صفحة 3 من 6 الأولىالأولى 12 345 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 53
الموضوع:

موسوعة الامام الحسن بن علي (المجتبى) عليه السلام - الصفحة 3

الزوار من محركات البحث: 1303 المشاهدات : 6964 الردود: 52
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #21
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    تاريخ التسجيل: March-2013
    الدولة: نيبور
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 16,168 المواضيع: 4,113
    صوتيات: 164 سوالف عراقية: 2
    التقييم: 6186
    مزاجي: الحمدلله والشكرتمام
    المهنة: موظف حكومي
    أكلتي المفضلة: ارضئ بما قسم الله
    موبايلي: Nokia
    آخر نشاط: 1/September/2021
    الاتصال: إرسال رسالة عبر MSN إلى عماد الحمزاوي
    مقالات المدونة: 18
    ملازمته لأبيه ليلة شهادته
    قال ابن شاذان القمي : [ روى ] عن أمير المؤمنين لما بايعه الملعون عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله قال له : تالله إنك غير وفي ببيعتي ، ولتخضبن هذه من هذا - وأشار بيده إلى كريمته وكريمه - فلما أهل شهر رمضان جعل يفطر ليلة عند الحسن وليلة عند الحسين فلما كان بعض الليالي قال : كم مضى من رمضان ؟ قالا له : كذا وكذا ، فقال لهما : في العشر الأخير تفقدان أبيكما ، فكان كما قال . روى الإربلي : عن كمال الدين بن طلحة في مناقبه فقال : فخرج أمير المؤمنين في تلك الليلة وفي داره أوز ، فلما صار في صحن الدار تصايح في وجهه فقال : صوائح تتبعها نوائح - وقيل : صوارخ - فقال ابنه الحسن : ما هذه الطيره فقال : يا بني لم أتطير ولكن قلبي يشهد أني مقتول .
    قال المجلسي : . . . قالت أم كلثوم : فجئت إلى أخي الحسن فقلت يا أخي : قد كان من أمر أبيك الليلة كذا وكذا ، وهو قد خرج في هذا الليل الغلس فألحقه ، فقام الحسن بن علي وتبعه ، فلحق به قبل أن يدخل الجامع فقال يا أباه : ما أخرجك في هذه الساعة وقد بقي من الليل ثلثه ؟ فقال : يا حبيبي ويا قرة عيني خرجت لرؤيا رأيتها في هذه الليلة أهالتني وأزعجتني وأقلقتني .
    فقال له : خيرا رأيت وخيرا يكون فقصها علي ، فقال : يا بني رأيت كأن جبرئيل قد نزل عن السماء على جبل أبي قبيس فتناول منه حجرين ومضى بهما إلى الكعبة وتركهما على ظهرها ، وضرب أحدهما على الآخر فصارت كالرميم ، ثم ذرهما في الريح ، فما بقي بمكة ولا بالمدينة بيت إلا ودخله من ذلك الرماد ، فقال : يا أبت وما تأويلها ؟ فقال : يا بني إن صدقت رؤياي فإن أباك مقتول ولا يبقى بمكة حينئذ ولا بالمدينة بيت إلا ويدخله من ذلك غم ومصيبة من أجلي .
    فقال الحسن : وهل تدري متى يكون ذلك يا أبت ؟ قال : يا بني إن الله يقول : ( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ) ولكن عهد إلي حبيبي رسول الله أنه يكون في العشر الأواخر من شهر رمضان ، يقتلني ابن ملجم المرادي ، فقلت له : يا أبتاه ، إذا علمت منه ذلك فاقتله ، قال : يا بني لا يجوز القصاص إلا بعد الجناية ، والجناية لم تحصل منه ، يا بني لو اجتمع الثقلان الإنس والجن على أن يدفعوا ذلك لما قدروا ، يا بني ارجع إلى فراشك ، فقال الحسن : يا أبتاه أريد أمضي معك إلى موضع صلاتك ، فقال له : أقسمت بحقي عليك إلا ما رجعت إلى فراشك لئلا يتنغص عليك نومك ، ولا تعصني في ذلك ، قال : فرجع الحسن فوجد أخته أم كلثوم قائمة خلف الباب تنتظره ، فدخل فأخبرها بذلك ، وجلسا يتحادثان وهما محزونان حتى غلب عليهما النعاس ، فقاما ودخلا إلى فراشهما وناما .
    قال ابن الصباغ : قال الحسن بن علي : قمت ليلا فوجدت أبي قائما يصلي في مسجد داره ، فقال : يا بني أيقظ أهلك يصلون فإنها ليلة الجمعة صبيحة بدر ، ولقد ملكتني نفسي فنمت فرأيت رسول الله فقلت يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك من اللأواء واللدد ، فقال أدع عليهم ، فقلت اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم ، وأبدلهم بي من هو شر منهم ، فجاء المؤذن فأذنه بالصلاة فخرج وخرجت خلفه ، فضربه ابن ملجم لعنه الله فقتله .
    قال ابن أعثم : فلما كان يوم السابع والعشرين من شهر رمضان خرجت أم كلثوم إلى [ كذا ] عند أبيها ، فقال لها علي : أي بنية ! اخفى عليك الباب ، ففعلت ذلك . قال الحسن : وكنت جالسا على باب البيت فسمعت هاتفا آخر وهو يقول : ( أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ) .
    قال : سمعت هاتفا آخر وهو يقول : توفى النبي . . . والآن فقد قتل علي بن أبي طالب إذا تضعضع ركن الإسلام ، قال الحسن : فلم أصبر أن فتحت الباب ودخلت ؛ فإذا أبي فارق الدنيا ، فأحضرنا أكفانه .

