الصابئة يحتفلون بعيد "دهفة ربة" بالاعتكاف في المنازل هربا من "الارواح الشريرة" وانتظارا لـ"عودة الملائكة"
يحتفل الصابئة المندائيون، اليوم الخميس، بحلول العيد الكبير (دهفة ربة)، والذي يعد واحدا من أهم الأعياد الدينية الاربعة عند المندائيين ويستمر لمدة ثلاثة أيام، واوضح رئيس مجلس شؤون الطائفة المندائية في ذي قار ان أبناء الطائفة المندائية سيعتكفون في بيوتهم لمدة 36 ساعة لإقامة الصلوات الجماعية وتخلصا من الارواح الشريرة التي تكون طليقة في هذا الوقت، في حين أعرب محافظ ذي قار عن اعتزازه بإسهام الصائبة بإغناء التراث الحضاري والثقافي للعراق.
وقال رئيس مجلس شؤون الطائفة المندائية في ذي قار، سامر نعيم في حديث إلى (المدى برس)، إن "ابناء الصابئة المندائيين يحتفلون اليوم الـ18 من تموز2013 بحلول العيد الكبير دهفة ربة من احد أهم الاعياد الاربعة عند المندائيين".
واضاف نعيم أن "أهم طقوس هذا العيد هو اعتكاف الصابئة في منازلهم 36 ساعة بما يعرف بطقوس الكرصة يقيمون خلالها الصلوات الجماعية وطقوس العبادة والتي تبدأ مع حلول الساعة الاولى من السنة المندائية الجديدة اي مساء الخميس وتتواصل حتى صباح يوم السبت وبانقضائها يخرج المندائيون من منازلهم لتبادل الزيارات وتلقي التهاني من جيرانهم المسلمين وتهنئة بعضهم بعضا بالعيد".
وتابع نعيم أن "الساعات الست والثلاثين التي يقضيها المندائيون معتكفين في منازلهم وهم بكامل ملابسهم الدينية الرستة تعد هذه فرصة نادرة لتقوية الاواصر الاجتماعية بين ابناء الطائفة"، مبينا أن "العائلات المندائية تجتمع بواقع اربعة الى خمس عائلات في بيت واحد لإقامة الطقوس الدينية وتأدية الصلوات وقراءة الادعية والتسابيح".
ومن جانبه يقول المسؤول الديني في مجلس شؤون طائفة الصابئة المندائيين في ذي قار رحيم خيري في حديث إلى (المدى برس)، أن "استعداد العائلات المندائية لهذه المناسبة تبدا قبل يوم واحد من حلول السنة الجديدة أي في يوم يطلق علية تسمية كنشي وزهلي حيث تتم خلال هذا اليوم طقوس التعميد وعمل الثوابات على ارواح المتوفين (اللوفاني) وتوزيع الصدقات وتنظيف الدور وتهيئتها لاستقبال المناسبة".
واوضح خيري أن "العائلات المندائية تقوم خلال يوم كنشي وزهلي بتحضير المواد الغذائية الكافية لتغطية حاجة العائلة لمدة 36 ساعة وهي المدة التي تقضيها الاسر المندائية معتكفة في منزلها ولا تغادرها الا بعد انقضاء المدة المذكورة"، مضيفا أن "الارض خلال الساعات 36 التي تسبق عيد الدهفة ربه تصبح مهددة بعبث قوى الشر وفق الاعتقاد المندائي حيث تعرج الارواح النورانية ناطري وهي الملائكة الحارسة للأرض إلى السماء في مثل هذا الوقت من كل عام لتقديم الشكر والصلوات والثناء للخالق العظيم على خلقه وتصليبه الارض".
وبين خيري أن "عروج الملائكة الى السماء هو ما يجعل الارض خالية من حارسيها وبالتالي معرضة للمخاطر وعبث القوى الشريرة التي يتحرز منها الفرد المندائي في تلك الساعات بالاعتكاف الكرصة داخل منزله مع الحرص على الطهارة الروحية والجسدية والتسلح بالصلوات والادعية وحفظ الانفس من النجاسات".
ومضى خيري قائلا أن "الساعات 36 التي تستغرقها رحلة الملائكة مقسمة إلى 12 ساعة للعروج إلى السماء و12 ساعة للسجود واقامة الصلوات وتقديم الشكر للخالق العظيم و12 ساعة لعودة الملائكة للأرض واستئناف حراستها من القوى الشريرة".
بدوره هنئ محافظ ذي قار يحيى الناصري في حديث إلى (المدى برس)، "الصابئة المندائيين بمناسبة حلول عيد الدهفة ربا العيد الكبير متمنيا أن يعاد عليهم وعلى أبناء شعبنا كافة بالخير والبركة والسلام".
واعرب الناصري عن "اعتزازه بالصابئة المندائيين وبقيمهم الانسانية واسهاماتهم في إغناء التراث الحضاري والثقافي للعراق"، مشيدا "بدور ابناء الصابئة المندائيين في ذي قار بإشاعة روح التسامح والمحبة والسلام".
ويحتفل الصابئة المندائيون الذين يبلغ تعدادهم نحو 60 الف نسمة في جميع انحاء العالم سنويا بأربعة اعياد دينية رئيسة هي البرونايا (عيد الخليقة) والدهفة ديمانه (يوم التعميد الذهبي ) والدهفة ربة (العيد الكبير) والدهفة حنينا (عيد الازدهار) فضلا عن ثلاث مناسبات دينية اخرى لا تقل اهمية عن الاعياد الرئيسة هي مناسبتا ابو الفل وابو الهريس وشيشان عيد.
ويحتل الاحتفاء بعيد الدهفة ربة الذي يتواصل على مدى ثلاثة ايام موقعاً خاصاً في نفوس المندائيين سواء من الناحية الدينية او الاجتماعية حيث يخرج المندائيون من منازلهم للاحتفال بالمناسبة بعد انقضاء مدة اعتكاف داخل منازلهم (كرصة) تستمر 36 ساعة متواصلة.
وتأتي اهمية الدهفة ربه من كونها تمثل بداية خلق وتكوين العالم المادي بحسب الاعتقاد المندائي حيث يعتقد المندائيون بان الخالق العظيم (هيي رب قدماي) او (ماري) قد امر الملائكة بان يكثفوا الارض وينجدوا السماء وان تدب الحياة في الارض عبر خلق الكائنات الحية.
ويعتقد المندائيون أن عملية خلق وتكوين الارض دامت سبعة ايام وان نهاية الخلق والتكوين قد تمت في اليوم السادس على السابع وفي ليلة يطلق عليها ليلة القدر (دهفة ادشو شيان ربا) وفي هذه الليلة التي نزلت فيها الصحف الاولى (سيدرا اد ادم) التي نظمت حياة البشرية وفق الاعتقاد المندائي وحل فيها السلام والبركة الالهية على الارض .يقوم المندائيون بتعليق اكاليل من اغصان الغرب الشبيه بأغصان اليوكالبتوس في داخل الدار حيث يقوم رجل الدين المندائي بعمل تلك الاكاليل وتهيئتها في ذلك اليوم تيمنا بازدهار الحياة وتفاؤلا بالخير والاخضرار .
المدى برس
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة النقيب
