هو أبو جعفر محمد بن الطوسى، من أبناء اقرن السادس للهجرة، ولد فى طوس سنة 1201 م و توفى فى بغداد سنة 1272 م. وكان أحد حكماء الإسلام و من علماء العرب المشهورين.
كرمه الخلفاء العباسيون و قربوه منهم، فجالس كبار القوم من أمراء و وزراء، مما أثار حسد الناس و غيرتهم، فوشوا به كذباً حتى حكم عليه بالحبس. وقد وضع فى إحدى القلاع حيث أنجز أكثر مؤلفاته التى خلدت أسمه.
و عندما أستولى هولاكو المغولى ملك التتار على بغداد، أطلق سراح الطوسى، و قربه منه ليكون من مستشاريه فى حقل العلوم، ثم صار الأمين على أوقاف المماليك التى أستولى عليها هولاكو بالقوة. و أستغل الطوسى تلك الأموال فى إنشاء مكتبة كبيرة، كما بنى مرصداً فلكياً أشتهر بالاته و إنجازته، و قد زادت مجلدات المكتبة على 400 ألف مجلد.
ترجم الطوسى بعض كتب اليونان و أنتقدها، و فى المرصد الذى شيده ألف الطوسى جداوله الرياضية الفلكية ( الأزياج ) التى أمدت اوروبا بالوفير من ألوان العلم و المعرفة فى عصر النهضة.
و تمكن الطوسى من تعيين ترنح الأعتدالين، كما أستنبط براهين مبتكرة لمسائل فلكية عميقة، و أنتقد كتاب المجسطى، ووضع للكون نظاماً أبسط بكثير من نظام بطليموس. وقد كانت تلك البحوث إحدى الخطوات التى ساعدت " كوبرينيك " على أتخاذ الشمس مركزاً للمجموعة الشمسية بدلاً من أتخاذ الأرض مركزاً للكون كما كان يظن قبل عصر النهضة.
ولابد هنا من الإشارة إلى أن مرصد " المراغة " الذى شيده الطوسى كان أعظم المرصد شأناً نظراً إلى ضخماته و إلى توافر آلات الرصد الدقيقة فيه، و إلى المنجزات التى تحققت بواسطته، و إلى كفاية العلماء الذين كانوا يعملون فيه. ومن رجال ذلك المرصد المؤيد العرضى الذى أقبل من دمشق، و الفخر المراغى الموصلى و محى الدين المغربى الحلبى.
ترك الطوسى بحوثاً فريدة فى القبة السماوية، و نظام الكواكب، و القطاع الكروى، وكلها موضوعات أساسية تدخل فى صميم نطاق دراسات علم الفلك الحديث. والحق أن الطوسى أرتقى بعلم حساب المثلثات إلى درجة مرموقة.