لم يتمالك "فهد محمد جصان الموسوي"، 19عاماً، شعوره بالفرح، حين تسلم نتيجة نجاحه في الدراسة الإعدادية، حتى انهارت دموعه، جالساً على الأرض، يبكي طويلاً بلا إرادة، بعدها رجع لأهله راكضاً بما أوتي له من قوة الشباب، تسبقه قدماه للوصول إلى قريته في ناحية الثغر، شمال البصرة، التي أصبح طائر سعدها وطالع خيرها، ليزيل نحس وشؤم قرية (جهنــم) التي غيرت الحكومة اسمها إلى (جنة الثغر)، ويسجل لها أول طالب يحمل شهادة الإعدادية منذ أن عرفها التاريخ.الموسوي الذي حصل على معدل جيد، يحدث اذاعة المربد قائلاً "لم يكن من السهل النجاح وبلوغ الأماني، في هذه القرية المعدومة النائية، التي تعيش على الزراعة وتربية الحيوانات، فهي تفتقر إلى أي معلم حضاري او مرفق خدمي".مضيفا ان "عزمي وطموحي شجعاني الى المضي قدما لإكمال الدراسة، واكسر طوق هذه القرية المنسية، واعلي شأنها، بعدما كنا نستحي من ذكر اسمها (جهنم) المشؤوم، حتى صارت (جنة الثغر) مؤخرا بناءً على طلب وجهناه للحكومة المحلية".ويتابع خريج إعدادية الشعب في قضاء القرنة "سأسعى إلى تمثيل القرية والانخراط في المجلس المحلي الذي كان يشترط على القرية حصول أعضائها على شهادة الإعدادية، لأتابع مع المعنيين تحسين واقعها الخدمي وأنتشلها من واقعها المزري".مضيفا "حتى ذلك الحين سأكمل دراستي الجامعية، واحصل على شهادة بكالوريوس لأصبح أستاذا في اللغة الانجليزية التي طالما عشقتها".من جهة، يحدث اذاعة المربد والده المتقاعد محمد جصان الموسوي "ابني اثبت جديته في تحقيق أحلامه، سأسعى إلى تذليل كل الصعاب أمامه قدر المستطاع، ليكون قدوة لأبناء هذه القرية الأميين".ويبدو إن حظ الطالب فهد لم يقف عن تخرجه فحسب، حيث أعلن الدكتور علي الجزائري وهو مسؤول لمركز إسلامي في كندا، عبر حديثه لإذاعة المربد عن تكفل نفقات دراسة فهد الجامعية واعتباره نموذجاً إنسانيا محروماً بحاجة إلى مد يد العون على أمل أن تلتفت لإقرانه الجهات المعنية.وبحسب الأهالي فأن تسمية القرية السابقة بــ(جهنم) تعود إلى أواخر فترة الاحتلال العثماني للعراق، حيث اتخذوها مكانا لقمع كثير من المواطنين المعارضين وإعدامهم، ما جعل الأهالي يشمئزون منها وأطلقوا عليها اسم جهنم، وتواترت التسمية على حالها حتى منتصف عام 2013، بعدها قررت الحكومة المحلية تغيير اسمها الى "جنة الثغر" وشمولها بمشاريع البنى التحتية التي لم تبدأ على ارض الواقع لغاية الآن.ويرى الأهالي ان تسمية قريتهم السابقة كانت تترك انعكاسا سلبيا وتجلب لهم للنحس، فضلا عن شعورهم بالخجل من ذكر اسم القرية أمام الآخرين، سيما لمن يجهلها، ما يدفع المستمع إلى الضحك والسخرية.يذكر ان القرية تقع في شمال ناحية الإمام القائم (الثغر) سابقا، بمسافة 10 كيلو متر باتجاه ناحية العزير، على الطريق العام بصرة - بغداد، وتعد تجمعا عشائريا معظمهم من آل بو بخيت من عشائر آل بو محمد، إضافة إلى عوائل من السادة الموسوية، وتضم القرية أكثر من 70 بيتا طينيا، وأكثر من 500 نسمة، يمتهنون الفلاحة وتربية الحيوانات، بدخل مالي محدود.
رد مع اقتباس
