التعيين ما به امتياز الشيء عن غيره بحيث لا يشاركه فيه غيره()، وقال بعضهم هو تخصيص الشيء من الجملة().
والعرف: هو عادة جمهور قوم في قول أو فعل().
النـص: هنا بمعنى ذكـر الشيء نطقاً والتصريح به.
ومعنى القاعدة أنه إذا عين العرف لأمر
مطلق أو عام نوعاً من أفراده، وخصصه من جملة ذلك الشيء وميزه عن بقيتها، يعتبر هذا التخصيص والتمييز كأنه ثابت نطقاً، ويطبـق عليه من الأحكام ما يطبـق على المذكور نطقاً، وهذا ما تنص عليه القاعدة الفقهية "المطلق يجـري على إطلاقه إلا إذا قام دليل التقييد نصاً أو دلالة"().
فالمطلق في هذه القاعدة هو اللفظ أو العقد أو التصرف الذي لم يقترن بما يقيده من صفة أو شرط أو غاية أو غيرها يجب حمله على إطلاقه()، ولا يجوز تقييده بالتقليل من شيوعه أو أفراده إلا بدليل نصي يدل على ذلك أو دلالة من عرف أو حال أوغيرها().
التطبيقـات:
كان للعرف دور كبير في تعيين كثير من الأمور التي تؤدي الجهالة بها إلى فساد العقد، مما أدى إلى حماية العقد من الفساد، وتصحيح تصرف المكلف، ومن ذلك:
إذا استأجر داراً بأجرة معينة ولم يسم نوع الاستعمال الذي يريدها له فالعقد جائز، أما لو استأجر أرضاً ولم يبين ما يزرع فيها لم يجز، والفرق أن للناس عرفاً وعادة في كيفية الانتفاع بالدار، فإذا كانت خربة كانت لربط الدواب، وإذا كانـت مزخرفـة يسكن فيها ولا يربـط، فيصير تعيينه بالعرف كتعيينـه
بالشرط، ولو عين بالشرط جاز له أن يربط فيها الدواب، ويجوز الانتفاع بها، كذلك هذا، وليس كذلك الأرض لأنه ليس للناس عرف وعادة في كيفية الانتفـاع بالأرضين وفي زراعتهـا، وقد تزرع زرعـا يفسد الأرض، وتزرع زرعا ويصلحها، فإذا لم يعين فلم تتعين المنفعة لا بالعرف ولا بالشرط، فلم يكن له أن ينتفع بنوع إلا ولرب الأرض أن يقول انتفع بنوع آخر، فلا يصل إلى الانتفاع بها، فلم تجز الإجارة().
اشترى سلعة بمائة دينار ولم يبين نوع الدنانير، انصرف العقد إلى غالب نقد البلد؛ لأنه هو المتعارف فينصرف إليه العقد، ويقيد به مطلقه، تصحيحاً للتصرف، وصيانة له عن الفساد().
تصارف مائة دينار بألف درهم ولم يبينا نوعها، فلكل واحد منهما نقد الناس
في ذلك البلد؛ لأن المتعارف فيما بين
الناس هي المعاملة بالنقد الغالب، وإليه ينصرف مطلق التسمية، والتعيين بالعرف كالتعيين بالنص