قضية بونشيه
شهد الواقع الدولي مشكلة تتعلق بمقاضاة احد رؤساء الدول السابقين – حاكم شيلي – والذي طلبت عدة دول اوربية ومنها فرنسا واسبانيا والسويد وسويسرا من انكلترا التي كان يتواجد على اقليمها تسليمه لمحاكمته عن جرائم الابادة والتأمر والاختفاء القسري والتعذيب وغيرها من الجرائم.
وتتخلص وقائع هذه القضية انه وبتاريخ 16 تشرين 1998م القي القبض على ( بونشيه ) بناءً على طلب القاضي الاسباني ( بالتزار نحاسون ) الى السلطات البريطانية بقصد تسليمه الى السلطات الاسبانية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية ومن ضمنها عمليات تعذيب واخذ رهائن والتآمر الارتكاب هذه الجرائم والتخطيط لها، وجرائم قتل في شيلي للفترة ما بين 1976-1992م عندما كان رئيساً للدولة، واعقب ذلك تم تقديم طلبات تسليم لبونشيه من قبل سويسرا بتهمة خطف وتعذيب وقتل مواطن سويسري، ثم تم تقديم ثماني شكاوى من لاجئين شيليين , دفع ( بونشيه ) عن نفسه بانه يتمتع بالحصانة الدبلوماسية في ظل القانون البريطاني باعتباره رئيس دولة سابق وان الاعمال المرتكبة منه في تلك الفترة كانت تنفيذاً لمهام عمله الرسمي بوصفه رئيساً للدولة.
احالت السلطات الموضوع الى هيئة الاستئناف في مجلس اللوردات وذلك لتحديد التفسير الملائم ونطاق الحصانة الخاصة برئيس الدولة السابق، من حيث اجراءات التوقيف وإلقاء القبض والتسليم في المملكة المتحدة عن الاعمال المرتكبة في الوقت الذي شغل فيه منصب رئيس دولة سابق.
وبتاريخ 25 تشرين الثاني 1998م وبأغلبية ثلثي عدد اللوردات الذين يشكلون الهيئة الخاصة في دراسة طلبات التسليم تقرر ان ( بونيشه ) لا يتمتع بالحصانة، لانه في الوقت الذي يمكن لرئيس دولة سابق ان يستمر بالتمتع بالحصانة فيما يتعلق بالاعمال المرتكبة اثناء ممارسته لمهام عمله أو اعمال كرئيس دولة، فإن الجرائم ضد الانسانية لا تعتبر من وظائف ( رئيس الدولة) ولا تشكل جزءاً من تلك المهام.
وفي آذار 1998م رفضت اللجنة القضائية لمجلس اللوردات مبدأ الحصانة وقرر وزير الداخلية في نيسان 1999م تسليمه الى السلطات الاسبانية، غير انه ولاسباب صحيه تم اعادة (بونشيه ) الى شيلي لمتابعة قضيته امام القضاء الشيلي – وفي حزيران 2000م قررت محكمة الاستئناف بأغلبية سبعة عشر صوتاً ومعارضة ستة اصوات رفع الحصانة عنه ووافقت المحكمة العليا في شيلي في اب 2000م. على ذلك ليحاكم وهو في التسعين من عمره في قضيه تتعلق بجريمتي قتل في عام 1973م.
ومن الجدير بالذكر ان مجمع القانون الدولي ذهب في قراره الصادر في باريس عام 2001م الى ان رئيس الدولة الذي لم يعد في مهامه الرسمية لا يتمتع باي نوع من انواع الحصانات الرئاسية في أي دولة من الدول الاجنبية، واستثناء على ذلك يتمتع الرئيس السابق بحصانات رئيس الدولة اذا تعلقت الدعوى المرفوعة ضده بعمل من الاعمال الرسمية التي قام بها اثناء ممارسة مهامه الوظفية، كما نص القرار على ان الرئيس السابق لا يستفيد باي نوع من انواع حصانات رئيس الدولة ضد التنفيذ.