روي العيّاشيّ في تفسيره في ذيل آية: عَسَي'´ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُوداً، عن خيثمة الجعفيّ، قال: كنت عند جعفر بن محمّد عليه السلام أنا ومفضّلبن عمر ليلاً ليس عنده أحد غيرنا، فقال له مفضّل الجعفيّ: جُعلت فداك؛ حدّثنا حديثاً نُسَرُّ به. قال: نعم! إذا كان يوم القيامة حَشَرَ اللَهُ الخَلاَئِقَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً.
قال: فقلت: جُعلت فداك؛ ما الغُرْل؟ قال: كما خُلقوا أوّل مرّة؛ فيقفون حتّي يلجمهم العَرَق. فيقولون: ليت الله يحكم بيننا ولو إلی النار ـ يرون أنّ في النار راحة فيما هم فيهـ ثمّ يأتون آدم فيقولون: أنت أبونا وأنت نبيّ، فاسأل ربّك يحكم بيننا ولو إلی النار. فيقول آدم: لستُ بصاحبكم، خلقني ربّي بيده وحملني علی عرشه وأسجدَ لي ملائكته، ثمّ أمرني فعصيتُه، ولكنّي أدلّكم علی ابني الصدّيق الذي مكث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً يدعوهم، كلمّا كذّبوا اشتدّ تصديقه « نوح ».
قال: فيأتون نوحاً فيقولون: سَل ربّك يحكم بيننا ولو إلی النار!
قال: فيقول: لستُ بصاحبكم. إنّي قلت: إِنَّ ابْنِي مِن أَهْلِي، ولكنّي أدلّكم علی من اتّخذه الله خليلاً في دار الدنيا، ائتوا إبراهيم!
قال: فيأتون إبراهيم فيقول: لست بصاحبكم. إنّي قلت: إِنِّي سَقِيمٌ، ولكنّي أدلّكم علی مَن كلّم الله تكليماً: « موسي ». قال: فيأتون موسي فيقولون له، فيقول: لست بصاحبكم، إنّي قتلتُ نَفْساً، ولكنّي أدلّكم علی من كان يخلق بإذن الله ويبري الاكمه والابرص بإذن الله: « عيسي ». فيأتونه فيقول: لست بصاحبكم، ولكنيّ أدلّكم علی من بشّرتكم به في دار الدنيا: « أحمد ».
ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام:
مَا مِنْ نَبِيٍّ وُلِدَ مِن آدَمَ إلی مُحَمَّدٍ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إلاَّ وَهُمْ تَحْتَ لِوَاءِ مُحَمَّدٍ.
قال: فيأتونه. ثمّ قال: فيقولون: يا محمّد! سَل ربّك يحكم بيننا ولو إلی النار. قال: فيقول: نعم؛ أنا صاحبكم. فيأتي دَارُ الرَّحْمَنُ وهي عدن، وإنّ بابها سعته بُعد ما بين المشرق والمغرب، فيحرّك حلقة من الحلق، فيقال: مَن هذا؟ ـ وهو أعلم به ـ فيقول: أنا محمّد؛ فيقال: افتحوا له. قال: فيُفتح لي. قال: فإذا نظرتُ إلی ربّي مجدّته تمجيداً لم يمجّده أحد كان قبلي ولايمجّده أحد كان بعدي، ثمّ أخرّ ساجداً، فيقول:
يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأْسَكَ! وَقُلْ يُسْمَعْ قَوْلُكَ! وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ! وَسَلْ تُعْطَ.
قال: فإذا رفعتُ رأسي ونظرتُ إلی ربّي مجّدتُه تمجيداً أفضل من الاوّل، ثمّ أخرّ ساجداً فيقول: ارفع رأسك وقُل يُسمعْ قولك واشفعْ تُشفّع وسَلْ تُعطَ. فإذا رفعتُ رأسي ونظرتُ إلی ربّي مجّدته تمجيداً أفضل من الاوّل والثاني، ثمّ أخرّ ساجداً فيقول: ارفعْ رأسك وقُل يُسمع قولك واشفعْ تُشفّع وسَلْ تُعطَ. فإذا رفعت رأسي أقول: ربّ احكم بين عبادك ولو إلی النار! فيقول: نعم يا محمّد.
