عن أبي حمزة الثمالي - رضي الله تعالى عنه - أنه قال :
كان علي بن الحسين سيد العابدين - صلوات الله عليه - يصلي عامة ليلة في شهر رمضان ،
فإذا كان السحر دعا بهذا الدعاء :
" إلهي لا تؤدبني بعقوبتك ، ولا تمكر بي في حيلتك ، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك ، ومن أين لي النجاة ولا تستطاع إلا بك ، لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك ، ولا الذي أساء واجترء عليك ولم يرضك خرج عن قدرتك ، يا رب يا رب - حتى ينقطع النفس - بك عرفتك وأنت دللتني عليك ، ودعوتني إليك ، ولولا أنت لم أدر ما أنت .
الحمد لله الذي أدعوه فيجيبني وإن كنت بطيئا حين يدعوني ، والحمد لله الذي أسأله فيعطيني وإن كنت بخيلا حين يستقرضني ، والحمد لله الذي اناديه لكما شئت لحاجتي ، وأخلو به حيث شئت لسري ، بغير شفيع فيقضي لي حاجتي . والحمد لله الذي ادعوه ولا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي ، والحمد لله الذي ارجوه ولا أرجو غيره ولو رجوت غيره لأخلف رجائي ، والحمد لله الذي وكلني إليه فأكرمني ولم يكلني إلى الناس فيهينوني والحمد لله الذي تحبب إلي وهو غني عني ، والحمد لله الذي يحلم عني حتى كأني لا ذنب لي ، فربي أحمد شئ عندي ، وأحق بحمدي .
اللهم إني أجد سبل المطالب إليك مشرعة ، ومناهل الرجاء إليك مترعة ، والاستعانة بفضلك لمن أملك مباحة ، وأبواب الدعاء إليك للصارخين مفتوحة . وأعلم أنك للراجين بموضع إجابة ، وللملهوفين بمرصد إغاثة ، وأن في اللهف إلى جودك والرضا بقضائك عوضا من منع الباخلين ، ومندوحة عما في أيدي المستأثرين ، وإن الراحل إليك قريب المسافة ، وأنك لا تحتجب عن خلقك إلا ان تحجبهم الأعمال السيئة دونك .
وقد قصدت إليك بطلبتي ، وتوجهت إليك بحاجتي ، وجعلت بك استغاثتي ، وبدعائك توسلي ، من غير استحقاق لاستماعك مني ، ولا استيجاب لعفوك عني ، بل لثقتي بكرمك ، وسكوني إلى صدق وعدك ، ولجائي إلى الايمان بتوحيدك ، ويقيني بمعرفتك مني : أن لا رب لي غيرك ، ولا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك . اللهم أنت القائل وقولك حق ووعدك صدق : ( واسألوا الله من فضله إن الله كان بكم رحيما ) ، وليس من صفاتك يا سيدي أن تأمر بالسؤال وتمنع العطية ، وأنت المنان بالعطايا على أهل مملكتك ، والعائد عليهم بتحنن رأفتك .
إلهي ربيتني في نعمك وإحسانك صغيرا ، ونوهت باسمي كبيرا ، يا من رباني في الدنيا باحسانه وتفضله ونعمه ، وأشار لي في الآخرة إلى عفوه وكرمه ، معرفتي يا مولاي دليلي عليك ، وحبي لك شفيعي إليك ، وأنا واثق من دليلي بدلالتك ، وساكن من شفيعي إلى شفاعتك . أدعوك يا سيدي بلسان قد أخرسه ذنبه ، رب أناجيك بقلب قد أوبقه جرمه ، أدعوك يا رب راهبا راغبا راجيا خائفا ، إذا رأيت مولاي ذنوبي فزعت ، وإذا رأيت كرمك طمعت ، فان عفوت فخير راحم ، وإن عذبت فغير ظالم .
حجتي يا الله في جرأتي على مسألتك مع إتياني ما تكره جودك وكرمك ، وعدتي في شدتي مع قلة حيائي منك رأفتك ورحمتك ، وقد رجوت أن لا تخيب بين ذين وذين منيتي ، فصل على محمد وآل محمد ، وحقق رجائي ، واسمع ندائي ، يا خير من دعاه داع ، وأفضل من رجاه راج . عظم يا سيدي أملي ، وساء عملي ، فأعطني من عفوك بمقدار أملي ، ولا تؤاخذني بسوء عملي ، فإن كرمك يجل عن مجازاة المذنبين ، وحملك يكبر عن مكافات المقصرين ، وأنا يا سيدي عائذ بفضلك ، هارب منك إليك ، متنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا .
