TODAY - March 11, 2011
لماذا فشلت التظاهرات الاحتجاجية في السعودية؟


فشل "يوم الغضب" الذي كان يخطط له بعض السعوديين من خلال شبكة الإنترنت، ولم تخرج أي تظاهرات في المملكة اليوم الجمعة للمطالبة بإصلاحات، في وقت واصلت قوى الأمن حالة التأهب تحسبًا لأي أحداث شغب، خصوصًا في المناطق الشرقية من المملكة.

سيف الصانع من دبي
لم تؤت الدعوات على شبكة الإنترنت إلى القيام "بجمعة غضب" في السعودية للمطالبة بإصلاحات سياسية، في وقت استمر انتشار مكثف لقوى الأمن ومكافحة الشغب على طول البلاد وعرضها، بينما تظاهر أمس عدد من المواطنين الشيعة في مدينة القطيف (شرق المملكة)، وعقب ذلك أصيب ثلاثة من المتظاهرين، بحسب شهود عيون عيان في تلك المنطقة.
وكانت مجموعة من الناشطين أطلقوا نداء عبر موقعي فايسبوك وتويتر إلى التظاهر في حي شمال العاصمة السعودية بعد صلاة الجمعة، وشملت الدعوة مدنًا أخرى، من بينها جدة في غرب المملكة والدمام في الشرق. ويطالب هؤلاء الناشطون بإقامة مؤسسات منتخبة بدلاً من مجلس الشورى، الذي يعيّن الملك أعضاءه، والحكومة التي يبتّ الملك أيضًا في تعيين أعضائها.
لكن أي مظاهرة لم تخرج في كل المناطق المذكورة في النداء، ورغم ذلك واصلت قوى الأمن انتشارها المكثف في مختلف مناطق المملكة لمواجهة أي أحداث شغب، علمًا أن السلطات السعودية أكدت مرارًا خلال الأيام الأخيرة حظر التجمعات والتظاهرات في المملكة، وأن الشرطة مخولة للتدخل لفرض احترام القانون.
ويعدد محللون سبب فشل دعوات التظاهر إلى أسباب مختلفة، منها طبيعة الشعب السعودي التي لم تألف ثقافة التظاهر والفوضى أو الاعتراضات الجماعية، إضافة إلى تشكيك السواد الأعظم من السعوديين بأهداف تلك التظاهرات، إذ يرون أن بعض وسائل الإعلام الخارجية المحسوبة على إيران تعمل على تضخيمها، وهو ما جعلها وفق منظورهم تحمل طابعًا طائفيًا.
ولعل ما ساهم – بحسب بعض المراقبين – في فشل التظاهرات الموعودة، هو تدخل المنشق السعودي الدكتور محمد الفقيه، الذي لا يتمتع بسمعة حسنة لدي السعوديين، ما جعل الكثيرين ينأون بأنفسهم عن التظاهر أو حتى تأييد تلك التحركات.
ولوحظ أن التيار السلفي وقف بحدة إلى جانب رفض التظاهر، كما قال لـ"إيلاف" مراقب مهتم بالشأن السعودي، مما يجعل دورهم أقوى في المرحلة المقبلة، وهو ما رفضه ليبرالي سعودي، مؤكدًا أن غالبية الشعب السعودي تنتمي إلى التيار الليبرالي.
كما إن ثمة عاملاً آخر، يقول أحد الظرفاء، إنه منع خروج التظاهرات في هذا اليوم تحديدًا، ويتعلق الأمر بموجة التسونامي التي ضربت اليابان، وجعلت وسائل الإعلام الدولية مسلّطة الضوء على هذا البلد الآسيوي، ما يعني أن أي تظاهرة في المملكة لن تحظى بأي مواكبة إعلامية.
وبالتوازي مع هذه التحركات، فإن تظاهرات من نوع آخر ظهرت أمس في الرياض، وتمثلت بحضور طاغ للأعلام السعودية وصور الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده وغيرهما من قادة المملكة، في مدرجات ملعب الرياض الدولي، الذي كان يحتضن مباراة القمة بين قطبي العاصمة الهلال والنصر في مباراة نصف نهائي الكأس.
وشهدت المباراة أيضاً عبارات تحمل تأييداً وتهاني للملك عبدالله بعد عودته من رحلته العلاجية التي استمرت 3 شهور. ويلحظ متابعو الحراك المتنامي بين أطياف المجتمع السعودي كافة،
تحولات سريعة في التعاطي مع الدعوة إلى التظاهر، حيث ركز كثيرون على أن القائمين عليها مجهولون، وليس بينهم قيادات معروفة على المستوى المحلي، ولا يمكن الجزم "بوطنيتها"، ولكن أكبر تجمع ليبرالي سعودي على شبكة الانترنت، وهي الشبكة الليبرالية السعودية الحرة، أعلنت رسمياً عن أنه ثبت لديها أن المنشق السعودي سعد الفقيه، أحد من يقفون وراء هذه المظاهرة.
وقالت الشبكة المحجوب موقعها إنها ومن مبادئها الوطنية المحضة الرافضة كل تدخل خارجي فإنها لا تؤيد هذه المظاهرة، وألمحت الشبكة أيضاً إلى تورط إيران في دعم الفقيه عندما عرضت مقطع فيديو يظهر فيه عبدالعزيز الشنبري أحد معاوني الفقيه وهو يقرّ بدعم إيران نشاطاته.
في شأن التعاطي المحلي معها أيضاً، أسس سعوديون صفحة مضادة على موقع فايسبوك أعلنوا فيها وقوفهم ضد هذه المظاهرة، وبلغ عدد أعضائها نحو 100 ألف، أكدت غالبيتهم اتجاههم الوطني للإصلاح السياسي والاقتصادي ومعالجة الفساد وفق مراحل هادئة لا تضرّ بوحدة المملكة.
يأتي ذلك في وقت دعت فيه المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الجمعة السعودية إلى احترام الحق في حرية التجمع السلمي، فيما وجّهت عبر فايسبوك دعوة إلى "يوم غضب" في المملكة. وقال روبير كولفيل المتحدث باسم المفوضة العليا نافي بيلاي في تصريح صحافي "نحن قلقون لما يمكن أن يحصل في وقت لاحق اليوم في السعودية، حيث الوضع بالغ التوتر".
واضاف "كما في أوضاع أخرى مماثلة في الشرق الأوسط، ندعو السلطات والمتظاهرين إلى ضبط النفس"، داعيًا إلى احترام "الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير". وقد انتشرت الشرطة السعودية بكثافة الجمعة في أحد أحياء شمال الرياض وفي مدن سعودية أخرى، حيث لم يسجل حصول أي تظاهرة.