تنامت وبشكل ملفت للانتباه ظاهرة المدرس الخصوصي خصوصاً خلال العقدين السابقين ، فهل السبب الخلل في العملية التربوية كالمناهج ؟ او طريقة تدريس المدرس في المدرسة ؟ ام هي اصبحت ظاهرة للتباهي بين الطلبة بأنهم يتلقون دروساً خصوصية بكذا مبلغ ؟
وربما هي شكّلت طريقة سهلة لتسهيل العلاقات اللاخلاقية بين الطلبة ! اختلاطهم في الدروس الخصوصية ؟ وهذا ما نشاهده في الاماكن التي تتواجد فيها الدروس الخصوصية ، ولا ننسى ربما عدم كفاءة المدرس او جشعه المفرط !؟
لو عدنا بعجلة الزمن الى الوراء سنجد ان هذه الظاهرة في وقت سابق لوجدنا انها كانت تعد ثغرةً على المدرس او شائبة، على اعتبار تأخرهم في المواد ليلجأوا الى الدروس الاضافية وليست الخصوصية ! لاكمال بعض المواد الدراسية . لقد ازدادت عدد المدرسين الخصوصيين وعدد الطلبة، بالاضافة الى زيادة اجور الدروس الخصوصية بشكلٍ مثير جداً، حتى اصبح وجهاً جديداً للفساد بعد ان كانت تُشكّل مصدراً ثانوياً لمراجعة المواد المتأخر بها فقط لاغير .
فمن المراحل المهمة والتي تجد الطالب يبحث فيها عن مدرسٍ خصوصي.. ربما في جميع المواد هي المرحلة الاعدادية بشقيها العلمي والادبي، فتجد الوالد يجد ويجتهد في البحث عن مدرسين كفوئين لضمان نجاح ابنائه ، لأن بعض الطلبة يشكون من عدم كفاءة المدرس في المدرسة .. لا يعطي الدرس حقه ، والبعض الاخر يثني عليه باعطائه الدرس حقه ،ويفيضون على ذهن الطالب بالمادة بشكل يؤهله لخوض الامتحانات بدون الرجوع للمدرس الخصوصي لتؤهله لاجتياز المرحلة وبسهولة .
كما نلاحظ ارتفاع في اسعار الدرس الخصوصي بشكل ملفت للانتباه حتى وصل الى 500 الف دينار ، بالاضافة الى ذلك تجد الحجز المسبق لمقعدٍ لدى هذا المدرس قبل اشهر.. ربما بهذا تفوق المدرس على الاطباء ولله الحمد بالحجز !
بعض المواطنين اعربوا عن استيائهم من تدني المستوى التدريسي لبعض الكوادر رغم الرواتب المجزية التي يستلمونها ، ونشاهد بعض الكوادر التدريسية ترفض رفضاً قاطعاً الدرس الخصوصي فتجده يمارس عمله على اتم وجه حتى يصل بهم الامر الى دروس اضافية ايام العطل او في الساعات الاولى من الدوام الرسمي ، وكان لنا هذا اللقاء بعدد من المواطنين والذين هم على تماسٍ مباشر مع الموضوع .ساجدة نزر، رئيسة لجنة التربية في مجلس محافظة واسط تقول : « الدروس الخصوصية ظاهرة عمّت بشكلٍ كبير في كافة محافظاتنا ، وبصورة خاصة الصفوف المنتهية ، وربما هذا من الطبيعي بالنسبة للمراحل المنتهية على اعتبار اهميتها من اجل رغبة الطالب بالحصول على معدلٍ عالٍ يؤهله كلية افضل ، ولكن الطامة الكبرى ان تجد المرحلة الابتدائية كالصف الاول والثاني والثالث يدخلون دروساً خصوصية ، فانا احمّل الكادر التربوي بصورة عامة هذه المسؤولية لعدم اعطائهم المادة بالشكل المطلوب ، ومن جانبٍ اخر احمّل اولياء الامور لفتحهم المجال الواسع في صرف الاموال ،ولا ننسى السبب المباشر .. تقصير الطلبة في التحضير اليومي» .