وما أنا يا رب وما خطري ؟ هبني بفضلك ، وتصدق علي بعفوك ، أي رب جللني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك ، فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته ، ولو خفت تعجيل العقوبة لاجتنبته ، لا لأنك أهون الناظرين إلي ، وأخف المطلعين علي ، بل لأنك يا رب خير الساترين ، وأحلم الأحلمين ، وأكرم الأكرمين ، ساتر العيوب ، غفار الذنوب ، علام الغيوب ، تستر الذنب بكرمك ، وتؤخر العقوبة بحلمك . فلك الحمد على حلمك بعد علمك ، على عفوك بعد قدرتك ، ويحملني ويجرئني على معصيتك حلمك عني ، ويدعوني إلى قلة الحياء سترك علي ، ويسرعني إلى التوثب على محارمك معرفتي بسعة رحمتك ، وعظيم عفوك .
يا حليم يا كريم ، يا حي يا قيوم ، يا غافر الذنب ، يا قابل التوب ، يا عظيم المن ، يا قديم الإحسان أين سترك الجميل أين عفوك الجليل أين فرجك القريب ، أين غياثك السريع ، أين رحمتك الواسعة ، أين عطاياك الفاضلة ، أين مواهبك الهنيئة ، أين كرمك يا كريم ؟ به وبمحمد وآل محمد فاستنقذني ، وبرحمتك فخلصني .
يا محسن يا مجمل يا منعم يا مفضل ! لسنا نتكل في النجاة من عقابك عن أعمالنا ، بل بفضلك علينا ، لأنك أهل التقوى وأهل المغفرة ، تبتدئ بالاحسان نعما ، وتعفو عن الذنب كرما ، فما ندري ما نشكر ؟ أجميل ما تنشر ، أم قبيح ما تستر ، أم عظيم ما أبليت وأوليت ، أم كثير ما منه نجيت وعافيت ؟
يا حبيب من تحبب من تحبب إليه ، ويا قرة عين من لاذ بك وانقطع إليه ، أنت المحسن ونحن المسيئون ، فتجاوز يا رب عن قبيح ما عندنا بجميل ما عندك ، واي جهل يا رب لا يسعه جودك ؟ وأي زمان أطول من أناتك ، وما قدر أعمالنا في جنب نعمك ؟ وكيف نستكثر أعمالا يقابل بها كرمك ، بل كيف يضيق على المذنبين ما وسعهم من رحمتك ؟ يا واسع المغفرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ، فوعزتك يا سيدي لو انتهرتني ما برحت من بابك ، ولا كففت عن تملقك ، لما انتهى إلي يا سيدي من المعرفة بجودك وكرمك ، وأنت الفاعل لما تشاء ، تعذب من تشاء بما تشاء كيف تشاء ، وترحم من تشاء بما تشاء كيف تشاء . لا تسأل عن فعلك ، ولا تنازع في ملكك ، ولا تشارك في أمرك ، ولا تضاد في حكمك ، ولا يعترض عليك أحد في تدبيرك ، لك الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين .
يا رب هذا مقام من لاذ بك ، واستجار بكرمك ، وألف إحسانك ونعمك ، وأنت الجواد الذي لا يضيق عفوك ، ولا ينقص فضلك ، ولا تقل رحمتك ، وقد توثقنا منك بالصفح القديم ، والفضل العظيم ، والرحمة الواسعة .
أفتراك يا رب تخلف ظنوننا ؟ أو تخيب آمالنا ؟ كلا يا كريم ! ليس هذا ظننا بك ، ولا هذا طمعنا فيك ، يا رب إن لنا فيك أملا طويلا كثيرا ، إن لنا فيك رجاء عظيما ، عصيناك ونحن نرجو أن تستر علينا ، ودعوناك ونحن نرجو أن تستجيب لنا ، فحقق رجاءنا يا مولانا . فقد علمنا ما نستوجب بأعمالنا ولكن علمك فينا وعلمنا بأنك لا تصرفنا عنك حثنا على الرغبة إليك ، وإن كنا غير مستوجبين لرحمتك ، فأنت أهل أن تجود علينا وعلى المذنبين بفضل سعتك ، فامنن علينا بما أنت أهله ، وجد علينا [ بفضل إحسانك ] ، فانا محتاجون إلى نيلك .
