النتائج 1 إلى 6 من 6
الموضوع:

نشأت الدولة العثمانية واثرها في تاريخ الوطن العربي الحديث

الزوار من محركات البحث: 21 المشاهدات : 804 الردود: 5
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    الصبر كميل يا زكية
    تاريخ التسجيل: August-2012
    الدولة: مُرني
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 14,201 المواضيع: 2,060
    صوتيات: 2 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 6137
    مزاجي: كده..اهو ^_^
    آخر نشاط: 16/July/2024

    نشأت الدولة العثمانية واثرها في تاريخ الوطن العربي الحديث

    اصول الدولة العثمانية:-

    في بداية القرن الرابع عشر، هزت الازمات الداخلية العنيفة الامبراطوريات الكبرى التي تمتد من نهر جيحون (اوكسوس oxus) الى الدانوب، كدولة الايلخانيين في ايران، والقبيلة الذهبية في اوروبا الشرقية والامبراطورية البيزنطية في البلقان وغرب الاناضول. وفي نهاية القرن نفسه، سيتمكن احفاد عثمان وهو احد غزاة الحدود ومؤسس السلالة العثمانية، من تاسيس امبراطورية "تمتد من الدانوب الى الفرات ". ويعود الفضل في هذا الى السلطان بايزيد ( 1389 – 1402 ) المعروف بلقب "يلدريم " (الصاعقة ) فقد شتت في معركة نيقوبوليس Nicopolis خلال 1396م الجيش الصليبي الذي كان يضم من الفرسان ماتفخر به اوروبا انذاك، وتحدى سلطنة المماليك التي كانت اقوى دولة اسلامية في ذلك الوقت، وانتزع منها بعض المدن الواقعة على الفرات، كما تحدى في نهاية الامر تيمور العظيم الحاكم الجديد لاسيا الوسطى وايران.
    ان هذه المرحلة الاولى من التاريخ العثماني تطرح السؤال التالي: كيف تضخمت امارة عثمان الغازي الحدودية الصغيرة، بفضل فكرة الجهاد ضد بيزنطة المسيحية، وتحولت الى امبراطورية قوية وواسعة الى ذلك الحد؟ هناك نظرية تقول : ان السكان الروم في حوض مرمرة باعتناقهم الاسلام وانضمامهم الى المسلمين قد احيوا الامبراطورية البيزنطية على هيئة دولة اسلامية. الا ان المؤرخين المعاصرين، الذين يعرفون المصادر التاريخية الشرقية عن كثب، يعتبرون ان هذه النظرية تعتمد على فرضية لا اساس لها.ويعتقد هؤلاء المؤرخون انه لابد من البحث عن جذور الدولة العثمانية في التطورات السياسية والثقافية والديموغرافية للاناضول في القرنين الثالث عشر والرابع عشر.
    ان الفترة الاولى من هذه التطورات ترتبط بالحملات المغولية المدمرة في المشرق الاسلامي منذ العقد الثالث للقرن الثالث عشر. وبعد انتصار المغول في معركة كوسه داغ kosedag في سنة 1243، تحولت سلطنة السلاجقة في الاناضول الى دولة تابعة للايلخانيين في ايران. ومن النتائج المباشرة لغزوات المغول هجرة التركمان، وهم من القبائل الرحل التركية القوية، باتجاه الغرب. وقد استقر هؤلاء، الذين يعود اصلهم الى اسيا الوسطى، في ايران وشرق الاناضول، ثم تابعوا هجرتهم نحو الغرب، حيث استقروا هذه المرة في المناطق الجبلية غرب الاناضول، على طول الحدود بين سلطنة السلاجقة وبيزنطة، وفي عام 1271 اندلعت انتفاضة في هذه المنطقة ضد المغول الوثنين الا انها فشلت على الرغم من مساعدة القوات العسكرية المملوكية التي نفذت الى الاناضول.
