خصائص الجريمة المنظمة
أولا: من حيث الهيكل والبنيان:
(1) عدد الأعضاء
اشترطت بعض التشريعات عدداً معيناً من الأشخاص لكي توصف الجماعة الإجرامية على أنها منظمة ، مثل قانون العقوبات الإيطالي وتعريف الاتحاد الأوروبي والذي اشترط أن تكون الجماعة مكونه من ثلاثة أشخاص فأكثر لكي توصف بأنها جماعة إجرامية منظمة.
في حين أن هناك عدداً من التشريعات لم تضع عدداً معيناً من الجناة حتى توصف الجماعة الإجرامية على أنها منظمة مثل القانون الفرنسي والألماني.
واشترطت اتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية في المادة الثانية أن تكون الجماعة مؤلفه من ثلاثة أشخاص فأكثر لكي توصف بأنها منظمة وهو في نظرنا العدد اللازم لكي توصف الجماعة الإجرامية بأنها منظمة نظرأً لما يقتضيه البناء الهيكلي للجماعة.
( 2) الـتنـظـيـم:
يعتبر التنظيم الصفة الرئيسة للجريمة المنظمة عبر الوطنية ويقصد به : ترتيب وتنسيق وجمع الأعضاء داخل بنيان أو هيكل شامل ومتكامل قادر على القيام بأعمالها الإجرامية ،ويكفل هذا التنظيم خضوع الأعضاء إلى نظام سلطوي رئاسي ، بحيث يكون الأعضاء تحت قيادة زعيم أو قائد أو لجنة عليا تكون مسئولة عن اتخاذ القرارات وتوجيه الأعضاء لتحقيق أهداف الجماعة الإجرامية ، كما يتيح التنظيم لأعضاء الجماعة الإجرامية علاقة تكون قائمة على التدرج في القوة طبقا لمدى كفاءة تنظيمها. لذلك تتميز الجماعة المنظمة بتوزيع العمل بين أعضائها وهذا التوزيع هو من أنماط ظاهرة الإجرام المنظم ولا يشترط أن يتخذ الهيكل التنظيمي شكلاً معيناً أو أن يعلم كل عضو باختصاص أو أدوار بقية الأعضاء ، لذلك عادة ما تكون هذه الهياكل التنظيمية سرية.
(3) التخطيط:
يعتمد أسلوب العمل داخل عصابات الجريمة المنظمة بالدرجة الأولى على التخطيط ، بحيث لا تعتمد على عمل شخص واحد بل على عمل جماعي يقوم على تقسيم الأدوار بدءا من الإعداد حتى التنفيذ ، حيث تقوم بدراسة ماهو متوافر من إمكانيات ووضع خطط دقيقة لتنفيذها بكفاءة ، وتستعين لأجل ذلك بذوي الخبرة والاختصاص في المجالات والتخصصات المختلفة والتي تفيدها ، سواء كانت إدارية أو قانونية أو اقتصادية أو حتى سياسية وذلك بهدف تطوير أسلوب عملها وتنمية قدراتها.
(4) البناء الهرمي المتدرج:
يعتبر الهيكل التنظيمي الهرمي من الخصائص المهمة التي تميز معظم المنظمات الإجرامية ، وهو مايجعل من الاستحالة ضبط قادة هذه المنظمات متلبسين بارتكاب عمليات إجرامية ، كما يجعل من الصعب إثبات ارتباطهم بأية أنشطة إجرامية محددة.
ويختلف هيكل تلك الجماعات باختلاف نشاطها وطبيعتها والبيئة الثقافية التي تنبع منها ، فهناك الجماعات المؤلفة من عدد من العائلات والتي يكون لها تسلسل هرمي وهي تشبه في ذلك النقابات ، مع ملاحظة أن اختيار الأعضاء في السابق كان يتم على أساس عائلي ، ولكن في الوقت الحالي هناك تنظيمات إجرامية تضم مجرمين من أصحاب السوابق دون أن يكون الأساس العائلي ضروريا ، كما أن هناك جماعات تقوم على أساس عرقي ، ويكون الانتساب فيها على هذا الأساس.
ويحكم هذا البناء نظام صارم لا يعرف الرحمة أو التسامح وهو ماعبر عنه البعض بقاعدة الصمت ، حيث يلتزم أعضاؤها لأجل خدمة أغراضها بعدم إفشاء الأسرار والولاء التام حتى الموت.
ثانيا من حيث طبيعة النشاط:
(1)الاحـتـراف:
يعتبر الاحتراف من أخطر نماذج العمل الإجرامي ، حيث عادة ما يكون أعضاء الجماعة الإجرامية المنظمة من فئة المحترفين في ارتكاب الجرائم ، ويملك هؤلاء المحترفون مهارة وقدرة فائقة ودناءة في تنفيذ الأعمال الإجرامية وقد يصل هذا الاحتراف إلى تخصص أعضاء المنظمات الإجرامية في نشاط معين بحيث يكون كل تنظيم إجرامي متخصصاً في ارتكاب جرائم معينه ، فتجد من هو متخصص في المخدرات أو الرقيق أو السلاح وغيرها من الجرائم المختلفة التي تمارسها تلك المنظمات ، وتجد أن معظم الذين لا يملكون هذه الصفة سرعان ما ينكشف أمرهم ويجدون أنفسهم في قبضة العدالة.
(2)الاسـتمـراريـة:
يقصد بالاستمرارية : استمرار عمل المنظمة بغض النظر عن حياة أي فرد فيها حتى ولو كان رئيسا وهو ما يعني أن الرؤساء الذين يتوفون يأتي بدلا منهم رؤساء جدد ، لذلك تستمد هذه التنظيمات الإجرامية صفة الاستمرارية من نشاطها وليس حياة أعضائها ورؤسائها ، لأن العبرة في استمرارية الجماعة الإجرامية المنظمة هي مباشرتها لأنشطتها المشروعة وغير المشروعة وليس حياة أي فرد فيها.
(3) استـخـدام الـعنـف:
عادة ماتقوم التنظيمات الإجرامية باستخدام العنف أو التهديد باستخدامه ويصل هذا العنف في أغلب الأحوال إلى القتل أو خطف الأشخاص وهي قد تمارس هذا العنف على الأشخاص العاديين لإخضاعهم لسيطرتها أو تجاه أعضاء التنظيم الذين يخالفون الأوامر سواء بإبلاغ السلطات العامة أو الحصول على منفعة شخصية على حساب أعضاء التنظيم كما يمكن أن تمارسه على المنافسين الجدد من التنظيمات الإجرامية الأخرى والتي تدخل مناطق تخصص أو نفوذ العصابة ، ولا يقتصر عنف هذه التنظيمات على الأشخاص بل يمتد إلى ذويهم وممتلكاتهم كما تمارس الجماعات الإجرامية المنظمة عنفها على كل من يشكل عقبة في طريقها لتحقيق أغراضها المشروعة وغير المشروعة.