ، وفي الغرب صراعات شديدة جدا ، حتى ليكاد يكون كتابا مكشوفا ومعلوما ، وليس أظهر ولا أوضح من أمريكا كخطاب وكسياسة وكبيئة اجتماعية ، وهذا واحد من أسباب أو مظاهر قوتها ، وفي المقابل لم يكن هناك أشد غموضا وتكتما من الاتحاد السوفياتي ، وكان يبدو كتلة واحدة تحت متصور واحد شامل وكلمة واحدة جامعة ، وكانت النار من تحت الرماد حتى طاح في سقطة واحدة مدوية . أما نحن فيبدو أننا نتجه نحو مزيد من الإفصاح والتكشف ، ومثال على ذلك الروايات الجديدة التي لم يكن أحد يجرؤ أن يقول حتى صفحة واحدة من الكشف فيها ، وخذ الإنترنت وحرية الكشف والتعبير فيها وخذ الفضائيات ، وهذا دفع بالصحافة إلى أن تخفف من رقابيتها على ذاتها قليلا وانفتح معرض الكتاب قليلا في معروضاته ، وكل هذا الانفتاح له ثمنه طبعا وليس سهلا ولا هينا ويحمل بالضرورة سلبيات أكيدة ولكنه شأن ينتمي للشرط الإنساني وطبع الناس وثقافة البشر ، ولا بد له أن يحدث فإن لم يحدث تلقائيا وبسلام فإنه سيقع بانفجار كما انفجرت روسيا الشيوعية ، ونحن لا نريد لمجتمعنا أن يمر بحالة من القمع والتسلط تؤدي به إلى ما لا تحمد عقباه ، ولذا فليكن الصراع والتصارع وبعضنا يسميها الحوار والتحاور ، ليس لأن هذا خيار نختاره ولكن لأنه طبع بشري غريزي ليس له إلا أن يحدث ، فإن لم نتركه يحدث فإنه سيفجر الأرض من تحتنا ، وهذا ما لا نريده . وبالتأكيد فإن الظن بأننا صيغة واحدة وأننا على قلب واحد ليس صحيحا فنحن متنوعون ومتعددون بل ومختلفون ( متخالفون ) ، ومن المهم أن نعرف واقعتنا الاجتماعية كما هي حقيقة لا توهما .
سلمان العودة .. ورد على لسانك في مواقف كثيرة باعتباره نموذجا محبوبا لديك ولدى غيرك من مثقفي الحداثة ..! ترى ما هي علاقتك بالعودة من جهة شخصية .. ومن جهة مشروعه الثقافي .. ثم لماذا هذا السعي في خطبة ود الشيخ سلمان من بعض مثقفي عصر الحداثة ..!..؟
إن سعى أحد لمحبة الشيخ سلمان العودة فإن الشيخ يستحقها ، وأنا واحد ممن يحبون هذا الشيخ ويقدرونه حق التقدير وأراه نموذجا ثقافيا رائعا لنا وأحمد الله لثقافتنا أن يخرج منها رجل مثل سلمان العودة ، واعذرني فلن أبرر لك محبتي للشيخ والحب لا يبرر ، إن الحب لا يأتي من المحب ولكنه يأتي من الحبيب الذي يغشاك بروحه حتى ليكون في قلبك ـ ولعلي هنا قد أخذت عن شيخنا ابن القيم ـ رحمه الله ـ .
