كيف تصبحين أما جيدة؟
البرازيل- محمد داود
أن تصبح المرأة أما جيدة ليس أمراً سهلاً، فمنذ أن تصبح المرأة حامل تحدث تغيرات فيزيولوجية ونفسية عليها لتشعرها بأنها لم تعد تلك الفتاة المدللة التي كانت تنعم بالهدوء والراحة وتفعل ماتريد في الأوقات التي تحددها هي. تبدأ المرأة تفكر بأمور كثيرة عندما تصبح حاملا بطفل سيأخذ الكثير من وقتها، ويأتي على رأسها موضوع السعي وراء ايجاد أسلوب لتصبح أما جيدة. الكثير من النساء يقلن ردا على سؤال عن كيفية تحقيق ذلك بأنهن سيحاولن التواجد الدائم في حياة الطفل والعطاء من غير شروط والاستعداد لحمايته بأي ثمن وعدم ترك التعب يخيم عليهن. ولكن المختصين يقولون بأن هذه الأم المثالية ربما تكون فقط في مخيلة المرأة لأن الواقع يختلف.
ضرورة الابتعاد عن المثالية:
قالت الطبيبة النفسية البرازيلية كريستينا توريز رونالدو /32 عاما/ المختصة بعلم نفس المرأة في مقال نشره لها موقع تيرا البرازيلي على الانترنت انه عند سؤال المرأة عن موضوع الأمومة فان نسبة لاتقل عن ثمانين بالمائة تظهرن الرغبة في أن تصبح أمهات مثالية، ولكن عندما تواجهن الحقيقة تجدن بأن عبارة "الأم المثالية" تعني أعباء ومسؤوليات كبيرة لأن محاولة أن تصبح المرأة أما مثالية لايعتمد عليها فقط وانما على الطفل ذاته وعلى الأب أيضا. في هذه الحالة من الأفضل أن تفكر المرأة بأن تصبح أما جيدة وليست أما مثالية.
وأضافت كريستينا بأن مفهوم الأمومة يختلف من ثقافة الى أخرى ومن مجتمع الى آخر، فالأم البرازيلية تختلف عن الأم الأفريقية أو الآسيوية والأم الأوربية تختلف عن الأم العربية. وكذلك فان مفهوم الأمومة يمكن أن يختلف بين امرأة وأخرى من نفس الثقافة لأن العوامل والظروف الفردية تختلف بين امرأة وأخرى. ومن هنا تبدأ اختلافات الرأي حول تعريف مفهوم الأمومة ومتطلباتها.
وأوضحت بأنه في ضوء ذلك فان أفضل أم هي تلك التي تعرف واجبات الأمومة وتحاول بقدر الامكان تلبية أكبر نسبة ممكنة من هذه الواجبات.
الأمومة لاتعني تخلي المرأة عن أنوثتها:
قالت / كريستينا/ ان هناك نساء كثيرات يعتقدن بأنه عندما تصبحن أمهات فان الاهتمامات الأخرى كامرأة يجب أن تخف أو تنسى الى حين وصول طفلها الى مرحلة الاستقلالية في الشخصية. وأضافت بأن هذا الاعتقاد هو الذي يؤدي الى مشاكل بين الزوج والزوجة ربما تصل الى مرحلة يقول فيها الرجل لزوجته "اختاري بيني وبين الطفل" وهذا يعتبر من أسوأ مايمكن أن تصل اليه العلاقة بين الرجل والمرأة. قد يبدو حديث الرجل عن الاختيار بينه وبين الطفل طفوليا ولكن ذلك يحدث.
وأضافت بأن نسبة كبيرة من الرجال غير مستعدين للتخلي عن حاجاتهم كرجال وعن اهتمام المرأة بهم وبمطالبهم. فبالنسبة للمرأة التي لاتعرف الفرق بين الأمومة وبين كيف أن تستمر كزوجة تصبح المهمة مضاعفة، أي أنها تشعر بأن زوجها قد تحول الى طفل أيضا وعليها التعامل مع الاثنين على هذا الأساس.
وأوضحت / كريستينا/ بأن الأم التي تهمل نفسها في سبيل الأمومة انما تعقد حياتها وتعقد العلاقة بينها وبين زوجها وبين زوجها والطفل. وأشارت الى أن هناك نساء يحاولن التمسك بمبدأ "الحماية المطلقة" للطفل قائلة بأن ذلك يعتبر جانبا سلبيا لدى المرأة في فهم المفهوم الحقيقي للأمومة. وأوضحت بأن هذا يؤدي الى حدوث شارخ في العلاقة بين المرأة الأم والرجل.
قالت كريستينا ان الأم الجيدة بالنسبة للمجتمع هي تلك التي تراعي المفهوم الاجتماعي السائد حول الأمومة، ذلك لأن الخروج عن المألوف يضع المرأة فيما أطلقت عليه كريستينا ب "الضياع الاجتماعي" ويعني ذلك بأن أطفالها قد يبدون غريبي الأطوار وعرضة للنبذ والى ماهنالك من رفض اجتماعي للتصرفات والشخصية والسلوك. وأضافت /كريستينا/ بأنه صحيح بأن هناك حرية في موضوع الأمومة ولكن المجتمع لايرحم أحيانا اذا كان هناك عدم احترام واضح لما هو متعارف عليه لدى غالبية أفراد المجتمع.
أكدت /كريستينا/ بأن العلاقة بين الأم والطفل تصبح مثار سرور وبهجة للطرفين اذا كان هناك توازن عاطفي وحدود مرسومة للسلوكيات. وقالت بأن الأمر لايتطلب المستحيل لكي تصبح المرأة أما جيدة. يكفي أن تعي المرأة واجباتها الأساسية تجاه الطفل لتصبح أما جيدة ويكفي أن تحقق التوازن بين اهتماماتها الزوجية والأمومية لتبدو أما جيدة وزوجة حريصة على زواجها.
وقالت ان هناك نساء يبالغن في موضوع الأمومة ولكن الطفل لايحتاج الى هذه المبالغة لأنها تشعره بأنه يختلف عن الآخرين وتجعله في خطر الدخول الى دوامة " الدلال" التي تضعف شخصيته في المستقبل. وهناك ناحية أخرى، على حد تعبير الأخصائية البرازيلية، على جانب كبير من الأهمية وهي محاولة الاقلال من المسؤوليات وليس اكثارها، لأن هناك طاقة محدودة للانسان في تحمل المسؤوليات.
وأضافت بأن الأم الجيدة هي التي تحترم نفسها كأم ولاتقزم من دورها كامرأة. والأم الجيدة هي التي تطلب المساعدة عندما تعجز عن التعامل مع المواقف وتراجع نفسها وتراعي بأنها انسانة لها عيوب كما للآخرين ولاتخجل من هذه العيوب. والأم الجيدة هي التي تعترف بتعبها ولاتحاول فعل المستحيلات على حساب صحتها الشخصية. كما يتوجب عليها أن تظهر لطفلها بأنه يتخطى الحدود وأن ترسم له حدودا لايتجاوزها.