مشاهد مأساوية من الدولة العراقية
خضر دوملي/ خندان
يحز في نفس الانسان البريء، الانسان الحريص على الانسانية، ان يرى كل هذه المشاهد الدموية في الدولة العراقية، وسط صمت حكومي، ورسمي، وسط اهمال واستمرار الاجهزة الامنية في تبرير فشلها ودفاع الحكومة ومؤسساتها بأن كل شي تمام والوضع آمن و سنقف ضد الميليشيات ونفرض سلطة القانون ،،، بس طبعا فقط كلام للتلفزيون .
المشاهد المأساوية التي تحدث منذ اكثر من شهر تتطلب ليس فقط الوقوف عندها، بل تتطلب خطوات جريئة من كل من يهمه مصلحة هذا الوطن الذي يتمزق، والارواح التي تزهق، و الاحداث التي تضفي مشاهد سوداوية على حياة الناس .
البلد يواجه اشرس موجة دموية من الانفلات الامني، عصابات تغلق المقاهي والحكومة تضحك، وتقول انها لن تتوانى في فرض سلطة القانون ، وطبعا هذا الكلام فقط للتلفزيونات، لانه لم تعد للجرايد ذات الاثر كما يتصور السادة المسؤولين في الحكومة وعلى رأسها دولة رئيس الوزراء الموقر، الاحداث تتوالى والانفجارات تستمر، ويقتل الابرياء والنساء والاطفال، يقتل المواطن الذي لايمتلك اي شيء سوى حب هذا البلد ، في وقت المسؤولين محصورين خلف الكتل الكونكريتية العالية وبأحدث اجهزة الكاميرات وارقى انواع الرشاشات. بينما المواطن البريء حصته اجهزة كشف متفجرات منتهية الصلاحية، واجهزة امنية لاتستطيع ان توفر الحماية لنفسها وشرطة تخاف العصابات، التي وصلت قوتها الى مهاجمة السجون التي تعتبر رمز صلابة الحكومة وقوتها في فرض الامن .
المشاهد التي باتت تتكرر في كل مدن العراق تحمل معها الكثير من المعاني، معاني الانفلات الامني، معاني الكسل والفشل الحكومي، معاني ضياع هيبة الحكومة ، وظهور سيطرة العصابات والشقاوات بين منطقة واخرى.
قبل سنة مضت قلت في مقال سابق ان الدولة العراقية في طريقها لان تصبح كانتونات، لكل منطقة او مدينة او طائفة سلطتها وميليشاتها، والان هذا المشهد بات شبه مؤكد مع ضعف الحكومة واجهزتها الامنية وتراجعها في حماية الناس.. و لايمكن لنا ان نسرد كل الادلة على ذلك فالاحداث الماساوية الاخيرة تبين ذلك بوضوح، هجوم على الايزيدية في الموصل، رمي كنيسة بالرصاص، قتل البيشمركة في ثكنة حماية، اغتيال شيخ عشيرة ، هجوم على مسجد واخر على حسينية، استهداف لمجلس عزاء، هجوم على السجون، قتل رجال الشرطة في وضح النهار، هجوم على الجيش ، و على حاملي الرواتب وهجوم كاسح عاصف بأسم كتائب ( ؟؟؟؟ ) لا اعرف من اين اتوا بالاسم على المقاهي ، والحكومة فقط تتشدق بما يتلوه دولة رئيس الوزراء من تصريحات ، وتنفي فشلها ... اي حياء هذا للحكومة المنهارة من كل شيء الا من اسمها ورواتب مسؤوليها وحماية مصالحهم . .... هل يقدم لنا دولة رئيس الوزراء حسنة من حسنات الحكومة تجاه شعبه في تخفيف العنف وتوفير الكهرباء، الكهرباء فقط يا سيادة مسؤول الكهرباء ونائب رئيس الحكومة لشؤون الطاقة. الكهرباء وليس غير الكهرباء ومعه بعض الامان.؟؟؟
ان هذه الاحداث الماساوية تبين ان العراق دون اقليم كوردستان في طريقه الى انفلات وانهيار امني واضح، وهذا يرجع الى عدة اسباب، ابرزها : تمسك الحكومة وابرز مسؤوليها وقادتها بمصالحها فوق مصالح المواطن . ظهور قوة العشائر وبمباركة رئيس الوزراء وحكومته وحضوره لمنتدياتهم ومؤتمراتهم التي لم يخرج منه اي شيء سوى التهديد و التشهير من هذا الطرف ضد ذاك. استمرار الحكومة في التستر وعدم معاقبة المسؤولين الذين كانوا ولايزالوا سبب فشل الخطط الامنية . عدم اتخاذ الحكومة لخطوات اساسية في توفير الامن وانشغالها في قضايا الهاء الشعب بخطورة نفط الاقليم ومصير سوريا وملاعب خليجي 22 التي لايتوقع ان تستضيفها العراق. اهمال الحكومة لصوت المجتمع المدني والوسائل الاعلامية ومحاربتها للذين يريدون وضع حد للانتهاكات المستمرة من قبل الحكومة لحقوق الانسان . ضياع الهيبة الرسمية للدولة وعدم تطبيق النظام الفدرالي بالشكل الصحيح الذي لايفهمه اغلب مسؤولي هذه الحكومة ألا من عنوانه ولايعرفون فائدته و قوته لهذه المرحلة . الوقوف بقوة امام رغبة المحافظات في اعلانها اقاليم مستقلة التي ستوفر لها الكثير من الحماية والازدهار الاقتتصادي والاستقرار الامني الذي يبدو ان الحكومة لاتريده للشعب. الفوضى في النظام المالي والضرائبي ؟ ظهور قوة عصابات القتل والجريمة والسرقة و القتل واستهداف المؤسسات الحكومية واستهداف اي شيء انساني جميل في هذا البلد . وهل يعقل ان يصبح المواطن في اغنى دولة في العالم بالنفط يبكى في طابور للحصول على بنزين سيارته في هذا الحر القائض ... أية مشاهد مأساوية هذه واية حكومة هذه التي تسكت عن كل شيء الا عندما تهتز مصالح مسؤوليها فهم شرسون وأقوياء و اشداء على الضالين والكفار