وعبر عنها بعضهم بقوله "الثابت دلالةً
كالثابت نصاً"() وهذه القاعدة أعم وتلك أخص.
الإذن: هو إعلام بإجازة الشيء والرخصة فيه().
تقول أذنت له في كذا أطلقت له فعله، وأذنت للصغير في التجارة فهو مأذون له، والفقهاء يحذفون الصلة تخفيفاً فيقولون الصغير المأذون، كما قالوا محجور بحذف الصلة والأصل محجور عليه لفهم المعنى().
الدلالة: هي كون الشيء بحال يلزم من العلم به العلم بشيء آخر().
الصراحة: هو التنصيص على الشيء والإفصاح بذكره()، وهي ليسـت اللفظ الصريح كما أشار إليه علي حيدر في قوله: "إن اللفظ الذي يكون به التصريح يسمى لفظاً صريحاً"() بل هي تشمل كل منطـوق صريحاً كان أم غيرَ غير صريح، فالصريح هنـا هو المنطوق، وهو يقابـل ما ليس بمنطوق، وهو الثابت دلالة، وهو ما نصت عليه القاعدة الفقهية "لا عبـرة للدلالة في مقابلة التصريح"() حيث جعلت المنطوق مقابلاً لغير المنطوق.
معنى القاعدة: أي أن الإجازة والرخصة الثابتة للشخص للتصـرف بمقتضى دلالة الحال تكون في الحكم والأثر، كالإجازة والرخصة الثابتة نطقاً، ويشترط لثبوت الإذن دلالة ما يأتي:
أن لا يكـون هناك تصريح بخلافها()،
فإذا تعارضت الدلالة مع التصريح يقدم التصريح عليها لقوته وضعفها()، كما لو نهى الواهب الموهوب له عن قبض الهبة فقبضها لم يصح قبضه()، ولكن بشرط أن لا تكون الدلالة قد فعلت فعلها، وأنتجت أثرها.
أن لا يوجد مانع شرعي يمنع من عملها، فإن وجدت أهدرت الدلالة، ومثال ذلك أن القبض في العقد الفاسد لا يمكن إثباته دلالة، لأن الإذن بالقبض لم يوجد نصاً، ولا سبيل إلى إثباته بطريق الدلالة لما ذكرنا أن في القبض تقرير الفساد، فكان الإذن بالقبض إذناً بما فيه تقرير الفساد فلا يمكن إثباته بطريق الدلالة، وبه تبين أن العقد الفاسـد لا يقـع تسليطاً علي القبض لوجود المانع من القبض().
التطبيقـات:
ذبح شخص أضحية غيره بغير إذنه في أيام الأضحية جاز استحساناً ولا ضمان عليه؛ لأنه لما تعينت صار المالك مستغنياً فثبت الإذن دلالة، وقيده بعضهم الجواز بما إذا أضجعها للذبح().
وقد وضـع الحنفية قاعدة تنص على التصرفات التي تثبت دلالة هي أن "كل عمل لا يتفاوت فيه الناس تثبت الاستعانة من كل أحد دلالةً، وإلا فلا"().
مات أحدُ الرفقة في السفر فباعوا قماشه وعدته وجهزوه بثمنه وردوا البقية إلى الورثة، أو أغمي عليه فأنفقوا عليه من ماله صح فعلهم، ولم يضمنوا استحساناً().
لو قبـض الموهوب له الهبة في مجلس العقد دون أمر من الواهب صح قبضه استحساناً، والقياس أن لا يصح؛ لأن القبض تصرف في ملك الواهب، والموهوب ما زال على ملكه قبل القبض().
ويلاحظ على هذه الأحكام أنها جميعها أحكام استحسانية أملتها ضرورة تصحيح تصرف المكلف.
ما نصت عليه المادة (971) من مجلة الأحكام العدلية التي جاء فيها: كما يكون الإذن صراحة يكون دلالة أيضاً مثلا: لو رأى الولي الصغير المميز يبيع ويشتري وسكت ولم يمنعه يكون قد أذنه دلالةً.
تصحيح تصرف الفضولي بالبيع أو الزواج أو غيره؛ لأن الإذن في هذا العقد يكون "ثابتاً دلالة , إذ كل عاقل يأذن في التصرف النافع له بلا ضرر يشينه أصلاً