عليك الله سالي اكملي الموضوع لانه بجد يستحق ان نقرأه اكثر من مره
راق لي عزيزتي جدا واشكر اهتمامك بهكذا مواضيع
تحياتي وتقييمي
عليك الله سالي اكملي الموضوع لانه بجد يستحق ان نقرأه اكثر من مره
راق لي عزيزتي جدا واشكر اهتمامك بهكذا مواضيع
تحياتي وتقييمي
Sunday the 6th May 2012
«عراق نوري السعيد»: انطباعات «ولدمار غلمن» آخر سفير أميركي في العهد الملكي
رشق اليساريون رئيس وزراء تركيا بالبيض من مطار بغداد حتى دار الضيافة
الحلقة السادسة
7
ولدمار جـ. غلمن waldemar J. Gallman هو آخر سفير أميركي في العراق الملكي عاصر وسجل مذكرات عن الأعوام الأربعة الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي المخضرم نوري السعيد، وكان شاهدا على الإطاحة بالنظام الملكي، يراقب لحظاته الأخيرة عام 1958.
صدر كتاب غلمن بالانجليزية عام 1964 عن جامعة جون هوبكنز تحت عنوان "العراق تحت حكم الجنرال نوري". وهو يقدم صورة عن طريقة أميركا في التعامل مع عراق نوري السعيد "وديمقراطيته" التي لم يكتب لها النضج. وحرصنا على إعادة نشره خلال سنة حاسمة يفترض ان تشهد انسحاب أميركا العسكري من عراق يحاول ثانية بناء "ديمقراطية ناشئة".
السفير المتوفى عام 1980، كتب انطباعات تجاوزت البروتوكول الدبلوماسي لتعرض صورا عن الحياة السياسية التي رآها في بغداد، فيما سجل الكثير من خصوصيات نوري السعيد وطريقة حياته وحتى ولعه بتربية الطيور في حديقة مطلة على دجلة.
وهو يقدر كثيرا "لباقة" نوري ومزجه للسياسة بالظرف. وكان السفير يدعو لرئيس الحكومة يوما بالشفاء من زكام، لكن نوري قال له: اخلط دعاءك بقليل من المدفعية الأميركية التي يحتاجها جيشنا.
ولا يخفي السفير موقفه "العدائي" لثورة 1958، بل إنه يصفها بلغة لا تخلو من قسوة. لكنه كان قاسيا ايضا على العهد الملكي خاصة خلال وصفه لكيفية تنظيم الانتخابات المتتالية بسرعة أحيانا و"مؤامرات" القصر وموقف نوري من معارضيه.
وهو يبرع كذلك في وصف ظروف الحرب الباردة بين الشرق والغرب وكيف كان العراق يحاول ان يجد طريقه وسط الحالة الشائكة. ويصف صراعا أميركيا بريطانيا داخل بغداد، كما يتساءل: هل خذلنا نوري حليفنا القوي في المنطقة؟
وفي الكتاب وصف للعراق ربما كان صالحا للاستخدام حتى هذه اللحظة. ويقول السفير ان وزارة خارجيته كانت تقول ان العراق مؤثر جدا في المنطقة، لكن علاقات الحكومة مع شعبها ومع جيرانها تنطوي على مشاكل كبيرة!
نوري يوضح ميثاق الدفاع
وأثناء هذه المحادثات، أعطى نوري تفاصيل إضافية عن ميثاق الدفاع الذي يفكر فيه. فقد سبق له قبلاً أن ذكر أنه يريد ميثاقاً يستند على المادتين 51، 52 من ميثاق الأمم المتحدة. وذكره للمادة 52 ينطوي على غرابة، لأن هذه المادة تعالج حل الخلافات بصورة سلمية. فعلل نوري ذلك بقوله إنه يتأمل في النهاية أن يتوصل إلى ميثاق بينه وجاراته ومع الولايات المتحدة وبريطانيا يستند على المادة 51، "وبروحية المادة 52". وفي هذا الشأن قال إنه يفكر بالسوفيات، وأن يفكر بالمدى البعيد، لأنه كلما تقدم تسليح ألمانيا الغربية فإن الاتحاد السوفياتي سيصبح أقل عدواناً، كما سيزداد اهتمامه بحل الخلافات بصورة سلمية. وهذا هو موضوع المادة 52. فإن ذكرها في اتفاق دفاعي لا يمكن أن يمر دون أن يجلب الانتباه، بل قد يروق للسوفيات ذكرها في صيغة تلك المعاهدات الدفاعية.
