الكشف عن آلية جديدة لأدوية الاكتئاب
توصلت دراسة ألمانية حديثة إلى أن الآلية التي تعمل بها أدوية الاكتئاب ليست مقصورة على قمع إعادة امتصاص النواقل العصبية، بل تشمل أيضا خفض تركيز مادة شبيهة بالبروتين في الدماغ، مما يؤدي إلى تحسن الحالة المزاجية.
وتعوق العديد من الأدوية المضادة للاكتئاب التي يتم وصفها للمرضى عملية إعادة الامتصاص، وهي عملية يتم خلالها امتصاص المواد الكيمياوية في الدماغ والمعروفة بالناقلات العصبية "سيروتونين" مرة ثانية إلى داخل الخلايا العصبية الناقلة بعد إطلاقها إلى داخل التشابك العصبي.
غير أن الدراسة -التي استمرت سبع سنوات وقام بها فريق من الباحثين الألمانيين بقيادة إريش جولبينس- قد وجدت أن هذه الأدوية تقلل أيضا من تركيز مادة "السيراميد" الشبيهة بالبروتين في الدماغ. ونشرت نتائج الدراسة في عدد يونيو/حزيران من مجلة "طب الطبيعة".
وقام الفريق البحثي بإجراء تعديلات وراثية على الفئران من أجل زيادة مستويات السيراميد، واكتشفوا أن وجود الكثير من مادة السيراميد في الدماغ يؤدي إلى سلوك يشبه الاكتئاب.
وعندما قام الباحثون بتخفيض مستويات السيراميد، أصبح هناك خلايا عصبية جديدة قادرة على التشكل، كما أخذ السلوك الشبيه بالاكتئاب في التلاشي. وإذا تم تأكيد هذه النتيجة، فإن الباحثين سيكونون قد اكتشفوا سببا جديدا للمرض.
وقال يوهانس كورنهوبر -من قسم الطب النفسي في مستوصف جامعة إرلنجن- إنه يبدو أن هذا التأثير يلعب دورا محوريا في تحسين الحالة المزاجية.
وأشار الباحث إلى اعتقادهم بأنه في حالات الاكتئاب يكون هناك الكثير من مادة السيراميد، كما يمكن للإجهاد أيضا أن يمنع تكوين الخلايا العصبية.
وأوضح كورنهوبر أنه حتى وقتنا هذا، كان يعتقد أن السبب الأكثر أهمية وراء الاكتئاب هو معدل الإرسال المنخفض للإشارات عند نقاط الاتصال بين الخلايا العصبية.
ومعروف من الناحية العملية أن العقاقير المضادة للاكتئاب لا تبدأ في العمل إلا بعد مرور عدة أسابيع.
وأضاف كورنهوبر أن هذا في حد ذاته يعد مؤشرا على أن هناك آليات أخرى في عمل هذه العقاقير.
والخطوة التالية التي يسعى إليها الباحثون هي إجراء تجارب على الإنسان وذلك بعد الدراسة العلاجية الناجحة التي أجريت على الفئران.
ويمكن العمل على إنتاج عقاقير جديدة بغرض خفض مستويات السيراميد، إلا أن الأمر سيستغرق عدة سنوات قبل أن يحصل أي عقار جديد مضاد للاكتئاب على موافقة الجهات الرقابية وجعله متاحا للمرضى