قالها رجل بدوي ..للخليفه المعتصم بالله... (والمقصود هو وزير المعتصم)
حُكى أن رجلاً من العرب دخل على المعتصم فقربه و أدناه وجعله نديمه , وصار يدخل عليه من غير استئذان .
وكان له وزير حاسد , فغار من الـبـدوي وحسده وقال في نفسه .
إن لم أحتمل على هذا البدوي في قتله , أخذ بقلب أمير المؤمنين وأبعدني عنه . فصار الوزير يتلطف بالبدوي , حتى أتى به إلى منزله, فطبخ له طعاماً , وأكثر من الثوم , فلما أكل البدوي منه , فقال الوزير له : أحذر أن تقرب من أمير المؤمنين , فيشم منك رائحة الثوم فيتأذى من ذلك , فإنه يكره رائحته .
ثم ذهب الوزير إلى أمير المؤمنين فخلا به وقال : يا أمير المؤمنين إن البدوي يقول عنك للناس : إن أمير المؤمنين أبخر , وهلكت من رائحة فمه.
فلما دخل البدوي على أمير المؤمنين جعل كمه على فمه مخافة أن يشم رائحة الثوم , فلما رآه أمير المؤمنين وهو يستر فمه بكمه قال : إن الذي قاله الوزير عن هذا البدوي,صحيح , فكتب أمير المؤمنين كتاباً إلى بعض عماله يقول له فيه : إذا وصل إليك كتابي هذا فاضرب رقبة حامله ثم دعا البدوي , ودفع إليه الكتاب , وقال له : امض به إلى فلان , وائتني بالجواب , فامتثل البدوي ما رسم به أمير المؤمنين إلى عامله فلان .
فقال الوزير في نفسه : إن هذا البدوي يحصل له من هذا التقليد مال جزيل . فقال له :يا بدوي ما تقول فيمن يريحك من هذا التعب الذي يلحقك في سفرك , ويعطيك ألف دينار ؟
فقال : أنت الكبير , وأنت الحاكم , ومهما رأيته من الرأي افعل , قال: أعطني الكتاب , فدفعه إليه , فأعطاه الوزير ألفي دينار ..
وسار بالكتاب إلى المكان الذي هو قاصد, فلما قرأ العامل الكتاب أمر بضرب رقبة الوزير .. فبعد أيام تذكر الخليفة في أمر البدوي , وسأل عن الوزير فأخبر بأنه له أياما ما ظهر وأن البدوي بالمدينة مقيم .!!
فتعجب من ذلك وأمر بإحضار البدوي فحضر , فسأله عن حاله فأخبره بالقصة التي اتفقت له مع الوزير من أولها إلى آخرها , فقال له :
أنت قلت عني للناس أني أبخر ..!
فقال معاذ الله يا أمير المؤمنين أن أتحدث بما ليس لي به علم ,
و إنما كان ذلك مكرا وحسدا , واعلمه كيف دخل به إلي بيته و أطعمه الثوم , وما جرى له معه .
فقال : يا أمير المؤمنين ,,,,
قاتل الله الحسد ما أعدله , بدأ بصاحبه فقتله .
ثم خلع على البدوي واتخذه وزيرا . وراح الوزير بحسده ....