  2. #22
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    تجهيزه لأبيه
    قال المجلسي : قال محمد بن الحنفية ، ثم أخذنا في جهازه ليلا وكان الحسن يغسله والحسين يصب الماء عليه ، وكان لا يحتاج إلى من يقلبه ، بل كان يتقلب كما يريد الغاسل يمينا وشمالا وكانت رائحته أطيب من رائحة المسك والعنبر ، ثم نادى الحسن بأخته زينب وأم كلثوم وقال : يا أختاه هلمي بحنوط جدي رسول الله ، فبادرت زينب مسرعة حتى أتته به . قال الراوي : فلما فتحته فاحت الدار وجميع الكوفة وشوارعها لشدة رائحة ذلك الطيب ، ثم لفوه بخمسة أثواب كما أمر ثم وضعوه على السرير . قال ابن شهر آشوب : روى أبو بكر الشيرازي في كتابه عن الحسن البصري ، قال : أوصى علي عند موته للحسن والحسين وقال لهما : إن أنا مت فإنكما ستجدان عند رأسي حنوطا من الجنة وثلاثة أكفان من إستبرق الجنة ، فغسلوني وحنطوني بالحنوط وكفنوني ؛ قال الحسن فوجدنا عند رأسه طبقا من الذهب عليه خمس شمامات من كافور الجنة وسدرا من سدر الجنة ، فلما فرغوا من غسله وتكفينه أتى البعير فحملوه على البعير بوصية منه ، وكان قال : فسيأتي البعير إلى قبري فيقيم عنده ، فأتى البعير حتى وقف على شفير القبر ، فوالله ما علم أحد من حفره ، فألحد فيه بعد ما صلى عليه ، وأظلت الناس غمامة بيضاء وطيور بيض ، فلما دفن ذهبت الغمامة والطيور .
    قال المجلسي : روى البرسي في " مشارق الأنوار " عن محدثي أهل الكوفة أن أمير المؤمنين لما حمله الحسن والحسين على سريره إلى مكان البئر المختلف فيه إلى نجف الكوفة وجدوا فارسا يتضوع منه رائحة المسك ، فسلم عليهما ثم قال للحسن : أنت الحسن بن علي رضيع الوحي والتنزيل وفطيم العلم والشرف الجليل خليفة أمير المؤمنين وسيد الوصيين ؟ قال : نعم ، قال : وهذا الحسين بن أمير المؤمنين وسيد الوصيين سبط الرحمة ورضيع العصمة وربيب الحكمة ووالد الأئمة ؟ قال : نعم ، قال : سلماه إلي وامضيا في دعة الله ، فقال له الحسن : إنه أوصى إلينا أن لا نسلم إلا إلى أحد رجلين : جبرئيل أو الخضر فمن أنت منهما ؟ فكشف النقاب فإذا هو أمير المؤمنين ثم قال للحسن : يا أبا محمد إنه لا تموت نفس إلا ويشهدها أفما يشهد جسده ؟ .
    قال : وروى عن الحسن بن علي أن أمير المؤمنين قال للحسن والحسين إذا وضعتماني في الضريح فصليا ركعتين قبل أن تهيلا علي التراب ، وانظرا ما يكون ، فلما وضعاه في الضريح المقدس فعلا ما أمرا به ، ونظرا وإذا الضريح مغطى بثوب من سندس ، فكشف الحسن مما يلي وجه أمير المؤمنين ، فوجد رسول الله وآدم وإبراهيم يتحدثون مع أمير المؤمنين ، وكشف الحسين مما يلي رجليه فوجد الزهراء وحواء ومريم وآسية عليهن السلام ينحن على أمير المؤمنين ويندبنه .
    قال ابن سعد : مكث علي يوم الجمعة وليلة السبت وتوفى ، رحمة الله عليه وبركاته ، ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر رمضان سنة أربعين ، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص .
    وقال أيضا : أخبرنا وكيع بن الجراح ، عن يحيى بن مسلم أبي الضحاك ، عن عاصم بن كليب عن أبيه قال : وأخبرنا عبد الله بن نمير عن عبد السلام رجل من بني مسيلمة عن بيان عن عامر الشعبي قال : وأخبرنا عبد الله بن نمير ، عن سفيان عن أبي روق عن رجل قال : وأخبرنا الفضل بن دكين قال : أخبرنا خالد بن إلياس عن إسماعيل بن عمرو ابن سعيد بن العاص قال : وأخبرنا شبابة بن سوار الفزاري قال : أخبرنا قيس بن الربيع ، عن بيان عن الشعبي أن الحسن بن علي صلى على علي بن أبي طالب فكبر عليه أربع تكبيرات ، ودفن علي بالكوفة عند مسجد الجماعة في الرحبة مما يلي أبواب كندة قبل أن ينصرف الناس من صلاة الفجر ، ثم انصرف الحسن بن علي من دفنه فدعا الناس إلى بيعته فبايعوه .

  3. #23
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    محل دفن علي
    روى الطوسي : عن محمد بن أحمد بن داود ، عن محمد بن بكران ، عن علي بن يعقوب ، عن علي بن الحسن ، عن أخيه ، عن أحمد بن محمد بن عمر الجرجاني ، عن الحسن بن علي بن أبي طالب ، عن جده أبي طالب ، قال : سألت الحسن بن علي أين دفنتم أمير المؤمنين قال : على شفير الجرف ومررنا به ليلا على مسجد الأشعث وقال : ادفنوني في قبر أخي هود . قال أبو الفرج : حدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن العلوي ، قال : حدثنا يعقوب بن زيد ، قال : حدثني ابن أبي عمير ، عن الحسن بن علي الخلال ، عن جده ، قال : قلت للحسن بن علي : أين دفنتم أمير المؤمنين ؟ قال : خرجنا به ليلا من منزله حتى مررنا به على مسجد الأشعث ، حتى خرجنا به إلى الظهر بجنب الغري .
    روى الكليني : عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الله بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله أنه سمعه يقول : لما قبض أمير المؤمنين أخرجه الحسن والحسين ورجلان آخران حتى إذا خرجوا من الكوفة تركوها عن أيمانهم ثم أخذوا في الجبانة حتى مروا به إلى الغري فدفنوه وسووا قبره فانصرفوا .
    روى الكليني : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن صفوان الجمال ، قال : كنت أنا وعامر وعبد الله بن جذاعة الأزدي عند أبي عبد الله قال : فقال له عامر : جعلت فداك إن الناس يزعمون أن أمير المؤمنين ) دفن بالرحبة قال : لا ، قال : فأين دفن ؟ قال : إنه لما مات احتمله الحسن ، فأتى به ظهر الكوفة قريبا من النجف يسرة عن الغري يمنة عن الحيرة فدفنه بين ذكوات بيض ، قال : فلما كان بعد ذهبت إلى الموضع فتوهمت موضعا منه ، ثم أتيته فأخبرته ، فقال : لي أصبت رحمك الله ثلاث مرات .

  4. #24
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    قتل ابن ملجم لعنه الله
    قال ابن أعثم : أمر الحسن فأتي بابن ملجم من السجن وضربه الحسن على رأسه ضربة ، وبادرت إليه الشيعة من كل ناحية فقطعوه بسيوفهم إربا إربا . . . . - قال الحميري : روى أبو البختري ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : أخبرني أبي : إن الحسن قدمه ليضرب عنقه بيده ، فقال : فقد عاهدت الله عهدا أن أقتل أباك وقد وفيت ، فإن شئت فاقتل ، وإن شئت فاعف ، فإن عفوت ذهبت إلى معاوية ، فقتلته [ فأقتله ] وأرحتك منه ، ثم جئتك .
    - قال أبو الفرج : حدثني أحمد بن عيسى ، قال : حدثنا الحسن بن نصر ، قال : حدثنا زيد بن المعذل ، عن يحيى بن شعيب ، عن أبي مخنف ، عن فضيل بن خديج ، عن الأسود الكندي والأجلح قالا [ قالوا ] : توفي أمير المؤمنين علي وهو ابن أربع وستين سنة ، سنة أربعين في ليلة الأحد لإحدى وعشرين ليلة مضت من شهر رمضان ، وولي غسله ابنه الحسن بن علي وعبد الله بن العباس ، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص .
    وصلى عليه ابنه الحسن وكبر عليه خمس تكبيرات ، ودفن في الرحبة مما يلي أبواب كندة عند صلاة الصبح .
    ودعا الحسن بعد دفنه بابن ملجم - لعنه الله - فأتى به ، فأمر بضرب عنقه ، فقال له : إن رأيت أن تأخذ علي العهود أن أرجع إليك حتى أضع يدي في يدك بعد أن أمضي إلى الشام فأنظر ما صنع صاحباي بمعاوية فإن كان قتله وإلا قتلته [ أقتله ] ثم أعود إليك .
    تحكم في بحكمك ، فقال له الحسن : هيهات والله لا تشرب الماء البارد أو تلحق روحك بالنار ، ثم ضرب عنقه فاستوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته منه فوهبها لها فأحرقتها بالنار .
    - قال الإربلي : وروى أحمد بن حنبل في " مسنده " قال : لما ضرب ابن ملجم لعنه الله ، عليا الضربة قال علي : افعلوا به كما أراد رسول الله أن يفعل برجل أراد قتله . . . فلما قضى أمير المؤمنين نحبه وفرغ أهله من دفنه جلس الحسن وأمر أن يؤتى بابن ملجم فجيء به فلما وقف بين يديه قال : يا عدو الله قتلت أمير المؤمنين وأعظمت الفساد في الدين ؟ ثم أمر به فضربت عنقه واستوهبت أم الهيثم بنت الأسود النخعية جيفته منه لتتولى إحراقها فوهبها لها فأحرقتها بالنار .
    - قال السيد ابن طاووس : أخبرني عبد الصمد بن أحمد ، عن أبي الفرج الجوزي ، قال : قرأت بخط أبي الوفاء بن عقيل قال : لما جيء بابن ملجم إلى الحسن قال إني أريد أن أسارك بكلمة . فأبى الحسن وقال : إنه يريد أن يعض أذني ، فقال ابن ملجم : والله لو أمكنني منها لأخذتها من صماخه .

