التعاون الدولي في مكافحة
تجارة الرقيق
كما ذكرنا سابقا فان هناك جهوداً دولية عديدة لمكافحة هذا النوع من الجرائم والذي أدرك المجتمع الدولي أنه يجب التعاون من أجل القضاء عليها فأبرم بعد الحرب العالمية الأولى وتحت مظلة عصبة الأمم المتحدة الاتفاقية الخاصة بمنع الرق عام 1926م وتم تعديل هذه الاتفاقية عن طريق الأمم المتحدة ببروتوكول تعديل اتفاقية الرق عام 1953م وفي عام 1956م تم التوسع بإضافة بعض الممارسات إلى مفهوم الرق عن طريق اتفاقيات تكميلية.
كما أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة الرابعة منه على أنه لايجوز استرقاق أحد أو استعباده ويحظر الاتجار بالرقيق بجميع صوره .
لقد اتخذت الكويت عدة خطوات في مواجهة تجارة الرقيق ، فصدر القانون رقم (16) لسنة 1960م والذي يجرم أعمال الخطف والحجر والاتجار بالبشر واستغلالهم جنسيا في المواد من (178 حتى 185) ، والذي تنص المادة (185) على أن كل من يدخل في الكويت أو يخرج منها إنسانا بقصد التصرف فيه كرقيق وكل من يشتري أو يعرض للبيع أو يهرب إنسانا على اعتبار أنه رقيق يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز خمس سنوات وبغرامة لاتتجاوز خمسة آلاف روبية أو بإحدى هاتين العقوبتين كما صدر القانون رقم(36) لسنة 1968م بالموافقة على ميثاق منع الاتجار بالأشخاص واستغلالهم في البغاء.
وقد قامت الكويت في 12 مايو 2006م بالتصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولين المرتبطين بها وهما بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال ، وبروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو ، وتم إيداع وثائق تصديق الحكومة الكويتية لدى سكرتير عام المنظمة الدولية كوفي عنان.
ولما كان لموقع دول الخليج العربي الجغرافي المميز باعتبارها همزة وصل بين دول شرق آسيا وأوروبا مما جعل بعض هذه الدول مثل الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين مسارات رئيسة ومحطات مهمة في تجارة الجنس (الرقيق الأبيض) حيث يتم سنويا تصدير العشرات من الفتيات من دول شرق آسيا ودول الاتحاد السوفيتي سابقا إلى هذه الدول.
وهو مايبعث على القلق من امتداد هذه النشاطات إلى دولة الكويت وذلك بسبب القرب الجغرافي من هذه الدول ، بالإضافة إلى التوجه إلى تحرير التجارة وتطوير السياحة في الكويت وخصوصا في الجزر
ولكن الواقع العملي أثبت أن هناك قصوراً دولياً في مكافحة هذه الجريمة سواء من ناحية الانضمام إلى الاتفاقيات أو مكافحتها على المستوى الوطني من ناحية أخرى ، وما يدل على ذلك هو تصديق خمسة وعشرين بالمائة فقط من دول العالم على اتفاقية عام 1949م والخاصة بمكافحة الاتجار بالأشخاص أو الدعارة في صورها كافة .
وإضافة إلى موقف الدول من هذه الظاهرة فإن هناك دولاً تقوم خشية الإحراج الدولي بإخفاء وجود حالات اتجار بالأشخاص لديها ، كما أن هناك دولاً تضفي صفة الشرعية على هذه الممارسات فتصدر قوانين تسمح بأعمال الدعارة كأي وظيفة أخرى مقابل أجر مادي ، وهناك دول تعامل الضحايا في هذه الجرائم في حال هربهم على أنهم مهاجرون غير شرعيين أو منتهكون لقانون الإقامة وهنا تكمن الخطورة فبدلا من تلقيهم المساعدة كضحايا تقوم هذه الدول بسجنهم وترحيلهم إلى بلادهم مما يجبرهم على البقاء في هذه الأعمال خوفا منقيام الدولة بترحيلهم .
لذلك فقد تبنت هيئة الأمم المتحدة في اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية بروتوكولا عن الاتجار بالأشخاص من قبل عصابات الجريمة المنظمة ، وعلى الرغم من عدم تغطيته لجوانب هذه الظاهرة كافة إلا أنه اهتم بالتحديد في حماية المجني عليهم في حال لو تمكنوا من الهرب وهو مايعبر عن الاهتمام الدولي بهذه الظاهرة وبصفة خاصة في حال ارتكابها من قبل جماعة إجرامية منظمة.