صور الوحي
وكيف نزول القرآن الكريم على النبي ( صلى الله عليه وآله )
ويبدو من القرآن الكريم أن الوحي هذا الاتصال الغيبي الخفي بين الله وأصفيائه له صور ثلاث
: الأولى : القاء المعنى في قلب النبي أو نفثه في روعه بصورة يحس بأنه تلقاه من الله تعالى
. والثانية : تكليم النبي من وراء حجاب ، كما نادى الله موسى من وراء الشجرة وسمع نداءه
. والثالثة : هي التي متى أطلقت انصرفت إلى ما يفهمه المتدين عادة من لفظة الايحاء حين يلقي ملك الوحي المرسل من الله إلى نبي من الأنبياء ما كلف القاؤه إليه ، سواء انزل عليه في صورة رجل أم في صورته الملكية ، وقد أشير إلى هذه الصور الثلاث في قوله تعالى : ( وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء انه علي حكيم )
وتدل الروايات على أن الوحي الذي تلقى عن طريقه الرسالة الخاتمة وآيات القرآن المجيد كان بتوسيط الملك في كثير من الأحيان ، وبمخاطبة الله لعبده ورسوله من دون واسطة في بعض الأحيان ، وكان لهذه الصورة من الوحي التي يستمع فيها النبي إلى خطاب الله من دون واسطة أثرها الكبير عليه ، ففي الحديث أن الإمام الصادق سئل عن الغشية التي كانت تأخذ النبي أكانت عند هبوط جبرئيل فقال : لا وانما ذلك عند مخاطبة الله عز وجل إياه بغير ترجمان وواسطة..
نزول القرآن الكريم على النبي ( صلى الله عليه وآله )
في رأي عدد من العلماء أن القرآن الكريم نزل على النبي مرتين ، إحداهما : نزل فيها جملة واحدة على سبيل الاجمال ، والاخرى : نزل فيها تدريجا على سبيل التفصيل خلال المدة التي قضاها النبي في أمته منذ بعثته إلى وفاته . ومعنى نزوله على سبيل الاجمال : هو نزول المعارف الإلهية التي يشتمل عليها القرآن وأسراره الكبرى على قلب النبي لكي تمتلئ روحه بنور المعرفة القرآنية . ومعنى نزوله على سبيل التفصيل هو نزوله بألفاظه المحددة وآياته المتعاقبة والتي كانت في بعض الأحيان ترتبط بالحوادث والوقائع وفي زمن الرسالة بدون كذلك مواكبة تطورها . وكان انزاله على سبيل الاجمال مرة واحدة ، لان الهدف منه تنوير النبي وتثقيف الله له بالرسالة التي أعده لحملها.
وكان انزاله على سبيل التفصيل تدريجا ، لأنه يستهدف تربية الأمة وتنويرها وترويضها على الرسالة الجديدة ، وكذلك تثبيت النبي في مواقفه وتسديده فيها ، وهذا يحتاج إلى التدرج . وعلى ضوء هذه النظرية في تعدد نزول القرآن يمكننا أن نفهم الآيات الكريمة الدالة على نزول القرآن بجملته في شهر رمضان ، أو انزاله في ليلة القدر بصورة خاصة نحو قوله تعالى : ( شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان . . . ) ( 2 ) وقوله : ( انا أنزلناه في ليلة القدر ) ( 3 ) وقوله : ( انا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين ) ( 1 ) فان الانزال الذي تتحدث عنه هذه الآيات ليس هو التنزيل التدريجي الذي طال أكثر من عقدين ، وانما هو الانزال مرة واحدة على سبيل الاجمال . كما أن فكرة تعدد الانزال بالصورة التي شرحناها تفسر لنا أيضا المرحلتين اللتين أشار إليهما القرآن الكريم في قوله تعالى : ( . . . كتاب احكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) ( 2 ) فان هذا القول يشير إلى مرحلتين في وجود القرآن ، اولاهما : إحكام الآيات ، والثانية : تفصيلها وهو ينسجم مع فكرة تعدد الانزال فيكون الانزال مرة واحدة على سبيل الاجمال هي مرحلة الاحكام ، والانزال..
منقول