لغز الجاموسة التي أرعبت أهالي بغداد2013
الجاموسُ حيوانٌ مِن فصيلة البقر، وهو أوفر منه في الحليب، ومن طباعه انه بطيء الحركة،ويكره العمل، وكسول، ويميل الى السباحة ليخفف من حرارة جسمه.
وقد توصل العلماء الى ان ضوء الشمس يؤثر في حيوية هذا الحيوان. وفي الصيف حيث يطول النهار وتشتد حرارة الشمس يزداد نشاط الجاموس وحيوته، أما في فصل الشتاء، فيخلد الجاموس الى الراحة ويقلّ نشاطه.
وبرغم أننا الآن في فصل الربيع، فقد حدث قبل أيام انه اصيبت جاموسة بهيجان،انطلقت بسببه من مدينة الدورة الى البياع فاليرموك فالمأمون فالمنصور فإسكان غربي بغداد، ثم الوشاش حيث اصابت هذه الجاموسة (11) شخصاً، من بينهم اربع نساء وطفلان بجروح نقلوا بسببها الى المستشفى وكانت إصابة اثنين منهم خطرة.
مرت الجاموسة في الشوارع بسرعة جنونية أرعبت المواطنين، وأوقفت حركة السيارات في كثير من المناطق.
ويقال ان الجاموسة الهائجة هذه كانت قد قامت بحوادث مماثلة في البياع والدورة.
وقدّم عدد من المتضررين شكاوى ضد صاحبها، واخيرا تم قتل الجاموسة، من قبل الشرطة وذبحت قبل نفوقها لتباع في احدى الاسواق.
ربما تبدو هذه الحادثة غريبة بعض الشيء ونادرة الوقوع، لكنّ مسؤولا في مديرية الشرطة العامة، يقول: برغم ان جرائم الحيوانات نادرة في سجلات الشرطة، إلا ان هذه السجلات تحتفظ بحوادث أقل اثارة من حادثة الجاموسة.
فقد حدث أكثر من مرة مثلا أن هاج حصان، وداهم صاحبه، وتسبب في قتله في الحال، وقتل اشخاص آخرين. وربما لو توفرت لنا احصائيات دقيقة في دوائر الشرطة على افتراض ان جرائم الحيوانات تسجل في سجلات هذه الدوائر لوجدنا ان حوادث اعتداء الحيوانات ليست نادرة، كما يخيل لنا. ويتذكر الناس بعض الحوادث الشبيهة بهياج الجاموس وقعت في سنوات مختلفة.
وهناك حوادث كان بطلها حصان، وهو الحيوان الذي مضى على تدجينه أكثر من خمسة وسبعين ألف سنة.
فما السبب الذي يدفع حيوانا دجنه الانسان منذ آلاف السنين الى الهيجان المفاجئ؟!
للحيوان سيكولوجيته وردود فعله تجاه البيئة المحيطة به، ولو أنه يختلف عن الانسان، لِمَا يمتلكه الاخير من عقل وقابلية على النطق، إلا انه ثبت ان السلوك الحيواني يرتبط بمؤثرات هذه البيئة وبتركيبته الجسمانية، والاسباب التي تؤدي الى الهيجان عديدة، منها افرازات الغدد الصماء، إذ ان افرازها بكميات كبيرة يؤدي الى ظهور علائم الهيجان، وفقدان الذكر لأنثاه، والافرازات الجنسية الاخرى تؤثر في السلوك الحيواني، لذا نرى الذكور اكثر شراسة وهيجاناً من الاناث.
ويجري الآن البحث عن صاحب الجاموسة الهائجة وسيقدم الى المحاكمة، وفقا لقانون العقوبات البغدادي. واذا كان القانون يضع اللوم على صاحب الجاموسة، فماذا يقول علم نفس الحيوان بهذا الشأن؟
يرى علم نفس الحيوان: ان تعليم الحيوانات العادات الجيدة وترويضها على سلوك خاص ذو اثر فعال، فالحيوان الذي اعتاد ان يرى الناس لايفاجأ عند سيره في الشوارع العامة، او عند سماعه الاصوات الصاخبة، أما الحيوان الذي عزل عن الناس فتراه يثور ويتهيج من أي مشهد غريب. فالأصوات الموسيقية تشعر الحيوان بنوع من الاسترخاء والهدوء، وبسبب هذه المشاعر يلجأ مربو الابقار والجاموس عند نفوق الرضيع أو ذبحه الى سلخ جلده وملئه تبناً لكي يوهموها بوجود الرضيع، حتى لايقل انتاجها من الحليب.
لقد أبقى العلامة دارون كلبه بعيدا عنه مدة خمس سنوات، وعند عودة الكلب الى بيته اخذ الكلب يتصرف معه طائعاً بمثل حبه قبل ابعاده عنه.
واخيرا علموا حيواناتكم حبّ البشر، وتعلموا انتم ذلك ايضا.
المصدر: مجلة ألف باء، العدد 137،بغداد، 24 -اذار - 1971، ص20-21