    ونتيجة لهذا شدد المغول قبضتهم على المنطقة اكثر من ذي قبل، بعد ان اصبحوا يحتفظون بقوات عسكرية دائمة لهم هناك. وعلى الرغم من ذلك فقد اندلعت انتفاضات جديدة في النصف الثاني من القرن الثالث عشر، وكانت تنتهي في كل مرة بانتقام المغول. وهكذا تحولت المنطقة الحدودية الى ملجا للقوات والشخصيات السياسية الهاربة من ظلم المغول، كما اخذ يتجمع هناك كثير من ابناء الريف والمدن، الباحثين عن حياة جديدة ومستقبل افضل بعد ان تقطعت بهم السبل. وقد ساهم كل هذا في ازدياد عدد السكان في هذه المناطق الحدودية، ورغبة منهم في الاستقرار في السهول الخصبة الممتدة الى ما وراء الحدود مع بيزنطة فقد اثارت هذه الفئات المتنقلة من السكان روح الغزو او الجهاد ضد البيزنطيين. وهكذا فقد اخذ يتجمع المقاتلون من اصول مختلفة حول زعماء الغزو، واصبحت غزوات هؤلاء تتزايد في الاراضي البيزنطية، ومن بين كل هؤلاء الزعماء كان الغازي عثمان يسيطر على مناطق في اقصى الشمال اقرب مايكون لبير، فقد بدا الغازي عثمان حوالي سنة 1301 بحصار ازنيق (نيقية)، العاصمة السابقة لبيزنطة انتهى هذا الحصار بهزيمة الامبراطور البيزنطي وجعل هذا الانتصار من عثمان شخصية مشهورة رافعا راية الجهاد.
    وعليه فان الغزو او الجهاد كان عاملا مهما في تاسيس الدولة العثمانية وتطورها. لقد كان مجتمع تلك الامارات الحدودية ينسجم مع نموذج حضاري خاص، متشبع بمثال الجهاد الدائم لتوسيع دار الاسلام حتى تشمل العالم كله. كان الغزو الدائم يمثل واجبا دينيا يدفع المؤمنين الى كل اشكال المخاطرة والتضحية. وفي تلك المجتمعات الحدودية كانت كل القيم الاجتماعية منسجمة مع المثل الاعلى للغزو.
    ونظرا لان مجتمع العثمانين كان من المجتمعات الحدودية، حيث كان يتم الاختلاط بحرية مع المسيحيين فقد كان العثمانيون يطبقون هذه المبادئ الاساسية بليبرالية وتسامح كبيرين. وهكذا فقد كانوا في السنوات الاولى لامبراطوريتهم يحاولون الحصول على انقياد المسيحين الطوعي وعلى ثقتهم قبل اللجوء الى الحرب.
    وفي المناطق التي يسيطر عليها الغزاة كانت تطبق بسرعة ادارة الدولة الاسلامية القائمة على مفهوم الحماية، حيث ان الشريعة تضمن بنفسها التسامح. بالاضافة الى ذلك فقد كانت حماية الفلاح، باعتباره مصدرا للدخل الضريبي،سياسة تقليدية لدول الشرق الاوسط التي شجعت بدورها على التسامح. ومن بين الضرائب كان الخراج يشكل نسبة كبيرة من دخل الدولة العثمانية، أي كما كان الامر مع دولة الخلافة الاسلامية في السابق.
    من اجل ذلك فقد كان قدر الدولة العثمانية ان تصبح "امبراطورية حدودية" حقيقية، تعامل الاديان والاعراق باعتبارها وحدة واحدة، وتضم المسيحيين الارثودكس للبلقان مع مسلمي الاناضول في دولة واحدة.
