كتب لي شخص غير مسلم سؤال . بأن الله يلهم الفجور للأنسان كما نص على ذلك القران الكريم .(((وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)) في سورة الشمس فهل من العدل ان يلهم الله الفجور ثم يحاسبنا عليه يوم القيامة وقرأت بعض التفاسير الاسلامية حيث توضح ان المعنى ان الله بيّن الطريقين (الفجور والتقوى ) للأنسان ويترك حرية الاختيار للانسان . ولكن هذا التفسير لا يستقيم مع سياق الاية و هنا الكلمة الهمها يعني القى في روعها وفي اللغة التلقين : تقول ألهمه الله الخير أي لقنه إياه.( القاموس المحيط 4/80)

.و معنى ألألهام في اللغة الإِلْهَامُ - إِلْهَامُ : الإِلْهَامُ : إِيقاع شيءٍ في القلب يطمئنُّ له الصدر ، يَخُصّ اللهُ به بعضَ أصفيائه .
و الإِلْهَامُ ما يُلْقَي في القلب من معانٍ وأَفكار . فيكون التفسير بالتوضيح وحرية الاختيار غير دقيق بل بالضرورة معنى الكلمة هو التلقين وايقاع الشيء في القلب من الله الى العبد

فأعود واسأل هل الله يلقي الفجور في قلب الانسان ثم يحاسبه عليه
؟

الرد :
إن من يلهم الفجور للنفس ليس الله سبحانه وتعالى .بل الجسد كما بين ووضح المفسر محمد علي حسن الحلي في كتابه الانسان بعد الموت وكتاب ساعة قضيتها مع الارواح

التفسير :-
(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا*فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا*قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا*وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)

إنّ كلمة (روح) المتداولة بين الناس تسمّى في القرآن (نفس) ، وذلك من قول الله تعالى في سورة الشمس {وَنَفْسِ وَ ما سَوّاها . فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها} الواو للقسم ، وقوله {وَنَفْسِ وَ ما سَوّاها} يعني والجسم الذي كوّن النفس وأنشأها [فكلمة (ما) تستعمل عند ذكر المادّيات والجمادات والحيوانات ، أمّا كلمة (من) فتستعمل عند ذكر من يعقل كالإنسان والملائكة والجنّ وغير ذلك ، فمثلاً تقول العرب لمن يطلب منهم حاجة (خذ ما تريد) وتقول لمن يطلب رجالاً للمساعدة في حصاد أو إطفاء حريق أو غير ذلك (خذ من تريد) .]وذلك لأنّ النفس تتكوّن من ذرّات أثيرية تدخل مسامات الجسم فتبني فيه هيكلاً جديداً أثيرياً يشبه الجسم تمام الشبه ، فهذا الهيكل الأثيري هو النفس المعروفة بالروح عند الناس ، فالجسم ما هو إلاّ قالب لتكوين النفس ، والإنسان الحقيقي هو النفس الأثيرية . وهذا قسم تهديد ووعيد ، ومعناه : ستخرج النفوس من الأجسام وقت الموت وتتمزّق الأجسام بعد الموت وتتلاشى فتكون تراباً ، أمّا النفوس فتكون في قبضتنا لا مفرّ لّها ولا خلاص من عذابنا .وقوله {فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها} الضمير ]المستتر] في قوله تعالى {فَأَلْهَمَها} يعود إلى قوله {وَ ما سَوّاها} يعني الجسم الذي أنشأ النفس هو ألهمها فجورها وتقواها ، وذلك بالمصاحبة والمعاشرة ، فمن عاشر الفجّار صار فاجراً مثلهم ، ومن صاحب الأتقياء صار تقياً مثلهم ، كما قال الشاعر :
صاحِبْ أخا شرفٍ تَحظَى بِصُحبتِهِ ---------- فالطبعُ مكتسبٌ مِنْ كلِّ مصحوبِ
كالريحِ آخذةٌ مِمّا تمرُّ بِــــهِ --------- نتناً مِنَ النتنِ أو طِيباً مِنَ الطِّيبِ