تعتبر كرة القدم من أكثر الرياضات شعبيةً في العالم، وهي ذات أبعاد ومعانِ إنسانية كثيرة، إلا أنها قد تكون أيضاً سبباً لاندلاع حروب مدمرة بين البلدان!
قد تنتهي مباراة كرة القدم باحتفالات جماهيرية جنونية أو غضب عارم يصل إلى حد إغلاق الشوارع وتحطيم المحلات التجارية ومعارك بين صفوف المشجعين ومواجهة رجال الشرطة، ولكن من يصدق أن تتسبب موقعة كروية بحرب عسكرية وخلافات دبلوماسية ونزاعات اقتصادية!
حرب المئة ساعة
سبق لكرة القدم أن أشعلت فتيل حرب بين الهندوراس والسلفادور، عقب مباراة مصيرية في التصفيات المؤهّلة لنهائيات كأس العالم 1970، انتهت بفوز السلفادور.
فبعد إطلاق الحكم لصافرة النهاية، خرجت جماهير غفيرة من الجانب السلفادوري المقيمين في الهندوراس إلى الشوارع محتفلةً بفوز فريقها بنتيجة 3/2، وهو ما أثار غضب الجماهير الهندورية، إلا أن الشرطة استطاعت تطويق المصادمات بعد وقوع عشرات الضحايا في صفوف السلفادوريين.
تطوّرت الإشكالات بقيام آلاف من الهندوريون بالاعتداء على السلفادوريين المقيمين على أرضهم، وهو ما اضطر عدداً كبيراً منهم لمغادرة البلاد والعودة إلى وطنهم الأصلي.
وتصاعدت وتيرة الأحداث، بعد أن تقدمت السلفادور بشكوى رسمية ضد الهندوراس في الأمم المتحدة، وترافق ذلك بتأجيج إعلامي للمشاعر، وقطع للعلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، وحشد للجيوش على الشريط الحدودي بينهما.
وتفجر الوضع بحرب اندلعت يوم 14 يوليو 1969 وانتهت بعد 100 ساعة حاصدة أرواح 4 آلاف شخص، ومتسببةً بتشويه عشرة آلاف مواطن، وتشريد 120 ألف، وخسائر مادية كبيرة.
معركة العثمانيين
في بطولة كأس الأمم الأوروبية 2008، فاز المنتخب التركي على نظيره الكرواتي في العاصمة النمساوية فيينا، إلا أن هذا الفوز أخذ منحى سياسياً دينياً بعد هتافات المشجعين الأتراك والتي قارن بعضها بين الفوز الكروي وانتصارات السلطنة العثمانية في منطقة البلقان.
سرعان ما رد الكروات على الأتراك بهتافات مضادة، وتحولت الشوارع إلى ساحة معركة حطم فيها المشجعون كل ما تقع عليه أيديهم.
ولم تنتهي المواجهات بعد تدخل الشرطة النمساوية، ولكنها انتقلت إلى البوسنة والتي تضم بوسنيين كانوا حلفاء للعثمانيين في السابق وكرواتاً، لتعيد إلى الأذهان ذكريات الحرب المدمرة التي عاشتها المنطقة في تسعينيات القرن الماضي.
صراع الأشقاء
ضمن جهودهما الرامية للفوز ببطاقة التأهل لنهائيات كأس العالم 2010، تحولت مباراة كرة القدم بين مصر والجزائر إلى أزمة كبيرة بين البلدين الشقيقين.
فبعد اللقاء الحاسم للفريقين في العاصمة السودانية الخرطوم، وقعت مصادمات بين مشجعي الفريقين، كما تمّ سحب السفير المصري من الجزائر، وتبادلت الدولتان الاتهامات باستهداف شركاتهما ومصالحهما ومواطنيها.
واستدعت الخارجية المصرية سفير الجزائر بالقاهرة وأوضحت رفضها لاستمرار شكاوى أعداد كبيرة من المواطنين المصريين المقيمين في الجزائر إزاء ما يتعرضون له من ترويع واعتداء، بالإضافة إلى ما تعرضت له المصالح والممتلكات المصرية الرسمية والخاصة من اعتداءات، وتحطيم وسرقة.
وهدأت الأزمة بين البلدين عقب تدخل أطراف عربية داعية لحل الخلاف، ونزع فتيل الصراع بين مصر والجزائر.
أبعاد سياسية
رفض منتخب الاتحاد السوفيتي المشاركة في بطولة كأس العالم عام 1974 بعد أن رفض اللعب أمام منتخب تشيلي على بطاقة التأهل للمونديال إثر مقتل الزعيم التشيلي سلفادور ألليندي في انقلاب عسكري أطاح بحكومته الاشتراكية.
وجاء رفض الاتحاد السوفيتي المشاركة في المباراة بعد معرفته بإقامتها على الاستاد الذي شهد حشد الحكومة التشيلية للمعتقلين اليساريين فيه وتصفية المئات منهم في هذا الملعب، عدا الآلاف الذين قتلوا واختفوا عن وجه الأرض، لتشارك تشيلي في البطولة دون لعب المباراة الأخيرة في التصفيات.
نظرة عنصرية
فاز المنتخب الفرنسي ببطولة كأس العالم في عام 1998 وذلك بفضل التشكيلة الرائعة للاعبين، والذين كان معظمهم مهاجرين وفي مقدمتهم زين الدين زيدان الجزائري الأصل ورفاقه ليليام تورام وكريستيان كريمبو وباتريك فييرا ومارسيل ديسايه.
لم يستطع بعض المسؤولين في فرنسا إخفاء امتعاضهم من كون غالبية الفريق الوطني مهاجرين، ومنهم رئيس الحزب اليميني جون ماري لوبان، الذي علّق على الصورة التذكارية للمنتخب مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك قائلاً: "من الجيد أن نجد شخصاً فرنسياً في تلك الصورة"، في إشارة إلى شيراك