هل سينحسر المد الإسلامي المتطرف بالطرح الليبرالي المتطرف ؟ وما صحة ما ذهب إليه أحد المتابعين للساحة الاجتماعية السعودية من الخارج حيث يقول إن التيارات الإسلامية بدأت تميل للاعتدال بينما التيار العلماني والليبرالي يتجه نحو التطرف ..!..؟
لا أرى للعلمانية عندنا قوة تمكنها من أن تتطرف أو تتشدد ، ومفاهيم الاعتدال أو نقيضها لا يكمن أن نبحث عنها في مجتمعنا خاصة إلا تحت مظلة الدين ، وذلك لأن الدين هو العامل الأشد والأوثق في ثقافتنا في هذا البلد ، ولذا كانت معارضة الحداثة معارضة دينية ، ولقد سبق للمليباري والشيباني أن تصديا للحداثة ولي شخصيا وبشكل مباشر ومديد ولم يحدث هجومهما أثرا يذكر ، ولما جاء شريط بسيط فكريا وساذج معرفيا ولكنه تكلم تحت مظلة المصطلح الديني أوقد نارا لم تهدأ ، ودفع بالمجتمع كله إلى أتون الخوف والظنون ، ثم أعقبها كتاب هو نسخة للشريط ، وبهما وقعت الواقعة ليس لإتقان فيهما ولكن لأن العنصر الديني هو العنصر الأهم لتحريك المجتمع عندنا ، وأي حوار من خارجه يظل حوارا أكاديميا أو نخبويا لا يلامس السطح العريض للمجتمع . وهنا أقول جوابا على سؤالك : إن أردت البحث في مصطلحات الاعتدال والتطرف فابحث عنها في طوايا الخطاب الديني إما في داخله أو في موقفه مع الآخر ، وكلما توازن الخطاب الديني توازنت معه كل النفوس ، والعكس صحيح . هذه هي لغة المرحلة الحالية ، وهي مختلفة طبعا عن لغة الستينات . ولهذا شأن آخر .
ماذا تقول عن توجُّه الشباب اليوم إلى الفكر والفلسفة , بعد أن شعروا بقلة جدوى الأدب كالشعر والقصة في إحداث تغيير فكري عام . وما موقفك من حلقة الرياض الفلسفية ؟!
أولا أقدم عبر سؤالك تحية خاصة إلى حلقة الرياض الفلسفية ولقد تابعت أخبارهم وأنا سعيد بهم وأرجو أن يستمروا ويكثفوا من جهدهم ، فهو جهد صحيح وإن استمر فسيكون له شأن ملموس ، أما قولك إن الشباب قنطوا من الأدب وصاروا يتجهون إلى الفكر فأسأل الله أن يصح ما تقول ، وبشرك الله بالخير على هذه البشرى الطيبة ، وعصرنا هذا هو عصر التحول باتجاه المعرفة بكل صورها وتنوعها من ثقافة الصورة والثقافة الرقمية والنقد الثقافي ، وصار كثير من ثقافة الكلمة على حال من التغير الجذري ولا بد أن نعي بهذا ونتحرك معه .
كنت عضوا في جائزة الشيخ زايد العام الماضي ...اشتهر في المنتديات أنه شارك في المسابقة عدة روايات سعودية لشباب ولفتيات كيف وجدتم تلك الروايات ؟ هل تتذكرون أبرزها وأميزها وأغربها ؟ لماذا لم يفز منها أحد ؟ هل لنا بفكرة مختصرة عنها ؟
أنا في الهيئة الاستشارية ومهمة الهيئة هي النظر في الأعمال التي تصل إلى القائمة القصيرة بعد مرور الأعمال بلجنة فرز أولي ثم لجنة تحكيم علمي ، والأخيرة يجري اختيارها من الهيئة الاستشارية والمحكمون يجري انتقاؤهم من أهل الخبرة والمعرفة ممن ترى فيهم الهيئة الكفاءة العلمية والأمانة الأخلاقية في الحكم والنظر ، وبعد ذلك تتكشف القوائم القصيرة ، وأعطيك اسمين وصلا في الجائزة إلى مركز متقدم بلغ حدود إمكانية الفوز وهما رجاء الصانع في جائزة المؤلف الشاب لعام 2006 ، وفاطمة الوهيبي في جائزة الأدب ( النقد ) لعام 2008 ولم يكن بين كل واحدة منهما وبين الفوز شيء ولو كانت الجائزة تعلن عن قوائمها القصيرة لرأيت هذين الاسمين ، ولعلي أضيف هنا أن رجاء عالم بلغت أيضا مرحلة متقدمة في جائزة الرواية العربية في القاهرة عام 2003 ، وليس لدي غير هذه الأسماء وهي التي رأيتها تصل إلى المراحل النهائية .
أخيرا ننقل إليك تحيات وحب كثير ممن بعثوا بإسئلتهم من أعضاء وزوار الساخر ، والموسوعة العالمية للشعر العربي (أدب) .. ولك الكلمة إليهم ..!
لهم مني كل التحية ولهم التقدير كله ، وأنا أشعر معهم بحسن الضيافة وهو لقاء جميل سعدت به فعلا .
........................
منقول للفائدة