يا غفار ! بنورك اهتدينا ، وبفضلك استغنينا ، وبنعمتك أصبحنا وأمسينا ، ذنوبنا بين يديك ، نستغفرك اللهم منها ونتوب إليك ، تتحبب إلينا بالنعم ، ونعارضك بالذنوب ، خيرك إلينا نازل ، وشرنا إليك صاعد ، ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا بعمل قبيح ، فلا يمنعك ذلك ، أن تحوطنا بنعمك وتتفضل علينا بآلائك ، فسبحانك ما أحلمك وأعظمك مبدئا ومعيدا . تقدست أسماؤك ،وجل ثناؤك ، وكرم صنائعك وفعالك ، أنت إلهي أوسع فضلا وأعظم حلما من أن تقايسني بفعلي وخطيئتي ، فالعفو العفو العفو ، سيدي سيدي سيدي .
اللهم اشغلنا بذكرك ، وأعذنا من سخطك ، وأجرنا من عذابك ، وارزقنا من مواهبك وأنعم علينا من فضلك ، ارزقنا حج بيتك ، وزيارة قبر نبيك ، صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليه وعلى أهل بيته إنك قريب مجيب ، وارزقنا عملا بطاعتك وتوفنا على ملتك وسنة رسولك . اللهم صل على محمد وآله واغفر لي ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا ، واجزهما بالاحسان إحسانا وبالسيئات غفرانا ، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ، الأحياء منهم والأموات ، تابع بيننا وبينهم في الخيرات . اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وذكرنا وانثانا ، صغيرنا وكبيرنا ، حرنا ومملوكنا ، كذب العادلون بالله وضلوا ضلالا بعيدا ، وخسروا خسرانا مبينا .
اللهم صل على محمد وآله ، واختم لي بخير ، واكفني ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي ، ولا تسلط علي من لا يرحمني ، واجعل علي منك جنة واقية باقية ولا تسلبني صالح ما أنعمت به علي وارزقني من فضلك رزقا واسعا حلالا طيبا .
اللهم احرسني بحراستك ، واحفظني بحفظك ، واكلأني بكلاءتك ، وارزقني حج بيتك الحرام في عامنا هذا وفي كل عام ، زيارة قبر نبيك صلواتك عليه وآله ، ولا تخلني يا رب من تلك المشاهد الشريفة ، والمواقف الكريمة . اللهم تب علي حتى لا أعصيك ، وألهمني الخير والعمل به ، وخشيتك بالليل والنهار ما أبقيتني يا رب العالمين .
إلهي مالي كلما قلت : قد تهيأت وتعبأت وقمت للصلاة بين يديك وناجيتك ، ألقيت علي نعاسا إذا أنا صليت ، وسلبتني مناجاتك إذا انا ناجيتك ، مالي كلما قلت : قد صلحت سريرتي ، وقرب من مجالس التوابين مجلسي ، عرضت لي بلية أزالت قدمي ، وحالت بيني وبين خدمتك . سيدي لعلك عن بابك طردتني ، وعن خدمتك نحيتني ، أو لعلك رأيتني مستخفا بحقك فاقصيتني ، أو لعلك رأيتني معرضا عنك فقليتني أو لعلك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني ، أو لعلك رأيتني غير شاكر لنعمائك فحرمتني ، أو لعلك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني ، أو لعلك رأيتني في الغافلين فمن رحمتك آيستني ، أو لعلك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خليتني ، أو لعلك لم تحب أن تسمع دعائي فباعدتني ، أو لعلك بجرمي وجريرتي كافيتني ، أو لعلك بقلة حيائي منك جازيتني .