    تبنت امارة الغزاة في غرب الاناضول بسرعة تقاليد ومؤسسات سلطنة السلاجقة. وهكذا تحولت بعض المدن مثل قسطموني kostomonu وقره حصار ودنيزلي Denizli التي بنيت في المناطق الحدودية القديمة للسلاجقة، الى مراكز للحضارة السلجوقية، ومن هذه المدن وغيرها من مدن غربي الاناضول، قام الولاة والعلماء بنقل تقاليد الدولة والحضارة الاسلامية الى مراكز امارات الغزو الجديدة مثل ميلاس Milas وبالات Balat وازمير Izmir وبركي Birgi ومغنيسة Manisa وبورصة Bursa التي تاسست في الارض التي كانت تابعة لبيزنطة. واصبحت كل امارة سلطنة صغيرة. وهكذا – على سبيل المثال- قام اورخان ابن عثمان بتاسيس مدرسة زنيق في عام 1321م بسك اول عملة فضية في بورصة خلال سنة 1327م، وقام في عام 1340م ببناء مركز تجاري في بورصة يضم سوقا وبزستان (السوق المغطى الذي تباع فيه السلع الثمينة ). وقد زار الرحالة العربي ابن بطوطة بورصة في عام 1333م ووصفها بانها " مدينة كبيرة ذات اسواق جميلة وشوارع واسعة" .
    هذه هي الارضية العامة، الاجتماعية والثقافية، في زمن تاسيس الامارات الحدودية بما فيها امارة عثمان. وقد كان الجهاد واستيطان الاراضي المفتوحة من العوامل الديناميكية في توسع العثمانيين الذين اخذوا يطبقون الاشكال الادارية والثقافية الماخوذة من التقاليد السياسية والحضارية للشرق الادنى في الاراضي المفتوحة. وفي خمسينيات القرن الرابع عشر كانت الدولة العثمانية مجرد امارة من الامارات الحدودية الكثيرة، الا ان الاحداث التي تلت سنة1352م وطدت تفوق هذه الدولة وجعلت كل الامارات الاخرى تابعة لها خلال ثلاثة عقود من الزمن. وارتبط هذا التحول الحاسم بكسب العثمانيين لموطئ قدم لهم في البلقان يتيح لهم التوسع باستمرار في اتجاه الغرب. لقد كان العبور من الاناضول الى اوروبا امرا محفوفا بالمصاعب، لان الدردنيل كان يسيطر عليه المسيحيون. فالقوات التي كان العثمانيون يرسلونها الى تراقيا لم يكن باستطاعتها الصمود، اذ ان البيزنطيين كانوا يتمكنون في كل مرة من القضاء عليها، وبصرف النظر عن عددها. وقد استمر هذا الوضع الى ان حلت امارة قره سي Karesi ، الواقعة على الشاطئ الشرقي للدردنيل، هذه المشكلة لصالح العثمانيين.
    وفي الواقع لقد ساعدت العثمانيين حينئذ سلسلة من الاحداث لاحراز هذا النصر. ففي عام 1345م سهل النزاع على العرش الذي اندلع في امارة قره سي على الامير اورخان ان يضم هذه الامارة اليه. وهكذا ساعدت قوات هذه الامارة عبور القوات العثمانية للدردنيل بقيادة سليمان بن اورخان قائد القطاع الغربي، الذي استفاد ايضا من كل الظروف في ذلك الوقت. ففي عام 1346م تحالف مع يوحنا كانتاكوزين الخامس، الذي كان يطالب بالعرش البيزنطي، وتزوج من ابنته ثيودورا. وقد سمح هذا التحالف للعثمانيين بالتدخل في الشؤون الداخلية لبيزنطية.

