ولد ارشيبالد ماكندو فى ديوندين بنيوزلاندا عام 1900. وبعدما أنجز دراسة الطب فى " أوتاغو " منح ميدالية لتفوقه فى الجراحة. ثم ألتحق بمستشفى " مايو كلينك "، وهو المستشفى المشهور فى الولايات المتحدة الأمريكية. وبعد ثلاث سنوات أمضاها فى القيام بعمليات جراحة البطن، ورقى فى النهاية إلى وظيفة مساعد كبير الجراحين.
وفى عام 1929، وعندما أصبح ماكندو حائراً على درجة أستاذ فى الجراحة، دعاه اللورد موينيهان رئيس كلية الجراحين الملكية لزيارة بريطانيا. وكان ماكندو يأمل فى الحصول على درجة أستاذ مساعد فى بريطانيا، ولكنه وجد عند وصوله أن شيئاً من هذا لم يتم. ومع الشعور بخيبة الأمل، أنتقل ماكندو إلى زيارة ابن عم له لم يكن قد ألتقى به قط، وهو السير هارولد ديلف غيللس. وكان غيللس، وهو من أوائل الجراحين التعويضيين فى بريطانيا و ألمعهم، قد أطلع على ما كتبه الهندوس و الإيطاليون عن الجراحة التعويضية، كما كانت له فى هذا المجال عدة أساليب تقنية ناجحة. وقد بدأ على الفور بتلقين أبن عمه ماكندو كل ما عرفه عن الجراحة التعويضية. و أخذ الأثنان يعملان معاً كشريكين حتى عام 1939، وهو الوقت الذى أصبحت فيه براعة ماكندو محل تقدير بالغ.
وقد حدث عند نشوب الحرب العالمية الثانية فى سنة 1939، أن عين" أرشيبالد ماكندو " مستشاراً فى الجراحة التعويضية لسلاح الجو الملكى، و ألحق بمستشفى كوين فيكتوريا. وكان معظم مرضاه مصابين بما أطلق عليه أسم " حروق رجال الطيران ". وهى حروق أصيبوا بها فى الطائرات التى كانت عادة تهوى محترقة، أو كانت تصاب بنيران مدفعية العدو المضادة. وكان أكثر من ألفين من رجال الطيران الذين تولى ماكندو علاجهم قد أستهدفوا لحروق أتت على البشرة وجوههم. فكان ماكندو يعطيهم وجوهاً جديدة عن طريق إجراء ما بين 15 و 50 عملية جرحية لكل مريض، وكانت فترة الأستشفاء تطول فتصل أحياناً إلى ثلاث سنوات.
وقد أستطاع ماكندو، من خلال عمله القيم خلال الحرب، أن يوطد مكانته كجراح تعويضى بارز فى بريطانيا، ولم يمر هذا دون عرفان رسمى، إذ أنعم عليه عام 1947 بلقب " فارس ". وكان يمتاز بنشاط لا يفتر فيعمل خارج دائرة الجراحة نفس عمله الشاق فى نطاقها. وقد ساعد فى جمع أكتتاب قيمته 36000 جنيه لإقامة عنبر خاص فى مستشفى " أيست غرنستيد "، و أصبح نائباً للرئيس فى جمعية لدراسة التنويم المغنطيسى. وقد حث البرلمان على تغير قانون التشريح لتمكين الأفراد من ترك عيونهم للمكفوفين.
إن نشاط ماكندو المتنوع و المستمر أدى إلى إضعاف صحته، ولكنه بقى يدفع نفسه إلى العمل. وقد أصيب بضعف شديد من دون أن يؤثر ذلك على نشاطه. وعندما أحتبس 320 من عمال المناجم بفرنسا فى منجم كانوا يعملون فيه، خف إلى هناك لتقديم المساعدة. و من أجل خدماته منح وسام جوقة الشرف، إعراباً عن أمتنان الشعب الفرنسى له.
و المرحلة الأخيرة من تاريخ حياة ماكندو تبدأ عام 1957، مع أنتخابه نائبا لرئيس كلية الجراحيين الملكية. وظل ماكندو يعمل إلى أن ساءت صحته، و أنتقل إلى أسبانيا ليجرى عملية جراحية لعينه. وما كاد يعود حتى ألقى بنفسه مرة أخرى، و بأقصى نشاطه، فى العمل الذى كرس له جميع حياته. فأنجز كثيراً من المهام التى يمكن أن تستنفد طاقة أى إنسان. وقد توفى فى الثانى عشر من شهر نيسان
( أبريل ) عام 1960م.