قواعد تنظيم السلطات في النظم الديمقراطية
يمارس الشعب في النظم الديمقراطية السيادة، وعلى هذا الأساس فهو يشارك في ممارسة السلطة عن طريق تعيين الحاكمين ومراقبة تصرفاتهم. 1– الوصول إلى السلطة يكمن الشرط الأساسي للوصول إلى السلطة في تمتع ممارسيها بشرعية ديمقراطية، ويمرّ تحقيق هذا الشرط في تنظيم منافسة انتخابية وفي وجود نظام تمثيلي. فباعتبار أن الديمقراطية تقوم على التعددية السياسية، فإن المنافسة انتخابية توفر لجميع المواطنين من الاختيار بين الأفكار والتيارات المتنافسة للفوز بثقة الناخبين. وتتم النافسة الانتخابية حسب قواعد قانونية مضبوطة، شفافة ومحايدة حتى لا يقع تفضيل تيار أو حزب على آخرين. ويؤدي تنظيم الانتخابات إلى تسليم أمنة ممارسة السلطة لممثلين لصاحب السيادة وهو ما يعرف بالنظام التمثيلي. وتجدر الملاحظة أن كل نظام تمثيلي لا يكون بالضرورة ديمقراطيا، لكن التطور التاريخي أدّى إلى المعادلة بين النظام التمثيلي والنظام الديمقراطي حيث يمكن القول اليوم أن كل نظام ديمقراطي هو بالضرورة نظام تمثيلي. 2– ممارسة السلطة إذا كان الهدف من ممارسة السلطة تحقيق المصلحة العامة، فإن ذلك لا يكون إلا إذا تم توظيف السلطة في اتِّجاه عدم الإفراط فيها واحترام حقوق الأفراد وحرياتهم. من أجل ذلك فإن ممارسة السلطة في النظم الديمقراطية تقوم على مبادئ راسخة كلها ترمي لحماية الأفراد وتخضع لقواعد قانونية تعلو إرادة الحكام. بالنسبة للمبادئ التي تحكم ممارسة السلطة في النظم الديمقراطية، يمكن حصرها في مبدأين: - مبدأ تفريق السلطات وقد كنا بينا الهدف منه وهو بالأساس الحرية - دولة القانون التي تعني أن القانون يسمو على الجميع ويتعين على جميع السلطات الالتزام به. وتسهر هيئات قضائية وغير قضائية على ضمان ذلك وخاصة منها المحاكم الدستورية والمحاكم الإدارية أما القواعد التي ترتكز عليها ممارسة السلطة فهي: - ممارسة الأغلبية الفائزة بالانتخابات للسلطة مدة ولايتها تحت مراقبة وانتقاد الأقلية. - ضمان الحريات، خاصّة بإتاحة الفرصة للمواطنين بالاحتكام لقضاء مستقل ونزيه. - التدخل المباشر لصاحب السيادة في بعض الحالات لاتخاذ القرارات المصيرية. أما على مستوى انتقال السلطة عند انتهاء المدة أو لأي سبب آخر فإن من القواعد الراسخة في الدول الديمقراطية أن الأقلية لها الحق في أن تصبح أغلبية وعليه فإن التداول على السلطة يعتبر حقا أساسيا في الدول الديمقراطية.