    كان العثمانيون يحترمون الاسس الاقطاعية. ففي البداية كانوا يكتفون بجزية سنوية محددة من الحكام الذين يعلنون خضوعهم للدولة الاسلامية. وفي وقت لاحق كانوا يطالبون الحاكم ان يرسل ابنه كرهينة، وان ياتي الى البلاط العثماني مرة في السنة لتاكيد وفائه، وان يرسل قوات للمساعدة في الحملات التي يقودها السلطان. والى جانب هذا اصبح يطلب من الحكام الخاضعين ان يعتبروا حلفاء السلطان حلفاء لهم واعداء السلطان اعداء لهم. وفي حال اخلال الحاكم الخاضع بهذه الواجبات، كانت امارته تعلن دار حرب ويترك للغزاة ان يتخذوا الاجراءات اللازمة.

    لقد كان المبدا الاساسي في الادارة العثمانية يقوم في حماية الفلاح من استغلال السلطة المحلية. ومن ناحية اخرى فقد اعترف العثمانيون رسميا بالكنيسة الارثودكسية ، الا انهم كانوا يضيقون على الكنيسة الكاثوليكية في كافة ارجاء دولتهم. ان كل هذه العناصر مهمة لتفسير التغلغل السريع والسهل للاتراك في البلقان، ولعدم انضمام الفلاحين الى اسيادهم في مقاومة العثمانيين.
    وعلى الرغم من هذا لم يكن العثمانيون يعتبرون انفسهم حاملين لاي عقيدة اجتماعية خاصة. لقد كانوا يدركون انهم بتطبيق سياسة التسامح مع المسيحيين يمكنهم ان يوسعوا اراضيهم بسهولة، وان يزيدوا من مصادر دخلهم. وقد طبق العثمانيون ايضا ضمن عقيدتهم التوسعية سياسة التسامح مع الارستقراطية، والطبقة العسكرية المحلية. وباستثناء اولئك الذين قاوموهم، كان العثمانيون يعمدون الى تجنيد افراد الطبقة العسكرية المحلية لصالحهم.
    وخلال عهد مراد الاول (1362- 1389م)، اصبحت امكانية الفوز بمنصب في الدولة العثمانية الاخذة بالتوسع تغري الغزاة والمستوطنين في الاناضول للالتحاق بهذه الدولة. وهكذا تذكر مصادر الشرق الادنى المعاصرة ان هذا السلطان كان حاكم كل الامارات الحدودية، ولذلك تمكن العثمانيون بسهولة من السيطرة على اهم اراضي امارة كرميان بما في ذلك العاصمة كوتاهية، وعلى امارة حميد باتجاه الجنوب. ومع هذا فقد كان العثمانيون يسعون الى تبرير اجتياحهم لهذه المناطق بالقول ان اراضي كرميان قد الت اليهم بالميراث كجزء من بائنة السلطان بايزيد، بينما قاموا بشراء اراضي امارة حميد. لقد كان ضم العثمانيين لهذه الامارة يهدد بشكل جدي عاصمة قرامان. ولذلك حين تحركت قوات قرامان ضدهم ادعى العثمانيون ان هذه الخطوة تخدم اعداء الدين، ومن هنا فقد راوا ان الشريعة تخولهم اخضاع قرامان. واستخدم العثمانيون مرارا هذه السياسة حين كانوا يهاجمون جيرانهم المسلمين في الشرق. وقد كرروا لاحقا التهمة ذاتها ضد مماليك مصر، وضد اوزون حسن، وضد الصفويين في ايران، حيث شنوا الحرب بواسطة هذه الفتاوى على كل العالم الاسلامي، لقد نجح السلطان مراد الاول بجهوده التي بذلها في الاناضول والبلقان بوجه خاص في تحويل الامارة العثمانية الى "دولة" وكانت الاحتياجات الجديدة خلال عهده (1362-1389م) قد مهدت السبيل لتشكيل النظام العسكري الجديد واحداث تغيرات هامة في نظم الدولة مما ساعد على وضع اسس الهيكل المركزي فيها. وقد قام السلطان بايزيد (1389م) باعمال تستهدف نقل مجتمع امارة الحدود الى مجتمع دولة ثابتة قادرة على البقاء في وضع البنية الاساسية اللازمة لادارة دولة مركزية تركية اسلامية، فاصدر اوامره بتسجيل الاراضي والعقارات ووضع نظام ضريبي وتطبيق القواعد المالية التي كانت جارية لدى الايلخانيين، وسعى لادارة الدولة من خلال جهاز مركزي مباشر، وقام بوضع نظام الجند 3والغلمان، ثم منح الوظائف العسكرية والادارية الهامة لجنوده التابعيين له مباشرة فوضع تحت رقابته الاسر المحلية القوية والامراء والتركمان وامراء الحدود الذين تعاضمت قوتهم وكانوا يتصرفون من انفسهم، وارسى بذلك اسس دولة مركزية قوية. ومن ناحية اخرى كانت الجهود الرائدة لترسيخ المبادئ الاسلامية الحنيفة قد بدات تعمل عملها في زحزحة مبدا الجهاد بمفهومه التقليدي رويدا رويدا، ولم يعد بايزيد الصاعقة حاكما لامارة حدود. بل بلغ مرحلة استطاع ان يكون فيها سلطانا لدولة اسلامية تسعى لاقامة مؤسساتها واجهزتها المختلفة.

