TODAY - March 14, 2011
مشاركة النساء في مؤسسات السلطة تتضاءل رغم الكوتا
انقسام «علماني – ديني» بين العراقيات يضعف وجودهن السياسي في البرلمان والحكومة

بغداد- مايكل شميت
كانت النساء العراقيات العراقيات يأملن بدور اكبر في الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية الاخيرة. لكن دورهن بات الان اقل تأثيرا من اي وقت مضى منذ الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003.
ووفقا للقانون فان ربع المقاعد البرلمانية يجب ان تشغلها نساء، لكن تمثيلهن الكبير في مؤسسات الدولة لم يجلب معه سلطة حقيقية كبيرة. بل ان النواب غير متوافقين حول حصول النساء على سلطة اكبر.
ولم تلعب النساء اي دور في المفاوضات المطولة التي افضت الى التوصل لتشكيل حكومة. وعلى الرغم من "الكوتا" ربع المقاعد في البرلمان فان هناك امرأة واحدة تشغل منصب وزاريا هو وزارة شؤون المرأة، وهي وزارة احتفائية بميزانية صغيرة وملاك وظيفي بسيط.
وفي الحكومة السابقة في الفترة من 2006- 2010 كانت هناك اربع وزيرات، اما حكومة 2005- 2006 فكانت فيها ست وزيرات تولين وزارات مؤثرة منها الاشغال العامة والمهجرين والاتصالات.
وتقول النائبة اشواق عباس من التحالف الكردستاني "انا اعتبر الامر كارثة. فالديمقراطية يجب ان تشمل النساء ايضا، ويجب ان يتم تطوير حقوق النساء هنا مع التطور الديمقراطي. لكن ما يحدث حقيقة هو ان (موضوع) حقوق النساء بات يصبح اسوأ مع مرور الوقت".
وقد تعهد المالكي بعد فترة قصيرة من تمكنه من الاحتفاظ بمنصبه في كانون اول (ديسمبر) بان يقوم بتعيين وزراء من النساء. وفي اليوم الذي اعلن فيه المالكي اعضاء حكومته، رفضت نائبة برلمانية ان يتم تعيينها وزيرة بسبب غضبها على عدم تعيين النساء في مناصب وزارية، وبدلا منها عين المالكي رجلا لمنصب وزير شؤون المرأة بصورة مؤقتة، وفي النهاية شغلته امرأة.
وقد ناضلت النسوة طويلا من اجل حقوقهن في العالم العربي، لكن الدستور العراقي يقضي بان تشغل النساء 25% من المقاعد البرلمانية. ونسبة النساء في الكونغرس الاميركي بحدود 17%.
وبعد ست سنوات من التصديق على دستور العراق فانه من غير المعروف ان كانت "الحصة" النسائية من مقاعد البرلمان قد ساهمت حقيقة في تطوير قضية المرأة ام انها مجرد ضمادة.
والعوائق الاكبر التي تواجه النساء في البرلمان هي زعماء الكتل الاربع التي ساندت المالكي ليكون رئيسا للوزراء في النهاية. وكل كتلة مكونة من عدة احزاب سياسية لها زعماؤها الذين فاوضوا حول المناصب الوزارية لكتلهم كجزء من عملية الانضمام الى التحالف الحكومي.
ويقول رايدر فيسر الباحث الاقدم في المعهد النرويجي للشؤون الدولية ومؤلف كتاب(هل كانت نهاية مسؤولة؟ الولايات المتحدة والتحول العراقي 2005- 2010)، "لقد انتهينا الى حكومة شراكة فيها كل هؤلاء الزعماء الذين اندفعوا للحصول على حصتهم من (الكيكة)، وكل الزعماء كانوا من الرجال".
ويضيف "كجزء من اتفاقيات تشكيل الحكومة، فان زعماء الاحزاب يميلون للحصول على وزارات مقابل الانضمام للتحالف الحكومي. وهناك العديد من المناصب مقابل العديد من زعماء الاحزاب في التحالف".