وفي أثناء هذه المحادثة، قال نوري إن من المرغوب فيه إجراء محادثات عسكرية مع إيران في وقت مبكر، ولكن العراق لا يستطيع أخذ المبادرة في هذا الشأن، فموقع إيران حساس، وحدوده الشمالية معرضة للاتحاد السوفياتي. ولابد من ترك أمر المبادرة بيد الإيرانيين. ولذلك لم يكن نوري يريد أن يكون سبباً في إزعاج إيران.
تأجيل العلاقات مع السوفييت
وجرى البحث في العلاقات مع السوفيات ثانية. فقبل يوم واحد أعلن نوري إغلاق المفوضية العراقية بموسكو "لأسباب اقتصادية"، وطلب إلى الحكومة السوفياتية أن تغلق مفوضيتها في بغداد ضمن وقت معقول. إذ قرر نوري "تأجيل" العلاقات مع الاتحاد السوفياتي. وقد جلب انتباهي إلى هذا التدبير وسألني بحرارة:
أتدري ماذا فعلت مع روسيا؟
ووضعت يدي تحت المنضدة التي أمامنا وسألته: "ولكن ما قولك بالمستور (أي الجهاز الشيوعي السري) الذي بقي الآن بعد أن ذهب الروس؟"
ووضع نوري يديه تحت المنضدة وأجاب بهدوء: نحن على تماس مع الحوادث المتطورة!
وكان جواب نوري هذا يدل على ثقته التامة بشرطته، فمن صفاته أنه لم يشك يوماً في إخلاص الشرطة أو الجيش.
وصول مندريس الى بغداد
وصل مندريس وجماعته يوم 6 كانون الثاني (يناير)، زينت المدينة بزينات عظيمة بالاعلام، على الشرف. وقد أدلى مندريس لدى وصوله بكلمة قال فيها بان هذه الزيارة رتبت في جو من الصداقة خلال وجود ولي العهد ونوري في تركيا أخيراً. وقال إنه يعتقد بان العلاقات الوثيقة التي تنشأ الآن مع العراق ستكون لها أهميتها الكبرى في تطوير العلاقات بين تركيا والبلدان العربية الأخرى، وأن يعتبر أن من حسن الصدف أن تقع هذه الزيارة في يوم الجيش العراقي، وأعرب عن تهانيه الحارة إلى الجيش العراقي. وقد نشرت صحافة بغداد هذه الكلمة دون تعليق.
وفي استقبال الوفد التركي حدث حادثان مؤسفان، إذ ألقي بيض على الوفد في طريقه من المطار إلى دار الضيافة الحكومية. وقد ألقت سلطات الأمن اللوم على "اليساريين"، وقامت فوراً باعتقال عشرين شخصاً. وبعد بضعة أيام من وصول الوفد أخذ نوري ومندريس يتبادلان الرأي. وقد علمت من مندريس – كما علمت من نوري – بأنه لا يتوقع إنجاز الاتفاق فوراً، لأنه لا يعتقد أن الاتفاق في النهاية سيكون مستحيلاً. وكان مندريس يشعر بأن اشتراك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشكل ما أمر ضروري لضمان ذلك الاتفاق.
وفي اليوم التالي أخبرني أعضاء من جماعة مندريس أن الوفد التركي مقتنع بأن العراق يرغب في البحث في قضية الدفاع عن المنطقة، وبأن الأتراك سيتجنبون الضغط على العراق بهذا الصدد، وبأن الوفد سيؤكد على الخطر المشترك وضرورة مجابهته، باتخاذ إجراءات دفاعية مشتركة. وكانت الأوساط التركية تتأمل أن لا يتأخر نوري طويلاً بالتصريح علناً بمقاصد العراق.
