أحدهما وصفها بـ "المانجو" والآخر شبهها بـ "الكابريس"
نساء في قاموس الرجال: "فاكهة" شهية .. و" أداة" لإنجاب الأطفال


" تفاح، مانجو، كابريس، جيمس " ليس هذا معرض للسيارات أو سوق للخضار والفاكهة، بل هي لغة تعبيرية تقبع منذ مئات السنين بين دفتي قاموس الرجل يصف من خلاله المرأة.
فقد أرجع المختصون هذه المسميات للموروث الثقافي للمجتمع العربي، الذي همّش دور المرأة ليصبح جسدا ممتعا للرجل وأداة لإنجاب الأطفال، بالرغم مما أنجزته المرأة كانسان يحتاج إلى الشعور بالنجاح وتحقيق الذات، بيد أنه مازال مفهوم المرأة في لغة الرجل جسدا بلا روح، وخاصة في ظل ما تبثه وسائل الإعلام المختلفة التي تُعلي قيمة الجسد الأنثوي على الكيان الإنساني للمرأة.


سطحية الفكر
في البداية قال أحدهم اعتبرهذه المسميات التي يطلقها بعض الشباب على المرأة نوعا من المزح لا يقصد منه أي إساءة، فالمرأة مصدر للجمال وإطلاق هذه الأوصاف يتناسب مع جمالها الطبيعي الذي وهبها الله لها.

ورأى آخر أن شخصية المرأة تحدد مسماها في ذهن الرجل، فإذا كانت المرأة سطحية الفكر والثقافة، فإن الرجل ينظر إليها وفق رؤيتها لنفسها واحترامها لذاتها، وتكون هذه الأوصاف الحسية تعبيرا عن رأى الرجل في المرأة، مؤكدا أنه إذا كانت المرأة مثقفة، وتسعى لتحقيق هدفها في الحياة، فبالطبع ستحظى بالاحترام والتقدير من الرجل.


قيمة المرأة
بينما رفض أحدهم هذه اللغة قائلا: من يطلق هذه المسميات سطحي التفكير، رؤيته للمرأة قاصرة على المظهر دون إدراك لقيمة المرأة في المجتمع، فهي الأم التي تربي والزوجة الحنونة التي تحتوي أسرتها، فكيف يتم تهميش دورها في الحياة؟ .
وافقه الرأي آخر حيث قال: إن هذه اللغة منتشرة بين أوساط الشباب الذين لم ينضجوا بعد، فلم تزل رؤيتهم قاصرة للمرأة في الجانب الجسدي وإشباع الشهوة فقط، موضحا أنه مع نضوج الشاب يدرك قيمة المرأة في الحياة، وتتغير نظرته للحياة.



موروث ثقافي
أرجع احد ألاساتذه أن سبب إطلاق هذه المسميات للموروث الثقافي المتراكم عبر الأجيال، والذي همش دور المرأة في حياة الرجل لتصبح أداة للمتعة وإنجاب الأطفال، مبينا أن تفكير الرجل الخليجي ينصب في شهوتي الطعام والجنس، وبالتالي يصف المرأة الجميلة بفاكهة " المانجو"، والمرأة الكبيرة في السن ب"كسرة الخبز" أي عديمة القيمة. ولفت أن الرجل يطلق تشبيهاته للمرأة بما تمثله له في العلاقة الزوجية، فعندما تكون المرأة ضخمة الجسم وصفها بـ"سيارة كابريس"، وإذا كانت جميلة شبهها بالمرأة المغربية.