وتصارع الكثير من النساء في البرلمان لأن بضعة منهن فقط حصلن اسس متينة. فهناك 5 نائبات فقط من مجموع 86 نائبة برلمانية حصلن على الاصوات الكافية ليشغلن مقاعد برلمانية من دون شمولهن "بالكوتا". اما 81 الباقيات فقد شغلن المقاعد بتعيين من زعماء احزابهن حسب تفويض الدستور.
وتقول النائبة المستقلة صفية السهيل وكانت جزء من كتلة دولة القانون التي يتزعمها المالكي ان "العديد من تلكم النسوة اللاتي تم اختيارهن كجزء من الاحزاب السياسية، هن في الحقيقة قريبات لاعضاء الحزب".
وتضيف السهيل "والاحزاب لم تفكر حقيقة في ضم النساء داخل صفوف الاحزاب. وتم اختيار العديد من النساء مثلا قبل اسبوعين من الانتخابات. وما اعنيه بالضبط: هو انه ليس هناك سياسيون جادون في قضية المرأة".
وتقول ان الرجال في الكتلة المنتمية اليها استثنوها هي والعديد من النسوة الاخريات من الاشتراك في الاجتماعات المغلقة لمناقشة الاستراتيجيات.
وكان العراق في المقدمة في موضوع حقوق المرأة. ففي الخمسينيات كان العراق اول بلد عربي فيه وزيرة وفيه قانون منح المرأة حق طلب الطلاق.
لكن وتحت حكم صدام حسين لم يكن للنساء دور في الحكومة. وهيمن الرجال على حركات المعارضة. لكن وبعد الاطاحة بصدام حسين في عام 2003 تجمعت النساء من اجل كسب الحاكم المدني بول بريمر من اجل البدء باشتراط دستوري تحصل النساء فيه على ربع المقاعد البرلمانية.
وكان للضغوط السكانية دورها ايضا. فمن المعتقد هذه الايام ان النسبة المئوية للنساء لاتتكافأ مع نسبة الرجال. ويعود السبب على الاقل الى وفاة العديد من الرجال في الحروب التي جرت في العقود الثلاث الماضية. ولم يجر العراق احصاء سكانيا منذ عام 1997، لكن مفوضية الانتخابات تخمن ان نسبة النساء تتراوح بين 55- 62 في المائة، من الذين صوتوا في انتخابات اذار (مارس) البرلمانية الماضية.
وتقول النائبة ناديه الدايني من كتلة العراقية "هناك ارامل ومطلقات لايتمكنَّ من اعالة انفسهن، وهناك حاجة لقوانين جديدة لحمايتهن، وهو ما لم يتم الاهتمام به. وسيكون من الصعب على الرجال التعامل مع هذه القضايا لان النساء يعرفن بصورة افضل ما تعاني النساء منه".
والعديد من النسوة ومنهم صفية السهيل يرغبن ان تتوسع حصة 25 % لتشمل المناصب الوزارية. لكن المحللين يرون ان احتمالات ذلك لاتتعدى الصفر.
والسياسيات منقسمات ايضا فبعضهن اكثر توجها "للتقاليد الغربية" مع سياسيات متمسكات بالجذور الاسلامية التقليدية. وفي الحقيقة فان العديد من البرلمانيات راضيات ان يكن جزءً من الحكومة ويعتبرن ان النساء اللاتي يطالبن بمناصب وزارية "يتشكين" فقط من اجل لفت الانتباه.
وتقول النائبة البرلمانية ايمان جلال من الكتلة الصدرية والتي تلبس العباءة السوداء "من الضروري ان تصبح النساء العراقيات اكثر تأهيلا، وبهذا لن يلجأن لفرض انفسهن على المناصب فقط".
وتقول النائبة عادلة حمود من "دولة القانون" والتي ترتدي حجابا على رأسها، ان على البرلمانيات ان لا يعترضن على قلة سلطتهن لان القليل منهم من تمتلك الخبرة الضرورية لتكون جزء من الحكومة.
وترفض صفية السهيل هذه الفكرة وتقول انها والعديد من النساء الاخريات لعبن ادوارا هامة في التأثير على الحكومة الاميركية اثناء احتلالها للعراق. وتقول السهيل "كان علينا ان نبدأ كتجمع في مكان ما، ومن المؤسف ان تكون البداية هنا. وامامنا الكثير لنقطعه".

عن صحيفة نيويورك تايمز