في أحد الأيام كنت أتمشى في حديقة غريبة لقصر كبير بعد إنتهاء فصل الصيف ودخول فصل الخريف تمتعت فيها بمشاهدة الأشجار والأزهار المنوعة وتلك الأوراق الصفراء التي تتساقط من على الشجرة وتهوي على الأرض بكل روية وهدوء معلنة نهايتها الحزينة ..
وبينما كنت أتجول بين أشجار ذلك القصر الغريب لفتت نظري تلك
الشجرة ذات الأوراق الذهبية فأقتربت منها لأكتشف سرها الصغير وعندما هممت بلمس أحد أوراقها سمعت صوتاغريبا يحذرني من لمسها .
عندها سمعت صوتاغريبا : (لا أحد يجرؤ على لمس الشجرة الذهبية العظيمة إلا من كان قلبه صافيا من الطمع وروحه نقية من الشر )
ثم بدأ ذلك الصوت بالإختفاء ودب الرعب والخوف في قلبي فقررت الهرب من ذلك المكان بل من ذلك القصر المليء بالغرابة .
ولكنني تراجعت قبل الخروج من القصر وفكرت بأمي المريضة وأبي الذي يعمل بجد لكي يوفر لنا المال اللازم.
فأنا الأخت الكبرى وأخوتي الأخريات صغار وضعاف ويتضورون جوعا.
فقد وعدتهم بالدخول إلى القصر الأسطوري وأبحث عن الكنز الموجود فيه الذي لم يقربه أحد منذ سنين.
و يكون ذلك الكنزسببا في عيشنا بثراء ونحيا حياة هانئة ونرتاح من الفقر للأبد.
ثم بدأت قدماي تقودني إلى الداخل من دون أن أدري إلى القصرمجددا.
وبحثت عن ذلك الكنز في كل مكان حتى تعبت وجلست بالقرب من إحدى الأشجار ..
وبينما كنت كذلك سقطت ورقة صفراء فأمسكتها بيدي وماهي إلا ثوان قليلة حتى تفتتت وتحولت إلى غبار ذهبي .
لقدكان مشهدا عجيبا لم أرى مثله في حياتي فقد ألتفتت إلى بقية الأشجار فرأيتهاعادية ماعدا هذه الشجرة ..
ثم سمعت صوتاخفيفا يصدر من الشجرة الذهبية ..
روح الشجرة الذهبية: أنا أشعر بإنك مختلفة عن باقي البشر..فقلبك مليء بالصفاء والطيبة ..وأنت أتيت هنا من أجل عائلتك أليس كذلك ؟
فأجبتها بكل صدق :نعم..(وأخبرتها بكامل قصتي ففهمت أمري ووافقت على إعطائي الكنز )
حينها فاجأتني بإنها ذلك الكنز المفقود الذي بحث عنه الكثير من الناس .
وأن الشخص الذي يأخذ كنز هذه الشجرة سيصبح الحاكم للقصر بأكمله ويعيش فيه لللأبد ..
روح الشجرة الذهبية :أنت تصلحين لهذا فأنت فتاة صادقة ولطيفة..
ولكنني فكرت حينها بعائلتي ولن أستطيع البقاء بعيدة عنهم فقد وعدتهم بإن أحضر لهم مايحتاجونه من مال.
أخبرتها بأنني لاأستطيع البقاء إلى هنا لللأبد..لذا تفهمت ماقلته بكل سرور..
وأعطتني هدية غيرمتوقعة فقد أسقطت الشجرة كل أوراقها الذهبية وطلبت مني أخذها كلها .
ولكنها بفعلها هذا قررت نهايتها بعد كل تلك السنين التي بقيت فيه شامخة .
وأخيرا أصبحنا أثرياء وأستخدمنا تلك الأوراق الذهبية كأموال نستفيد منها ونشتري مانريده..وكل من في القرية يستغربون كيف حصلت عليه ولم يقدروا هم على ذلك .
لقد كان الجواب بسيطا ..فقد أعماهم الطمع وحب السيطرة ولهذا لم يستطيعوا الإقتراب من ذلك القصر ..
لقد تحولت حياتنا نحو الأفضل..فلم نبع القصر لأي أحد لإن تلك كانت آخر أمنية للشجرة الذهبية ..
فوالدي لم يرغب بالعيش في ذلك القصر رغم ثرائنا ..لإنه يحب قريته ولايريد ترك المكان الذي ترعرع فيه منذ الصغر..
لذا كنت آتي وحدي إلى ذلك القصر ومازلت أتذكر كلمات جدي عن أسطورة الروح المحبوسة في الشجرة الذهبية ..
فقد كان هناك أمير صغير ذو شعر ذهبي يأتي دائما ليجلس عند تلك الشجرة وهوحزين فقد كان يبحث عن أمه الضائعة ..
ولم يكن يعلم بإن أمه الملكة قد أسرت فيها بواسطة لعنة الساحرة الشريرة..
فكان يبكي دموعا ذهبية لفقدانها حتى تحولت الشجرة إلى لونها الذهبي ..ومن شدة المرض والحزن مات الأمير الصغير وأوراق تلك الشجرة الذهبية تتساقط على خديه المتوردتين .
كأنها دموع من والدته التي حزنت لموته كثيرا ..
وقفت وأنا متأثرة بماسمعته من جدي ..وأناأحمل بين يدي مجموعة من الأزهار ووضعتها أمام الشجرة..أوما تبقى منها..
في مكانها التي كانت تقف فيه شامخة يوما من الأيام ومتألقة تحت أشعة الشمس الذهبية.