عباس العزاوي
لو صحت الروايات عن حادثة الهروب الكبير من السجن المركزي ( ابو غريب ) قبل ايام والتي تناقلتها وسائل الاعلام باسهاب وقنوات التواصل الاجتماعي , والطريقة المحكمة التي نفذت بها , رغم الكمية الهائلة من الكذب التي رافقتها من بعض الاطراف السعيدة دائما بخراب العراق ,ستكون حتما كارثة بكل المقاييس , وضربة موجعة لكل طموحاتنا و آمالنا بالخلاص من الارهاب والموت والمؤامرات الاقليمية والمحلية , فليست مصادفة ان يتغير طاقم ادارة السجن والحرس قبل فترة قليلة ويكون المدير الجديد بالتحديد من اهالي منطقة ابو غريب, ويُنقل مجموعة خطيرة محكومة بالاعدام من سجن الناصرية الى سجن ابو غريب وبالصدفة وحدها ينظمون للارهابيين "الافاضل" وجبة افطار شهية في ليلة الهجوم المنظم والمخطط له باسلوب مخابراتي كبير, فضلا عن وضع اغلب العناصر الخطيرة من قادة القاعدة في قاعات متقاربة ( 1 ـ 3) ويتركز القصف الصاروخي على القاعات الاخرى , ناهيك عن قطع الطرق الخارجية المؤدية الى السجن من الشمال والجنوب لمنع وصول اي قوات عسكرية ممكن ان تفشل العملية او تتصدى للمهاجمين.

اذن نحن امام دولة اخرى بل دول وبامكانيات هائلة تعشعش داخل دولتنا الفتية ومرتبطة بقيادات سياسية متنفذة تساهم بشكل وبآخر باسنادها, ولديها القدرة على خرق اي جدار امني بل وتشله بالكامل متى ارادت ذلك استنادا لجهد استخباراتي عالي الكلفة, يحدد مناطق الضعف والقوة في توزيع القطعات العراقية وامكاناتها, ولكن ليس لضعف قواتنا او وهن قدراتهم القتالية بل للخرق الواضح والكبير لصفوفها من قبل العناصر العراقية المرتبطة عضوياً وعقائدياً بالقاعدة والعملية الانتحارية التي قام بها شرطي قبل فترة دليل صارخ على هذا الوشائك, فالعملية لايمكن لنا ان نقيّمها بعقل فنطازي ونعزوا اسبابها لاهمال او قلة الخبرة لدى قطعات الجيش والشرطة العراقية التي تقاتل الارهاب منذ سنين وحققت انجازات لايمكن التغاضي عنها او نكراها ,او الذهاب لفرضية ان الجهة المنفذة افراد او عصابات متفرقة من بقايا القاعدة قررت في ليلة وضحاها تهريب اعتى عتاة القاعدة وبهذه الطريقة المتميزة.

والانكى من ذلك بان البرلمان الموقر في واد آخر من الاحداث ومنشغل بالتصويت على ميزانيته الخاصة , من دراجات هوائية لاجل الرشاقة , وملابس سباحة للسيد النجيفي ورهطه فهم بصدد اخذ اجازة صيفية على سواحل فرنسا , غير عابئين بالنتائج الكارثية لهروب هذه الكائنات المتوحشة والنادرة من الجيل الاول والثاني من القاعدة , وباقي السادة المسؤولون في الدولة اتحفونا بالتهم المتبادلة والقاء اللوم على الاخر وكأنّ القضية من هو المسؤول الان بعد وقوع الكارثة وليس التصدي لها والعمل على تكثيف الجهود لالقاء القبض على الهاربين قبل ان يباشروا مهامهم الانتقامية بقتل المواطنين الابرياء وخلق اقتتال طائفي يبدو انه في مرحلة نزوح عارم من سوريا الى الاراضي العراقية بعد الهزائم التي لحقت بالقاعدة في منطقة القصير وريف دمشق وغيرها من مناطق الصراع.

اذن الوهم الباطل الذي كنا نعيشه بالانتقال الى مرحلة جديدة خالية من الدماء والطائفية ذهب ادراج رياح الارهاب والاطماع ,فقد عادت الطائفية تطل برأسها بقوة من جديد وشاهدنا قتل مجموعة من سواق الشاحنات المنتمين للمذهب الشيعي قرب منطقة سلمان باك ,واستهداف مناطق شيعية بالمفخخات بكثرة ملفتة للنظر, مع تناغم غريب والتصريحات الانقلابية لقادة السنة السياسيين , بضرورة استقالة المالكي , وكأنها مصباح علاء الدين في حل كل مشاكل البلد , من ارهاب وتخريب ولصوصية وتآمر!!.

كل هذا يؤكد امكانية حدوث انقلاب عسكري بيسر يقوده " سيسي" عراقي من جنرالات المنطقة الغربية طبعاً , كما تمنى الليبراليون واليسارييون ذوي الاذهان الموجوعة مع دعم لوجستي واستخباراتي كالذي حدث في سجن ابو غريب والاسباب الموضوعية متوفرة بسبب الانفلات الامني والخروقات المستمرة اضافة لنقص الخدمات البارز منذ سنين , وانغماس قادة الشيعة بخلافات جانبية فيما بينهم جعلتهم عرضة للابتزاز والاستغلال وتشتيت الخطاب الشيعي السياسي الموحد.

على الاخوة في الائتلاف الوطني الالتفات الى ان المشكلة ليست بشخص المالكي بل بالمشروع السياسي عموماً وستثبت لكم الايام بان رفضهم للجعفري من قبل والمالكي اليوم سينتقل بقدرة ازلام البعث الجدد الى اي رئيس وزراء جديد لايلبي طموحاتهم واطماعهم ,هذا اذا استمر الحال كما هو عليه ولم يتفجر الوضع بشكل عام وتنزلق البلاد من جديد الى حرب مفخخات ومواجهات دامية كالتي تحصل الان في مناطق معينة من البلاد.