    دور الانتقال من الدولة الى الامبراطورية:-

    عقب وفاة مراد الثاني (1451م) وتولي ابنه محمد (الفاتح) العرش بدات الدولة العثمانية تدخل طور الامبراطورية. فقد اتسع نطاقها مع التطورات التي حدثت بعد ذلك حتى صارت كلمة "دولة" قاصرة عن التعبير عنها. ويجب ان نوضح هنا ان اصطلاح "الامبراطورية" له معنى يخالف بالنسبة للعثمانيين التعبير الاوربي المتاخر، فلا تعني الامبراطورية معنى "الامبريالية" او "الاستعمار" والجدير بالذكر ان المؤرخين العثمانيين اطلقوا عليها اسم "الدولة العلية" نظرا لتركيبها الاثني والاجتماعي، والسياسة العالمية التي كانت تنتهجها، وادارتها المركزية ونظام السلطنة فيها, وهنا يقصر لفظ "دولة" بمفرده عن التعبير عن مفهوم "العالمية". من الؤكد اسس هذه الامبراطورية وضعت في عهد السلطان محمد الثاني(الفاتح)، بينما بلغت قمة عظمتها على عهد السلطان سليمان القانوني.
    ففي عصر السلطان محمد الثاني عادت تنتعش من جديد سياسة الفتوح والنظام المركزي اللذان كان يجري تطبيقهما على ايام بايزيد الصاعقة، وراح تقليد الغزو التركماني يتحول الى غاية داخل الاطار الاسلامي الرفيع. وكان العائق الوحيد امام السلطان محمد الثاني لتنفيذ سياسته العالمية هو الدولة البيزنطية التي كانت المحرك الاول للتهديد الصليبي والعامل على تعطيل قيام الوحدة بين الاراضي العثمانية، وكان الواجب عليه قبل كل شئ هو حل هذه المشكلة. غير ان النكبات التي وقعت في عهد مراد الثاني جعلت الوزير الاعظم ورجل الدولة المحنك جاندرلي خليل باشا يتهيب ردود الفعل الخطيرة التي يمكن ان تاتي من الغرب المسيحي ويميل لاتباع سياسة الوفاق هو والمجموعة المعارضة التي يتزعمها، ورغم ذلك فان السلطان الشاب كان قد تاثر بافكار مربيه السابق زاغانوس الذي دفعه نحو هذا الطريق فاقدم على تنفيذ ذلك الامر الخطير. وكان من الضروري الانتهاء من فتح استانبول قبل وصول المساعدات المحتملة من الغرب واتحادهم ضده. ولاشك ان فتحا عظيما كهذا سوف يجعل السلطان الشاب يتبوأ مكانة عظيمة في كافة انحاء العالم الاسلامي باعتباره الامير الذي بشر به الحديث النبوي الشريف. ومن ناحية اخرى فان فتح استانبول سوف يهيئ للسلطان محمد الثاني مكانة هامة في السياسة الداخلية للدولة، ويدعم نفوذه، ويكفل له القدرة على التطبيق الامثل للاصلاحات اللازمة لتشييد الادارة المركزية التي فكر في تحقيقها، ويمثل الخطوة الاولى نحو تفريق القوات العاتية خارج مركز الدولة.
    وضاق الحصار على عاصمة البيزنطيين بشكل محكم، ولما رفضت التسليم حل امر استباحتها ثلاثة ايام حسب مبدئ الشريعة الاسلامية. وكان الوعد بالغنائم امرا الهب حماسة الجنود، حتى دخلت في النهاية اول واخر المدن البيزنطية العظيمة تحت السيادة العثمانية في 29 مايو 1453م. وعقب مرور ثلاثة ايام توقف كل شئ، ودخلها محمد الثاني فاستحق عن جدارة لقب"الفاتح" وامر باعمارها على وجه السرعة. ثم شجع اهاليها الفارين هنا وهناك على العودة الى اماكنهم معافيا اياهم من الجزية. وامر باطلاق سراح الاسرى بعد ان دفع لهم الفدية، واجتهد في اعمار المدينة، كما اتخذ عده تدابير اخرى في هذا الصدد، حتى عمرت العاصمة العثمانية وضواحيها بالناس، اما بالقوة او بالتطوع. وغدا محمد الثاني- من ثم – الوريث الحقيقي لها بصفته فاتح روما الجديدة.