  5. #25
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    بيعة الناس له
    - قال ابن أعثم : قال : فلما مضى علي بن أبي طالب إلى سبيل الله اجتمع الناس إلى ابنه الحسن ، فبايعوه ورضوا به وبأخيه الحسين من بعده . قال : فنادى الحسن في الناس فجمعهم في مسجد الكوفة ، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ! إن الدنيا دار بلاء وفتنة ، وكل ما فيها نائل إلى زوال واضمحلال ، وقد نبأنا الله عنها لكي نعتبه [ نتنبه ] ، وتقدم إلينا فيها بالوعد [ بالوعيد ] لكي نزدجر ، فلا يكون له [ لنا ] علينا [ عليه ] حجة بعد الإعذار والإنذار ، فازهدوا فيما يفنى ، وارغبوا فيما يبقى ، وخافوا الله في السر والعلانية ؛ ألا ! وقد علمتم أن أمير المؤمنين عليا حيا وميتا ، عاش بقدر ومات بأجل ، وإني أبايعكم على أن تحاربوا من حاربت ، وتسالموا من سالمت .
    فقال الناس : سمعنا وأطعنا ، فمرنا بأمرك .
    قال : فأقام الحسن بالكوفة بعد وفاة أبيه شهرين كاملين لا ينفذ إلى معاوية أحدا ، ولا ذكر المسير إلى الشام .
    - قال الطبري : وفي هذا السنة - أعني سنة أربعين - بويع للحسن بن علي بالخلافة ؛ وقيل : إن أول من بايعه قيس بن سعد قال له : ابسط يدك أبايعك على كتاب الله عزوجل ، وسنة نبيه ، وقتال المحلين فقال له الحسن : على كتاب الله وسنة نبيه ، فإن ذلك يأتي من وراء كل شرط ، فبايعه وسكت وبايعه الناس .
    - قال الدينوري : ذكروا أنه لما قتل علي بن أبي طالب ، ثار الناس إلى الحسن بن علي بالبيعة ؛ فلما بايعوه قال لهم : تبايعون لي على السمع والطاعة ، وتحاربون من حاربت ، وتسالمون من سالمت ؛ فلما سمعوا ذلك ارتابوا وأمسكوا أيديهم وقبض هو يده .
    فأتوا الحسين ، فقالوا له : ابسط يدك نبايعك على ما بايعنا عليه أباك ، وعلى حرب المحلين الضالين أهل الشام ، فقال الحسين : معاذ الله أن أبايعكم ما كان الحسن حيا .
    قال : فانصرفوا إلى الحسن ، فلم يجدوا بدا من بيعته ، على ما شرط عليهم .


  6. #26
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    قضاؤه دين أبيه
    علي بن موسى بن طاووس : في كتاب " كشف المحجة " نقلا من كتاب " إبراهيم بن محمد الأشعري " الثقة بإسناده عن أبي جعفر ، قال : قبض علي وعليه دين ثمانمائة ألف درهم ، فباع الحسن ضيعة له بخمسمائة ألف ، فقضاها عنه ، وباع ضيعة له بثلاثمائة ألف ، فقضاها عنه وذلك أنه لم يكن يرزأ من الخمس شيئا وكانت تنوبه نوائب .


    كلامه عند وداعه لأبي ذر
    روى الكليني : عن سهل ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن حفص التميمي ، قال : حدثني أبو جعفر الخثعمي ، قال : قال لما سير عثمان أبا ذر إلى الربذة شيعه أمير المؤمنين و عقيل والحسن والحسين وعمار بن ياسر ( رضي الله عنه ) فلما كان عند الوداع قال أمير المؤمنين : يا أبا ذر إنك إنما غضبت لله عزوجل فأرج من غضبت له إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك . . . . ثم تكلم الحسن فقال : يا عماه إن القوم قد أتوا إليك ما قد ترى وإن الله عزوجل بالمنظر الأعلى فدع عنك ذكر الدنيا بذكر فراقها وشدة ما يرد عليك لرخاء ما بعدها واصبر حتى تلقي نبيك وهو عنك راض إن شاء الله .



    موقفه من محاصرة عثمان ، ومعرفة قاتله
    روى الطوسي : بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري في حديث أنه قال : وقال الحسن بن علي لعلي ( حين أحاط الناس بعثمان ) اخرج من المدينة واعتزل ، فان الناس لابد لهم منك ، وإن هم ليأتونك ولو كنت بصنعاء اليمن ، وأخاف أن يقتل هذا الرجل وأنت حاضره فقال : يا بني ، اخرج عن دار هجرتي ؟ ! وما أظن أحدا يجترئ على هذا القول كله . . . . - قال الطبري : حدثنا أبو محمد سفيان ، عن أبيه ، عن الأعمش ، قال : قال فقير بن عبد الله بن مجاهد [ كذا ] ، عن [ ابن ] الأشعث ، قال : كنت مع الحسن بن علي حين حوصر عثمان في الدار ، وأرسله أبوه ليدخل إليه الماء ، فقال لي : يا بن الأشعث الساعة يدخل عليه من يقتله وإنه لا يمسي . فكان كذلك ، ما أمسى يومه ذلك .
    وأيضا : قال أبو جعفر ، حدثنا سفيان ، عن أبيه ، عن الأعمش ، قال : قال محمد بن صالح : رأيت الحسن بن علي يوم الدار وهو يقول : أنا أعلم من يقتل عثمان ، فسماه قبل أن يقتله بأربعة أيام ، وكان أهل الدار يسمونه الكاهن .