فان عفوت يا رب فطال ما عفوت عن المذنبين قبلي ، لأن كرمك أي رب يجل من مجازات المذنبين ، وحلمك يكبر عن مكافات المقصرين ، وأنا عائذ بفضلك ، هارب منك إليك ، متنجز ما وعدت من الصفح عمن أحسن بك ظنا . إلهي أنت أوسع فضلا وأعظم حلما من أن تقايسني بعملي ، أو أن تستزلني بخطيئتي ، وما أنا يا سيدي وما خطري ، هبني بفضلك يا سيدي ، وتصدق علي بعفوك وجللني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك . سيدي أنا الصغير الذي ربيته ، وأنا الجاهل الذي علمته ، وأنا الضال الذي هديته ، وأنا الوضيع الذي رفعته ، وأنا الخائف الذي آمنته ، والجائع الذي أشبعته ، والعطشان الذي أرويته ، والعاري الذي كسوته ، والفقير الذي أغنيته . والضعيف الذي قويته ، والذليل الذي أعززته ، والسقيم الذي شفيته ، والسائل الذي أعطيته ، والمذنب الذي سترته ، والخاطئ الذي أقلته ، القليل الذي كثرته ، والمستضعف الذي نصرته ، والطريد الذي آويته ، فلك الحمد .
وأنا يا رب الذي لم أستحيك في الخلاء ، ولم اراقبك في الملاء ، وانا صاحب الدواهي العظمى ، أنا الذي على سيده اجترى ، أنا الذي عصيت جبار السماء ، أنا الذي أعطيت على المعاصي جليل الرشى ، أنا الذي حين بشرت بها خرجت إليها أسعى ، أنا الذي امهلتني فما ارعويت ، وسترت علي فما استحييت ، وعملت بالمعاصي فتعديت ، وأسقطتني من عينك فما باليت . فبحلمك أمهلتني ، وبسترك سترتني ، حتى كأنك أغفلتني ، ومن عقوبات المعاصي جنبتني حتى كأنك استحييتني .
إلهي لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد ، ولا بأمرك مستخف ، ولا لعقوبتك متعرض ، ولا لوعيدك متهاون ، ولكن خطيئة عرضت وسولت لي نفسي وغلبني هواي ، وأعانني عليها شقوتي ، وغرني سترك المرخى علي ، فقد عصيتك وخالفتك بجهدي . فالان من عذابك من يستنقذني ؟ ومن أيدي الخصماء غدا من يخلصني ؟ وبحبل من أتصل إن أنت قطعت حبلك عني ؟ فواسوأتا على ما أحصى كتابك من عملي الذي لولا ما أرجو من كرمك وسعة رحمتك ، نهيك إياي عن القنوط ، لقنطت عندما أتذكرها ، يا خير من دعاه داع ، وأفضل من رجاه راج .
اللهم بذمة الاسلام أتوسل إليك ، وبحرمة القرآن أعتمد عليك ، وبحبي للنبي الامي القرشي الهاشمي العربي التهامي المكي المدني ، صلواتك عليه وآله أرجو الزلفة لديك ، فلا توحش استيناس إيماني ، ولا تجعل ثوابي ثواب من عبد سواك . فان قوما آمنوا بألسنتهم ليحقنوا به دماءهم ، فأدركوا ما أملوا ، وإنا آمنا بك بألسنتنا وقلوبنا ، لتعفو عنا ، فأدركنا ما أملنا ، وثبت رجاءك ، في صدورنا ، ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .
فوعزتك لو انتهرتني ما برحت من بابك ، ولا كففت عن تملقك ، لما الهم قلبي يا سيدي من المعرفة بكرمك ، وسعة رحمتك ، إلى من يذهب العبد إلا إلى مولاه ، وإلى من يلتجئ المخلوق إلا إلى خالقه . إلهي لو قرنتني بالأصفاد ، ومنعتني سيبك من بين الأشهاد ، ودللت على فضائحي عيون العباد ، وأمرت بي إلى النار وحلت بيني وبين الأبرار ، ما قطعت رجائي منك ، ولا صرفت وجه تأميلي للعفو عنك ، ولا خرج حبك من قلبي ، أنا لا أنسى أياديك عندي ، وسترك علي في دار الدنيا .
سيدي صل على محمد وآل محمد ،وأخرج حب الدنيا عن قلبي ، واجمع بيني وبين المصطفى خيرتك من خلقك وخاتم النبين محمد صلواتك عليه وآله ، وانقلني إلى درجة التوبة إليك ، وأعني بالبكاء على نفسي ، فقد أفنيت بالتسويف والامال عمري ، وقد نزلت منزلة الايسين من خيري . فمن يكون أسوء حالا مني إن أنا نقلت على مثل حالي إلى قبر لم امهده لرقدتي ، ولم أفرشه بالعمل الصالح لضجعتي ، ومالي لا أبكي ولا أدري إلى ما يكون مصيري ، وأرى نفسي تخادعني ، وأيامي تخاتلني ، وقد خفقت عند رأسي أجنحة الموت . فما لي لا أبكي ، أبكي لخروج نفسي ، أبكي لظلمة قبري ، أبكي لضيق لحدي ، أبكي لسؤال منكر ونكير إياي ، أبكي لخروجي من قبري عريانا ذليلا حاملا ثقلي على ظهري ، أنظر مرة عن يميني واخرى عن شمالي ، إذ الخلائق في شأن غير شأني ، ( لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه ، وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ، ووجوه يومئذ عليها غبرة ، ترهقها قترة ) وذلة .
