وسائل مكافحة التهرب الضريبي
ان التهرب الضريبي يقع بممارسة المكلف سلوكا مخالفا لاحكام القانون الضريبي ويعد التهرب نوع من السرقة المقنعة يمارسها المكلف بنية متعمدة بقصد الافلات من اداء دين الضريبة المستحق بذمته كلا او جزءا ويتمثل هذا النوع بالتهرب غير المشروع والمجني عليه دائما هو الدولة الممثلة لابناء الشعب ويتسبب التهرب بفقدان الخزينة العامة للدولة لجزء من ايراداتها اللازمة لمواجهة النفقات المتزايدة، وهنا لابد من البحث عن وسائل تكفل منع وقوع التهرب قدر الامكان بسد كل طريق يمكن ان ينفذ من خلاله المكلف المتهرب ومن ثم رصد العقوبات الرادعة التي يتم ايقاعها بحق المتهرب الا ان مكافحة التهرب الضريبي ليس بالامر اليسير اذ يتطلب الكشف عن كافة الوسائل والطرق التي يمكن ان يسلكها المتهرب والثغرات التي ينفذ من خلالها ومن ثم غلقها او معالجتها قدر الامكان باتخاذ التدابير والاجراءات اللازمة بهذا الصدد وهذا ما نبينه على النحو الاتي:
اولا: متابعة المشكلات التي يفرزها تطبيق نصوص القانون الضريبي بمعالجة وسد كل الثغرات التي تظهر اثناء التنفيذ والتي قد يستغلها المكلف للتهرب من خلالها، لذا يتعين اعادة النظر بالنصوص القانونية عند الشعور بوجود ثغرات او اخطاء او نواقص من شانها ان تجعل تلك النصوص مبهمة او غير واضحة مما يتسبب بالتاويل عند تفسيرها ومن ثم اصدار التعليمات التي تكفل حسن تطبيقها.
ثانيا: زيادة الوعي الضريبي لدى المكلفين من خلال تعريف افراد المجتمع بواجباتهم الضريبية بشتى الوسائل المسموعة والمقروءة والمرئية وتعريفهم باهمية الضريبة بعدّها احدى الوسائل التي تمكن الدولة من القيام بواجباتها على النحو الذي يعود على المواطن بالفائدة المتمثلة بالخدمات التي تقدمها المرافق العامة.
ثالثا: تفعيل عقوبة الحبس المنصوص عليها في المادة (58) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 ضمن العقوبات التي توقع بحق المكلف المتهرب بمالها من اثار معنوية على المكلف اكثر من تاثير الجزاءات والغرامات المالية التي تفرض بحقه ومن ثم تشديدها عند تكرار عملية التهرب من نفس المكلف اي في حالة العود الى ذات الجريمة، وتجدر الاشارة هنا الى ان الهيئة العامة للضرائب عادة ما تتجنب رفع دعوى التهرب الى المحاكم تجنبا منها للاجراءات الروتينية المعقدة اضافة للتكاليف الباهضة احيانا مما يضطرها الى تسوية مثل هذه الامور بالاكتفاء بفرض الجزاءات المالية بحق المكلف المتهرب.
ان اقتصار التشريع الضريبي على فرض غرامات مالية قد تكون طفيفة احيانا لاتردع المتهرب اذ ان المكلف يقارن الفوائد التي تعود عليه من جراء التهرب وبين الغرامات او الاضافات المالية التي تفرض عليه عند كشف التهرب لذا يتطلب الامر ان يتناسب مقدار الغرامات والجزاءات مع المبالغ المتهرب من دفعها.
رابعا: التاكيد على مبدا العدالة والشمول عند فرض الضريبة وهنا لابد ان تسري الضريبة على كل فرد في المجتمع يتمتع بقدرة على تحمل الاعباء المالية حتى لا يتولد لدى المكلف شعور بانه يتحمل اعباء ضريبية تتجاوز قدرته المالية دون غيره مما يدفعه الى ممارسة اي سلوك من شانه التخلص من عبئها، ولتحقيق مبدا العدالة والشمول يجب مراعاة مايلي:
أ: شمول الضريبة لجميع الاشخاص القادرين على دفعها.
ب: مراعاة الظروف الشخصية والحالة الاجتماعية للمكلف.
وتجدر الاشارة هنا الى ان الضريبة المفروضة بموجب قانون ضريبة الدخل العراقي رقم (113) لسنة 1982 المعدل هي ضريبة شخصية لمراعاتها لظروف المكلف الشخصية وحالته الاجتماعية ولكثرة السماحات والاعفاءات الممنوحة للمكلف اضافة الى انها لا تسري الا على الدخول الحقيقية التي يحققها المكلف.