    كلامه لأهل الكوفة في حرب الجمل
    روى الطوسي : بإسناده عن عبد الله بن أبي بكر ، قال : حدثني أبو جعفر محمد بن علي ، قال : حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري ، قال : سماني رسول الله عبد الرحمن قال : لما بلغ عليا مسير طلحة والزبير خطب الناس . . . وحض الناس على الخروج في طلبهما [ ثم تكلم بعض الحاضرين مثل مالك الأشتر وغيره ] فلما هم علي بالنهوض ، قام إليه أبو أيوب خالد بن زيد صاحب منزل رسول الله فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أقمت بهذه البلدة فإنها مهاجر رسول الله وبها قبره ومنبره ، فإن استقامت لك العرب كنت كمن كان قبلك ، وإن وكلت إلى المسير فقد أعذرت . فأجابه علي بعذره في المسير .
    ثم خرج لما سمع توجه طلحة والزبير إلى البصرة وتمكث حتى عظم جيشه ، وأغذ السير في طلبهم ، فجعلوا لا يرتحلون من منزل إلا نزله حتى نزل بذي قار ، فقال : والله إنه ليحزنني أن أدخل على هؤلاء في قلة من معي ؛ فأرسل إلى الكوفة الحسن بن علي ، وعمار بن ياسر ، وقيس بن سعد ، وكتب إليهم كتابا ، فقدموا الكوفة فخطب الناس الحسن بن علي : فحمد الله وأثنى عليه وذكر عليا وسابقته في الإسلام ، وبيعة الناس له ، وخلاف من خالفه ، ثم أمر بكتاب علي فقرأ عليهم .
    " بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد ، فإني أخبركم عن أمر عثمان حتى يكون سمعه عيانه ، إن الناس طعنوا عليه ، وكنت رجلا من المهاجرين أكثر استعتابه ، وأقل عيبه ، وكان هذان الرجلان أهون سيرهما فيه الوجيف ، وقد كان من أمر عائشة فلتة على غضب ، فأتيح له قوم فقتلوه ، ثم إن الناس بايعوني غير مستكرهين ، وكان هذان الرجلان أول من فعل على ما بويع عليه من كان قبلي ، ثم إنهما استأذناني في العمرة ، وليس يريدانها ، فنقضا العهد ، وآذنا بحرب ، وأخرجا عائشة من بيتها ، ليتخذانها فئة ، وقد سارا إلى البصرة اختيارا لها ، وقد سرت إليكم اختيارا لكم ، ولعمري ما إياي تجيبون ، ما تجيبون إلا الله ورسوله ، ولن أقاتلهم وفي نفسي منهم حاجة ، وقد بعثت إليكم بالحسن بن علي وعمار بن ياسر وقيس بن سعد مستنفرين فكونوا عند ظني بكم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله " .
    فلما قرأ الكتاب على الناس قام خطباء الكوفة ، شريح بن هانئ وغيره ، فقالوا : والله لقد أردنا أن نركب إلى المدينة حتى نعلم علم عثمان ، فقد أنبأنا الله به في بيوتنا ؛ ثم بذلوا السمع والطاعة ، وقالوا : رضينا بأمير المؤمنين ونطيع أمره ، ولا نتخلف عن دعوته ، والله لو لم يستنصرنا لنصرناه سمعا وطاعة . فلما سمع الحسن بن علي ذلك قام خطيبا فقال : أيها الناس إنه قد كان من أمير المؤمنين علي ما تكفيكم جملته ، وقد أتيناكم مستنفرين لكم ، لأنكم جبهة الأمصار ، ورؤساء العرب ، وقد كان من نقض طلحة والزبير بيعتهما وخروجهما بعائشة ما قد بلغكم وهو ضعف النساء وضعف رأيهن ، وقد قال الله تعالى ( الرجال قوامون على النساء ) وأيم الله لو لم ينصره أحد لرجوت أن يكون له فيمن أقبل معه من المهاجرين والأنصار ، ومن يبعث الله له من نجباء الناس كفاية ، فانصروا الله ينصركم . ثم جلس . وقام عمار بن ياسر ، فقال : يا أهل الكوفة ، إن كانت غابت عنكم أبداننا فقد انتهت إليكم أمورنا ، إن قاتلي عثمان لا يعتذرون إلى الناس وقد جعلوا كتاب الله بينهم وبين محاجيهم [ فبه ] أحيا الله من أحيا ، وقتل من قتل ، وإن طلحة والزبير أول من طعن ، وآخر من أمر ، ثم بايعا أول من بايع ، فلما أخطأهما ما أملا نكثا بيعتهما على غير حدث كان ، وهذا ابن رسول الله يستنفركم وقد أظلكم في المهاجرين والأنصار ، فانصروه ينصركم الله .
    وقام قيس بن سعد ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ، إن هذا الأمر لو استقبلنا به الشورى لكان علي أحق الناس به في سابقته وهجرته وعلمه ، وكان قتال من أبى ذلك حلالا ، فكيف والحجة قامت على طلحة والزبير ، وقد بايعاه وخلعاه حسدا ؟ ! .
    قال سبط ابن الجوزي : ثم بعث علي الحسن وعمارا إلى الكوفة فالتقاهما أبو موسى فقال له الحسن : لم ثبطت القوم عنا فوالله ما أردنا إلا الإصلاح فقال صدقت ولكني سمعت رسول الله يقول ستكون فتنة يكون القاعد فيها خيرا من القائم والماشي خيرا من الراكب فغضب عمار وسبه وتكلم عمار فقال : أيها الناس هذا ابن عم رسول الله يستنفركم إلى عائشة . . . وتكلم الحسن بمثل هذا وقال أعينونا على ما ابتلينا به فخرج معه تسعة آلاف في البر والماء ؛ وقد أخرج البخاري معنى هذا عن أبي وائل شقيق بن سلمة .
    قال ابن الصباغ : لما امتنع أبو موسى أهل الكوفة لنصرة علي قام إليه الحسن بن علي فسكته ، وقال : اعتزل عملنا يا شيخ لا أم لك ، فقال أجلني هذه العشية فقال : هي لك ، ثم قام الحسن فصعد المنبر فخطب ، فقال : أيها الناس أجيبوا دعوة أميركم فانفروا إلى إخوانكم والله لئن بلى [ يلي ] هذا الأمر أولو النهي فإنه مثل في العاجل والآجل ، وخير لكم في العاقبة فأجيبوا دعوتنا على ما ابتلينا به وابتليتم ، فإن أمير المؤمنين يقول : قد خرجت مخرجي هذا ظالما أو مظلوما ، وإني أذكر الله تعالى رجلا رعى حق الله بفرقان إن كنت مظلوما أعانني ، وإن كنت ظالما أخذ مني والله إن طلحة والزبير أول من بايعني ، وأول من خرج علي فهل استأثرت بمال أو بدلت حكما ، فانفروا فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر .
    وقام عمار ( رضي الله عنه ) فتكلم أيضا . . . فقال الحسن : أيها الناس إنا عازمون فمن شاء منكم أن يخرج معنا على الظهر ، ومن شاء في المساء فنفر معهم قريب تسعة آلاف ومائتان في البر ، وألفان وثمانمائة في البحر .
    قال أبو مخنف : حدثني جابر بن يزيد ، قال : حدثني تميم بن حذيم الناجي ، قال : قدم علينا الحسن بن علي وعمار بن ياسر ، يستنفران الناس إلى علي ، ومعهما كتابه ، فلما فرغا من قراءة كتابه ، قام الحسن - وهو فتى حدث ، والله إني لأرثي له من حداثة سنه وصعوبة مقامه - فرماه الناس بأبصارهم وهم يقولون : اللهم سدد منطق ابن بنت نبينا ! فوضع يده على عمود يتساند إليه ، وكان عليلا من شكوى به ، فقال : الحمد لله العزيز الجبار ، الواحد القهار ، الكبير المتعال ( سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) أحمده على حسن البلاء ، وتظاهر النعماء ، وعلى ما أحببنا وكرهنا من شدة ورخاء ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، امتن علينا بنبوته واختصه برسالته ، وأنزل عليه وحيه ، واصطفاه على جميع خلقه ، وأرسله إلى الإنس والجن ، حين عبدت الأوثان وأطيع الشيطان ، وجحد الرحمن ، فصلى الله عليه وآله وجزاه أفضل ما جزى المسلمين .
    أما بعد : فإني لا أقول لكم إلا ما تعرفون ، إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - أرشد الله أمره ، وأعز نصره - بعثني إليكم يدعوكم إلى الصواب ، وإلى العمل بالكتاب ، والجهاد في سبيل الله ، وإن كان في عاجل ذلك ما تكرهون ، فإن في آجله ما تحبون إن شاء الله .
    ولقد علمتم أن عليا صلى مع رسول الله وحده ، وإنه يوم صدق به لفي عاشرة من سنه ، ثم شهد مع رسول الله جميع مشاهده . وكان من اجتهاده في مرضاة الله وطاعة رسوله وآثاره الحسنة في الإسلام ما قد بلغكم ، ولم يزل رسول الله راضيا عنه ، حتى غمضه بيده وغسله وحده ، والملائكة أعوانه ، والفضل ابن عمه ينقل إليه الماء ثم ادخله حفرته ، وأوصاه بقضاء دينه وعداته ، وغير ذلك من أموره ، كل ذلك من من الله عليه .
    ثم والله ما دعا إلى نفسه ، ولقد تداك الناس عليه تداك الإبل الهيم عند ورودها ، فبايعوه طائعين ، ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه ، ولا خلاف أتاه حسدا له وبغيا عليه .
    فعليكم عباد الله بتقوى الله وطاعته ، والجد والصبر والاستعانة بالله والخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين .
    عصمنا الله وإياكم بما عصم به أولياءه وأهل طاعته ، وألهمنا وإياكم تقواه ، وأعاننا وإياكم على جهاد أعدائه . وأستغفر الله العظيم لي ولكم .
    ثم مضى إلى الرحبة ، فهيأ منزلا لأبيه أمير المؤمنين .

    قال جابر : فقلت لتميم : كيف أطاق هذا الغلام ما قد قصصته من كلامه ؟ فقال : وما سقط عني من قوله أكثر ، ولقد حفظت بعض ما سمعت .

  7. #27
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    تنبئه بخيانة أهل العراق لأخيه الحسين
    قال الطبراني : حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، حدثنا عبد الله بن الحكم بن أبي زياد ، حدثنا أبو أسامة ، عن سفيان بن عيينة ، عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم ، عن عمه يزيد بن الأصم ، قال : خرجت مع الحسن وجارية تحت شيئا من الحناء عن أظفاره ، فجاءته إضبارة من كتب ، فقال : يا جارية هات المخضب فصب فيه ماء وألقى الكتب في الماء ، فلم يفتح منها شيئا ولم ينظر إليه ، فقلت : يا أبا محمد ممن هذه الكتب ؟ قال : من أهل العراق من قوم لا يرجعون إلى حق ولا يقصرون عن باطل ، أما إني لست أخشاهم على نفسي ولكني أخشاهم على ذلك وأشار إلى الحسين .


    ذؤابة سيف علي
    روى المفيد : قال أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن علي بن أبي حمزة ، عن عمران بن علي الحلبي ، عن أبان بن تغلب ، قال : حدثني أبو عبد الله أنه كان في ذؤابة سيف علي صحيفة [ صغيرة ] ، وإن عليا دعا إليه الحسن فرفعها [ فدفعها ] إليه ودفع إليه سكينا وقال له : افتحها ، فلم يستطع أن يفتحها ففتحها له ، ثم قال له : إقرأ فقرأ الحسن : الألف والباء والسين واللام والحرف بعد الحرف . ثم طواها فدفعها الحسين فلم يقدر على أن يفتحها ففتحها له ثم قال له : إقرأ يا بني فقرأها كما قرأ الحسن .
    ثم طواها فدفعها إلى محمد بن الحنفية فلم يقدر على أن يفتحها ففتحها له فقال له : إقرأ فلم يستخرج منها شيئا ، فأخذها وطواها ثم علقها من ذؤابة السيف . فقلت لأبي عبد الله : وأي شيء كان في تلك الصحيفة ؟ فقال : هي الأحرف التي يفتح كل حرف ألف حرف ، قال أبو بصير : قال أبو عبد الله فما خرج منها إلى الناس حرفان إلى الساعة .
    قال ابن عساكر : أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنبأنا الحسن بن علي ، أنبأنا أبو عمر ابن حيويه ، أنبأنا أحمد بن معروف ، أنبأنا الحسين بن الفهم ، أنبأنا محمد بن سعد ، أنبأنا عبيد الله ابن موسى ، أنبأنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة ، عن علي أنه خطب الناس ، ثم قال : ان ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالا وهو يريد أن يقسمه بينكم ، فحضر الناس ، فقام الحسن فقال : إنما جمعته للفقراء فقام نصف الناس ثم كان أول من أخذ منه الأشعث بن قيس .
    قال ابن شهر آشوب : حدثني محمد الشوهاني ، بإسناده أنه قدم أبو الصمصام العبسي إلى النبي وقال متى يجيء المطر ؟ وأي شيء في بطن ناقتي هذه ؟ وأي شيء يكون غدا ؟ ومتى أموت ؟ فنزل ( إن الله عنده علم الساعة ) الآيات فأسلم الرجل ووعد النبي أن يأتي بأهله ، فقال : اكتب يا أبا الحسن : بسم الله الرحمن الرحيم " أقر محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وأشهد على نفسه في صحة عقله وبدنه وجواز أمره أن لأبي الصمصام العبسي عليه وعنده وفي ذمته ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز " وخرج أبو الصمصام ثم جاء في قومه بني عبس كلهم مسلمين وسأل عن النبي فقالوا : قبض ، قال : فمن الخليفة من بعده ؟ فقالوا : أبو بكر ، فدخل أبو الصمصام المسجد وقال : يا خليفة رسول الله إن لي على رسول الله ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز .
    فقال : يا أخا العرب سألت ما فوق العقل والله ما خلف رسول الله إلا بغلته الدلدل وحماره اليعفور وسيفه ذا الفقار ودرعه الفاضل أخذها كلها علي بن أبي طالب وخلف فينا فدك فأخذناها بحق ، ونبينا لا يورث . فصاح سلمان : كردى ونكردى ، وحق از أمير المؤمنين ببردى ، ردوا العمل إلى أهله ثم ضرب بيده إلى أبي الصمصام فأقامه إلى منزل علي بن أبي طالب فقرع الباب فنادى علي إدخل يا سلمان إدخل أنت وأبو الصمصام .
    فقال أبو الصمصام : هذه أعجوبة من هذا الذي سماني باسمي ولم يعرفني ؟ فعد سلمان فضائل علي فلما دخل وسلم عليه قال : يا أبا الحسن إن لي على رسول الله ثمانين ناقة ووصفها .
    فقال علي : أمعك حجة ؟ فدفع إليه الوثيقة . فقال علي : يا سلمان ناد في الناس ألا من أراد أن ينظر إلى دين رسول الله فليخرج غدا إلى خارج المدينة ، فلما كان الغد خرج الناس وخرج علي وأسر إلى ابنه الحسن سرا وقال : امض يا أبا الصمصام مع ابني الحسن إلى الكثيب من الرمل ، فمضى ومعه أبو الصمصام ، فصلى الحسن ركعتين عند الكثيب ، وكلم الأرض بكلمات لا ندري ما هي ، وضرب الكثيب بقضيب رسول الله فانفجر الكثيب عن صخرة ململمة ، مكتوب عليها سطران من نور ، السطر الأول : " بسم الله الرحمن الرحيم " والثاني : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " فضرب الحسن الصخرة بالقضيب فانفجرت عن خطام ناقة ، فقال الحسن : اقتد يا أبا الصمصام ، فاقتاد أبو الصمصام ثمانين ناقة حمر الظهور بيض العيون سود الحدق ، عليها من طرائف اليمن ونقط الحجاز ، ورجع إلى علي بن أبي طالب فقال : أستوفيت يا أبا الصمصام ؟ قال : نعم ، قال : فسلم الوثيقة فسلمها إلى علي بن أبي طالب فأخذها وخرقها ، ثم قال : هكذا أخبرني أخي وابن عمي رسول الله إن الله خلق هذه النوق من هذه الصخرة قبل أن يخلق ناقة صالح بألفي عام فقال المنافقون هذا من سحر علي قليل .


  8. #28
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    جوابه عن أسئلة الخضر
    الصدوق : حدثنا أبي ( رضي الله عنه ) ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر الثاني قال : أقبل أمير المؤمنين ومعه الحسن بن علي وهو متكئ على يد سلمان ، فدخل المسجد الحرام فجلس إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين فرد عليه السلام فجلس . ثم قال : يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضى عليهم إنهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم ، وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء .
    فقال له أمير المؤمنين : سلني عما بدا لك .
    قال : أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه ، وعن الرجل كيف يذكر وينسى ، وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال ؟ فالتفت أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي فقال : يا أبا محمد أجبه .
    فقال الحسن : أما ما سألت عنه من أمر الرجل إذا نام أين تذهب روحه فإن روحه معلقة بالريح والريح معلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة فإذا أذن الله عزوجل برد تلك الروح على صاحبها جذبت الروح الريح وجذبت الريح الهواء فأسكنت الروح في بدن صاحبها وإذا لم يأذن الله برد تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح وجذبت الريح الروح فلم ترد على صاحبها إلى وقت ما يبعث .
    وأما ما سألت عنه من أمر الذكر والنسيان فإن قلب الرجل في حق وعلى الحق طبق فإن هو صلى على النبي صلاة تامة انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق فذكر الرجل ما كان نسي .
    وأما ما ذكرت من أمر الرجل يشبه ولده أعمامه وأخواله فإن الرجل إذا أتى أهله بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب إستكنت [ فأسكنت ] تلك النطفة في تلك الرحم فخرج الولد يشبه أباه وأمه ، وإن هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت تلك النطفة في جوف تلك الرحم فوقعت على عرق من العروق فإن وقعت على عرق من عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه ، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله .

    فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بذلك ، وأشهد أنك وصي رسول الله والقائم بحجته بعده وأشار إلى أمير المؤمنين ، ولم أزل أشهد بذلك وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته وأشار إلى الحسن وأشهد أن الحسين وصي أبيه والقائم بحجته بعدك ، وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده ، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين ، وأشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي ، وأشهد على موسى بن جعفر أنه القائم بأمر جعفر بن محمد ، وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر ، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى ، وأشهد على علي بن محمد أنه القائم بأمر محمد بن علي ، وأشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر علي بن محمد ، وأشهد على رجل من ولد الحسين لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملأها عدلا كما ملئت جورا والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته .

    ثم قام فمضى فقال أمير المؤمنين للحسن : يا أبا محمد إتبعه فانظر أين يقصد فخرج الحسن بن علي فقال : ما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله عزوجل فرجعت إلى أمير المؤمنين فأعلمته .
    فقال : يا أبا محمد أتعرفه ؟ قلت الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم فقال : هو الخضر .

  9. #29
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    دسيسة معاوية وكتابه إليه
    - قال المفيد : فلما بلغ معاوية بن أبي سفيان وفاة أمير المؤمنين وبيعة الناس ابنه الحسن دس رجلا من حمير إلى الكوفة ، ورجلا من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار ، ويفسدا على الحسن الأمور . فعرف ذلك الحسن فأمر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة فأخرج وأمر بضرب عنقه وكتب إلى البصرة ، باستخراج القيني من بني سليم فأخرج وضربت عنقه وكتب الحسن إلى معاوية : أما بعد ، فإنك دسست الرجال للاحتيال والأغتيال وأرصدت العيون كأنك تحب اللقاء وما أوشك ذلك ، فتوقعه إن شاء الله وبلغني أنك شمت بما لا يشمت به ذو حجى ، وإنما مثلك في ذلك كما قال الأول : فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى * تجهز لأخرى مثلها فكأن قد فإنا ومن قد مات منا لكالذي * يروح فيمسي في البيت ليغتدى .
    - قال الثقفي : وأقبل جارية [ بن قدامة ] حتى دخل على الحسن بن علي فضرب على يده فبايعه وعزاه وقال : ما يجلسك ؟ [ سر يرحمك الله ] سر بنا إلى عدوك قبل أن يسار إليك فقال : لو كان الناس كلهم مثلك سرت بهم ولم يحمل على الرأي شطرهم أو عشرهم .
    - قال ابن أعثم : وإذا بكتاب عبد الله بن عباس قد ورد عليه من البصرة وإذا فيه : لعبد الله الحسن أمير المؤمنين من عبد الله بن عباس .
    أما بعد يا ابن رسول الله ! فإن المسلمين ولوك أمرهم بعد أبيك ( رضي الله عنه ) ، وقد أنكروا أمر قعودك عن معاوية وطلبك لحقك ، فشمر للحرب وجاهد عدوك ، ودار أصحابك وول أهل البيوتات والشرف ما تريد من الأعمال ، فإنك تشتري بذلك قلوبهم ، واقتد بما جاء عن أئمة العدل من تأليف القلوب والإصلاح بين الناس .
    واعلم بأن الحرب خدعة ولك في ذلك سعة ما كنت محاربا ما لم تنتقص مسلما حقا هو له ، وقد علمت أن أباك عليا إنما رغب الناس عنه وصاروا إلى معاوية لأنه واسى بينهم في الفيء وسوى بينهم في العطاء ، فثقل ذلك عليهم ، واعلم بأنك إنما تحارب من قد حارب الله ورسوله حتى أظهره الله أمره ، فلما أسلموا ووحدوا الرب ، ومحق الله الشرك وأعز الدين ، أظهروا الإيمان وقرأوا القرآن وهم بآياته مستهزؤن وقاموا إلى الصلاة وهم كسالى ، وأدوا الفرائض وهم لها كارهون ، فلما رأوا أنه لا يغزو في هذا الدين إلا الأنبياء الأبرار والعلماء الأخيار وسموا أنفسهم لسيما الصالحين ، ليظن بهم المسلمون خيرا ، وهم عن آيات الله معرضون .
    وقد منيت أبا محمد بأولئك القوم وأبنائهم وأشباههم ، والله ما زادهم طول العمر إلا غيا ، ولا زادهم في ذلك لأهل الدين إلا غشاء فجاهدهم رحمك الله ، ولا ترض منهم بالدنية ، فإن أباك عليا ( رضي الله عنه ) لم يجب إلى الحكومة في حقه حتى غلب على أمره فأجاب وهو يعلم أنه أولى بالأمر ، إن حكم القوم بالعدل ، فلما حكم بالهوى رجع إلى ما كان عليه ، وعزم على حرب القوم حتى وافاه أجله ، فمضى إلى ربه ( رحمه الله ) ، فانظر رحمك الله أبا محمد ! ولا تخرجن من حق أنت أولى به من غيرك وإن أتاك دون ذلك - والسلام عليك ورحمة الله وبركاته .

    قال : فلما ورد كتاب عبد الله بن عباس وقرأه سره ذلك ، وعلم أنه قد بايعه وأنه قد أمره بما يجب عليه في حق الله ، دعا بكاتبه وأمره أن يكتب إلى معاوية .

