المرأة بين الجمال والشهوة
هنا لا في مكانٍ آخر...هنا بين النخيل على جرف جدولٍ صغير آتٍ من نهر كارون...هنا كنتُ جالساً في حضرة نزار قباني إبن سورية المجيد شاعر العشق...وكانَ يُعطيني دروساً في العشق ِلا أفهم منها كثيراً. فاُحدقُ نظري فيهِ ضائعاً تائهاً غير ماسكٍ بمعاني الكلمات ومفاهيم الحبِ...وجفلتُ من مكاني حيث وجدتُ إمرأة باهرة الجمال واقفة فوق رأسي باسمة بادية شفقتها لما ترى من حيرة وضياع ٍ مخيمٍ على كل وجودي...دَنتْ المرأةُ مني وألقتْ التحية عليَ فأجبتها بشئ من التلكأ والارتباك..عرفتْ موقفي منها فبدأتْ تجلي شيئاً من غرابتهِ بالنسبة لي فنطقت قائلة: أنا إحدى معشوقا نزار قباني شاعر العشق العربي الكبير..بعثني نزار إليك عندما رآك لا تستطيع بلوغ معانيه ومفاهيمه...حركتُ شفتايَ لأقول شيئاً إن إستطعتُ بعد محاولةٍ قلتُ شيئاً مثل: نعم والله لا أفهم مقاصد الشاعر الكبير فليتكِ أفهمتِني شيئاً منها..اذاك إبتسمتْ مجدداً وقالت: يا ولدي أنتم مازلتم لا تعرفون من المرأة شيئاً سوى جسدها وبعض عاطفة ركيكة عابرة بعبور الشهوةِ...اذن المرأة لديكم هي كائنٌ مختصرٌ في الشكل بعيداً عن المضمون..ولمّا تستحضرون الشهوة السطحية للمرأة وحسب لا تكسبُ أيدكم غير مخلفات الشهوةِ مثل الخياناتِ وجرائم غسل العار والآثام والخطايا...فتصبح المرأة نتيجة ذاك شيطانَ مصدر الذنوب والكروبِ...وإستطردتْ قائلة ً: أنتم لا تحبون المرأة إنما تحبون أنفسكم ولا تقدسونها بل تقدسون ذواتكم...ولا تطلبون شيئاً سوى رضى وتأمين شهوات حاساتكم من نظرٍ الى لمسٍ إلى...فلا تدعوا العشق زورا فأنتم بعيدون كل البعد عن الحب...لأن الحب تضحية الذات للغير وليس تضحية الغير للذات...تتكلم معشوقة نزار المبعوثة من لدنهِ وأنا أزداد حيرة وحزناً وكرهاً من نفسي لأنها تقول الحق فنحن الرجال لا نرى المرأة الا مملوكة وخادمة تلبي حاجات المنزل والجسدِ...وهذا الاعتراف الصادق أعطاني جرأة لأتفوه وأقول لها :أنتِ تقولين الحق يا سيدتي ولا توجدُ في كلماتك زلة لكن أما تقولين لنا عن الجانب المطلوب منا قبالة المرأة؟ومرة اُخرة زودتني بإبتسامة جميلة قائلة ً: نعم يا ولدي إن المرأة إنسانٌ مثلكم لا غير. لها نفس المشاعر والحقوق التي تعتقدونها لكم. لكن ما لم تـُـقيدُ وتـُـهذب عندكم شهوة الجنس، فأنتم كل إمرأة شاهدتموها سوف تحسبونها وجبة دسمة مصنوعة من الجنس الشهي. فمهما إستطعتم إبعدوا الغرائز من ارواحكم لتتحضر فتفهموا معاني العشق والجمال النسويين..لأن العشق والجمال في المرأة يتطلبان فلسفة وفكراً لم ولن توجدا عند الشعوب غير المتحضرة...اذاك إقتربتْ مني كثيراً فمسحتْ على رأسي بحنان اُمومي ٍ و ودعتني قائلة ً:بأمل اللقاء ...يومَ تنزل المفاهيم من الاثير لتصير أفعالا ...
للکاتب علی عبدالحسین-الأهواز2013