قال: ثمّ يؤتي بناقة من ياقوت أحمر وزمامها زبرجد أخضر حتّي أركبها، ثمّ آتي المَقَام المَحْمُود حتّي أقضي عليه وهو تلّ من مسك أذفر بحيال العرش، ثمّ يدعي إبراهيم فيُحمل علی مثلها فيجيء حتّي يقف عن يمين رسولالله صلّي الله عليه وآله.
ثمّ رفع رسول الله صلّي الله عليه وآله يده فضربَ بها علی كتف علی بْنَ أَبِي طَالِبٍ، ثمّ قال: ثمّ تؤتي ـواللهـ بمثلها فتحمل عليها، ثمّ تجيء حتّي تقف بيني وبين أبيك إبراهيم. ثمّ يخرج مناد من عند الرحمن فيقول: يَا مَعْشَرَ الخَلاَئِقِ! أليس العدل من ربّكم أن يولّي كلّ قوم ما كانوا يتولّون في دار الدنيا؟ فيقولون: بلي، وأيّ شيء عدل غيره؟ قال: فيقوم الشيطان الذي أضلّ فرقةً من الناس حتّي زعموا أنّ عيسي هو الله وابن الله فيتبعونه إلی النار؛ ويقوم الشيطان الذي أضلّ فرقةً من الناس حتّي زعموا أنّ عُزيراً ابن الله حتّي يتبعونه إلی النار؛ ويقوم كلّ شيطان أضلّ فرقةً فيتبعونه إلی النار، حتّي تبقي هذه الاُ مّة، ثمّ يخرج منادٍ من عند الله فيقول: يَا مَعْشَر الخَلاَئِق! أليس العدل من ربّكم أن يولّي كلّ فريق من كانوا يتولّون في دار الدنيا؟ فيقولون: بلي.
فيقوم شيطان فيتبعه مَن كان يتولاّه، ثمّ يقوم شيطان فيتبعه مَن كان يتولاّه، ثمّ يقوم شيطان ثالث فيتبعه مَن كان يتولاّه، ثمّ يقوم معاوية فيتبعه مَن كان يتولاّه، ويقوم علی فيتبعه مَن كان يتولاّه، ثمّ يزيد بن معاوية فيتبعه مَن كان يتولاّه، ويقوم الحسن فيتبعه مَن كان يتولاّه، ويقوم الحسين فيتبعه مَن كان يتولاّه، ثمّ يقوم مروان بن الحكم وعبدالملك فيتبعهما من كان يتولاّهما، ثمّ يقوم علی بن الحسين فيتبعه مَن كان يتولاّه، ثمّ يقوم الوليد بن عبد الملك ويقوم محمّد بن علی فيتبعهما مَن كان يتولاّهم، ثمّ أقوم أنا فيتبعني من كان يتولاّني، وكأ نيّ بكما ( أي خيثمة الجعفيّ ومفضّل بن عمر الجُعفيّ) معي، ثمّ يؤتي بنا فنجلس علی عرش ربّنا ويؤتي بالكتب فنرجع فنشهد علی عدوّنا ونشفع لمن كان من شيعتنا مرهقاً.
قال: قلت: جُعلت فداك؛ فما المرهق؟ قال: المذنب؛ فأمّا الذين اتّقوا من شيعتنا فقد نجّاهم الله بمفازتهم لايمسّهم السوء ولا هم يحزنون. قال: ثمّ جاءته جارية له فقالت: إنّ فلاناً القرشيّ بالباب، فقال ائذنوا له، ثمّ قال لنا: اسكتوا.
المصدر/معرفة المعاد المجلد التاسع