  10. #30
    من المشرفين القدامى
    ابو منتظر
    الكتب المتبادلة بينه ومعاوية
    - قال أبو الفرج : وكتب الحسن إلى معاوية مع جندب بن عبد الله الأزدي : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله الحسن بن علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ، سلام عليك ، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو ، أما بعد : فإن الله تعالى عز وجل بعث محمدا رحمة للعالمين ، ومنة على المؤمنين ، وكافة إلى الناس أجمعين ( لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ) فبلغ رسالات الله ، وقام على أمر الله حتى توفاه الله غير مقصر ولا وان ، حتى أظهر الله به الحق ، ومحق به الشرك ، ونصر به المؤمنين ، وأعز به العرب ، وشرف به قريشا خاصة ، فقال تعالى : ( وإنه لذكر لك ولقومك ) فلما توفى تنازعت سلطانه العرب فقالت قريش : نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه ، ولا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس وحقه ، فرأت العرب أن القول كما قالت قريش ، وأن الحجة لهم في ذلك على من نازعهم أمر محمد فأنعمت لهم العرب وسلمت ذلك ، ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب ، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها ، إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف والاحتجاج فلما صرنا أهل بيت محمد وأولياؤه إلى محاجتهم ، وطلب النصف منهم باعدونا ، واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا ، والعنت منهم لنا ، فالموعد الله ، وهو الولي النصير .
    وقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا ، وسلطان نبينا وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام ، فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به ، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من فساده ، فاليوم فليعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله ، لا بفضل في الدين معروف ، ولا أثر في الإسلام محمود ، وأنت ابن حزب من الأحزاب ، وابن أعدى قريش لرسول الله ، ولكن الله خيبك وسترد فتعلم لمن عقبى الدار ، تالله لتلقين عن قليل ربك ، ثم ليجزينك بما قدمت يداك ، وما الله بظلام للعبيد . إن عليا لما مضى لسبيله يوم قبض ، ويوم من الله عليه بالإسلام ويوم يبعث حيا - ولاني المسلون الأمر بعده ، فأسأل الله أن لا يزيدنا في الدنيا الزائلة شيئا ينقصنا به في الآخرة مما عنده من كرامته ، وإنما حملني على الكتاب إليك الإعذار فيما بيني وبين الله سبحانه وتعالى في أمرك ، ولك في ذلك إن فعلت الحظ الجسيم ، وللمسلمين فيه صلاح ، فدع التمادي في الباطل وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي ، فإنك تعلم إني أحق بهذا الأمر منك عند الله وعند كل أواب حفيظ ، ومن له قلب منيب ، واتق الله ، ودع البغي ، واحقن دماء المسلمين ، فوالله مالك من خير في أن تلقي الله من دمائهم بأكثر مما أنت لاقيه به ، فادخل في السلم والطاعة ، ولا تنازع الأمر أهله ، ومن هو أحق به منك ، ليطفئ الله النائرة بذلك ، وتجمع الكلمة ، وتصلح ذات البين ، وإن أنت أبيت إلا التمادي في غيك نهدت إليك بالمسلمين ، فحاكمتك حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين .
    فكتب إليه معاوية : بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله أمير المؤمنين إلى الحسن بن علي ، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو .
    أما بعد ، فقد بلغني كتابك ، وفهمت ما ذكرت به رسول الله من الفضل ، وهو أحق الأولين والآخرين بالفضل كله ، قديمه وحديثه ، وصغيره وكبيره ، فقد والله بلغ فأدى ، ونصح وهدى ، حتى أنقذ الله به من التهلكة ، وأنار به من العمى ، وهدى به من الضلالة ، فجزاه الله أفضل ما جزى نبيا عن أمته ، وصلوات الله عليه يوم ولد ويوم قبض ويوم يبعث حيا .
    وذكرت وفاة النبي ، وتنازع المسلمين من بعده ، فرأيتك صرحت بتهمة أبي بكر الصديق ، وعمر الفاروق ، وأبي عبيدة الأمين ، وحواري الرسول ، وصلحاء المهاجرين والأنصار ، فكرهت ذلك لك ، فإنك امرؤ عندنا وعند الناس غير ظنين ، ولا المسئ ولا اللئيم ، وأنا أحب لك القول السديد والذكر الجميل .
    إن هذه الأمة لما اختلفت بعد نبيها لم تجهل فضلكم ولا سابقتكم ولا قرابتكم من النبي ، ولا مكانتكم في الإسلام وأهله ، فرأت الأمة أن تخرج من هذا الأمر لقريش لمكانها من نبيها ، ورأى صلحاء الناس من قريش والأنصار وغيرهم من سائر الناس وعامتهم أن يولوا هذا الأمر من قريش أقدمها إسلاما وأعلمها بالله وأحبها له وأقواها على أمر الله ، واختاروا أبا بكر ، وكان ذلك رأي ذوي الحجى والدين والفضيلة والناظرين للأمة ، فأوقع ذلك في صدوركم لهم التهمة ، ولم يكونوا بمتهمين ، ولا فيما أتوا بمخطئين ، ولو رأى المسلمون فيكم من يغني غناءه أو يقوم مقامه ، أو يذب عن حريم المسلمين ذبه ، ما عدلوا بذلك الأمر إلى غيره رغبة عنه ، ولكنهم عملوا في ذلك بما رأوه صلاحا للإسلام وأهله ، فالله يجزيهم عن الإسلام وأهله خيرا .
    وقد فهمت الذي دعوتني إليه من الصلح ، والحال فيما بيني وبينك اليوم مثل الحال التي كنتم عليها أنتم وأبو بكر بعد النبي ولو علمت أنك أضبط مني للرعية ، وأحوط على هذه الأمة ، وأحسن سياسة ، وأقوى على جمع الأموال وأكيد للعدو ، لأجبتك إلى ما دعوتني إليه ، ورأيتك لذلك أهلا ، ولكني قد علمت أني أطول منك ولاية ، وأقدم منك لهذه الأمة تجربة ، وأكثر منك سياسة ، وأكبر منك سنا ، فأنت أحق أن تجيبني إلى هذه المنزلة التي سألتني ، فادخل في طاعتي ولك الأمر من بعدي ، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ تحمله إلى حيث أحببت ولك خراج أي كور العراق شئت ، معونة لك على نفقتك ، يجيبها لك أمينك ، ويحملها إليك في كل سنة ، ولك ألا يستولي عليك بالإساءة ولا تقضي دونك الأمور ، ولا تعصي في أمر أردت به طاعة الله عزوجل ، أعاننا الله وإياك على طاعته إنه سميع مجيب الدعاء ، والسلام .
    قال جندب : فلما أتيت الحسن بن علي بكتاب معاوية قلت له : إن الرجل سائر إليك ، فابدأ أنت بالمسير حتى تقاتله في أرضه وبلاده وعمله ، فأما أن تقدر أنه يتناولك فلا والله حتى يرى يوما أعظم من يوم صفين ، فقال : أفعل ثم قعد عن مشورتي وتناسي قولي .
    وقال أيضا : وكتب معاوية إلى الحسن بن علي : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد ، فإن الله عزوجل يفعل في عباده ما يشاء ( لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب ) فاحذر أن تكون منيتك على يد رعاع من الناس ، وايئس من أن تجد فينا غميزة ، وإن أنت أعرضت عما أنت فيه وبايعتني وفيت لك بما وعدت ، وأجزت لك ما شرطت ، وأكون في ذلك كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة : وإن أحد أسدى إليك أمانة * فأوف بها تدعى إذا مت وافيا ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنى * ولا تجفه إن كان في المال فانيا ثم الخلافة لك من بعدي ، فأنت أولى الناس بها ، والسلام .
    - قال أبو الفرج : فأجابه الحسن بن علي : بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد ، وصل إلي كتابك تذكر فيه ما ذكرت ، فتركت جوابك خشية البغي عليك ، وبالله أعوذ من ذلك ، فاتبع الحق تعلم أني من أهله ، وعلي إثم أن أقول فأكذب ، والسلام .
    فلما وصل كتاب الحسن إلى معاوية قرأه ، ثم كتب إلى عماله على النواحي نسخة واحدة : بسم الله الرحمن الرحيم من معاوية أمير المؤمنين إلى فلان بن فلان ومن قبله من المسلمين ، سلام عليكم ، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو .
    أما بعد ، فالحمد لله الذي كفاكم مؤنة عدوكم وقتلة خليفتكم ، إن الله بلطفه وحسن صنعه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده فاغتاله فقتله ، فترك أصحابه متفرقين مختلفين ، وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم ، فاقبلوا إلي حين يأتيكم كتابي هذا بجندكم وجهدكم وحسن عدتكم ، فقد أصبتم بحمد الله الثأر ، وبلغتم الأمل ، وأهلك الله أهل البغي والعدوان ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    قال : فاجتمعت العساكر إلى معاوية بن أبي سفيان ، وسار قاصدا إلى العراق وبلغ الحسن خبر مسيره ، وأنه بلغ [ جسر ] منبج ، فتحرك لذلك ، وبعث حجر بن عدي يأمر العمال والناس بالتهيؤ للمسير ، ونادى المنادي : الصلاة جامعة ، فأقبل الناس يثوبون ويجتمعون ، فقال الحسن : إذا رضيت جماعة الناس فاعلمني وجاء سعيد بن قيس الهمداني ، فقال : اخرج ، فخرج الحسن فصعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإن الله كتب الجهاد على خلقه ، وسماه كرها ، ثم قال لأهل الجهاد من المؤمنين : ( واصبروا إن الله مع الصابرين ) ، فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون ، إلا بالصبر على ما تكرهون ، إنه بلغني أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه ، فتحرك لذلك ، فأخرجوا - رحمكم الله - إلى معسكركم بالنخيلة حتى ننظر وتنظروا ونرى وتروا . قال : وإنه في كلامه ليتخوف خذلان الناس إياه .
    قال : فسكتوا فما تكلم منهم أحد ، ولا أجاب بحرف . فلما رأى ذلك عدي بن حاتم قال : أنا ابن حاتم ، سبحان الله ، ما أقبح هذا المقام ؟ ألا تجيبون إمامكم ، وابن بنت نبيكم ، أين خطباء مضر ؟ أين المسلمون ؟ أين الخواضون من أهل المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة ، فإذا جد الجد فرواغون كالثعالب ، أما تخافون مقت الله ، ولا عيبها وعارها .
    ثم استقبل الحسن بوجهه فقال : أصاب الله بك المراشد ، وجنبك المكاره ، ووفقك لما يحمد ورده وصدره ، فقد سمعنا مقالتك ، وانتهينا إلى أمرك ، وسمعنا منك ، وأطعناك فيما قلت وما رأيت ، وهذا وجهي إلى معسكري ، فمن أحب أن يوافيني فليواف .ثم مضى لوجهه ، فخرج من المسجد ودابته بالباب ، فركبها ومضى إلى النخيلة ، وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه ، وكان عدي أول الناس عسكرا .
    ثم قام قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ومعقل بن قيس الرياحي ، وزياد بن صعصعة التيمي فأنبوا الناس ولاموهم وحرضوهم ، وكلموا الحسن بمثل كلام عدي ابن حاتم في الإجابة والقبول .
    فقال لهم الحسن ، صدقتم - رحمكم الله - ما زلت أعرفكم بصدق النية ، والوفاء بالقول والمودة الصحيحة ، فجزاكم الله خيرا ثم نزل وخرج الناس ، فعسكروا ، ونشطوا للخروج ، وخرج الحسن إلى معسكره ، واستخلف على الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، وأمره باستحثاث الناس وإشخاصهم إليه ، فجعل يستحثهم ويخرجهم ، حتى التأم العسكر .

صفحة 3 من 6 الأولىالأولى 12 345 ... الأخيرةالأخيرة
تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال