TODAY - March 17, 2011
النظام السوري يرفض الإعتراف بالاحتجاجات
تظاهرة أمام السفارة السورية في القاهرة
ايلاف
بعد ثلاثة أشهر من الإنتفاضات التي اجتاحت المنطقة، لم تشهد سوريا احتجاجات تستحق الذكر.
في دولة بوليسية أصدرت قوانين طوارئ تمنع التجمعات العامة منذ عام 1963 فان قلة يجرؤون على تحدي النظام الذي اثبت استعداده للتنكيل بمواطنيه في اوائل الثمانينات. وألقت معارك تلك الفترة مع مسلحي الاخوان المسلمين ظلالا كثيفة على البلد، كما تقول صحيفة نيويورك تايمز.
ويرفض الحكام السوريون مثلهم مثل حكام العديد من البلدان العربية الأخرى، حتى الاعتراف بوجود احتجاجات أو إسباغ أي شرعية عليها.
وفي وقت نفت فيه وزارة الداخلية السورية اعتقال أي محتجين تظاهروا في سوق الحميدية يوم الثلاثاء وامام مبنى الوزارة يوم الأربعاء، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان اليوم الخميس ان الأجهزة الأمنية السورية أفرجت عن المفكر السوري الطيب تيزيني وعن وعامر داوود زوج المعتقلة رغدة الحسن ونجلها ريكاردو وعن ميمونة معمار زوجة الناشط السوري أسامة نصار.
واشار المرصد إلى أن هذا الاجراء ياتي عقب الافراج في وقت سابق عن الناشط مازن درويش كون (صحافي) وأبقت قيد الاعتقال كل من : سيرين خوري - ناهد بدوية - نارت عبدالكريم - محمود غوراني - هيرفين أوسي - عبد العزيز التمو - كمال شيخو - أسماء نصار- محمد أديب مطر - بشر سعيد - سعد سعيد - غفار محمد- دانة الجوابرة - وفاء اللحام -صبا حسن - بدر الشلاش - سهير الاتاسي و5 من عائلة الدكتور المعتقل كمال اللبواني ( عمر - ياسين - ربا - ليلى - عمار) وآخرين لم يتسنى للمرصد معرفة أسمائهم.
وطالب المرصد السوري لحقوق الإنسان الحكومة السورية بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي في السجون السورية والتوقف عن ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي بحق المعارضين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان.
ودعا إلى إصدار قانون عصري ينظم عمل الأحزاب السياسية والجمعيات المدنية في سورية، والسماح بلا قيد أو شرط بعودة السوريين من أصحاب الرأي خارج البلاد الذين يخشون اعتقالهم في حال عودتهم.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" انه "لدى مراجعة بعض الأهالي أمس لتقديم طلبات خطية بشأن ذويهم الموقوفين بجرائم مختلفة حاول بعض الأشخاص المدسوسين استغلال الموقف والدعوة للتظاهر من خلال إطلاقهم بعض الشعارات التحريضية".
ولكن شهودا عدة قالوا غير ذلك. وأكد مازن درويش مدير المركز السوري للاعلام وحرية التعبير في حديث صحافي انه لم ير إلا سوريين وعائلات تطالب بالافراج عن ذويها الموقوفين.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المعارض السوري والسجين السياسي السابق عبد العزيز الخير ان الأوضاع لا بد ان تتغير إزاء الأجواء السائدة في المنطقة "وإلا فاننا سنرى مزيدا من هذه الاحتجاجات".
ولكن الخير اعترف بأن الوضع في سوريا أصعب منه في البلدان الأخرى وان انحسار زخم الاحتجاجات في هذه البلدان كان له تأثيره. واضاف ان ما يحدث في ليبيا تسبب في "تثبيط المواطنين بعض الشيء" مشيرا الى المصاعب التي تواجه الثوار الليبيين.
فتح المحتجون السوريون صفحة على فايسبوك باسم "الثورة السورية 2011" يدعون فيها الى التظاهر ضد الفساد والقمع. وكسبت الصفحة حتى الآن اكثر من 47 ألف نصير. وكان النظام السوري استخدم القسوة مرارا في اخماد الاحتجاجات. وعندما تجمع شبان في 23 شباط فبراير للتضامن مع الشعب الليبي قامت قوى الأمن بمطاردتهم وضربهم، واعتقال 14 متظاهرا أُفرج عنهم بعد ساعات.
ولاقت التجمعات غير السياسية ردا أخف. ففي 16 شباط فبراير تجمع اكثر من 500 شخص بصورة عفوية في منطقة الحريقة في دمشق بعدما اعتدى شرطي على مواطن إثر مشادة حول مخالفة مرورية صغيرة. وتحدى المواطنون قوى الأمن والشرطة بمواصلة التظاهر اكثر من ثلاث ساعات. ولم يتفرقوا إلا بعدما حضر وزير الداخلية سعيد سمور وتعهد بمعاقبة الشرطي المعتدي.
ويقول مراقبون ان احتمالات تطور حركة الاحتجاج يزيدها تعقيدا تنوع المكونات العرقية والمذهبية للمجتمع السوري. فان سوريا تحكمها نخبة من الأقلية العلوية رغم ان غالبية السوريين من السنة. وهناك اقلية كردية لها مطالبها في شمال سوريا.
ويؤيد السوريون عموما سياسة النظام الخارجية، بما في ذلك رفضه توقيع معاهدة سلام مع اسرائيل ودعمه حركة حماس وحزب الله. ولكن غياب الحريات الأساسية الذي يشكل مطلبا اساسيا في احتجاجات البلدان العربية الأخرى، مشكلة في سوريا اكبر منها في مصر، بحسب الكثير من الناشطين ومنظمات حقوق الانسان.
وكان التلفزيون الرسمي السوري رحب بسقوط نظام الرئيس المصري حسني مبارك بوصفه "انهيار اتفاقية كامب ديفيد" بين مصر واسرائيل. وفي مقابلة نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال في كانون الثاني يناير اعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن ثقته بحكمه الذي قال انه يمثل الشعب مستبعدا امكانية حدوث احتجاجات في سوريا.
ويرى معلقون ان غالبية السوريين بدؤوا لتوهم يستوعبون فكرة الاحتجاج الجماهيري. وعلى النقيض من ذلك ينوه المعارض عبد العزيز الخير بأن المصريين كثيرا ما نزلوا الى الشارع احتجاجا خلال السنوات الخمس الماضي. ولكنه يؤكد ان السوريين يعرفون حقوقهم الآن ولن يخطفها احد منهم.
دأب زعماء الأنظمة القمعية في الدول العربية على اتهام من ينتفض ضدهم بالخيانة ولكن السوريين الذين تظاهروا بعزيمة يوم الاربعاء اعربوا عن وجهة نظر مغايرة مرددين في هتافاتهم ان الخائن هو مَنْ يقتل شعبه والخائن من يظلم شعبه ويسجنه ويذله.