    اما في السياسة الداخلية فقد اتاح فتح استانبول للسلطان فرصة لاقصاء بعض الاسر القوية. وكان اعدام الوزير الاعظم جاندرلي خليل باشا الذي لعب الدور الاساسي في محاولة خلع السلطان عن العرش(وقعة بوجوق ﭡﭙﮫ) بتمرد مرتب للانكشارية قد انذر في نفس الوقت ان عهد مشاركة الاسر صاحبة النفوذ في السلطة قد انقضى وولى. وقام الفاتح بعد ذلك بتوجيه الوظائف المهمة في الدولة-بما فيها وظيفة الوزير الاعظم- لاشخاص من مماليكه الجند(قول) الذين يرتبطون به مباشرة، وبذلك جمع في يده كافة ادوات السلطة. حتى استطاع ان يقدم بجرأة على تنفيذ سلسلة من الاصلاحات الاقتصادية والعسكرية والقضائية.
    وشرع السلطان محمد الفاتح بعد ان فتح استانبول وجمع في يديه ادوات السلطة بصفته الحاكم المطلق- في رفع راية الجهاد من جديد وتوسيع اراضيه. فانفذ عدة حملات الى الاناضول واوربا على سواء عملا على وحدة الدولة.
    وبهذه الجهود السياسية تشكلت الامبراطورية العثمانية فوق اراضي الاناضول والروملي وعاصمتها مدينة استانبول. وبينما كانت مؤسسات الدولة تاخذ شكلها النهائي من خلال تدعيم النظام المركزي حدثت تطورات مهمة اخرى على مستوى القوة السياسية . فقد تحققت الوحدة السياسية في الاناضول، وغدت الدولة الاسلامية التركية وريثه للامبراطورية البيزنطية، حيث حل العثمانيون محل البيزنطين، ويرى معظم المؤرخين ان فتح القسطنطينية يعد نهاية للعصر الوسيط وبداية للعصر الحديث




    الـــــدكتور عبد العظيم عباس نصار

  2. #2
    من أهل الدار
    ★l̃̾σ̃̾я̃̾d̃̾★
    تاريخ التسجيل: September-2012
    الدولة: Iraq - Wasit - AL Kut
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 16,719 المواضيع: 1,713
    صوتيات: 53 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 11280
    مزاجي: كـ{مَــوؤـج الــبَحَـر}
    المهنة: Biological
    أكلتي المفضلة: Pizza
    موبايلي: I phone
    آخر نشاط: 26/April/2021
    مقالات المدونة: 28
    شكرا لهذا التقرير
    ودي وتقديري

  3. #3
    صديق فعال
    تاريخ التسجيل: April-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 532 المواضيع: 110
    صوتيات: 3 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 145
    آخر نشاط: 26/August/2018
    مقالات المدونة: 1
    سلمت الايادي

  4. #4
    من أهل الدار
    تاريخ التسجيل: August-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 3,644 المواضيع: 207
    التقييم: 547
    آخر نشاط: 5/April/2019

  5. #5
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    تاريخ التسجيل: March-2013
    الدولة: نيبور
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 16,168 المواضيع: 4,114
    صوتيات: 164 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 6186
    مزاجي: الحمدلله والشكرتمام
    المهنة: موظف حكومي
    أكلتي المفضلة: ارضئ بما قسم الله
    موبايلي: Nokia
    آخر نشاط: 1/September/2021
    الاتصال: إرسال رسالة عبر MSN إلى عماد الحمزاوي
    مقالات المدونة: 18

  6. #6
    من المشرفين القدامى
    عاشق الملكي
    تاريخ التسجيل: July-2013
    الدولة: العراق _ذي قار _ ناحية الفهود
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 143,815 المواضيع: 21,897
    صوتيات: 2305 سوالف عراقية: 12
    التقييم: 65969
    مزاجي: الحمد لله
    أكلتي المفضلة: السمك المسكوف
    موبايلي: الترا 23
    آخر نشاط: منذ 6 يوم
    شكرا اخي التميمي

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال