رفض واسع لـ»هوس» الإيفادات الحكومية: بغداد تخسر مليار دولار بسببها سنويا
الصدري والعراقية: اعترضنا على إيفاد 10 موظفين لأوروبا في زيارة طويلة كلفتها 3 ملايين دولار
بغداد – العالم
قال نائبان عن القائمة العراقية والتيار الصدري امس الاحد، ان مؤسسة عليا في الدولة قررت إرسال 10 موظفين في إيفاد يستغرق 45 يوما ويشمل 8 دول اوربية، بينما يكلف العراق نحو 3 ملايين دولار لمجرد الاطلاع على معارض صور، ما يعد بين نماذج كثيرة «للإسراف والهوس» في الزيارات الرسمية.
يأتي هذا في وقت قال ساسة آخرون، ان العراق ينفق نحو مليار دولار سنويا، على إيفادات المسؤولين وموظفي الدولة، وأن ذلك يتم «بلا ضوابط»، لكن نوابا آخرين ذكروا انه لا توجد ارقام دقيقة بهذا الشأن، رغم اعترافهم بوجود «خلل».
وبررت القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي، مطالبتها الكشف عن ارقام المبالغ التي تم صرفها على ايفادات غير ضرورية لبعض المسؤولين الحكوميين في الدولة بأن الموضوع جاء على خلفية الايفاد الذي كان مقررا ان تقوم به مؤسسة عليا في الدولة، الى عدد من الدول الاوروبية.
وتوضح مسيون الدملوجي، عضو البرلمان والناطق الرسمي باسم القائمة العراقية، ان الغاية من طرح هذا الموضوع ليس الاعتراض على الايفادات الحكومية التي يفترض ان تكون ذات فائدة للمؤسسة الحكومية، لكنها اكدت في الوقت ذاته لـ»العالم»، «ان بعض الوزراء يصرون على اصطحاب اكبر قدر من الافراد خلال ايفاداتهم الحكومية». واضافت «فضلاً عن الذهاب الى ايفادات لا تعود بالنفع على البلاد، مثلما كان مقرراً بشان ايفاد مؤسسة عليا ارادت ان ترسل 10 اشخاص لمدة 45 يوماً الى ثمان دول اوروربية من اجل الاطلاع على معارض صور فحسب».
يذكر ان مستشار القائمة العراقية هاني عاشور كان قد طالب بكشف ارقام المبالغ التي تم صرفها على ايفادات غير ضرورية وبأرقام يمكن ان تسهم في حل معضلات اقتصادية واجتماعية كبيرة في العراق. وقال عاشور في بيان امس الاحد، ان مبالغ ايفادات المسؤولين الحكوميين تتجاوز «عشرات أضعاف المبالغ التي تم تخفيضها من رواتب الرئاسات الثلاث والمسؤولين الحكومين الكبار ونواب البرلمان» وقال ان الرقم الذي يتردد هو نحو مليار دولار سنويا ينفقها العراق على هذه السفرات.
واوضح ان «هناك هوسا غير مبرر في حجم الايفادات الحكومية التي قد تتجاوز مبالغها المصروفة مليار دولار في السنة، في وقت هناك وزارات تبلغ ميزانيتها ربع او عشر مبالغ الايفادات مع انها وزارات خدمية ذات مساس بحياة المواطن، مشيرا الى ان تخفيض رواتب المسؤولين لا يوازي ربع ما يتم صرفه في مجال الايفادات خاصة ما يتعلق منها بمجالس المحافظات».
من جانبه، انتقد مشرق ناجي، العضو في التيار الصدري، بعض الايفادات التي يقوم بها كبار المسؤولين، موضحاً لـ «العالم»، «نحن نؤيد اطلاع الوزير او المسؤول على تجارب الدول الاخرى على اعتبار ان تلك الزيارات مخصصة للنفع العام ونفع الوزارة المعنية، لكننا لا نريدها كذلك سبباً للسياحة او الترفيه عن المسؤول او عائلته، بل نريدها ان تكون زيارات بناءة وفعالة وضمن بروتوكلات معينة».
وطالب ناجي بأن يتم «ايفاد ذوي الاختصاصات في تلك الزيارات، فضلاً عن طرح البرنامج العملي لتلك الايفادات وما هي المكاسب التي تساعد على ارتقاء عمل الوزراء من خلال تلك الرحلات».