في حفلة العشاء
وفي حفلة العشاء في السفارة التركية في مساء اليوم التالي، وجدت مندريس متفائلاً. وكان يشعر بأن المحادثات المتبادلة تسير سيراً حسناً، وبأنها ستستمر. أما نوري فكان موقفه في بادئ الأمر، هو أن جهله بموقف الولايات المتحدة يشكل عقبة كبيرة، بينما قال مندريس بانه لا يجد أي غموض في موقف الولايات المتحدة، وبأن تجربة الأتراك والباكستانيين بأخذ المبادرة في ما يتعلق بالدفاع المشترك ستليها مساندة أميركا ومساعدتها.
وظل نوري يتكلم بخطوط عامة عن ميثاق يستند على المادتين 51، 52 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة، إلا أن المحادثات كانت تساعده على إيضاح موقفه.
وفي اليوم التالي جرى تطور كبير، ففي ختام المحادثات صدر بيان مشترك أعلن فيه الطرفان عقد معاهدة لتوسيع التعاون للاستقرار والأمن في الشرق الأوسط بناء على المادة 51 من ميثاق هيئة الأمم، وحسب مبادئ ذلك الميثاق، وأن الضرورة لمثل هذه المعاهدة كانت معروفة أثناء المحادثات التي جرت في استانبول في تشرين الأول (أكتوبر) السابق، وأن الدخول في مثل هذه المعاهدة كان يعتبر ممكناً وضرورياً للدول التي أظهرت عزمها على تحقيق تلك الأهداف، والتي يدعو إليها الوضع الجغرافي، والدول التي لديها الوسائل للمساعدة في تحقيق الأهداف العامة. وأخيراً ذكر البيان بأن العراق وتركيا ستبقيان على تماس وثيق خلال الفترة التي ستسبق تحرير المعاهدة، مع الدول التي عبرت عن رغبتها للتعاون معهما، وبان تركيا والعراق تأملان بأن مثل هذه الدول ستتمكن من التوقيع على المعاهدة معهما، وإذا تعذر ذلك فإن تركيا والعراق ستستمران في بذل جهودهما للحصول على توقيع تلك الدول بعدئذ.
وفي اليوم التالي 14 كانون الثاني (يناير) قام برهان الدين باش أعيان وزير الخارجية بتسليم الإيضاح التالي للنشر:
1- أن تأكيدات نوري التي ذكرها في مناسبات سابقة من أن العراق لن يرسل قواته لتقاتل خارج العراق لا تزال قائمة، وهي تأكيدات قبلتها تركيا.
2- حصل العراق على مساعدات من الولايات المتحدة دون أية شروط أو التزامات قبل التوصل إلى أية اتفاقية مع تركيا حول إدامة السلاح والاستقرار في الشرق الأوسط.
3- ان الاتفاقية بين تركيا والعراق تظهر افتراء الدعاية الصهيونية في وجود نوايا عدوانية للعراق.
4- من الضروري، بل من المفيد، لكافة الدول العربية، ابتداء من مصر، أن تشترك بالاتفاقية. وسترحب جميع البلدان المحبة للسلام باشتراك مصر نظراً لموقعها العسكري وإمكانياتها.
5- ان الاتفاقية الجديدة المقترحة لا علاقة لها بالتحالف التركي الباكستاني، وإنما هي ترتيبات جديدة تماماً، ولا يوجد أي مانع يمنع الباكستان أو إيران من الاشتراك فيها.
وفي ذلك المساء تناولت عشائي ثانية في السفارة التركية، وكان مندريس يعترف بأن المحادثات كانت عامة، وبأنه لابد من وضع التفاصيل. إلا أنه كان متفائلاً. أما نوري فكان ممتلئاً حماسة ونشاطاً، وقال لي بأنه لن ينتظر إلى أن تكتب بنود المعاهدة وتوقع، بل سيتصل قبل ذلك بجارات العراق للبحث في أمر اشتراكها فيها، وبأنه سيجري اتصالاته فوراً. ثم أخذ يجول بنظره في الغرفة، فرأى الوزير السعودي الشيخ عبد الله الخيال، وهنا ظهرت عليه بادرة فتور، وقال بروح اثبتتها الحوادث: "هؤلاء هم الناس الذي سيسببون لنا المشاكل!".
