روى الشيخ الطوسي عليه الرحمة في اماليه باسناده الى الاصبغ بن نباتة قال لما ضرب ابن ملجم لعنة الله امير المؤمنين علي بن ابي طالب «ع» غدونا عليه نفر من اصحابنا انا والحارث وسويد به غفلة وجماعة معنا فقعدنا على الباب فسمعنا البكاء من الدار فبكينا فخرج الينا الحسن بن علي عليهما السلام فقال يقول لكم امير المؤمنين انصرفوا الى منازلكم فانصرف القوم غيري واشتد البكاء في منزله فبكيت وخرج الحسن فقال الم اقل لكم انصرفوا فقلت لا والله يا ابن رسول الله ما تتابعني نفسي ولا تحملني رجلاي ان انصرف حتى أرى امير المؤمنين قال وبكيت
فدخل الدار ولم يلبث ان خرج فقال لي ادخل فدخلت على امير المؤمنين «ع» فاذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء قد نزف دمه واصفر وجهه فما ادري وجهه اشد صفرة ام العمامة فأكببت عليه فقبلته وبكيت فقال لي لا تبك يا اصبغ فانها والله الجنة فقلت له جعلت فداك اني اعلم والله انك تصير الى الجنة وانما ابكي لفقداني اياك يا امير المؤمنين (وروى) الراوندي في الخرائج عن عمرو بن الحمق قال دخلت على علي «ع» حين ضرب الضربة بالكوفة فقلت ليس عليك بأس انما هو خدش قال لعمري اني لمفارقكم ثم اغمي عليه فبكت ام كلثوم فلما افاق قال لا تؤذيني يا ام كلثوم فانك لو ترين ما ارى ان الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض والنبيين يقولون انطلق يا علي فما امامك خير لك مما انت فيه (وروى) ابو الفرج الاصبهاني في المقاتل باسناده ان صعصعة بن صوحان استأذن على علي «ع» وقد اتاه عائدا لا ضربه ابن ملجم فلم يكن عليه اذن فقال صعصة للاذن قل له يرحمك الله يا امير المؤمنين حيا وميتا فلقد كان الله في صدرك عظيما ولقد كنت بذات الله عليما فابلغه الاذن اليه فقال قل له وانت يرحمك الله فلقد كنت خفيف المؤونة كثير المعونة (ولما) ادخل ابن ملجم على امير المؤمنين صلوات اله عليه نظر اليه ثم قال اي عدو الله الم احسن اليك قال بلى قال فما حملك على هذا (وفي رواية)انه قال لقد كنت اعلم انك قاتلي وانما احسنت اليك لاستظهر بالله عليك (ثم قال) النفس بالنفس فان انا مت
فاقتلوه كما قتلني وان سلمت رايت فيه رأيي فقالابن ملجم والله لقد ابتعته بالف وسمعته بالف فان خانني فابعده الله (ونادته) ام كلثوم يا عدو الله قتلت امير المؤمنين قال انما قتلت اباك قالت يا عدو الله اني لارجو ان لا يكون عليه بأس قال لها فاراكي انما تبكين علي اذا والله لقد ضربته ضربة لو قسمت بين اهل الارض لا هلكتهم (ثم) اخرج من بين يديه وان الناس لينهشون لحمه بأسنانهم كأنهم سباع وهم يقولون يا عدو الله ماذ فعلت اهلكت امة محمد صلى الله عليه واله وسلم وقتلت خير الناس وانه لصامت لم ينطق فذهب به الى الحبس وجاء الناس الى امير المؤمنين «ع» فقالوا مرنا بامرك في عدو الله لقد اهلك الامة وافسد الملة فقال لهم ان انا عشت رايت فيه رأيي وان هلكت فاصنعوا به كما يصنع بقاتل النبي اقتلوه ثم حرقوه بعد ذلك بالنار (1) (وفي رواية) انه قال احبسوا
هذا الاسير واطعموه واسقوه واحسنوا اساره (ثم) جمع له اطباء الكوفة فلم يكن اعلم بجرحه من أثير بن عمرو بن هاني السكوني وكان ابصرهم بالطب وكان متطببا صاحب كرسي يعالج الجراحات (قال) ابو الفرج وكان من الاربعين غلاما الذين سباهم خالد بن الوليد في عين التمر (وفي الاستيعاب) وهو الذي تنسب اليه صحراء اثير فلما نظر الى جرح امير المؤمنين «ع» دعا برئة شاة حارة وتتبع عرقا منها فاستخرجه فادخله في الجرح ثم نفخه ثم استخرجه فاذا عليه بياض الدماغ واذا الضربة قد وصلت الى ام رأسه فقال يا امير المؤمنين اعهد عهدك فان عدو الله قد وصلت ضربته الى ام رأسك فيئس الناس عند ذلك من امير المؤمنين «ع» . وماذا كانت حالة اهل البيت عليهم السلام حين سمعوا هذا الكلام من أثير وما جرى على الحسن والحسين وزينب وام كلثوم ولبابة وسائر اولاد امير المؤمنين «ع» حين تيقنوا ان امير المؤمنين مفارقهم عاجلا وميت من ضربته تلك . لا شك انهم اجروا العيون بالدموع والتهبت نار الوجد والحزن
منهم بين الضلوع فمن قائل وا أباه وا علياه وا امير المؤمنينا ه وا شهيداه وا مقتولاه ومن قائلة وا ابتاه وا سيداه وا جداه وا محمداه وا فاطمتاه وا حمزتاه وا جعفراه . ولا بأس على المؤمن اذا واسى ساداته واهل بيت نبيه في مصابهم فبكى طويلا ونادى وا سيداه واماماه وا علياه وا شهيداه وا مظلوماه .
قل لابـن ملجم والاقدار غالـبة
هدمت ويلك للاسـلام اركانـا قتلت افضل من يمشي على قدم
واول الناس اسلامـا و ايمانـا