سيدي عليك معولي ومعتمدي ورجائي وتوكلي ، وبرحمتك تعلقي ، تصيب برحمتك من تشاء ، وتهدي بكرامتك من تحب . اللهم فلك الحمد على ما نقيت من الشرك قلبي ، ولك الحمد على بسط لساني ، أفبلساني هذا الكال أشكرك ؟ أم بغاية جهدي في عملي أرضيك ؟ وما قدر لساني يا رب في جنب شكرك ؟ وما قدر عملي في جنب نعمك وإحسانك ؟ إلا أن جودك بسط أملي ، وشكرك قبل عملي . سيدي إليك رغبتي ، ومنك رهبتي ، وإليك تأميلي ، فقد ساقني إليك أملي ، وعليك يا واحدي عكفت همتي ، وفيما عندك انبسطت رغبتي ، ولك خالص رجائي وخوفي ، وبك أنست محبتي ، وإليك إلقيت بيدي ، وبحبل طاعتك مددت رهبتي . يا مولاي بذكرك عاش قلبي ، وبمناجاتك بردت ألم الخوف عني .
فيا مولاي ويا مؤملي ، يا منتهى سؤلي ! صل على محمد وآل محمد وفرق بيني وبين ذنبي المانع لي من لزوم طاعتك ، فانما أسألك لقديم الرجاء فيك ، وعظيم الطمع منك ، الذي أوجبته على نفسك من الرأفة والرحمة ، فالأمر لك وحدك لا شريك لك ، والخلق كلهم عبادك وفي قبضتك ، وكل شئ خاضع لك ، تبارك يا رب العالمين . اللهم فارحمني إذا انقطعت حجتي ، وكل عن جوابك لساني ،وطاش عند سؤالك أياي لبي ، فيا عظيما يرجى لكل عظيم ، أنت رجائي فلا تخيبني إذا اشتدت إليك فاقتي ، ولا تردني لجهلي ، ولا تمنعني لقلة صبري ، أعطني لفقري ، وارحمني لضعفي .
سيدي عليك معتمدي ومعولي ورجائي وتوكلي ، وبرحمتك تعلقي ، وبفنائك أحط رحلي ، وبجودك أقصد طلبتي ، وبكرمك أي رب أستفتح دعائي ، ولديك أرجو سد فاقتي ، وبعنايتك أجبر عيلتي ، وتحت ظل عفوك قيامي ، وإلى جودك وكرمك أرفع بصري ، وإلى معروفك اديم نظري ، فلا تحرقني بالنار ، وأنت موضع أملي ، ولا تسكني الهاوية فانك قرة عيني . يا سيدي لا تكذب ظني باحسانك ومعروفك ، فانك ثقتي ورجائي ، ولا تحرمني ثوابك فانك العارف بفقري . إلهي إن كان قد دنا أجلي ، ولم يقربني ، منك عملي ، فقد جعلت الاعتراف إليك بذنبي وسائل عللي . إلهي إن عفوت فمن أولى منك بالعفو ؟ وإن عذبتني فمن أعدل منك في الحكم ؟ فارحم في هذه الدنيا غربتي ، وعند الموت كربتي ، وفي القبر وحدتي ، وفي اللحد وحشتي ، وإذا نشرت للحساب بين يديك ذل موقفي .
واغفر لي ما خفي على الادميين من عملي ، وأدم لي ما به سترتني ، وارحمني صريعا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي ، وتفضل علي ممدودا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي ، وتحنن علي محمولا قد تناول الأقراباء أطراف جنازتي ، وجد علي منقولا قد نزلت بك وحيدا في حفرتي ، وارحم في ذلك البيت الجديد غربتي ، حتى لا أستأنس بغيرك يا سيدي فانك إن وكلتني إلى نفسي هلكت . [ سيدي ] فبمن أستغيث إن لم تقلني عثرتي ، وإلى من أفزع إن فقدت عنايتك في ضجعتي ، وإلى من ألتجئ إن لم تنفس كربتي .