ان المذكرة الإيضاحية التي أصدرها يوم 13 كانون الثاني (يناير) السيد برهان باش أعيان كانت موجهة للعراقيين بالدرجة الأولى، أما مندريس وهو على وشك السفر إلى أنقرة فقد سلم مذكرة إلى الصحافة موجهة إلى العرب بصورة عامة، قال فيها بأن تركيا والعراق ليسا مهتمين بالتعاون فيما بينهما فحسب، وإنما هدفهما أيضاً التعاون مع الأقطار الأخرى، وهذا يثبت الأهمية التي يعلقها البلدان على الشعوب العربية بصورة عامة.
والذين لا يعطون لجهود تركيا والعراق القيمة التي تستحقها، سيدركون أهمية هذه الجهود على ضوء التطورات التي ستحدث في المستقبل. وعلى كل، فإن قصيري النظر وسيئي القصد هم الذين يظهرون عدم اقتناعهم وامتعاضهم منها. وكرم العراق مندرس قبل عودته إلى أنقرة تكريماً خاصاً، إذ دعاه مجلس الأمة ليلقي خطاباً عليه. كان أول رجل دولة أجنبية دعاه مجلس الأمة لمثل هذه المناسبة. خلال الثلاثين سنة التي سبقت من عمر المجلس. وقد استقبل بحماسة، كما استقبلت كلماته بمثل ذلك. ومما قاله مندريس: إن البلدين مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بروابط الدين والتاريخ المشترك الطويل، والحدود المشتركة، وأنهى خطابه بفرح، قائلاً بأن الجو السائد يتطلب التعاون الوثيق "لزيادة منافعنا المتبادلة".
جريدة العالميتبـــع الحلقة 8
كم انت عظيم يا نوري باشافرأى الوزير السعودي الشيخ عبد الله الخيال، وهنا ظهرت عليه بادرة فتور، وقال بروح اثبتتها الحوادث: "هؤلاء هم الناس الذي سيسببون لنا المشاكل!".
رحمك الله ولعن قاتليك من شوفينين واوباش
Wednesday 9 May 2012
القاهرة أرادت إهانة نوري وخلق اضطرابات في العراق
«عراق نوري السعيد»: انطباعات «ولدمار غلمن» آخر سفير أميركي في العهد الملكي
الحلقة الثامنة
8
ولدمار جـ. غلمن waldemar J. Gallman هو آخر سفير أميركي في العراق الملكي عاصر وسجل مذكرات عن الأعوام الأربعة الأخيرة لرئيس الوزراء العراقي المخضرم نوري السعيد، وكان شاهدا على الإطاحة بالنظام الملكي، يراقب لحظاته الأخيرة عام 1958.
صدر كتاب غلمن بالانجليزية عام 1964 عن جامعة جون هوبكنز تحت عنوان "العراق تحت حكم الجنرال نوري". وهو يقدم صورة عن طريقة أميركا في التعامل مع عراق نوري السعيد "وديمقراطيته" التي لم يكتب لها النضج. وحرصنا على إعادة نشره خلال سنة حاسمة يفترض ان تشهد انسحاب أميركا العسكري من عراق يحاول ثانية بناء "ديمقراطية ناشئة".
السفير المتوفى عام 1980، كتب انطباعات تجاوزت البروتوكول الدبلوماسي لتعرض صورا عن الحياة السياسية التي رآها في بغداد، فيما سجل الكثير من خصوصيات نوري السعيد وطريقة حياته وحتى ولعه بتربية الطيور في حديقة مطلة على دجلة.
وهو يقدر كثيرا "لباقة" نوري ومزجه للسياسة بالظرف. وكان السفير يدعو لرئيس الحكومة يوما بالشفاء من زكام، لكن نوري قال له: اخلط دعاءك بقليل من المدفعية الأميركية التي يحتاجها جيشنا.
______________________________________________
ولا يخفي السفير موقفه "العدائي" لثورة 1958، بل إنه يصفها بلغة لا تخلو من قسوة. لكنه كان قاسيا ايضا على العهد الملكي خاصة خلال وصفه لكيفية تنظيم الانتخابات المتتالية بسرعة أحيانا و"مؤامرات" القصر وموقف نوري من معارضيه.
وهو يبرع كذلك في وصف ظروف الحرب الباردة بين الشرق والغرب وكيف كان العراق يحاول ان يجد طريقه وسط الحالة الشائكة. ويصف صراعا أميركيا بريطانيا داخل بغداد، كما يتساءل: هل خذلنا نوري حليفنا القوي في المنطقة؟
وفي الكتاب وصف للعراق ربما كان صالحا للاستخدام حتى هذه اللحظة. ويقول السفير ان وزارة خارجيته كانت تقول ان العراق مؤثر جدا في المنطقة، لكن علاقات الحكومة مع شعبها ومع جيرانها تنطوي على مشاكل كبيرة!
وفي 19 كانون الثاني (يناير) وبعد أن عقدت جلسة خاصة لمجلس الوزراء واجتماعان في القصر حضرهما رؤساء الوزراء السابقون توفيق السويدي، جميل المدفعي، صالح جبر، نور الدين محمود، أرشد العمري وفاضل الجمالي، صدر بيان آخر يؤيد الخطوة التي خطاها العراق، وكان أهم النقاط في هذا البيان هي:
1- أن العراق منذ تأسيسه كدولة، استندت سياسته الخارجية على مبدأين متلازمين وضعهما الملك فيصل الأول هما العمل أولاً على تحقيق الأهداف العربية بتوحيد صفوف العرب، وثانياً ضمان بقاء العراق دولة مستقلة وعضواً نافعاً في المجموعة العربية.
2- ولتحقيق ما جاء في المبدأ الأول، شملت جهود العراق كلاً من سوريا ولبنان وشمال أفريقيا وفلسطين، كما ساهم العراق في تأسيس الجامعة وميثاق الضمان الجماعي. ولتحقيق ما جاء في المبدأ الثاني كان العراق يسعى باستمرار لتنظيم وتوطيد علاقاته مع جاراته ومع الدول الكبرى، التي تشترك مصالحها مع مصالح العراق. وبنتيجة ذلك توصل العراق إلى عقد معاهدات صداقة وحسن جوار مع تركيا وإيران وافغانستان واشترك في ميثاق سعد آباد، هذا بالإضافة إلى معاهدة التحالف مع المملكة المتحدة.
3- والعراق علاوة على ذلك لم ينكر بتاتاً على أية دولة حقها في اتخاذ خطوة تراها ضرورية في الظروف الخاصة بها في الميدان الدولي. فقد رحب العراق مثلاً بالاتفاق البريطاني المصري، مع أن تفاصيله لم تكن معروفة للعراق إلا بعد أن وقعت، وكخطوة تكميلية تقدم العراق للتفاهم مع تركيا في سبيل سلامة الشرق الأوسط وأمنه.
4- وهناك ظروف خاصة تمثل دورها في العلاقات مع تركيا. فللعراق حدود طويلة مشتركة مع تركيا، وهناك المنابع المشترك أيضاً كما أن العراق مرتبط مع تركيا بمعاهدات لسنة 1926، 1937، 1942.
5- وأخيراً فإن الاتفاقية المزمع عقدها مع تركيا تستند على المادة 51 من ميثاق هيئة الأمم المتحدة، شأنها في ذلك شأن ميثاق الضمان الجماعي العربي.
يبدو أن وجهة نظر العراق قد طرحت للرأي العام الداخلي والخارجي بهذه البيانات الثلاثة بصورة حسنة. والبيان الأخير الذي لخص أهداف العراق وسياسته الخارجية يحمل تواقيع ستة رؤساء وزراء سابقين، وهو جدير بالاهتمام. ولكن من المؤسف أن هذه البيانات لم تتكمن من منع زوبعة الاحتجاج من الخارج. وقبل أن تندلع هذه الزوبعة أعرب وزير الخارجية الأميركية داليس بالتعبير عن رضاه فيما يتعلق بمقاصد تركيا والعراق في التوصل إلى اتفاقية تضمن الاستقرار والأمان في الشرق الأوسط، وقدم لكليهما التهاني وأحسن التمنيات بالنجاح السريع.
الزوبعة
في هذا الاثناء كان نوري يتأثر كثيراً من الانتقادات السياسية الخارجية الموجهة إليه من الدول العربية الأخرى، وعلى الأخص من مصر. وكثيراً ما كان يبرر سياسته في محادثاته الخاصة، وفي أقواله في مجلس الأمة، وفي مواجهته للصحفيين.
وجواباً على الاتهام المصري بأن العراق قد خالف ميثاق الجامعة العربية ومعاهدة الضمان الجماعي العربي، كان نوري يقول: ان عمل العارق ينسجم مع ميثاق هيئة الأمم المتحدة وميثاق الجامعة العربية، هذا علاوة على أن العراق لم يتسرع في خطاه، بل ناقش أولاً مقاصده مع الحكومة المصرية، والحكومات العربية الأخرى الداخلة في الجامعة. وقد جرت محادثات في سرسنك. كما جرى اجتماع لوزراء الخارجية العرب، وأرسل وزير الخارجية العراقي منذ 12 كانون الأول (ديسمبر) سنة 1954 مذكرة إيضاحية عن علاقات العراق مع تركيا وإيران إلى زملائه وزراء الخارجية العرب. وكان نوري يقول إن وضع العراق الجغرافي جعل الميثاق بين تركيا والعراق ضرورياً، وأن عمل العراق لا يختلف عما قامت به مصر بعقد اتفاقية السويس مع بريطانيا.
وكانت افتتاحيات الصحف في بغداد عن الاتفاقية التركية العراقية مؤاتية، وكان الرأي مجمعاً على أن لقرار العراق مبرراته، وبأن الدول العربية أحيطت بالأمر مسبقاً، وأنها قبلت بوجهة نظر العراق حول مقتضيات دفاعه الخاص. ولما كانت مصر نفسها قد قامت بنفس العمل الذي تهاجم من أجله العراق الآن، فقد كان الاهتمام بهذه الاتفاقية على اشده، وامتد الاهتمام هذا إلى شباط (فبراير) حيث استمرت الصحف تخصص مقالاتها للتعليق على مشروع الحلف الجديد. واستمر الدفاع عن موقف العراق بحماس كما استمر انتقاد مصر على أشده.
ولاحظت خلال محادثاتي مع نوري في هذه الفترة أن قوة هجوم القاهرة وضراوته قد فاجأتا نوري كثيراً، وأن الاتهامات التي كانت تقول بأنه قد تخلى عن المعسكر العربي كانت تحز في نفسه جروحاً عميقة. وماذا بقى له أن يقول في إيضاح ضرورة الخطوة التي اتخذها العراق بعدما أبداه للدول العربية المجاورة؟ وكان كثيراً ما يقول "إني لم ارتكب خطأ"، ويصر على أنه خلال تبادله الرأي مع عبد الناصر في مصر في أيلول (سبتمبر) الماضي، اتفق معه على أن مصر إذا لم تستطع في هذا الوقت أن تتقدم في موضوع الدفاع المشترك يكون العراق، وهو معرض أكثر من مصر للتهديد السوفياتي، حراً بأن يسير في هذا الموضوع، ما دام الباب سيبقى مفتوحاً لاشتراك مصر والدول العربية جميعاً فيه. وكان يختم كلمته بأنه في النهاية مسؤول أمام الشعب ومجلس الأمة في العراق فقط.
ويمكن إعطاء صورة عن التطرف الذي انساق إليه راديو القاهرة في هجماته خلال هذه الأيام مما ورد في إذاعاته يومي 26، 27 كانون الثاني (يناير)، فالتاريخ الأول كان يوافق مرور سبع سنوات على معاهدة بورتسموث والاضطرابات التي حدثت بسببها.
وكان بادياً من هذه الإذاعات أن المقصود إهانة نوري وإثارة الرأي العام في العراق، ليعيد اضطرابات بورتسموث ويرفض الاتفاقية العراقية التركية، ويسقط نوري.
وفي ناحية أخرى من هذا المنهاج، أذيع تسجيل هوجم فيه نوري وحكومته، سجله صديق شنشل. وهو من الاستقلاليين البارزين، وكان مدير المطبوعات في وزارة رشيد عالي سنة1941، ثم صار بعد ذلك عضوا في وزارة قاسم كوزير للإرشاد. أما كيف وصل هذا التسجيل إلى القاهرة فكان موضوع تخمينات واستنتاجات لبضعة أيام. وقد أفاد أحد المصادر المقربة إلى نوري بأن التسجيل تهرب في الحقيبة الدبلوماسية التابعة للعربية السعودية.
كان الهدف من إذاعة القاهرة يوم 27 كانون الثاني (يناير) أحداث انقسام بين نوري والقصر. وكان النداء إلى الملك وولي العهد بهذه الكلمات: "باسم ملايين العرب في أقطار الوطن العربي تتوجه إليك كما توجهوا إلى جدك أن يخلص العرب من خطر المخالفات العسكرية". وقد ذكروا الملك وولي العهد بالأعمال المعادية للعرب التي قام بها الأتراك في الماضي والحاضر، وانتهى الكلام المذاع: "نبتهل إلى الله أن يساعدكم على تخليص العرب من نكبة تحالف نوري – مندريس".
وفي الانفجار النهائي من سلسلة الانفجارات هذه، اتهم راديو القاهرة نوري بأنه تخلى عن الكتلة العربية ليربط بلده بإسرائيل والاستعمار. ولما كان نوري لا يزال يبدو صامداً، فقد تساءلت إذاعة القاهرة عن الغرض الذي يمكن تحقيقه عن نشر شائعات عن قرب عقد اجتماع بين – الناصر ونوري. وهل يمكن أن ينجح المصريون في موضوع فشل فيه العالم العربي متحداً؟
وفي خضم هذه الحمم الإذاعية ضد نوري، دعا مجلس قيادة الثورة المصري رؤساء الوزارات ووزراء خارجية دول الجامعة العربية إلى اجتماع طارئ.
وقد عقد الاجتماع في القاهرة يوم 22 كانون الثاني (يناير) 1955ن ولم يحضر نوري كما كان متوقعاً. وقال في حديث خصوصي أنه يريد أن يظهر في القاهرة "لأيقدم إلى المحاكمة". وكان "المرض" هو العذر الرسمي الذي قدم لعدم حضوره. والواقع أنه كان يشكو في ذلك الوقت من احتقان في الصدر، ورأى طبيبه ان مرضه لا يمكنه من السفر للقاهرة، مع انه معروف عن نوري أنه يترك فراش المرض خلافاً لرأي طبيبه حين يتطلب الموقف حضوره. وافتكر أنه لو هدأت حملة صحافة القاهرة. ولو كان بإمكانه أن يظهر في القاهرة بمظهر ذي كرامة لكان يسافر إليها دون اعتبار حالته الصحية.
الهجوم المقابل
لم تتوان بغداد في اتخاذ الإجراءات للقيام بهجوم مقابل ضد هجمات القاهرة. وفيما يتعلق بجهود القصر بهذا الصدد طلب إلي ولي العهد يوم 20 كانون الثاني (يناير) المساعدة في ترتيب اجتماع بين عبد الناصر ومندريس وسعود، كما طلب أن يكون موقفنا واضحاً في مساندة الميثاق المقترح مع تركيا. ولما كنت قد علمت قبل ذلك برغبة نوري بالاجتماع بعبد الناصر ومندريس وسعود، فقد أبلغت ولي العهد بأنني نقلت إلى واشنطن رغبة العراق هذه، أما فيما يتعلق بالشق الثاني فقد أخبرته ان راينا في مساندة الميثاق المقترح قد أوضحناه منذ ثلاثة ايام لمحمود فوزي وزير الخارجية المصرية. وقد ارتاح عبد الإله حين علم بسرعة استجابتنا. وبعد هذه المداولات قيل لي أن الشعور السائد في واشنطن هو أن اجتماع عبد الناصر مندريس قد يساعد الموقف. إلا أن اشتراك السعودية لن يساعد على ذلك، فالشعور السيئ بين نوري وسعود له جذور عميقة.
جريدة العالم
يتبـــــع الحلقة التـــاسعة
9
الاخت سالي لو تكرمتي هل هنالك حلقات اخرى لهذا الكتاب القيم لانه حضرتك ناشره 9 فقط فان كان هناك اتأمل من لطفكم رفدنا بالمزيد
م