ساد الليل وتزاحمت المشاعر شوقاً لمهاتفة عشيقتي، فأخذت هاتفي ورحت وسط الظلام الدامس أتلمس الأرقام ولكن لم أكن أرى الأرقام بل أحاول أن أجدها بصورة صحيحة، وتمكنت من الضغط على الأرقام المطلوبة ودقات قلبي تتسارع كلما زادت دقات الهاتف شوقاً لسماع صوتها، فرن الهاتف ورد من الطرف الآخر صوت رجل وقال لي: تفضل ماذا تريد؟
قلت له: أنا طلبت نمرة احمد الأوسي، أنت من تكون؟
فرد علي: ألا تعرفني أنا رئيس الجمهورية!! وأنت من؟
بصراحة خفت كثيراً يا لها من مصيبة! كيف زَلَّتْ أصابعي وتركَتْ كل الأخطاء وأخطأتْ مع رئيس الجمهورية، ظننت أنه شخص يحب يمازحني أو شخصٌ من عائلتها.
فقلت له: لا.. لا.. أرجوك لا تمزح.
قال: ألَمْ تسمع صوتي من قبل؟... فصوتي مألوف من خلال لقاءاتي وحديثي في التلفاز.
وبعد أن ركزت قليلاً عرفت أنه صادق القول، لساني تعثر وكلماتي تتبعثر لا أعرف ماذا أفعل هل أغلق الهاتف أم اعتذر أو استمر، راحت أفكاري تتشرد هنا وهناك.
حاولت جاهدا أن أكون رجلاً عظيم الشأن في هذه الليلة.
قلت لسيادته: بصراحة أنا أحبكم كثيراً، والحمد لله الذي أنعم عليَّ بهذه الفرصة الجميلة لكي أتحدث بها معك واطرح بين أحضانكم الأبوية سؤالاً واحداً؟
رد السيد الرئيس: سؤالٌ واحدٌ لا أكثر.
قلت في نفسي: إنها فرصة لن تسنح لي مرة أخرى يجب أن استثمرها بسؤال حيوي ومهم.
تبادر في ذهني السؤال حول غلاء الأسعار إلا أنني تراجعت لأني اعرف الإجابة مسبقاً بقول سيادته تجارتنا حرة وليس من حق الدولة التدخل في شؤون التجار حتى لو كان الموت بسبب الجوع، سأسأله عن البطاقة التموينية ولكن تأنيت وتراجعت لأنني أيضاً اعرف إجابة سيادته بأن التخصيصات المالية لوزارة التجارة لا تسد حاجة البطاقة التموينية، عندها قررت أن أسأله عن إنقطاع الكهرباء المستمر ولكني تيقنت أنه سيقول لي أنه يكلمني الآن والكهرباء مقطوعة في بيته، فقلت إذا سأسأله عن البطالة وأزمة السكن ولكن سيقول لي من قال لكم أن تتكاثروا كالأرانب وأكيداً حتى ابنه لم يجد فرصة عمل وبهذا سأضطر لإعطاء وظيفتي إليه...... قلت دع سؤلك عن الفرق بين الرواتب الضخمة لكبار المسؤولين والموظفين الذين مثل حالي إلا أنني وجدت هذا السؤال عيب لأنه يدخل في باب الحسد، وبينما أنا غارق في أفكاري إذ جاءني صوت ليعيدني إلى الواقع هيا اسأل وخلصني فأعمالي كثيرة واحتاج الوقت الكافي لحل مشاكل الشعب.
فقلت عفوا سيدي أحببت أن اطمئن على سلامتك واعرف هل تعشيت أم لا؟ وآسف على إزعاجك.
أغلق سيادته الهاتف بعد أن ودعني وأنا كلي سعادة لأنني حصلت على الإجابات ونمت باطمئنان لحل كل مشاكل شعبنا.
جاسم الزركاني