سيدي من لي ومن يرحمني إن لم ترحمني ؟ وفضل من أؤمل إن فقدت غفرانك ، أو عدمت فضلك يوم فاقتي ، وإلى من الفرار من الذنوب إذا انقضى أجلي . سيدي لا تعذبني وأنا أرجوك ، إلهي حقق رجائي وآمن خوفي ، فان كثرة ذنوبي لا أرجو لها إلا عفوك . سيدي أنا أسألك ما لا أستحق ، وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة ، فاغفر لي ، وألبسني من نظرك ثوبا يغطي علي التبعات ، وتغفرها لي ، ولا اطالب بها إنك ذو من قديم وصفح عظيم ، وتجاوز كريم .
إلهي أنت الذي تفيض سيبك على من لا يسألك وعلى الجاحدين بربوبيتك ، فكيف سيدي بمن سألك وأيقن أن الخلق لك ، والأمر إليك ، تباركت وتعاليت يا رب العالمين . سيدي عبدك ببابك ، أقامته الخصاصة بين يديك ، يقرع باب إحسانك بدعائه ، ويستعطف جميل نظرك بمكنون رجائه ، فلا تعرض بوجهك الكريم عني ، واقبل مني ما أقول ، فقد دعوتك بهذا الدعاء ، وأنا أرجو أن لا تردني ، معرفة مني برأفتك ورحمتك . إلهي أنت الذي لا يخفيك سائل ، ولا ينقصك نائل ، أنت كما تقول وفوق ما يقول القائلون . اللهم إني أسألك صبرا جميلا ، وفرجا قريبا ، وقولا صادقا ، وأجرا عظيما ، وأسألك يا رب من الخير كله ، ما علمت منه وما لم أعلم ، وأسألك اللهم من خير ما سألك منه عبادك الصالحون .
يا خير من سئل وأجود من أعطى ( صل على محمد وآل محمد ) وأعطني سؤلي في نفسي وأهلي ووالدي وولدي وأهل حزانتي وإخواني فيك ، وأرغد عيشي وأظهر مروتي ، وأصلح جميع أحوالي ، واجعلني ممن أطلت عمره ، وحسنت عمله ، واتممت عليه نعمتك ، ورضيت عنه ، وأحييته حياة طيبة في أدوم السرور وأسبغ الكرامة ، وأتم العيش ، إنك تفعل ما تشاء ولا تفعل ما يشاء غيرك .
اللهم وخصني منك بخاصة ذكرك ، ولا تجعل شيئا مما أتقرب به اليك في آناء الليل وأطراف النهار رياء ولا سمعة ولا أشرا ولا بطرا ، واجعلني لك من الخاشعين . اللهم وأعطني السعة في الرزق ، والأمن في الوطن ، قرة العين في الأهل والمال الولد والمقام في نعمك عندي ، والصحة في الجسم ، والقوة في البدن ، والسلامة في الدين ، واستعملني بطاعتك وطاعة رسولك محمد صلواتك عليه وآله أبدا ما استعمرتني . واجعلني من أوفر عبادك عندك نصيبا في كل خير أنزلته وأنت منزله في شهر رمضان في ليلة القدر ، وما أنت منزله في كل سنة من رحمة تنشرها ، وعافية تلبسها ، وبلية تدفعها وحسنات تتقبلها ، وسيئات تتجاوز عنها .
وارزقني حج بيتك الحرام في عامنا هذا وفي كل عام ، وارزقني رزقا واسعا من فضلك الواسع . واصرف عني يا سيدي الأسواء ، واقض عني الدين والظلامات حتى لا أتأذى بشئ منه ، وخذ عني بأسماع أعدائي ، وأبصار حسادي ، والباغين علي ، وانصرني عليهم ، وأقر عيني ، وحقق ظني ، وفرج قلبي ، واجعل لي من همي وكربي فرجا ، ومخرجا ، واجعل من أرادني بسوء من جميع خلقك تحت قدمي . واكفني شر الشياطين ، وشر السلطان وسيئات عملي ، وطهرني من الذنوب كلها ، وأجرني من النار بعفوك ، وأدخلني الجنة برحمتك ، وزوجني من الحور العين بفضلك ، وألحقني بأوليائك الصالحين محمد وآله الأبرار الطيبين الأخيار صلواتك عليه وعليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته .
إلهي وسيدي ، وعزتك وجلالك لئن طالبتني بذنوبي لاطالبنك بعفوك ، ولئن طالبتني بلؤمي لاطالبنك بكرمك ، ولئن أدخلتني النار لاخبرن أهل النار بحبي لك . إلهي وسيدي إن كنت لا تغفر إلا لأوليائك وأهل طاعتك ، فالى من يفزع المذنبون ؟ وإن كنت لا تكرم إلا أهل الوفاء بك ، فبمن يستغيث المسيئون . إلهي إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك ، وإن أدخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيك ، وأنا والله أعلم أن سرور نبيك أحب إليك من سرور عدوك .
اللهم إني أسألك أن تملأ قلبي حبا لك وخشية منك ، وتصديقا لك ، وإيمانا بك ، وفرقا منك ، وشوقا إليك يا ذا الجلال والاكرام حبب إلي لقاءك ، وأحبب لقائي ، واجعل لي في لقائك الراحة والفرح والكرامة . اللهم ألحقني بصالح من مضى ، واجعلني من صالح من بقي وخذ بي سبيل الصالحين ، وأعني على نفسي بما تعين به الصالحين على أنفسهم ، ولا تردني في سوء استنقذتني منه أبدا ، واختم عملي بأحسنه ، واجعل ثوابي منه الجنة ، برحمتك يا أرحم الراحمين .
اللهم إني أسألك إيمانا لا أجل له دون لقائك ، احيني ما أحييتني عليه ، وتوفني إذا توفيتني عليه ، وابعثني إذا بعثتني عليه ، وأبرء قلبي من الرياء والشك والشك والسمعة في دينك ، حتى يكون عملي خالصا لك . اللهم أعطني بصيرة في دينك وفهما في حكمك ، وفقها في علمك ، وكفلين من رحمتك ، وورعا يحجزني عن معاصيك ، وبيض وجهي بنورك ، واجعل رغبتي فيما عندك ، وتوفني في سبيلك وعلى ملة رسولك صلواتك عليه وآله . اللهم إني أعوذ بك من الكسل والفشل ، والهم والحزن ، والجبن والبخل ، والغفلة والقسوة ، والذلة والمسكنة ، والفقر والفاقة ، وكل بلية والفواحش ما ظهر منها وما بطن . وأعوذ بك من نفس لا تقنع ، وبطن لا يشبع ، وقلب لا يخشع ، ودعاء لا يسمع ، وعمل لا ينفع ، وأعوذ بك يا رب على نفسي وديني ومالي وعلى جميع ما رزقتني من الشيطان الرجيم ، إنك أنت السميع العليم .
اللهم إنه لن يجيرني منك أحد ، ولن أجد من دونك ملتحدا ، فلا تجعل نفسي في شئ من عذابك ، ولا تردني بهلكة ، ولا تردني بعذاب أليم . اللهم تقبل مني ، وأعل ذكري ، وارفع درجتي ، وحط وزري ، ولا تذكرني بخطيئتي ، واجعل ثواب مجلسي وثواب منطقي وثواب دعائي رضاك عني والجنة ، وأعطني يا رب جميع ما سألتك ، وزدني من فضلك ، إني إليك راغب يا رب العالمين . اللهم إنك أنزلت في كتابك العفو ، وأمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا ، وقد ظلمنا أنفسنا ، فاعف عنا ، فانك أولى بذلك منا ، وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا ، وقد جئناك سائلا فلا تردنا إلا بقضاء حوائجنا ، وأمرتنا بالاحسان إلى ما ملكت أيماننا ، ونحن أرقاؤك فأعتق رقابنا من النار .
يا مفزعي عند كربتي ، ويا غوثي عند شدتي ، إليك فزعت وبك استغثت و [ بك ] لذت ولا ألوذ بسواك ، ولا أطلب الفرج إلا بك ومنك ، فصل على محمد وآل محمد وأغثني ، وفرج عني ، يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير ، اقبل مني اليسير واعف عني الكثير ، إنك أنت الغفور الرحيم . اللهم إني أسألك إيمانا تباشر به قلبي ، ويقينا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي ، ورضني من العيش بما قسمت لي ، يا أرحم الراحمين . "
.. ونسألكم الدعاء ..