وتابع بشأن إيفاد مؤسسة كبيرة في الدولة لبعض موظفيها وإثارة اعتراضات على ذلك ان الامر «جوبه برفض، خاصة بعد ان علمنا بأن مدة الإيفاد 45 يومياً، وكذلك نفقات بنحو 3 ملايين دولار لمجرد الاطلاع على معارض صور»، مضيفاً «ان مثل هكذا اموال يجب ان تصرف على الداخل دون ان يكون هناك اسرافاً في زيارات غير مبررة» بحسب قوله.
ويقول «هناك نية داخل البرلمان لوضع معايير ودراسة جدوى من الايفادات والتي ستكون ضمن الية خاصة ستم مناقشتها بعد الانتهاء من قانون تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة».
وكان مجلس النواب العراقي قد قرأ السبت الماضي، خلال جلسته قانون تخفيض رواتب الرئاسات ومخصصات الرئاسات الثلاث والدرجات الخاصة والمديرين العامين ومن هم بدرجتهم والمكافآت الشهرية، بعد مصادقة مجلس الوزراء العراقي، مطلع شهر آذار الحالي على القانون.
الى ذلك، اعتبر خالد شواني، عضو التحالف الكردستاني، ورئيس اللجنة القانونية في البرلمان، ان وضع قضية الايفادات ضمن الاطار المعقول سيؤدي الى الاستفادة منها في انجاز العديد من المهام التي تخدم البلد، مؤكداً لـ «العالم» ان «تأطير قضية الايفادات بشكل معقول لغرض الاستفادة منها في انجاز المهام التي تخدم البلاد يعد امراً طبيعياً ولا يمكن الاستغناء عنه».
لكنه اشار الى «وجود اسراف في احيان كثيرة في مسالة الايفادات، كأن تذهب وفود كبيرة العدد في تلك المهام في وقت لا يستوجب الامر كل هذا العدد الكبير، او حتى في بعض الاحيان لا يحتاج الامر الى الذهاب بتلك الايفادات» بحسب قوله.
وزاد «يجب وضع ضوابط للايفاد لغرض الترشيد من ذهاب الوفود الحكومية».
وفيما اذا كانت هناك آلية تلزم المسؤولين التقيد في مسألة الايفادات قال «لقد وضعت جملة من الضوابط ضمن قانون الموزانة الاخير تتيح للسلطات تحديد عملية ارسال الوفود والشخصيات المعينة بها فضلاً عن المبالغ التي تحتاجها خلال تلك المهام» بحسب قوله.
وعلى الصعيد نفسه يتفق علي العلاق، عضو ائتلاف دولة القانون (بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي) مع شواني بشأن الضوابط التي حددت ضمن الموازنة الاتحادية لهذا العام بشان ايفادات المسؤولين وكبار موظفي الدولة، موضحاً لـ»العالم»، «عملياً يوجد تصويب في الميزانية يشير الى ضرورة تقليل الايفادات والاقتصادر على الضروري منها والهام، مع الغاء اي ايفاد لا يمثل حاجة مهمة للوزارة او المؤسسة الحكومية».
وبشأن عدد الايفادات غير مبررة لبعض الوزارات قال العلاق «للاسف لا نعرف مدى دقة الوزارات بشأن عدد الايفادات التي ترسلها كل عام» مضيفاً «يفترض ان تكون متابعة الامر جزء من المهام الرقابية للبرلمان سيما اللجان المختصة فيه».
ويعترف عضو ائتلاف دولة القانون «بوجود مبالغة في عدد الايفادات خلال الدورة الحكومية السابقة» مؤكداً في الوقت ذاته «ان الدورة الحالية للبرلمان اكثر جدية، خاصة مع وجود مسعى لعدم تكرار المحسوبية والمنسوبية والاكتفاء بالحاجة الضرورية لانجاز مشاريع الوزارات».
بدوره، اكد حبيب الطرفي عضو التحالف الوطني والقيادي في المجلس الاعلى الاسلامي، تأييده اية عملية ترشيق وترشيد لاموال الدولة، لكنه انتقد في الوقت ذاته اثارة مشكلة الايفادات في الوقت الحاضر، متسائلا في حديث لـ «العالم»، «من يمتلك احصائية بعدد الموفدين او بالمبالغ المرصودة لتلك الرحلات خلال الفترة السابقة؟».
ويضيف «نحن مع ان تجري عملية تقص حول مصير تلك الاموال، لكن بالمقابل يجب ان لا نشغل المسؤول او المواطن بأمور لم نتأكد منها» بحسب تعبيره.