خامسا: اصلاح الاساليب الادارية: ان اتباع الاساليب الادارية القديمة لا يمكن ان يحقق الاهداف المرجوة من التشريع الضريبي اذ لابد من ادخال الاساليب العلمية الحديثة حيث اصبح من الضروري ادارة اعمال اي مديرية او مؤسسة ومهما كانت طبيعة عملها ان تدار بموجب اساليب حديثة فالاساليب الادارية المتبعة في الهيئة العامة للضرائب تحتاج الى تحليل وتمحيص لتلافي المسببات التي من شانها ان تعرقل عملها ومن ثم لا بد من معالجتها بادخال اساليب الادارة الحديثة التي يمكنها من ادارة اعمالها بشكل منسق ومنتظم ومنها:
أ: ادخال الحاسوب الى كافة الوحدات التخمينية وشعبة الاراضي والعقار والتدقيق لانجاز معاملات المكلفين وتسهيل مهمة التخمين بشكل اكثر سرعة واكثر دقة.
ب: ان ما يجري عليه العمل حاليا بخصوص تخمين مبلغ الضريبة المستحق على المكلف يتم في غرف المخمن معتمدين في ذلك على بعض المؤشرات التي حصلوا عليها عن دخل المكلف في حين ان التخمين لو يحصل بعد الاطلاع على طبيعة نشاطه والتحقق من الارباح التي حققها من خلال مشاهدته لعدد العاملين لديه وحجم المنشاة... الخ لكان التخمين اقرب الى الواقع.
ج: تعميم مبدا مسك الدفاتر والسجلات التجارية على كافة المكلفين وفقا لضوابط متعددة وحديثة بهدف فرض الضريبة المتحققة وفقا لما جاء في هذه الدفاتر والسجلات بدلا من اللجوء للتقدير الجزافي الذي قد يكون بعيدا عن الواقع وعموما يمكن توسيع نطاق تطبيق نظام مسك الدفاتر والسجلات باتباع الطرق التالية:
1. نشر الوعي الضريبي بين المواطنين - المكلفين - والتاكيد على اهمية مسك الدفاتر والسجلات لاغراض ضريبة الدخل.
2. فرض عقوبات صارمة على المخالفين لاحكام هذا النظام بحيث يعاقب كل مكلف ارتكب مخالفة لاحكام نظام مسك الدفاتر التجارية لاغراض ضريبة الدخل بغرامة تتراوح بين 10% - 25% من الدخل المقدر قبل تنزيل السماحات المقررة قانونا.
د: احكام الرقابة على السجلات ولتحقيق هذا الغرض لابد من التأكد من الدفاتر والسجلات التجارية التي تشمل كافة العمليات التي باشرها المكلف خلال السنة وان تعكس السجلات المركز المالي للمكلف والتاكد من انها قد مسكت طبقا للاصول الفنية والمحاسبية وكذلك القيام بزيارات ميدانية مفاجئة لمواقع عمل المكلف مما يجعله يشعر بوجود رقابة مستمرة على الدفاتر والسجلات التجارية الامر الذي يجعله يتجنب العقوبات التي توقع بحقه في حال مخالفته للاصول القانونية المتعلقة بمسك السجلات والدفاتر التجارية.
سادسا: اصلاح الجهاز الضريبي: من الامور التي توليها الدولة عناية في الوقت الحاضر هو اصلاح الجهاز الضريبي وتطعيمه بالكفاءات والخبرات اللازمة لرفع مستواه بما يتلاءم مع المسؤوليات الملقاة على عاتقه لما لهذا القطاع من دور هام في دعم الموارد المالية للدولة وينبغي ان يتم اصلاح الجهاز الضريبي على نحو من شانه ان يحقق الموارد المالية اللازمة لمتطلبات التطور الاجتماعي والاقتصادي لتحقيق الرفاه الاقتصادي للبلد.
ان مدى امكانية قيام الجهاز الضريبي بالمهام الملقاة على عاتقه ترتبط ارتباطا وثيقا بمدى كفاءة وخبرة العاملين ضمن هذا الجهاز فكلما كان الكادر الضريبي معززا بموظفين اكفاء قادرين على فرض الضريبة وتحصيلها دون فسح المجال للتهرب كلما حقق الاهداف التي يسعى اليها.
وبناء على ماتقدم يترتب على الهيئة العامة للضرائب تشجيع موظفيها على تنمية قدراتهم وقابلياتهم الضريبية والاقتصادية والقانونية والمحاسبية من خلال فتح دورات مكثفة بين فترة وأخرى لتخريج وجبات متخصصة ومتسلحة بالعلوم الضريبية.