جميعنا شاهدنا القمر الذي يدور في فلك الأرض بأحجام مختلفة في أوقات مختلفة, وقد يبدو للناظر من أول وهله أن القمر أقرب أو أبعد للأرض من ماكان عليه في أيام مضت.. هذه الأحجام المختلفة لقمرنا كما نشاهدها بالعين المجردة كانت محل جدل وخلاف بين العلماء والدارسين منذ الأزل والمثير أنها ما زالت كذلك حتى اليوم.. ومحور الخلاف القائم هو لماذا يختلف حجم القمر عندما يتمركز في كبد السماء عن حجمه عندما يزين الأفق؟.
أطلق على هذه الظاهرة إسم “وهم القمر \ Moon illusion”, وهي خداع بصري حيث يبدو القمر أكبر بإتجاه خط الأفق من ما هو عليه عندما يكون في الأعلى في وسط السماء وهذه الظاهرة ليست محصورة فقط بالقمر بل تحدث أيضا للشمس والأجرام السماوية الأخرى. في الواقع وبعد التجارب إتضح أن حجم القمر هو حجم واحد في جميع منازله في السماء ولا يتغير على الإطلاق كما توضح الصورة التالية.
أن أفضل التفسيرات الحالية لهذا الوهم هو أنه خداع بصري وأشهر الخدع البصرية التي تفسر وهم القمر هي ما تعرف بإسم “وهم إبينجهوس \ Ebbinghaus illusion” وهي خدعة بصرية توضح أن عقولنا ترى الأشياء أكبر من حجمها الحقيقي إذا ما أحيطت بعناصر صغيرة والعكس صحيح وهو أن عقولنا ترى الأشياء أصغر من حجمها الحقيقي أذا ما أحيطت بأشياء أكبر كما توضح الصورة التالية (لاحظ أن الدائرتين البرتقاليتين هما نفس الحجم لكنك ستراهما بأحجام مختلفة بناءا على ما يحيط بهما).
في الختام, أحب أن أنوه أن العقل البشري معجزه بحد ذاته ولديه الكثير والكثير من الأمور التي تحتاج إلى تحليل ودراسة, فما تراه وما تتعامل معه هو ما يدركه العقل وليس بالضرورة هو ما يمثل الواقع, وأختم بهذا الوهم “الخدعة البصرية”
لذا طالما كان التفكير خارج صندوق النمطيات والإدراك أحد أهم سمات أعظم علماء البشرية.