امنيات
وتتمنى نزر : « اتمنى من المعلمين والمدرسين ان يعطوا المادة التدريسية اهمية كبيرة كي لا نفتح المجال امام ابنائنا لدخول دورات خصوصية وباموال باهضة جداً» .احمد عبد الحسن مدرس خصوصي لمادة الانكليزي وكان رأيه حول الموضوع : « الدورات الخصوصية محفزة للنجاح من جانب ،وذلك بحسب طبيعة الطالب .. يشعر انهُ عندما يدفع مقابل الدرس الخصوصي مبلغاً من المال فأنهُ سيجد ويجتهد ، ونلاحظ بعض الطلبة يحصلون على درجات عالية بعد دخولهم دورات خصوصية ، فانا اجد سبب تردي المستوى العلمي لدى الطلبة هو كثرة الطلبة في داخل الصفوف وظاهرة الدوام المزدوج هذا جانب ، ومن جانب اخر اذا كان القصد من الدرس الخصوصي هو الحصول على المال دون الاكتراث لمستوى الطالب العلمي فهذا اعتبره خيانة للمهنة التدريسية ويعتبر ابتزازاً، خصوصاً اذا كان المدرس هو نفسه من يدّرس الخصوصي ، والمصيبة احياناً تكون نسبة نجاح المدرس دون 20٪ في المدرسة فكيف يكون ناجحاً في اقامة الدروس الخصوصية .
نور عباس طالبة اعدادية كان رأيها: « ان المدرس الخصوصي يعتبر ظاهرة محفزة لنجاح الطالب، لانه وسيلة للتركيز ويساعد في حل مشاكله في الدراسة ،وهذه الخصوصية لا توفرها المدرسة للطالب ، واحياناً تعتبر ظاهرة المدرس الخصوصي وسيلة ابتزاز للطالب ..يقوم بالضغط عليه ليدخل دورة عنده وهنا تصبح الغاية مادية اساساً» .
عطل.. عطل
ورايٌ اخر : « انا اجد ان كثرة العطل الرسمية سبب اللجوء الطالب الى الدروس الخصوصية» ، كان هذا رأي غيث عبد الكريم طالب اعدادية ، مضيفاً : « الطالب من اجل ان يُكمل المواد الدراسية بسبب العطل الرسمية يحتاج الى دروس خصوصية ..فيحتاج الى خبرة الدورات باعتباره صاحب خبرة « ، واكد عبد الكريم على ان «دخول طالب المرحلة المنتهية للدروس الخصوصية دليل على عدم مواضبة الطالب على الدوام وانشغاله بامور خارج المدرسة» .
سوسن وهيب، موظفة 40، عاماً، قالت : « ان المدرس الخصوصي يعتبر حافزاً لنجاح الطالب، والسبب في هذا انعدام التدريس في المدارس .. اذ ليست بالمستوى المطلوب ، وكذلك افتتاح المدارس الاهلية ،وامتحانات الوقف الشيعي والسني يعتبر سبباً في انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية» .وكان لمدير اعدادية رأيٌ اخر ، الاستاذ شاكر لفتة : « ان ظاهرة التدريس الخصوصي لها جانبان .. الايجابي منها هو اهتمام الطالب بالحضور والالتزام وزيادة اهتمامه بالدرس ..فيتأمل الحصول على درجة عالية من اجل الوصول الى معدل اعلى ، ولا ننسى اهتمام الاسرة بالطالب باعتبار صرفهم لمبالغ طائلة للمدرس الخصوصي» .ويتابع : «اما الجانب السلبي هو اهمال العديد من المدرسين في اعطاء حق المادة في المدرسة وذلك لاسباب عديدة اهمها هو ان اكثر الطلاب قد التحقوا بمدرس خصوصي ، ففي هذه الحال يقع الطالب الضعيف مادياً في مأزق كبير بين عدم استطاعته الالتحاق بمدرس خصوصي وبين عدم اعطاء المدرس درسه الاهمية الكافية» .
وكان للمواطن علوان عبد الله رأيٌ اخر مختلف حيث قال : « لاسباب عديدة اضطررت ان ادخل ولدي في السادس الاعدادي الفرع العلمي دروساً خصوصية في جميع المواد الدراسية حتى وصل اجمالي المبلغ 13 مليون دينار ، ولكن المفاجئ في الامر حينما ظهرت نتائج الامتحانات النهائية رسب ولدي بخمسة مواد ، وجدت السبب تقصير الطالب ولادخل للمدرسة في رسوبه ! وذلك لتأثير العديد من الوسائل المستخدمة سلباً كالموبايل والانترنت والستلايت على المستوى العلمي للطالب « .
المصدر :العراق اليوم