وقال أحدهم: بدأت النظرة الهامشية للمرأة في المجتمع الخليجي تتغير وفقا للتحولات الجذرية في حياتها، فهي قادرة على الارتقاء بنظرة المجتمع لها، بما تحققه من نجاحات على المستوى العلمي والعملي، وانخراطها في خدمة مجتمعها، مؤكدا على مشاركة المرأة اقتصاديا بنسبة 70% من دخل الأسرة، حتى أصبحت جزءا منها، وحددت علاقتها مع الرجل، وأوضح دور مؤسسات المجتمع في غرس مفاهيم احترام المرأة في عقول الأبناء.
وتابع: فالطفل عندما يرى مشاركة الأم في بناء الأسرة، وأهمية التعليم لأخواته، ويتعرف على دورها في المجتمع من خلال وسائل الإعلام المختلفة، فإنه سيدرك دورها الايجابي في الحياة، ويحترم رأيها، مؤكدا أن غرس هذه المبادئ في عقول الأجيال تستغرق وقتا طويلاً حتى تؤتي ثمارها المرجوة.


تنفيس انفعالي
وحول التحليل النفسي لقاموس الرجل أوضح احد الاستشارين أنها لغة رمزية تعبيرية اكتسبها الرجل من الموروث الثقافي، لافتا أن هدفها السخرية من المرأة وتحطيمها معنويا، وتبدأ في نطاق الأسرة عندما يطلق الرجل على زوجته أسوأ الألقاب، وأوضح أنه عند وصف الرجل للمرأة فإنه يسقط بكلماته احتياجاته النفسية والجسدية للمرأة.
ووصف الرجل بالطفل الصغير الذي يبحث عن إشباع حاجاته البيولوجية البحتة عن طريق المرأة، موضحا أن أكثر ما يحتاجه الرجل من المرأة هو الاحتياج الفطري للطعام والجنس، فهو في حالة "جوع" جنسي يجعله يشبه المرأة الجميلة بـ"المانجو"، ورأى أن أعظم الرجال كالطفل يمكن أن تحتويه المرأة بسهولة.
واعتبر هذه اللغة جزءا من تنفيس انفعالي، تُعبّر عن حالة الشخص المُسقط للشخص المُسقط عليه، مبديا أسفه لتفاقم الإسقاط السلبي بين أوساط الرجال عند تحدثه عن المرأة.


جسد بلا روح
واستعرضت كاتبة وشاعرة أوصاف المرأة الحسية على مر العصور قائلة: في الأدب العربي ومنذ العصر الجاهلي نجد أن صورة المرأة في الشعر الجاهلي صورة مقترنة بالمواصفات الحسيّة المُستمدّة من البيئة؛ فهي (الظبي) وعيونها (عيون المها) وقوامها (عود الأراك) وهي (الهيفاء) إن أقبلت، (العجزاء) إن أدبرت؛ كما يقول الشاعر كعب بن زهير في معلقته:


هيفاء مقبلةً عجزاء مُدبرةً لا يُشتكى قِصَرٌ منها و لا طولُ


مؤكدة أن هذه الأوصاف الحسيّة وغيرها كثيرٌ في شعر الشعراء الجاهليين، و غيرهم ممن أتوا بعدهم قد التصقت بالمرأة منذ عهد بعيد.
ورفضت أن تصبح المرأة جسدا بلا روح تُمتدح، ولا خُلق منها يُستحسن موضحة أنه في عصرنا الحالي تكثر في لغة الخطاب اليومي العديد من الأوصاف الحسيّة التي توصف بها المرأة؛ و كلٌّ في ذلك يستقي من بيئته؛ وقارنت بين وصف المرأة في الماضي واليوم قائلة: ففي حين كانت المرأة (ظبي وغزال) فيما مضى فهي اليوم مثلاً وبلغة الخطاب العامي (صاروخ) في حسنها وجمالها، إلى غير ذلك من أوصاف حسيّة مرتبطة بالجسد ارتباطاً كبيراً انطلاقا من عصر (الظبي) إلى عصر (الصاروخ)!.


ووصفت العصر الذي نعيشه بعصر "الصورة" وهو وسيط سريع وفعال في نقل التفاصيل الجسدية للأنثى؛ أكثر من وصف ما يحتويه هذا الكيان الإنساني من مزايا وصفات أخرى، معتبرة هذا أهم الأسباب التي دعمت صورة المرأة الحسية في عقل الرجل العربي


منقوووول