بغداد / إياد التميمي



ينخرط مجلس النواب والحكومة، منذ اسابيع، في "سباق محموم" لعملية اجتثاث جديدة من نوعها تطال هذه المرة، مزدوجي الجنسية، على الرغم من ان الدستور العراقي يسمح للعراقيين بالحصول على تبعية اكثر من بلد، بينما يطلب الدستور التخلي عن الانتماء الثاني كشرط لتولي المناصب العليا.

ويحمل اغلب أعضاء الطبقة السياسية جنسيات دول اخرى حيث كان بعضهم يعيشون خارج العراق ايام النظام السابق. وشهد العراق هجرة الملايين منذ السبعينات بسبب ظروف القمع السياسي والحروب والعقوبات الدولية، وشكل المهاجرون العراقيون جاليات فاعلة تضم خبرات في مختلف المجالات وهناك دعوات لاستقطابها ثانية لتعويض "نزيف العقول" الذي اضر كثيرا بالأوضاع الداخلية.

وفيما صادق مجلس الوزراء الاسبوع الماضي على "مشروع قانون إلغاء الجنسية المكتسبة للمناصب السيادية والدرجات الخاصة"، كشفت اللجنة القانونية في مجلس النواب عن تضمين تعديل قانون الانتخابات مقترحا لحظر ترشح مزودجي الجنسية، الأمر الذي يواجه رفضاً شديداً من كتلة رئيس الحكومة نوري المالكي.

ويستغرب أعضاء اللجنة البرلمانية من ازدواجية دولة القانون في تمرير القرار الحكومي والوقوف بوجه المقترحات البرلمانية، وأرجعوا ذلك الى ان 70 % من نواب كتلة المالكي هم ممن يحملون جنسيات اخرى. الى ذلك انتقد برلمانيون زملاءهم من "مزدوجي الجنسية" لانهم لا يحضرون جلسات البرلمان ولا اجتماعات اللجان المختصة، بحسب ما صرحوا لـ"المدى" امس.

وبموجب القانون الحكومي فان الحظر يشمل جميع المناصب السيادية من وزراء ونواب ومحافظين وسفراء وضباط، على ان يخير المشمولون بالقانون بين التخلي عن مناصبهم أو التخلي عن جنسياتهم المكتسبة.

وتنص الفقرة الرابعة من المادة 18 في الدستور العراقي على أنه "يجوز تعدد الجنسية للعراقي، وعلى من يتولى منصبا سيادياً أو أمنياً رفيعاً، التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة على أن ينظم ذلك بقانون".

وفي هذا السياق، يقول النائب حيدر الملا، عضو اللجنة القانونية، ان "غالبية اعضاء دولة القانون هم من مزدوجي الجنسية ولهذا يرفضون مقترح حظر ترشح مزدوجي الجنسية لمجلس النواب"، كاشفا عن "جمع 100 توقيع من مختلف الكتل السياسية بضمنهم ائتلاف دولة القانون لإدراج المقترح ضمن قانون الانتخابات".

ودعا الملا، في حديث لـ"المدى" امس "شيوخ العشائر ومنظمات المجتمع المدني للضغط على مجلس النواب لتطبيق هذا المقترح"، معتبرا ان "منع مزدوجي الجنسية من الترشح للبرلمان هو استحقاق شعبي"، مشيرا الى ان "70% من أعضاء ائتلاف المالكي هم من مزدوجي الجنسية ولهذا رفضوا القانون وبشدة".

ولفت عضو اللجنة القانونية عن جبهة الحوار بزعامة صالح المطلك الى ان "كتلا اخرى غير دولة القانون اتفقت ايضا وبشكل سري على الغاء مقترح حظر ترشح مزدوجي الجنسية لأنها تمس أعضاءها" لكنه اردف بالقول ان "المقترح لاقى دعما من كتل رفضت ان يتولى مزدوجو الجنسية منصباً مهما كانت بساطته".

ولفت الى ان "اللجنة القانونية اتفقت على ان يتضمن القانون إضافتين جديدتين الاولى ان يكون المرشح حاصلاً على شهادة البكلوريوس، والثانية ان لا يكون المرشح من مزدوجي الجنسية نزولا عند المادة 18 من الدستور".

وكشف الملا عن "وجود مسعى من كتل لعرقلة قانون الانتخابات، بغية بقائها في السلطة"، مؤكدا ان "99% من الكتل النيابية مع نظام القائمة المغلقة، لكنهم لايصرحون بذلك"، وتحدث عن "وجود شبه اتفاق على ان يكون عنوان النظام قائمة مفتوحة لكن بتطبيقه يعتمد القائمة المغلقة".

بدوره رأى النائب مشرق ناجي، عضو اللجنة القانونية النيابية، ان "الغرض من تضمين منع مزدوجي الجنسية في قانون الانتخابات هو كسب الوقت لان الحكومة وعلى مدى السنوات الماضية لم ترسل قانون مزدوجي الجنسية الذي ينص الدستور على تنظيمه".

واضاف ناجي، في تصريح لـ"المدى" امس، بالقول ان "القانون الذي تنوي الحكومة تشريعه يختلف تماما عن مقترح اللجنة القانونية في تعديل قانون الانتخابات"، مشيرا الى ان "الحكومة ستمنع المناصب السيادية التنفيذية لكنه لا يشمل اعضاء مجلس النواب"، وتابع "على هذا الأساس سارعت اللجنة القانونية لتضمين حظر مزدوجي الجنسية في مقترحات تعديل قانون الانتخابات خوفا من رفض الحكومة لمقترح قانون يأتي من البرلمان يمنع النواب من امتلاك اكثر من جنسية".

ولفت ناجي الى ان "اغلب النواب الذين يمتلكون جنسيات مزدوجة لا يحضرون جلسات البرلمان او اجتماعات اللجان وكأنهم مواطنون غير عراقيين، بل ان أكثرهم يدافع عن انتمائه الى الجنسية الثانية اكثر من الدفاع عن وطنه"، منوها الى ان "المقترح الذي تنوي اللجنة القانونية تضمينه في قانون الانتخابات لايشمل أعضاء مجالس المحافظات ولا رؤساء الحكومات المحلية".

الى ذلك رجحت النائبة عن ائتلاف دولة القانون انتصار حسن منخي، "رفض قرار مجلس الوزراء المتعلق بالجنسية المزدوجة في حال إدراجه ضمن جدول أعمال مجلس النواب".

وقالت منخي في تصريح لـ"المدى" إن "عددا كبيرا من السياسيين يمتلكون جنسيات غير عراقية ويتواجدون في مناصب مهمة للدولة لذلك رأت الحكومة بضرورة إصدار مثل هذا القانون إنصافا للمواطن".

وأضافت أن "هذا القرار أخذ صدى واسعا في الشارع والمجتمع بصفة عامة، لأن العراقيين قد طالبوا به منذ مدة"، وتوقعت ان "يواجه القانون رفضا واسعا من قبل أعضاء مجلس النواب ممن يحملون جنسيات متعددة".