مكان لا يمكن أن يثير انتباه احد، وحتى بابه الحديدي العملاق بأقفاله المخفية جيداً لا تعطيك انطباعاً عن “الثروة التاريخية” التي تقبع وراءه. موديلات لم تعد موجودة، وشركات ربما توقفت عن الإنتاج لكن نماذجها الملكية بقيت لتروي للأجيال قصة الزمن الجميل.
هذه المقتنيات تعتبرها أمانة بغداد أثمن ما لديها، حتى إن القصور الرئاسية تعرّضت للنهب والسرقة في أحداث عام 2003 ولم يستطع اللصوص الوصول إلى سرداب “أمانة بغداد”، حيث تربض سيارات تعود لفترة الحكم الملكي في العراق (1920-1958) من نوع “مرسيدس” و”كاديلاك” و”كونتكنتال” و”بلايموث” و”فورد” و”شوفرليت” و”بنتلي” وغيرها من الأسماء الفخمة.
يقول حكيم عبدالزهرة، مدير عام العلاقات والإعلام في الأمانة، لـ”العربية”: “حافظنا عليها كما يحافظ البخيل على جوهرته الوحيدة، فهي تذكارات من أرقى الشركات العالمية الأميركية والإنجليزية والألمانية. بل إن سيارة الملك غازي هي الوحيدة الباقية من بين خمس أو ثلاث سيارات في العالم صنعت عام 1932 بطلب خاص من الفوهرر واحدة له وواحدة لموسيليني وأخرى للملك غازي عربون صداقة وإعجاب بالعاهل العراقي”.
ويضيف كاشفاً أنه “من الطريف أن الشركة المصنعة للسيارة الفخمة، وهي “مرسيدس-سيشل” تقدمت بطلب إلى الحكومة العراقية تعرض فيه استعدادها لمبادلة سيارة الملك القديمة بأعداد من سياراتها الحديثة، ورفضت الحكومة، فهذه السيارة وغيرها من سيارات العهد الملكي إرث وطني ليس من السهولة التفريط به”.
السيارات الملكيةالهواية التي قتلت ملكاً
ومن جهته يشرح الباحث الفولكلوري باسم عبدالحميد حمودي قائلاً: “لم تكن سيارة المرسيدس الرياضية ذات المقعدين هي الوحيدة التي أهديت إلى الملك غازي، فأهداه أحد العراقيين في عام 1932 أيضاً سيارة رولز رويس سوداء اللون عبارة عن قطعة فنية”.
ويذكّر المتحدث بأنه “كان المعروف عن الملك أنه من هواة ركوب السيارات حتى إنه قتل في حادث سيارة سنة 1939″.
ويضيف حمودي: “ليست السيارات وحدها هي الثمينة من تركات الفترة الملكية، فمازلتُ أذكر حفلة تتويج الملك فيصل الثاني يوم جاء بعربة ملكية تجرها خيول مطهمة عام 1953. نفس هذه العربة موجودة الآن ضمن مقتنيات أمانة بغداد وعرضت أخيراً للجمهور وما ميّزها لنا هو التاج العراقي الذي كان يتصدرها”.
سيارة الملك فيصل الثانيطرائف عن أوّل سيارة تدخل بغداد
وسعت أمانة بغداد في السنوات الأخيرة إلى أن تضم مقتنياتها كافة السيارات العائدة إلى الزعماء العراقيين في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي وصولاً إلى الزمن الحاضر باعتبارها تتصل بحقب زمنية مهمة في حياة العراقيين، وهي بصدد إنشاء متحف خاص لهذا الغرض.
يُذكر أن عام 1908 شهد دخول أول سيارة إلى شوارع بغداد قادمة من الشام وكانت بالنسبة للأهالي “أعجوبة الأعاجيب” حتى إن عالم الاجتماع العراقي علي الوردي كتب عن هذا الحدث: “أصبح الناس ينظرون تحتها لكي يكتشفوا الحصان الكامن في بطنها على زعمهم، إذ لم يكن من المعقول أن تسير عربة من غير حصان يجرّها”.
منقووووووول