قلم فضي ، ست نجوم ذهبية ، وسام العضو المثالي ،
وسام ذهبي ، ووسام الكاتب المميز ، للبيع
............................
منذ صغري وأنا غني جدا بأصدقاء مخلصين ، أوفياء ، أمناء ، شرفاء ، ولم اجد تغيرا منهم ابان عزي وفقري، وعسري ويسري ، والحمد لله. ما شعرت يوما بصحراء خالية من البشر في قلبي ، بل كنت اشعر ولما أزل بمروج تزهو حبا وجمالا ، وطيبا ووفاء.
وأصدقائي فيهم الغني والفقير ، والعامل والوزير ، والحافي والأمير ، وفيهم من لا يزالوا يسكنون الكوخ وينامون على الحصير ، وفيهم أصحاب القصور والفراش الوثير. فيهم الأمي وفيهم المثقف وفيهم الجاهل. هذه حقيقة والله لا مبالغة فيها.
وهناك صديق لي ، عجيب غريب ، وفيٌ ، لعين ، يظهر تارة ، ثم يهرب اخرى ويغيب. صديقي هذا يختلف عن أصدقائي الاخرين تماما. اذ يحمل في طياته الرحمة ، والقسوة ، الذل والعفة ، والغباوة والذكاء ، والضعف والقوة ، والشجاعة والجبن.
سريع التعارف بالرجال والنساء ، والشباب ، والشابات ، وكم رايته بام عيني ، مع بنات شريفات مؤمنات يحاول اذلالهن ، نعم مع بنات ونساء شريفات جدا ، والله شريفات جدا. ورايته تارة اخرى مع شباب شرفاء ويحاول اذلالهم.
تعرفت على هذا الصديق في صباي ، وصار لا يفارقني لحظة. عذبني وافادني ، ولكنه ما استطاع ان يذلني في اوج عظمته.
هذا الصديق اصبح معروفا على الصعيد العالمي ، وبدون مبالغة لم أزر بلدا الا وكنت أراه أمامي و أتألم ، ولكن لا حول ولا قوة لي في انقاذ الكثير من الابرياء ، والبريئات من مخالبه.
الشيء الذي هز كياني ، وأصارحكم ، وأرجو أن لا تزعلوا من صراحتي. عندما دخلت منتدانا ، وجدت هذا الصديق أمامي ، وقد قوى علاقته مع بعض الاخوة والاخوات ، ولا احد من الاخوة والاخوات بقادر ان يفصح عن علاقته السرية بصديقي هذا ، لعزة نفسهم ، وتحليهم بالصبر والايمان.
وكلي ثقة انتم تعرفوه ، وقد سمعتم عنه الكثير. هذا الصديق كان ولا يزال ولسوف يبقى علما معروفا ، ولا يخلوا مجتمع بشري منه.
وأصحاب الفكر ، من فلاسفة ، وكتاب ، وعلماء ، يعرفونه جيدا. والان أبيح لكم باسمه ، لانه كنار على علم ، وهذا الصديق هو الافلاس.
زارني بعد غياب طويل ، ورحبت به ، لا حبا ولا شوقا ، بل لكونه يلهب مشاعري ، ويحفزني على الكتابة. أستطيع أن أقول عنه ، انه سماد ، لحقول الفكر ، والمعرفة.
في يوم كنت فيه مفلسا ، وحرت في أمري ، لا اعرف أين أولي وجهي ، وما أقسى حيرة المفلس. فكرت في الأمر ، ولم أجد لنفسي حلا . وتوجهت إلى منتدى كنت عضوا فيه ، لأنه ينسيني حر الصيف ، وبرد الشتاء ، ويلهيني حتى عن طعام العشاء ، اعني مرتع خصب لكل مفلس من أمثالي.
دخلت المنتدى على بركة الله ، فجلب نظري ما يلي: عراقي مجهول ، يحمل وسام العضو المثالي ، و قلم فضي ، مع ست نجوم ذهبية ، تتراقص أمامي ، كما يتراقص الجوع في داخلي.
خرجت في الحال منزعجا ، لاني لا احب الاوسمة ، ودخلت منتدى اخر ، وأفاجأ بالوسام الذهبي. خرجت اكثر انزعاجا ، ودخلت منتدى اخر ، لاعرف من زارني من الاخوة ، والاخوات في غيابي ، لأقرأ تعليقاتهم التي تريح حتى ابناء السبيل. واذا بصديقي الادمن يهنئني بالوسام الجديد ، (( وسام الكاتب المميز ))فتلقيتها كالصفعة على راس الاصلع هههههههههههههه.
وللتو جال في خاطري ، أن اعرض قلمي الفضي ، والست نجوم الذهبية ، ووسام العضو المثالي ، والوسام الذهبي ، ووسام الكاتب المميز للبيع.
تركت المنتدى ومن فيه ، وذهبت مسرعا لبيع قلمي الفضي ، والست نجوم الذهبية ، والأوسمة إن سهل الله.
وجدت في طريقي محلا للصياغة ، ودخلته ، فوجدت رجلا وسيما ، تشع من جبينه بوادر الخير ، حييته وعرضت عليه بضاعتي ، فطلب مني أن أريه القلم الفضي ، والست نجوم الذهبية ، والاوسمة . اجبته انهم في المنتدى ، فقال أين هو المنتدى؟ أجبته في الحال في الكومبيوتر ، فقال وهو يبتسم ، اذهب يا فتى الى السيد طخطوخ العصعوصي ، في البيت المجاور ، في الطابق الأول. هو يشتري منك القلم ، والنجوم ، والأوسمة ، بسعر جيد.
ودعته ، وخرجت منه شاكرا فرحا.
ذهبت الى البيت المجاور ، والى الطابق الأول ، وكبست على جرس الباب ، وانفتح اوتوماتيكيا ، ودخلت وكلي أمل ، فوجدت فتاة ، ترحب بي بابتسامتها العذبة ، وكأنها تعرفني من عهد قارون.
طلبت هويتي الشخصية ، وسجلت اسمي ، عمري ، وعنواني ، ثم قالت وهي تبتسم ، تفضل سيد عراقي مجهول في غرفة الانتظار ، وسوف نناديك.
دخلت غرفة الانتظار ، فوجدت عددا غير قليل من النساء ، والرجال ، ينتظرون ، وقد نحت الزمن وجوههم ، وأجسامهم ، بمعول النكبات ، حتى تخال أنهم هياكل عظمية مصبوغة بمآسي الحياة.
جلست منتظرا ، وأنا أتفحص الوجوه بعمق انسان كئيب مفلس.
وجدت أمامي فتاة في مقتبل عمرها ، نظرتني وابتسمت ، فبعثت في نفسي نوعا من الراحة. ابتسمت بدوري تحاكيا مع مشاعرها. قتلنا جزء من وقتنا ، بين نظرات وابتسامة ، وابتسامات ونظرة ، وأخيرا وجدتها تبكي كطفلة في حضن أمها!!!!!!
أخذني العجب ، وخلت أنا السبب ، وحرت في أمري ، أما الجالسون ، فكان كل في عالمه ، وكان شيئا لم يكن!!!!!!!!!!!!!!!!
بجانبي ، وجدت شابا وسيم الطلعة ، أعاصير الزمن قد حفرت وديانا في وجهه ، بامكان الفرد ان يقرا منها ، أهازيج الحزن ، والكابة ، والفاقة. سألته: أجئت تبيع قلما فضيا؟ أجابني لا ، جئت لابيع محراث والدي.
-أيشتري محاريث كذلك؟ ورد رجل كبير السن ، دفعه الفضول ، وكان جالسا على مقربة منا ، وقد سمع حديثنا قائلا ، سبق وان بعته حمار أمي ، واليوم سوف أبيعه بغلة جدي. طخطوخ مقبرة لا ترجع ميتا.
لزمني الصمت ، وازددت أملا انه سيشتري قلمي الفضي ، والنجوم ، والاوسمة.
بين فينة وأخرى ، السكرتيرة تنادي كل باسمه ، لمقابلة السيد طخطوخ. بعد قليل جاء شاب يبان من هندامه انه رياضي ، وحيا الجميع ، وجلس على مقربة مني ، وصار ينقد فريق المغرب لكرة القدم. سألته: هل أنت من هواة كرة القدم؟ فأجابني بالنفي وقال: أنا من أبطال أركاض 100 متر ، غير أني ويا للأسف حصلت في سباقات اسيا على مدالية فضية لكوني كنت الثاني. سألته كم كان عدد المشتركين في سباق ال 100 متر. أجابني كنت المشترك الوحيد ، ركضت وحيدا في سباق 100 متر وأما النتيجة فكنت الثاني. عجبت من أمره. سألته هل أنت متزوج؟
أجابني بكل أدب ولطف: نعم ، الا أن زوجتي المسكينة ضعيفة جدا ، البارحة ابان الطعام بلعت ونتيجة الصدف نواة تمرة والذي يراها اليوم يخالها حبلى في الشهر الثامن.
- ما السبب الذي دعاك تقابل طخطوخ؟
_ جئت لاشتري منه عددا من بيض الفيلة.
في هذه اللحظة نادتني السكرتيرة: تفضل يا عراقي مجهول.ودعت صاحبي ، وذهبت لغرفة السيد طخطوخ العصعوصي متفائلا.
وجدته رجلا ، لا يتجاوز الستين من عمره ، ذو عينين جاحظتين ، وانف اكبر من الضفدعة ، وأذنين كبيرتين قد غطتا جزء كبيرا من رأسه. خلاصة القول ، من يراه في بستان ، يظن انه أتى من كوكب اخر. وجه مخيف جدا.
رحب بي مبتسما ، وجلسنا ، وشعرت براحة في اللقاء ، اذ كان لطيفا ، وسألني:
- تفضل وحدثني بمشكلتك يا سيد عراقي مجهول.
عندي قلم فضي ، و ست نجوم ذهبية ، و أوسمة ، ولظروف صعبة أبغي بيعهم. أرشدني اليك جارك الصائغ
-أين هو قلمك الفضي ، وأين النجوم الذهبية ، والأوسمة يا سيد عراقي مجهول ؟
- في المنتدى
- أين هو المنتدى؟
- في الكومبيوتر
- أنا محتاج لقلمك الفضي ، ومحتاج للنجوم الذهبية ، والأوسمة .
- اذا اتفقنا على السعر ، سوف أعطيك الرقم السري ، لأنك بدونه غير قادر أن تدخل المنتدى.
- هل المنتدى وزارة دفاع لكي ندخله برقم سري؟
- أهم ، واكبر من وزارة الدفاع ، فيه دويلات كثيرة ، بامكانك ان تتنقل من دويلة لأخرى ، بدون ترخيص ، وتتعرف بأمراء ورؤساء ، وملكات ، وأميرات وو…الخ كل في مركزه يتحكم.
- سيد عراقي مجهول هل هناك في المنتدى عداك من يود أن يبيع قلمه ونجومه الذهبية؟
- نعم ، هناك الكثير من أمثالي ، الا أن الخجل يسيطر عليهم ، اني لعلى ثقة انك ستلقى مرتعا خصبا لك في المنتدى يا سيد طخطوخ.
طخطوخ اخذ بيده القلم ، وكتب على وريقة ، وبحروف لاتينية لا افهمها وقال: سيد عراقي مجهول خذ هذه الوريقة ، وأرجو أن تصرفها في محل جاري ، أبو شنطور ، وأرجو أن أراك في الاسبوع القادم .
خرجت فرحا ، مودعا اياه والسكرتيرة ، متوجها الى أبو شنطور. قابلته في صيدليته ، وسلمته الوريقة ، مبتسما من فرحي. أعطاني أبو شنطور علبة صغيرة ، وطلب مني مبلغا ، وسلمته المبلغ من خجلي قائلا: أنا جئت أبيع قلمي الفضي ، والنجوم الذهبية ، والاوسمة!! أجابني وهو يبتسم : هدىء أعصابك يا سيد عراقي مجهول ، خذ حبتين في اليوم ، ولسوف تبيع بضاعتك.
خرجت منزعجا ، وتوجهت الى السيد طخطوخ لأرى ما الخبر ، عند مدخل العمارة ، شاهدت لوحة كبيرة ، مكتوب عليها:
الدكتور طخطوخ العصعوصي
أخصائي بالأمراض العصبية والنفسية
رجعت للبيت العن الشيطان ، ضاحكا على نفسي ، والقلم الفضي ، والنجوم الذهبية ، والاوسمة ، والصائغ ، والدكتور طخطوخ العصعوصي ، والصيدلي ابو شنطور
أخوكم ابن العراق الجريح :عراقي مجهول